المؤتمر والحركة والمنهج المفقود … بقلم: جمال عنقرة
29 October, 2009
لم يعجيني منهج الحركة الشعبية الذي تتخذه عندما لم يعجبها شيء، مثل انسحابها الأخير من المجلس الوطني إعتراضاً علي بعض ما يرفضونه مما أسموه إبطاء المؤتمر الوطني في تنفيذ ما اتفقوا عليه. وهي بذلك ينطبق عليها المثل السوداني الشعبي الذي يقول (زعل ام العروس أبت اللحم وأخدت الفلوس) ولكن في ذات الوقت لم تعجبني طريقة المؤتمر الوطني في الرد علي (حردان) الحركة الشعبية، لاسيما ما لوح به رئيس المجلس الوطني الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر من عقوبات بحرمان نواب الحركة مخصصاتهم لتغيبهم عن جلسات المجلس التي يتقاضون رواتب وحوافز من أجل حضورها والإسهام فيها. ولعل رئيس البرلمان يعلم قبل غيره أن الأساس الذي نال به أعضاء الحركة الشعبية عضوية المجلس هو إتفاق السلام، وهم بذلك مشاركون وليسوا موظفين. ومثلما أن مسئولية الشريك أكبر من مسئولية الموظف، فإن محاسبة الشريك تكون كذلك غير محاسبة الموظف. ولذلك الحرمان من المخصصات لايناسب هذه الحالة. ثم أن الموقف الفردي غير الموقف الجماعي. فإذا جاء أحد أوبعض منسوبي الشريكين بصنيع مرفوض، تحاكمه اللوائح وتحسمه. ولكن إذا كان الفعل جماعياً، ففي هذه الحالة تكون المرجعية لمؤسسات الشراكة العليا وليست للوائح التي لاترقي لمستوي الحدث.
والشراكة التي قامت بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية باتفاقية السلام، هي شراكة مسئوليات وواجبات. وخلافات الشريكين لاتحل عبر القوانين واللوائح بقدرما تحل عبر المؤسسات، وبالرجوع إلي الأسس التي قامت عليها الشراكة. ولكن المشكلة أن الشريكين أضاعا كثيراً من المنهج الذي أوصلها إلي ما وصلا إليه، وصارا يتعاملان وكأنهما جمعهما طريق عابر. ويبدو أن بعض أهل المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فات عليهم أنهم تجمعهم مركب واحد تعبر بهم جميعاً، وتغرغقهم جميعاً كذلك. والأكبر من هذا مسئولية أن هذه المركب يركب عليها كل أهل السودان الآخرون بصرف النظر عن موقفهم من الشراكة، أو نصيبهم من خيراتها، أو تحملهم لبعض مسئولياتها.
ولأن المرحلة ازدادت خطورة فإن هذا المنهج الذي تدار به شئون الشراكة، وعلي الأخص خلافاتها يمكن أن يورد البلاد مورد الهلاك. فلاسبيل أمام الشريكين سوي تحمل ما تبقي من مسئولياتهم بذات المسئولية التي تحملا بها مسئولية الحوار حتي أنجزا أعظم ما حققه السودانيون في عصرهم الحديث. وكل ما أنجز يكون عرضة للضياع إذا ما لم يعد الشريكان إلي منهج نيفاشا، منهج الحوار المباشر الجاد الصادق، القاصد مصلحة الوطن ومصالح مواطنيه.
ومن أجل هذه العودة لابد من تفعيل سريع للجان المشتركة بين الحزبين وعلي أعلي مسئولياتها، وأن ترد كل القضايا الخلافية لهذه اللجان، وإذا ما عجزت اللجان عن حسم أمر ما يرفع فوراً لمؤسسة الرئاسة التي لابد أن تحسمه بقول فصل، ويكون قولها ملزماً لكل منسوبي الحزبين الشريكين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني.
Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]