المادايرين والمادايرات: هم الحل!

 


 

 

في العامية السودانية كلمتان متقاربتان في النطق بعيدتان في المعنى:
"راد- يَرِيد"، و"دار- يدور"!
الأولى مشتقة من "الريدة"، وهي المحبة: ريدتنا ومحبتا؛
أما الثانية فهي مشتقة من "الدُوارة"!
الرايدة هي الزولة البتريدك؛
والرايد، والريّاد، هو المحب، الزول البريدِك:
(بريدِك،
بريد أهلك،
بريد بلدك،
بريد الله البريدنا وخلقك)

وهؤلاء، ناس الريدة، بقوا سلعة نادرة، زي الخل الوفي؛
والداير هو الراغب، والطالب.
(في المصرية " اللي عايز"، وفي اليمنية "اللي يشتي"...الخ).
والدايرين والدايرات بقوا كتار زي الهم في القلب، بعكس ناس الريدة!
وفي الحقيقة، ما في مشكلة إذا كنت "داير" شاي، مثلا، أو قهوة، أو داير تغترب، أو حتى داير تعرس!
لكن المشكلة، كل المشكلة، لما تكون "داير سُلطة"!
هنا يظهر لـ"الدُوارة" معنى سخيف، ولفيف، وغير عفيف، وكمان عنيف!

عندما تكون "داير سُلطة"، تصبح الدوارة عندك "عوارة"!
ليس فقط "عَوارة" بفتح العين! بل "عُوارة" بضم العين!
وتلقى نفسك مستعد تعمل أي حاجة: انقلاب، حركة مسلحة، تجارة بالدين، عمالة، وغير ذلك من العَوارات الكبيرة، ناهيك عن "العَوارات الصغيرة" زي الكذب، والتزوير، والجرجرة، و"النّط" من الالتزامات...الخ".

وهكذا تصبح "دُوارتك للسلطة" عُوارة كبيرة في بطن الوطن ورأسه وساقيه وكل مكان فيه.

يقول الكاتب المرموق حمور زيادة: "كل شيء في بلادنا يدور حول السلطة."

يا للهول!
ليس كل شيء يدور حول التنمية!
ولا حول الإنسان!
ولا حول الحرية!
ولا حول الحق!
ولا حول الله!
بل حول السلطة!
إنها "الدُوارة"، إذن، التي أصبحت "عُوارة".
هنا مكمن جميع العلل، ومنبع جميع الشرور.
وكل الأشخاص، الكُتار جداً، الذين يفقؤون أعيننا بكثرة ظهورهم، ويصمُّون آذاننا بـ"درّأب" كلامهم، إنما هم، جميعاً، طلاب سلطة!
كلهم دايرين وكلهن دايرات!
كلنا دايرين سلطة، وشهرة، ومناصب، وألقاب، ودبابير، ونياشين..
لقد أصبحنا مثل ذرات الغبار، نُلبّد أجواء بلدنا، حتى استحالت الرؤية، وصَعُبَ التنفس!
ولا نحتاج لكي تصفو سماء بلادنا إلى أكثر من أن تهبط ذراتنا العالقة هذه "في الواطة"!
وطاة الله دي!
بعضنا ليس فقط ذرات، بل درّاب عالق!
كل الدايرين والدايرات ذرات غبار
ودرّاب وحجارة عالقة!
كلهم دايرين ودايرات!
ملعونون وملعونات!

ألا إنَّ دوارة السلطة لعنة!

ومشكلة بلدنا واحدة لا يوجد غيرها: الدايرين والدايرات.
والحل واحد لا يوجد غيره: المادايرين والمادايرات.
والسؤال: لكن كيف نعرف الدايرين؟
بسيطة، نعرفهم بسيماهم على أفواهم: بألسنتهم السليطة و"قداديمهم" الطويلة الممدودة صوب السلطة!

وكيف نعرف الماديرين؟
نعرفهم كذلك بألسنتهم الممدودة إعراضاً عن السلطة!
#خليكا ما داير/ خليكي ما دايرة
# بلدنا دايرة ناس مادايرين

elrayahabdelgadir@gmail.com

 

آراء