المرأة السودانية المعاونة في حفر قبر الأب ودس المحافير .. بقلم نجم الدين محمد نصر الدين

 


 

 

najmo50@yahoo.com

 

في ثمانينات القرن الماضي ظل الحديث عن تخصيص عام للمرأة التفاتاً لمشاكلها التي ظلت ولردح من الزمن تعاني منها، يتجدد في كل مرة  تطورات كثيرة في هذا المنحى حدثت واضطردت، وتغيرت الكثير من أوضاع المرأة في أركان الأرض، وكان نضالها في هذا دؤوباً متصلاً ليس بنفس الموسمية التي تتعامل بها نساءنا ولا الإحساس بأن جهد المرأة في سبيل تثبيت حقوقها ومكتسباتها هو فرض عين على كل امرأة، في كل صقع ونجع  وحضر وبادية .. وليس فرض كفاية اذا قامت به بعض النساء سقط عن البقية منهن، التي تكتفي بالشكوى وندب الحظ أو الإنزواء، مع التعلل بأن ما يصيبهن هو جزء من قدرهن وقسمتهن "الضيزى" ونصيبهن .. أبعد من هذا فإن الإنقاذ بخطابها الديني المتراكم، المتصل ترديده في مناسبة وفي غيرها، رغماً عن الصدى الذي اعتلى أدواته سائرها والمعطوبية التي لازمت روحه وكل ما استتبع تآكله مما شهدنا مع إصرارالإنقاذ عليه .

 

كثرت المتاجرة بهذه القضية وبدور المرأة عموماً خصوصاً تلك التي تقبل المسلمات المعلنة في هذا الجانب، والقانعة بالأدوار التي ترسم لها بإعتبارها جزءاً مما يجب التسليم به، لانطوائه على مجاراة هذا أو ذاك من ضروب المناداة الإنقاذية، والمتمثل في قبول فكرة أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة حتى، وأن تصير فكرة التعدد المشروطة في القرآن والمضبوطة بتحقيق العدل كشئ لازم لحدوثها، تتم وتصير أصلاً مع تام التجاهل لهذا المطلوب . وتتم تعزية الأنفس التي تعتقد أنها تحتكر هذا الجزء من المعرفة الفقهية منفردة، وتختص وحدها بالتوفر وتحرم الآخرين حتى من أن يحوموا حوله، ويسود زواج الزهراء وزي النورين وتتمدد هذه الثقافة وسط مساهمة سالبة من الكثيرات في أن هذا يندرج فيما لا يمكن رده، أو المناكفة فيه أو عدم الإنصياع التام له والقبول به .

 

العديد من المكاسب تحققت بفضل الضغوط الخارجية الكثيرة والمتصلة، وجهد المنظومة الدولية التي أعلت من شأن المرأة وبوأتها الكثير من الوظائف القيادية الجليلة، وحافظت على الحساسية المفرطة في أمر الجندرة وسعت لتعميم ثقافة مناهضة للذكورية في كل المجتمعات، بقض النظر عن نوع الثقافة السائدة فيها، الشئ الذي انتج أثراً واضحاً وجعل الكثير من الوظائف الإسمية والعامة تتولاها النساء، فصرنا نشهد الآن رئيسات الدول ووزيرات الخارجية وحتى الدفاع كما هذا عند الفرنسيين عصراً.. وغدا يعمد للقول ب "chair person" بدلاً من " chair man" امعاناً في تأكيد ال "gender sensitivity"  وأضحت هذه كلها مكتسبات راسخة ومعاشة وموطنة .

 

تحت هذا الإلحاح المتواصل بدأت العديد من الأشياء حولنا في التغير بإيجابية، تصب في مصلحة المرأة كجنس ، ولكن البعض منها كان هبات تحققت لأن الضغوط قد مورست من أجل تحقيقها، أو أن سياسة العصا والجذرة قد أنتجت ولا تزال ستنتج العديد من الآثار ، ولقد نما هنا تبعاً لذلك تيار، ونشطت الكثير من الرياح التي تنفخ في أشرعة المرأة، رغماً عن قوة وشدة وجاهزية وتحفز القوة الأخرى ،المناوئة لهذا كله المتحدة في الدين عطاءً لكل أفعالها وجميع ما تنشد واليه تصبو، اذ أنها تقف دون حجر عثرة دون هذه الحقوق .. وبإيغال عال وحول ونافذية في فرض رؤيتهم في أدق الأحوال، وبعد أن يتم قطع شوط كبير فيها كما حدث في أمر الختان الذي تضمن القانون الصادر بشأن حماية الأطفال الغاءً صريحاً له، وبكل أشكاله وقبل خروجه من مجلس الوزراء أحدثوا به ما شاؤوا من تعديلات هزمت الغرض منه  ونسفته من جذوره، وحتى الآن لم يتكرم علينا أحد ليخبرنا لماذا حدث هذا وكيف – كلما هنالك أننا أصبحنا وما أرادوه مفروض علينا .. وأعقب ذلك وبهمة وبعزم شديدين تكوين جمعية الدفاع عن الختان السنة أو ذلك الذي أرادوا ظنين النسب والصحة .

 

أقيمت بمركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية، ندوة عن ورود المرأة كجنس ذوي قدرمن الحفلان والحفاوة به وإعلاء شانه والاقرار بدوره في منهج اللغة العربية بالمدارس الثانوية، فكانت المحصلة شئ يبعث على الأسى، لكن الشاهد في هذا كله هو  أن الكثير من المداخلات المقدمة بواسطة المتحدثين عقب المتحدث الأساسي، انصبت حول ضعف مشاركة المرأة السودانية فيما يتصل بسائر أوضاعها وقعودها التام الذي يشهد به غيابها من هذه الفعالية وهذا الحفل المقام أصلاً بسببها .. أبعد من ذلك ذكر أحد المحقين  من أصدقاءالمتحدث الأساسي " الأستاذ نزار السماني" ، أن زوجته رفضت المجئ الى هنا رغماً عن وثيق صلتها بالمتحدث ومن باب مؤازرته ... الدكتور صديق امبدة أشار الى الظاهرة المتمثلة في غياب العنصر صاحب الوجعة وعدد الحاضرات وذكر أنهن يشكلن حضوراً لا يكاد يعتد به ...

 شئ واحد أو وحيد حمدته لإحدى المتحدثات في الندوة اذ عرجت في سردها لما تعانيه المرأة للحديث عن ضرورة القضاء على الختان بكل أشكاله وأنواعه اذ اضافة الى آثاره السلبية التي يعددونها عن تعثر الولادات في ظله وما تعانيه النساء المختونات في الحياة كلها .. أضافة عنصر حرمان المرأة من التمتع بحياتها الجنسية ، الشئ الذي تستنكف الكثيرات عن قوله ويلجمهن الحياء ويقعد السنتهن الخوف الاجتماعى والارتياب والمظنة من طرحه والحديث عنه، فالمطلوب أن تكون جماهير النساء أكثر اقداماً وأشد حرصاً في التمترس خلف قضاياهن والإنبراء للدفاع عنها والإلتفاف حولها والخروج من حالة السلبية والإنكماش وذلك بتكوين العديد من منظمات العمل الطوعى والانسانى ، والتنادى وبقوة للتصدى لكل ما يجدن انه احد المعوقات والمتاريس والا يكن بحق كمن اتى الناس لمعاونته بحفر قبر ابيه فقام بدس المحافير كما يقول المثل الدارج. 

 

آراء