المخلوع في الطوارئ

 


 

 

tajmultimedia@gmail.com

في أواخر ايامه، زار النميري أمريكا، زيارة الوداع، لم يكن ثمة إحتفاء من البيت الأبيض بمقدمه، لاقرقول شرف، ولاقرقول ترباس، ولا قرقراب، كما كان في السابق، فصديقه ريغان، صريع الزايمر الذي ينطقه الناس زهايمر، بره الشبكة بمسافة، بحسب تعابير الأجيال الجديدة، وانتهت رئاسته، بالسقوط الشامل، والرجل الذي يتندر السودانيون، بأن إسمه (قعدة)، ونعني به السيد (كاس بار واين بيرغر)، قد إبتلعه النسيان، وأمريكا أصبحت، مثلها مثل سعد قشر، تبا ع فيها الحلبة والغرنجال، والعماري والتاكو والانجيرا، والقرمصيص وحنة التاج الممتازة، والسراويل ابو تكة.
وقد قدر لي أن شهدته، لعدد من المرات، وهو يتجول مع حرمه، بين المحلات التي تبيع الملايات، من كانون لكانون، فكدت أن أهتف بالدم بالروح... نفديك يا حسن سلوكة، ولكنني أحجمت، فالرجل قد طعن في السن، ووهن منه العظم، واستدبرته الدنيا وقد كان ملء السمع والبصر، ساط وزاط فيها، وكانت هديته لنا، بأن مكن للكيزان، فسامونا خسف العذاب، حتى إشعار آخر.
وشاءت الأقدار أثناء تواجده، أن تستدعي وعكة طارئة، نقله على وجه السرعة، إلى مستشفي فيرفاكس، حيث قرر الأطباء، ضرورة بقاءه تحت المراقبة، لليلة كاملة، فاحتجز في واحدة من حجرات العيادة الخارجية، إنتهي به الحال فيها، للمبيت مع مواطن امريكي، يرقد في سرير مواز لسريره، فتراجع مرافقيه، على قلتهم، إلى بيوتهم، وتمنوا له الشفاء، ووعدوه بالعمود وعلب الفروطا واللقيمات، صباح الغد.
إلى هنا والقصة عادية، ومملة.
ولكن الذي حدث، أن الأمريكاني، رفيق المخلوع في الغرفة، وفي تمام الثالثة صباحاً، ومن خور عمر، عفوا من غرفة الاستشفاء ، بمستشفى فيرفاكس، سمع وهو يصيح، بملء رئتيه، وهو ضاغط على الجرس الملحق بالسرير
الحقونيييييييييييييييييييييي
الدكاترة والممرضات، وبتاعين قسم الاشعة، وناس التنويم المغنطيسي، وبتاعين الطبالي، وستات الشاي، والكلب وماسك الدرب، جو جارين... يا زول مالك، البواسير قامت عليك؟
فقال لهم:
شيلوني من الغرفة دي ومن الزول ده، والله أجدع ليكم مريلتكم دي، وارصصكم كلكم..
استهدى بالمسيح يا زول، إنت ماك جهوفا ويتنيس، مالو عمل ليك شنو، الراجل الهلكان المخلوع ده، يا مستر جاكسون؟
مالو شنو، الزول ده ليه اربعة ساعات، براني ليك قلم رصاص، قال شنو، قال أنا كنت رئيس، وكان شفت السادات صاحبي وعبد الناصر، كان فردتي، والقذافي ده كنت بقبقبو، لمن جمال عبد الناصر، جا داخل يشرب سيجارة، لقاني عاصرو في حيطة، قام ضحك، قالينا بلاش ياعيال، والامبراطور هيروهيتو ده عادي كنت باكل معاه السوشي، وهيلاسلاسي ده عزمتو في عيد الاستقلال في مدني، وجورج بوش ده، أنا نمت في الرانش معاه تلاتة يوم، وأنا اقول ليه طيب والله تبارك الله، أها يقولي بريجنيف ده ضربت معاه الفودكا، اما ناس الملك حسين وملوك السعودية ديل، عادي بشيل خروفي وامشي اشوي معاهم، أغني ليك يا حارسنا وفارسنا هسي؟........... فشنو، خارجوني من عمك الملحوس ده.
ناس المستشفى، كانو عايزين يحولوه، لنيوجيرسي، لكن السدنة القدام، جو طايرين، وهدأوا الموقف، وفي زول نصحهم قاليهم، حسكم عينكم تقولو فعلا كان رئيس وبتاع، مافي رئيس دولة برقد في عيادة خارجية، بقومو بدخلوكم بعشر أنتو كمان، قولو الحمد لله، لقينا الحبة السودة، وشوية سنمكة، بنفعنو، أدونا زولنا ده، وشوية تتراسايكلين.

 

آراء