المسؤولية القانونية عن حفر أساس مبنى جديد أضرَّ بمبنى ملاصق (2) .. ترجمة: عبد المنعم عجب الفَيا
عبد المنعم عجب الفيا
22 September, 2022
22 September, 2022
محكمة الاستئناف (العليا)*
حسن أبو مرين ....................... مستأنف
ضد
مختار نورين ....................... مستأنف ضده
خلاصة أسباب الحكم:
1- يقع سبب الدعوى في هذه القضية تحت الإزعاج الضار نتيجة لأعمال الحفر في أرض المدعى عليه الملاصقة. (يجاز approved المبدأ الذي أرسته السابقة القضائية: حمزة على كمير ضد محمد حسن السواحلي، مجلة الأحكام القضائية لسنة 1956 ص 74).
2- ربُّ العمل مسؤول عن الضرر الذي يتسبب فيه المقاوِل المستقل متى ما نشأ الضرر عن العمل الذي أتفق مع المقاوِل المستقل على القيام به.
المحامون:
هنري رياض/ عن المستأنف
صديق أحمد خير/ عن المستأنف ضده
الحكم
21 أبريل 1959
القاضي/ محمد أحمد أبو رنات/ رئيس القضاء:
هذا طلب مراجعة ضد قرار قاضي "المحكمة الأعلى" بالخرطوم الصادر في الدعوى/ مراجعة رقم 400/1958 والمؤرخ 16 ديسمبر 1958 والذي شطب بموجبه إيجازيا طلب المراجعة المقدم ضد قرار القاضي الجزئي بالخرطوم المؤرخ 10 سبتمبر والذي قضى بالحكم بالتعويض لصالح المدعي بمبلغ 188 جنيهاً زائداً مبلغ 28.950ms جنيهاً رسوم الدعوى.
يمثل المستأنف (المدعى عليه) المحامي هنري رياض، ويمثل المستأنف ضده (المدعي) المحامي صديق أحمد خير.
وقائع الدعوى بسيطة جدا وسوف أسردها هنا كما يلي:
يشغل المدعي الدكان رقم 46 مربع 20 بسوق أم درمان، الملاصق لدكان المدعى عليه. تعاقد المدعى عليه مع مقاوِل مستقل independent contractor وذلك في 30 يناير 1958 على أن يقوم المقاول بهدم ست دكاكين تخص المدعى عليه وأحد هذه الدكاكين الستة ملاصق لدكان المدعي.
أثناء قيام المقاول بحفر أساس الدكان الملاصق لدكان المدعي انهار الجدار الفاصل بين الدكانين، الأمر الذي أجبر المدعي لنقل بضاعته من الدكان إلى مكان آخر.
قام المدعي برفع دعوى بالمحكمة الجزئية مطالبا بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالبضائع وعن فقدانه الأرباح عن المدة التي حُرم فيها من استغلال الدكان.
أنكر المدعى عليه المسؤولية عن الحادث على أساس أنه قد فوَّض مقاولاً مستقلاً ومؤهلاً لإنجاز هذا العمل، وأنه أعطى المقاول تعليمات بتفادي الأخطار المتوقعة. واستند المدعى عليه في تعزيز حجته على فقرة مضمنة في الاتفاق المكتوب مع المقاول المستقل وتقرأ:
"اتعهد (المقاول) بمسؤوليتي عن التسبب في أي ضرر يقع على مباني الجيران".
أرى أن المبدأ الراسخ في القانون هو أنه لا يجوز لشاغل العقار التهرب من المسؤولية عن الإضرار بالغير فقط بحجة أنه استخدم شخص آخر للقيام بالعمل الذي نتج عنه الضرر متى ما توفرت أي حالة من الحالات الآتية:
أولا : إذا كان العمل المفوَّض القيام به غير مشروع.
ثانيا: إذا نشأ الضرر نتيجة مباشرة عن العمل الذي أوَكل غيره القيام به.
ثالثا: إذا كان القيام بالعمل أداءً لواجب قانوني أو ممارسة لسلطة خوّلها القانون.
رابعا: إذا كان القيام بهذا العمل يعد في حد ذاته خطراً بالضرورة.
ومن الواضح أن البند (ثانياً) ينطبق على وقائع هذه الدعوى. وتعزيزا لهذا الرأي أحيل إلى فقرة وردت في حكم القاضي اللورد Blackburn "بلاكبيرن" في قضية:
Dalton v. Angus (1881) 6 App. Cas. 740
حيث يقول: "إذا تسبب شخص في القيام بعمل وكان هذا العمل يلقي على عاتق هذا الشخص واجباً أو التزاماً تجاه الغير، فلا يجوز لهذا الشخص التملص من المسؤولية عن القيام بهذا الواجب أو الالتزام بحجة أنه أوَكل مقاولاً مستقلاُ لإنجاز العمل. وبطبيعة الحال يجوز لهذا الشخص الاتفاق مع المقاول القيام بهذا الواجب والتعهد بتحمل المسؤولية ولكن لا يجوز لهذا الشخص إعفاء نفسه من المسؤولية لدى الذين لحق بهم ضرر من جراء الفشل في القيام بذلك الواجب".
والسابقة القضائية الرائدة التي أرست مبدأ مسؤولية ربّ العمل الذي يستخدم مقاولاً مستقلاً للتعامل مع دعائم أرض أو مباني هي قضية:
Bower vs. Peate (1876) 1 Q. B. D. 321
في هذه القضية اتفق المدعى عليه مع مقاول مستقل لهدم منزل المدعى عليه وفي اثناء عملية الهدم تضرر منزل المدعي نتيجة لعيب في الدعائم المؤقتة لحماية المباني. .قضت المحاكم بمسؤولية المدعى عليه عن الضرر. وجاء في حكم القاضي (كوكبيرن) قوله:
"ردنا على دفاع المدعى عليه يتأسس على قاعدة عريضة وهي أن الشخص الذي يأمر غيره بالقيام بعمل يحتمل من المجرى العادي للأمور أن تنتج عنه أضرار لجاره، يقع عليه إلتزام بالقيام بكافة ما يلزم لمنع وقوع هذا الضرر ولا يجوز له إعفاء نفسه من المسؤولية باستخدام شخص آخر سواء كان هذا الشخص مقاولاً مستقلاً أو شخصاً آخر".
ونحن نرى أن المدعى عليه في هذه الدعوى الماثلة مسؤول عن الضرر الذي تسبب فيه للمدعي ولا يجوز له التهرب من المسؤولية على أساس أنه أوَكل مهمة القيام بأعمال الهدم لمقاول مستقل.
كما أننا نجيز approve المبدأ القانوني الذي تأسس عليه الحكم الصادر عن (المحكمة الأعلى) السودانية في قضية: (حمزة على كمير /ضد/ محمد الحسن السواحلي) والمنشورة بمجلة الأحكام القضائية السودانية لسنة 1956 صفحة 74.
النقطة التالية المطروحة في النزاع هي مبلغ التعويض quantum of damages فقد حكم القاضي الجزئي للمدعي بالمبالغ الآتية:
30 جنيها عن قيمة البضائع التي تضررت.
20 جنيها عن تلف الأرفف (التخشيبة).
120 جنيها عن ما فاته من ربح بواقع جنيهين في اليوم.
18 جنيها عن خسارة أرباح عمل ماكنة الخياطة.
نقول أولا لا توجد بينة يعوَّل عليها بتضرر أو تلف بضائع، ولم يدلي المدعي بأي مواصفات أو كميات لهذه البضائع. ولذلك نرفض السماح بهذا المبلغ.
وأما في شأن التخشيبة فالبينة التي أدلى بها شهود المدعي معقولة وتبرر الحكم بالتعويض عنها بمبلغ 20 جنيهاً.
وأما بالنسبة لما فات المدعي من أرباح، نرى أنه لا يوجد ما يبرر الحكم للمدعي عما فاته من ربح عن مدة ستين يوما. فهو ملزم بالعمل على تخفيف الخسارة لا سيما وأنه ذكر بحسب كلماته أن الحائط من الممكن أن يقام خلال 15 يوما، ولذا لا يستحق لأكثر من أرباح 15 يوم، بواقع جنيهين في اليوم.
وفيما يتعلق بماكنة الخياطة فلم يقدم المدعي أي بينة تثبت خسارته لأرباح عمل ماكنة الخياطة ونرى أنه لا يستحق أي تعويض عن ذلك.
نخلص إلى أن مبلغ التعويض الكلي الذي يستحقه المدعي هو 50 جنيهاً، زائد مبلغ 2.03ms رسوم محكمة، ومبلغ 2.750m أتعاب محاماة.
يتحمل كل طرف الرسوم التي دفعها لدى "المحكمة الأعلى" ولدى هذه المحكمة (محكمة الاستئناف).
القاضي/ محمد إبراهيم النور:
أوافق.
هوامش:
*ترجمناها من الإنجليزية إلى العربية عن "مجلة الأحكام القضائية السودانية لسنة 1959 ص30 ، Sudan Law Journal and Reports, 1959 وكانت المحاكم السودانية تصدر الأحكام القضائية بالانجليزية وتقدم المذكرات كذلك حتى سنة 1970.
** كان الاستئناف آنذاك يقدم في شكل طلب مراجعة.
عبد المنعم عجب الفَيا – 22 سبتمبر 2022
abusara21@gmail.com
/////////////////////////
حسن أبو مرين ....................... مستأنف
ضد
مختار نورين ....................... مستأنف ضده
خلاصة أسباب الحكم:
1- يقع سبب الدعوى في هذه القضية تحت الإزعاج الضار نتيجة لأعمال الحفر في أرض المدعى عليه الملاصقة. (يجاز approved المبدأ الذي أرسته السابقة القضائية: حمزة على كمير ضد محمد حسن السواحلي، مجلة الأحكام القضائية لسنة 1956 ص 74).
2- ربُّ العمل مسؤول عن الضرر الذي يتسبب فيه المقاوِل المستقل متى ما نشأ الضرر عن العمل الذي أتفق مع المقاوِل المستقل على القيام به.
المحامون:
هنري رياض/ عن المستأنف
صديق أحمد خير/ عن المستأنف ضده
الحكم
21 أبريل 1959
القاضي/ محمد أحمد أبو رنات/ رئيس القضاء:
هذا طلب مراجعة ضد قرار قاضي "المحكمة الأعلى" بالخرطوم الصادر في الدعوى/ مراجعة رقم 400/1958 والمؤرخ 16 ديسمبر 1958 والذي شطب بموجبه إيجازيا طلب المراجعة المقدم ضد قرار القاضي الجزئي بالخرطوم المؤرخ 10 سبتمبر والذي قضى بالحكم بالتعويض لصالح المدعي بمبلغ 188 جنيهاً زائداً مبلغ 28.950ms جنيهاً رسوم الدعوى.
يمثل المستأنف (المدعى عليه) المحامي هنري رياض، ويمثل المستأنف ضده (المدعي) المحامي صديق أحمد خير.
وقائع الدعوى بسيطة جدا وسوف أسردها هنا كما يلي:
يشغل المدعي الدكان رقم 46 مربع 20 بسوق أم درمان، الملاصق لدكان المدعى عليه. تعاقد المدعى عليه مع مقاوِل مستقل independent contractor وذلك في 30 يناير 1958 على أن يقوم المقاول بهدم ست دكاكين تخص المدعى عليه وأحد هذه الدكاكين الستة ملاصق لدكان المدعي.
أثناء قيام المقاول بحفر أساس الدكان الملاصق لدكان المدعي انهار الجدار الفاصل بين الدكانين، الأمر الذي أجبر المدعي لنقل بضاعته من الدكان إلى مكان آخر.
قام المدعي برفع دعوى بالمحكمة الجزئية مطالبا بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالبضائع وعن فقدانه الأرباح عن المدة التي حُرم فيها من استغلال الدكان.
أنكر المدعى عليه المسؤولية عن الحادث على أساس أنه قد فوَّض مقاولاً مستقلاً ومؤهلاً لإنجاز هذا العمل، وأنه أعطى المقاول تعليمات بتفادي الأخطار المتوقعة. واستند المدعى عليه في تعزيز حجته على فقرة مضمنة في الاتفاق المكتوب مع المقاول المستقل وتقرأ:
"اتعهد (المقاول) بمسؤوليتي عن التسبب في أي ضرر يقع على مباني الجيران".
أرى أن المبدأ الراسخ في القانون هو أنه لا يجوز لشاغل العقار التهرب من المسؤولية عن الإضرار بالغير فقط بحجة أنه استخدم شخص آخر للقيام بالعمل الذي نتج عنه الضرر متى ما توفرت أي حالة من الحالات الآتية:
أولا : إذا كان العمل المفوَّض القيام به غير مشروع.
ثانيا: إذا نشأ الضرر نتيجة مباشرة عن العمل الذي أوَكل غيره القيام به.
ثالثا: إذا كان القيام بالعمل أداءً لواجب قانوني أو ممارسة لسلطة خوّلها القانون.
رابعا: إذا كان القيام بهذا العمل يعد في حد ذاته خطراً بالضرورة.
ومن الواضح أن البند (ثانياً) ينطبق على وقائع هذه الدعوى. وتعزيزا لهذا الرأي أحيل إلى فقرة وردت في حكم القاضي اللورد Blackburn "بلاكبيرن" في قضية:
Dalton v. Angus (1881) 6 App. Cas. 740
حيث يقول: "إذا تسبب شخص في القيام بعمل وكان هذا العمل يلقي على عاتق هذا الشخص واجباً أو التزاماً تجاه الغير، فلا يجوز لهذا الشخص التملص من المسؤولية عن القيام بهذا الواجب أو الالتزام بحجة أنه أوَكل مقاولاً مستقلاُ لإنجاز العمل. وبطبيعة الحال يجوز لهذا الشخص الاتفاق مع المقاول القيام بهذا الواجب والتعهد بتحمل المسؤولية ولكن لا يجوز لهذا الشخص إعفاء نفسه من المسؤولية لدى الذين لحق بهم ضرر من جراء الفشل في القيام بذلك الواجب".
والسابقة القضائية الرائدة التي أرست مبدأ مسؤولية ربّ العمل الذي يستخدم مقاولاً مستقلاً للتعامل مع دعائم أرض أو مباني هي قضية:
Bower vs. Peate (1876) 1 Q. B. D. 321
في هذه القضية اتفق المدعى عليه مع مقاول مستقل لهدم منزل المدعى عليه وفي اثناء عملية الهدم تضرر منزل المدعي نتيجة لعيب في الدعائم المؤقتة لحماية المباني. .قضت المحاكم بمسؤولية المدعى عليه عن الضرر. وجاء في حكم القاضي (كوكبيرن) قوله:
"ردنا على دفاع المدعى عليه يتأسس على قاعدة عريضة وهي أن الشخص الذي يأمر غيره بالقيام بعمل يحتمل من المجرى العادي للأمور أن تنتج عنه أضرار لجاره، يقع عليه إلتزام بالقيام بكافة ما يلزم لمنع وقوع هذا الضرر ولا يجوز له إعفاء نفسه من المسؤولية باستخدام شخص آخر سواء كان هذا الشخص مقاولاً مستقلاً أو شخصاً آخر".
ونحن نرى أن المدعى عليه في هذه الدعوى الماثلة مسؤول عن الضرر الذي تسبب فيه للمدعي ولا يجوز له التهرب من المسؤولية على أساس أنه أوَكل مهمة القيام بأعمال الهدم لمقاول مستقل.
كما أننا نجيز approve المبدأ القانوني الذي تأسس عليه الحكم الصادر عن (المحكمة الأعلى) السودانية في قضية: (حمزة على كمير /ضد/ محمد الحسن السواحلي) والمنشورة بمجلة الأحكام القضائية السودانية لسنة 1956 صفحة 74.
النقطة التالية المطروحة في النزاع هي مبلغ التعويض quantum of damages فقد حكم القاضي الجزئي للمدعي بالمبالغ الآتية:
30 جنيها عن قيمة البضائع التي تضررت.
20 جنيها عن تلف الأرفف (التخشيبة).
120 جنيها عن ما فاته من ربح بواقع جنيهين في اليوم.
18 جنيها عن خسارة أرباح عمل ماكنة الخياطة.
نقول أولا لا توجد بينة يعوَّل عليها بتضرر أو تلف بضائع، ولم يدلي المدعي بأي مواصفات أو كميات لهذه البضائع. ولذلك نرفض السماح بهذا المبلغ.
وأما في شأن التخشيبة فالبينة التي أدلى بها شهود المدعي معقولة وتبرر الحكم بالتعويض عنها بمبلغ 20 جنيهاً.
وأما بالنسبة لما فات المدعي من أرباح، نرى أنه لا يوجد ما يبرر الحكم للمدعي عما فاته من ربح عن مدة ستين يوما. فهو ملزم بالعمل على تخفيف الخسارة لا سيما وأنه ذكر بحسب كلماته أن الحائط من الممكن أن يقام خلال 15 يوما، ولذا لا يستحق لأكثر من أرباح 15 يوم، بواقع جنيهين في اليوم.
وفيما يتعلق بماكنة الخياطة فلم يقدم المدعي أي بينة تثبت خسارته لأرباح عمل ماكنة الخياطة ونرى أنه لا يستحق أي تعويض عن ذلك.
نخلص إلى أن مبلغ التعويض الكلي الذي يستحقه المدعي هو 50 جنيهاً، زائد مبلغ 2.03ms رسوم محكمة، ومبلغ 2.750m أتعاب محاماة.
يتحمل كل طرف الرسوم التي دفعها لدى "المحكمة الأعلى" ولدى هذه المحكمة (محكمة الاستئناف).
القاضي/ محمد إبراهيم النور:
أوافق.
هوامش:
*ترجمناها من الإنجليزية إلى العربية عن "مجلة الأحكام القضائية السودانية لسنة 1959 ص30 ، Sudan Law Journal and Reports, 1959 وكانت المحاكم السودانية تصدر الأحكام القضائية بالانجليزية وتقدم المذكرات كذلك حتى سنة 1970.
** كان الاستئناف آنذاك يقدم في شكل طلب مراجعة.
عبد المنعم عجب الفَيا – 22 سبتمبر 2022
abusara21@gmail.com
/////////////////////////