المسافرون إلي مصر… الوقاية خير العلاج
gamalangara@hotmail.com
تعود السودانيون أن يعيشوا في مصر كما يعيشون في وطنهم، وبلدهم بدون قيود، ولا ضوابط، ولم يتغير هذا الإحساس حتى في أوقات توتر العلاقات بين حكومتي البلدين، فقد يؤثر توتر العلاقات السياسية علي بعض الإجراءات الحكومية، ولكنه لن ينعكس أبداً علي المواطنين، وأذكر علي أيام دراستنا الجامعية في مصر، قال الرئيس الراحل المشير جعفر محمد نميري قولاً، حسبته القيادة المصرية خصماً علي اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، فأصدرت قراراً ألغت بموجبه إعفاء الطلاب السودانيين من رسوم الدراسة الجامعية المفروضة علي الوافدين، فصار لزاماً علينا أن ندفع أربعة آلاف من الجنيهات الإسترلينية، الأمر الذى فوت علي كثيرين ذاك العام الدراسي، ونحمد لعميد كليتنا العالم الجليل المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد سيد النواوى أنه سمح لنا بالجلوس للإمتحان قبل أن يصل الاستثناء. وحتي في أيام التدهور المريع للعلاقات بين السودان ومصر، بدايات عهد الإنقاذ، علي أيام حروب المطارات، كان السودانيون يعانون في مطار القاهرة، كما يعاني المصريون في مطار الخرطوم، ولكن بعد دخول القاهرة، يعيشون مواطنين أصلاء لا يسألهم أحد، ولا يضايقهم أحد.
ولذلك عندما وضعت السلطات المصرية هذه الأيام ضوابط مشددة لتداول العملات المصرية والأجنبية، لم يرضها السودانيون الذين يذهبون إلي مصر، وزاد من رفضهم لها، وامتعاضهم منها، أن تطبيقها جاء مجحفا وجائرا، فلا يعقل أن يلقي القبض علي إنسان يسير في الشارع لمجرد حمله بضع مئات من الدولارات، وتزامن ذلك مع حملة كان يشنها بعض سفهاء الإعلام المصري الخاص علي السودان بسبب بعض مواقفه التي يرفضونها، وبعض منهم يفعلون ذلك لأهداف أخري، وزاد الطين بلة الإجراءات المستفزة التي قامت بها الحكومة المصرية في منطقة حلايب، وكأنها تريد فرض سلطانها عليها بالقوة، وهذا أمر يرفضه السودانيون جملة وتفصيلاً، ويرفضه الشعب قبل الحكومة، ويرفضه المعارضون قبل المؤيدين، ولذلك اعتبر السودانيون هذه الإجراءات استهدافا لهم، رغم انها تطال غيرهم بمن في ذلك المصريين، وأعرف مصريين أعتقلوا بسبب تداول عملات أجنبية خارج النظام المصرفي.
صحيح انه ليس من حقنا أن نطلب من مصر التراجع عن سياساتها الاحترازية لضبط حركة المال، ولكن من حقنا أن نطلب منها أن تراعي بعين الإعتبار وهي تطبق هذه السياسة علي السودانيين، فالسودانيون الذين يذهبون إلي مصر يحملون أموالاً مقدرة، وأكثرهم يدخلها عبر الطرق المشروعة، خطأهم الوحيد أنهم لا يثبتونها في معابر الدخول الجوية والبرية والبحرية، ولمصلحة مصر قبل السودان أن تعامل القادمين إليها من أهله برفق، فيكاد يكون السودانيون الوحيدون الذي بقوا من السياح الذين بهبطون مصر بهذه الكثافة، وبدخلون معهم يومياً ملايين الدولارات، وقديما عندما تعرضوا لمتاعب في دخول مصر، غيروا وجهاتهم إلى دول أخري للتسوق، والسياحة والعلاج، ويمكن أن يفعلوا ذلك الآن، ومن حقنا كذلك أن نطلب من القنصلية المصرية في الخرطوم أن تبسط إجراءات الحصول علي التأشيرة، وتحسن مقابلة المترددين عليها إلي أن تلغي تماماً، ولن نقبل من حكومتنا في القمة القادمة أي شئ دون التمسك بالتطبيق الكامل للحريات الأربع.
والأهم من هذا كله ننصح أهلنا القاصدين مصر، اتباع الطريق الذي يجنبهم مهالك الوقوع في المخالفات، فعند وصولهم الموانئ المصرية لا بد من الحرص علي إعلان العملات التي يحملونها، وأثناء تحركهم في مصر يحملون معهم جوازات السفر، وشهادات إعلان العملات، والأكثر أهمية ألا يستجيبوا لكل من يستوقفهم، حتى يستوثقوا من هويته، لأن بعض البلطجية يستغلون هذه الظروف، ويسطون علي أموال السودانيين البسطاء.