المراغنة والأرادلة – التعيس وخائب الرجاء..!! بقلم: اسماعيل عبدالله

 


 

 

كان الأمل يحدونا والميرغني آخر الكبار يعود للبلاد بعد غياب طويل، في أن يتجرد من الانحياز الحزبي ويبتعد عن الاستقطاب السياسي باعتباره من الشخصيات الكبيرة الوحيدة التي يرجى منها توحيد الصف الوطني، لكن خاب ظننا بعد أن انتهز فرصة ضعف الفاشلين – الأردوليين – ليضع ابنه على رأسهم، أسوة بديدن وسلوك الطائفية منذ زمان الاستقلال، من في سن مولانا وخبرته الطويلة الممتازة ما كان له أن ينحاز لفئة دون أخرى، والوطن الجريح يأن تحت ضغط العسكر ومناصريهم، فالمنعطف الخطير الذي تمر به البلاد يتطلب وجود (كبير) كما في الحياة الاجتماعية حينما تتلبد السماء بسحب المآسي الركامية، لكن يبدو أننا سنصدم كثيراً في كبارنا الذين أكل الدهر عليهم وشرب، فكما صُدم شباب الثورة المجيدة في الزعيم الكبير الآخر الراحل، بعدما شبّه حراكهم الظافر (ببوخة المرقة)، أصبح من اليقين الذي لا يقبل التأويل أن هذا السيّد الأخير سائر على ذات الدرب القديم، الدرب المكرّس للتوريث بغض النظر عن المصالح الوطنية العليا، كيف لا والحواريون على أهبة الاستعداد لأداء نفس الفروض القديمة من الانصياع والتسليم الكامل بما يقوله السيّد أو الإمام، ولا تقل لي كيف يمكننا إنهاء هذه الظاهرة القديمة المتجددة، لأن الأرادلة والجبارلة والأركويين لم يتركوا للشعب السوداني مجالاً لكي يعذرهم.
لا تندهش من غباء ناحري المشاريع الثورية التي أسس لها العظماء، أولئك القادمون من أصلاب رجال كانت النار تنطفيء لو جاوروها، فلا تستغرب لو خلف الدكتور قرنق في مشروعه مبارك أردول، أو ناب مني أركو مناوي عن البطل الشهيد عبدالله ابكر في طرحه الأول، الهازم لطموح القبليين وقتما قدم خطاباً أخفاه العشائريون، طالب فيه بوجوب شمول الثورة الدارفورية لجميع ألوان الطيف الاجتماعي بالأقليم، ولا تنصدم لو قدمت الأيادي الإثنية الخفية بحركة العدل والمساواة جبريل، خلفاً للرجل الذي لا تصده الرياح العاتية الراحل خليل، فالأرادلة والجبارلة والأركويون هم مسوخ قذفتها مساويء الصدف إلى سطح التنظيمات التي أسسها الراحلون، ولن تجد من أحدهم سلوكاً منافياً للانصياع للعصا التي لا تقبل العاصي ولا المتمرد عن المنهاج القديم، ولن يخيب ظنك هذا الثلاثي المرح – الذي أضحت تغريداته ملاذاً آمناً لمتتبعي النكتة التراجيدية الواقعية – بأطروحاته المريبة التي تشكك كل صاحب مبدأ في ماهيّة منشأ هذه الكائنات الفضائية، التي قفزت في ظلام البؤس السوداني المرير لتمرر أجندة غريبة وشاذة لا علاقة لها برفاه الشعب السوداني، القدير والجدير بأن يعيش كريم معافى من أمراض المريضين، ورضاءً بحتمية المحصلات القدرية التي لا مناص منها فإنّ بؤس الواقع لن ينتج غير (الأردولي).
قطار الثورة مستمر والمقاومون لا يرتضون بموقع ما دون النجوم، فسقف المطلب الثوري الأصيل، جعل كل انتهازي لصوصي خائن ومرتزق يلوذ بالفرار إلى القباب ودور الصالحين، عساه أن يجد من بركات المتصوفة طريقاً إلى المجد الدنيوي الزائل، وها هم المأزومون يحجّون إلى السجادة الختمية في تسابق وتكالب فضيح لا يرقى لمستوى المدارس الفكرية التي أسست للفكر الجديد، الفكر الذي قاوم التمركز من قمم جبال الأماتونج وتوج نصره المبين بنيفاشا التي أرغمت أنوف العنصريين والطائفيين والإسلاميين والعروبيين، و(الفلاقنة) من المتمسحين والمتشبهين بالمركزيين من أمثال أردول وجبريل وأركو. هنا لابد من تذكار بعض ذكريات جون قرنق ديمابيور وما جاء على خلفية مذكراته السريّة والخاصة جداً، عندما كشف للمقربين منه عن وصايا فيدل كاسترو أيقونة التحرر الوطني اللاتيني والكوبي الشهير له، بعدما شكا ابن بور الكوشي الأصيل لكاسترو جور ذوي القربى وتمرد أعز المقربين إليه، حينها كانت وصيّة كاسترو كالآتي: عندما تثور يثور معك الجميع، الانتهازيون والشرفاء، وبعد حين ينفصل عنك الانتهازيون ويشقون صفك ويرتمون في احضان العدو، لكن لا تستسلم، خض معركتك بكل عنفوان، سيعود إليك الجميع بعد النصر. وقد عاد لحضن قرنق مشار ولام أكول، بعد أن ولغا في إناء الدكتاتور.

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com

 

آراء