أصبح التساؤل هو: هل يصح محاكمة شخص ألماني بتهمة الانقلاب التأصيلي على الديمقراطية في السودان..!! على هامش محاكمة (خوازيق الإنقاذ) سيرك منصوب لبدائع مخلوقات الله...وكما يقول أولاد الريف (اللي ما يشتري يتفرج)..! على الحاج من زعامات الإنقاذ العليا (أصحاب التأصيل والمشروع الحضاري).. سأله القاضي عن هويته فقال: (أنا ألماني من أصول سودانية)..!! لقد بات ذِكر الأصول الإثنية من الأمور التي لا يلقى العالم لها بالاً وربما يُعتبر السؤال عنها من شبهات العنصرية...وعليه إذا حذفنا حكاية الأصول السودانية من إجابة الرجل ..فصاحبك سبحان مقلب القلوب والهويات (طلع ألماني) ينتسب إلى شعوب الجرمان وربما يكون مأواه الذي يرتاح إليه في مقاطعة (بادن- فورتمبيرغ) أو سكسونيا السفلى في جوار الآريين من عشاق نهر الراين والدانوب وبحر الشمال وليس النيل.. الذي قال عنه مبارك المغربي: (يا مهد الجمال/ ما حبيت سواك/ أيه بحر الشمال.. وأنت النيل حداك؟ هادي يفيض زلال/ عندو جلس ملاك/ في حسنو الهلال وفي سحرو الهلاك/ شوقي إليك طال.. قوللي متين أراك)..؟! احد زعامات الانقلابيين يقول انه لا يتذكر ما حدث في الانقلاب وبعدها بأيام يقود مظاهرة يصيح فيها (هي لله..هي لله) فعلى ماذا يعود الضمير في (هي)؟! وآخر يقول (أدوني فرصة أسبوع) وثالث يقول انه لم يكن حاضراً عند الانقلاب ..(كيف تتملّص يا رجل وتفوّت على نفسك "شرف" المشاركة في الانقلاب ولو بالادعاء) هؤلاء هم الرجال الذين حكموا السودان ثلاثين عاماً..! وانظر إلى (دقُشة) المحامين الذين تكأكأوا يدافعون عن باطل الإنقاذ..وحتى يجعلون المحاكمة (لعبة) قالوا إنهم يريدون أن يقفوا حداداً على (قضاة الدفاع الشعبي) المفصولين الذين كانوا يخزنون السلاح و(الكاكي) داخل القضائية ويقيمون عليه (ورديات الحراسة)..! وأحد المحامين من الإنقاذيين (أصحاب الاستوزار المهندمين) وليس من أصحاب (غُرة السجود الصناعية) قال انه يطالب بعدم استعجال محاكمة الانقلابيين وبعدم تسييس القضاء..! يسمي الرجل تنظيف القضاء من قضاة المليشيات تسييساً..وكان هو نفسه من المساهمين الرئيسيين في تسييس قضاء الإنقاذ؛ وكان موجوداً (عيونو تعاين) عندما تمت في دقائق معدودة محاكمة جزافية لـ 28 ضابطاً سودانياً والحكم بإعدامهم جزافاً خارج القانون ودفن بعضهم أحياء..! وليس من المزعج أن يدافع الرجل عن مجرمي الإنقاذ من واقع العمل المهني وحق المحامي في (اختيار زبائنه).. ولكن المزعج هو أن يتكرر عمل الحقوقيين الذين يختارون مجال القانون في خدمة عهود القهر التي تقتل المواطنين (بالجملة) وتسرق موارد البلاد عياناً بياناً وتخرّب وتدجّن وتسيّس النظام العدلي والقضائي جهرة وإعلاناً.. ولكن بعض الناس يظن إن الحياة كلها (فهلوة) وتقافز بين المناصب و(الراحات) ومهارة في (الحلبسة وشغل الأوانطة) - كما يقول الطيب صالح عن صاحبه منسي- ومقدرة على حصد الأتعاب وجني الأموال الملوثة بدماء الضحايا وشرف الوطن.. وللناس في ما يعشقون مذاهب..! انظر إلى ما قاله الرجل وزميله الآخر الذي عندما شبع سياسياً من وجوده في المؤتمر الوطني انتقل للمؤتمر الشعبي ثم عاد الفريقان جسماً واحداً بعد فشل (لعبة المفاصلة) وكان يطيب له الحديث في القنوات بصفه انه فقيه وسياسي وقانوني ..جاء إلى الحياة العامة في (لوري الإنقاذ المهكّر) من باب (الحقانية) وإقامة العدل وحماية شرع الله..فانظر إلى أين انتهى به المطاف..! ونحن نسأل (فقط من باب العلم بالشيء) هل هناك بجانب قانون المحاماة ولوائحها قانون آخر عن (أخلاقيات المحاماة) وإذا كان المحامي يعمل بالسياسة ويعلن كل مساء وصباح انه موقفه السياسي والأخلاقي ضد الانقلابات..هل يجوز له من باب الوازع العام والضمير الذاتي والمهني أن يدافع عن الانقلابيين باعتبار إن المحامي يدافع عن الحرامية والقتلة بغير أن يكون قاتلاً أو حرامياً..! وهل يمكن أن يطالب الناس المحامي بمراعاة المناخ العام الذي يتهدد الوطن عندما تتعلق المحاكمات بشؤون سياسية وجنائية لا شبهة فيها فيها كان نتيجتها محرقة ضخمة فقد فيها الوطن مئات الآلاف من أرواح بنيه وافتقد ملايين منهم بالنزوح واللجوء مع غياب أرتال من المفقودين والمصابين بالعاهات الجسدية والنفسية وجرى فيهم تدمير وتخريب كامل للوطن إلى درجة تجزئته والتفريط في سيادته وبيع أراضيه ومقدراته وموارده..! وهل يجوز للمحامي أن يتآمر سياسياً مع آخرين لإثارة البلبلة بالتواطؤ مع حزب محلول..؟! لقد تحدث المحاميان وثالثهم (مقطوع الطاري) صاحب نقطة النظام الشهيرة ورابعهم (المحامي الزئبقي) الذي كان يقول إن السودان لا يسلم إلا بإسقاط نظام الإنقاذ وعندما أسقطه الشعب هرب مجدداً إلى جحور الإنقاذ وإلى السعي بين الشعبي والوطني والقيام (بطواف الإفاضة) بين الفلول ورجم الثورة بالحصى..! كلهم لا يمارسون الدفاع عن المتهمين باستقامة ومهنية إنما يتقاسمون ألعاب وأتعاب الفلول ويحاولون إثارة الهرج في المحكمة لتعطيل أعمالها في سلوك إنقاذي معهود عليه كل (دمغات الإنقاذ) وأختامها ووصماتها..ولكن وجدوا على منصة القضاء قاضِ نزيه لا يقبل بالتلاعب واصطناع الفوضى..! مرة يتصايحون ومرة يقومون بألعاب سياسية ليس مكانها المحاكم ومرة يقدحون في رئاسة القضاء لأنها دعت إلى عدم التلكؤ في إنفاذ العدالة.. وهم يعلمون نداءات العدالة واستقلال القضاء بعد الثورة وفي إمكانهم المقارنة الأمينة أو غير الأمينة بين ما يُتاح لموكليهم مجرمي الانقلاب الذي يتم إحضارهم من معتقلهم بالسيارات الفاخرة وبملابسهم النظيفة التي تفوق في هندامها (نجوم المطربين) وهم في عافية تظهر على خدودهم المتورّدة من اثر الطعام الهنيء و(النومة الهانية).. ولك أن تقارن ذلك بما حدث في الاحتجاز لرفيقهم في المؤتمر الشعبي الشهيد احمد الخير حتى تتبيّن فقط نوع المعاملة بين عهد الإنقاذ وأنصارها الحقوقيين الذي يحبون العدل (موت) وبين التقاضي بعد ثورة ديسمبر لو كان هناك أمل في صحوة الضمير أو يقظة الفؤاد ولو بمقدار (حبة وشعرة وأقل) بتقديرات الشاعر ود الرضي..! قال محامو الانقلابيين إنهم يطالبون بعدم التدخل في القضاء وإن الوقت (غير مناسب) للمحاكمة لأن الحالة السياسية غير هادئة..! وإنهم يريدون (قاعة مريحة) حتى لا يتعرّض قادة الإنقاذ للحرارة والتعرّق..وطالبوا بتعليق جلسات المحاكمة إلى حين تحقيق الاستقرار السياسي والقضائي لضمان تحقيق العدالة..هذه هي بعض المشاهد الكاريكاتيرية الكرتونية العبثية من خوازيق الإنقاذ ومحامييهم وهي مشاهد يحتار الناس في وصفها.. (ومن البلية عذل من لا يرعوي من غيّهِ.. وخطاب من لا يفهمُ)..وفي أمثال الشعر الشعبي بعض الحكمة (اللوم والشكر واحد على السجمان)..! الله لا كسّب الإنقاذ...!