المهندس محمد موسي ادم وعبير الامكنة (8/15)
محمد صالح عبد الله يس
13 February, 2025
13 February, 2025
التصحيف والمطالعة والذكريات في مسيرة الانسان تظل حاضرة علي خلاف الاحداث التي احدثت تغلغلًا وثقبا في ذاكرتنا رغم حداثة عهدها فذكريات الصبا البعيدة تظل عالقة وراسخة بعقولنا لانها حدثت بملامح زمن كان فيه القلب عقولا واللسان قؤلا والجنان خاليٍ الوفاض من مشاغل الحياة وتعقيداتها ويسهل علي الذاكرة استدعائها فتخرج طائعة مختارة منقحة كماء ثجثج ينبع من علِ
ماكنت احسب ان الاخ المهندس محمد موسي سيسمر في تحريضي واتفزازي لنقل تلك الذكريات من صدري وتدوينها في صحف منشرة ونسأل الله ان تكون مبروكة ومطهرة وتجمعنا مع الكرام البررة يوم تطوي السماء كطي السجل للكتب
تعتبر كتابة المذكرات من التجارب الحديثة في جنس الابداع العربي في عصرنا الحاضر وقد ظهر هذا النوع من الادب في منتصف القرن العشرين واصبحت لها ظيت واسع ورواج محتفي به في مجتمع القاريء العربي الذي الذي اصبح شغوفا لمتابعة سير واخبار اجيال تركت بصمتها في حياته العامة خاصة يوميات المشاهير والرواد الذين اثروا مجتمعاتهم بكل ماهو جميل اما القارئ السوداني فقد تميز بحبه وشغفه للحكايات والقصص الشعبية التي يرويها ويكتبها طلائع الاستنارة في بلادنا وزادت من تعلقه بالمذكرات هي ثقافة الحكي والمشافهه التي سمعها من مجالس الانس والسمر في الليالي المقمرة فالخيال الشعبي السوداني مترع بحكاوي الاسطرة والبطولة والخرافة وقد تابعنا في مسيرة طفولتنا حكايات وقصص جملت مجالسنا واكسبتنا مقدرة عظيمة علي التخيل وتصديق الكثير من المرويات رغم فقدانها للمصداقية الا انها مقبولة ومفهومة في اطار الرواية الشعبية الشفاهية التي لاتخلوا من المبالغة فالراوي يحكي للاجيال تجربته في الصيد والقنيص ويحكي لهم كيف كان يصطحب كلبه ومعه ادوات الصيد فيخرج باكرا متوكلا علي ربه ويقضي يوما كاملا في تلك الرحلة واحيانا يضطر الي المبيت في زمهرير الشتاء في انتظار فريسة يسوقها حظها العاثر الي ذلك الشرك فيعود الي اسرته بعد ان تكورت شمس المدينة وانكدرت نجومها يجر معه الدنيا وقرابها كمال قال سيدنا عمير لامير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكثيرون امثالهم من الفقراء واصحاب العوز الذين قضوا عمرهم كدا واكتسابا يخرجون في البكور مثل الطير خماصا ثم يعودون بطانا
كانت لامكدادة مجالس انسها وانديتها العامرة بالحكايين والرواة الذين لهم القدرة علي جذب المستمعين قديما وحسب الروايات فقد كانت هناك مساحات معروفة يتساجل فيها السمار ومن اشهرها مساحة ضخمة من ارض متمددة تبلغ اكثر من خمسة كيلو مترات مربعة في المنطقة الواقعة بين حلة ( زرافة ) المشهورة وهي حلة الشيخ ابكر توم شقيق الاستاذ محمد عمر النوم وكانت تطلق علي هذه المساحة اسم ( فضاية فرعون ) ولست ادري لماذا اطلق عليها هذا الاسم ولكن كنت مرة اتحدث مع الاخ المرحوم البروفيسور احمد الطيب زين العابدين وسالته عن سبب اطلاق هذه التسمية عليها فاكد لي انه قرأ حفريات كثير عن دارفور لكنه لم يجد لها مايفيد اويفسر هذه الظاهرة واكثر ظنه ان هذه التسمية موجودة في محفورات الخيال الشعبي لاهل امكدادة وقد عرفت تلك المساحة كمكان تقام فيه المناسبات والافراح وهي عبارة عن مسرح شعبي للعروض والمهرجانات التي كان الاهالي يقيمونها خاصة احتفالات ومهرجانات الحصاد خاصة في الليالي المقمرة وكنت قد سالت الاخ محمد الغالب احمد عبد المعطي وهو اول معلم يفتتح مدرسة زرافي الابتدائية سالته عن سر تسمية تلك المساحة بذلك الاسم وضمن ماقاله لي انه سمع من بعض كبار السن يحكون ان هذه المساحة ارتبطت في ذهن الاهالي بانها منطقة مسكونة يتحاشون المرور بها في الليالي المظلمة ومعظم احتفالات القرية كانت تقام في الليالي المقمرة فقط والتي تكون فيها الرؤية واضحة
وقال لي انه شاهد مجموعة من الاشخاص مصابين بعاهات مزمنة قيل انهم من ضحايا فضاية فرعون فقد كانوا يعانون من الكساح فيقال ان الجن قد هجم عليهم فحاولوا الهروب لكنهم لم ينجحوا فتكسحت اقدامهم وصاروا يحبون ومنذ تلك الفترة اصبحوا معاقين حركيا كذلك من الاندية التقليدية التي سهاهمت في تشكيل وصناعة الخيال الشعبي حديثًا بعض الفلوات والاركان المنتشرة داخل المدينة سيما وان رمال المدينة كنا في تلك السن الباكرة نتحاشي مجالس الكبار اللهم الا لماما في فترات تناول الوجبات في الضرا وكنا نسترق السمع الي احجة الكبار وقد اختزنت ذاكرتنا منها الكثير والتي عادة مانحاول اعادة انتجاها عندما نخلو الي بعضنا
المتمددة كانت هي التي تثير السكان تشكيل انديتهم ومجمعات انسهم وفي الليالي المقمرة يصبح كل شارع ومساحة وركن قبالة المسكن منتدي عامرا بالسمار والسجالا وحتي عند ظهور الاندية الحديثة ظلت هذه الاماكن والمنتديات محتفظة بحضورها وآلقها فروادها يشعرون بحميميتها وهي لا تتقيد بالضوابط والنظم واللوائح التي تتعامل بها الاندية ومن اشهر هذه الاندية الشعبية
( دبة البنزين ) واطلق الناس عليها اسم
( دبة المفالسة ) ويقال ان الذي اطلق عليها هذا الاسم هو جدنا مختار والد الاميرلاي احمد مختار وهو من اوائل الجنرالات في الجيش السوداني وجدنا مختار منزله يفتح علي ملعب الكرة في الجهةالغربية للميدان وكان غير راضيي عن وجود هذا الميدان بالقرب من منزله لكنه غُلب علي امره وفي مرات كثيرة عندما تسقط الكرة داخل منزله يحتجزها ويرفض تسليمها للاعبين ولو جاملهم واعطاهم لها فهي غير صالحة للعب او الاستعمال فقد كان رحمه مستاءاً من جلوس بعض المتفرجين بالقرب حوش منزله فقد عرفنا مؤخرا بانه كان ضد لعب الكرة ليس خوفا وحرصا علي بيته بل كان يعتقد ان اصل لعبة كرة القدم ماخوذة من المعركة التي قتل فيها سيدنا الحسين فقد قطع الاعداء راسه ولعبوا به وهذا الاعتقاد موجود في نصوص كثيرة من مؤلفات الفتنة الكبري عموما دبة البنزين سميت بهذا الاسم لانها تجاور مخزنا للوقود والبنزين في جامعة لمختلف الفئات العمرية واحيانا قد يصادف الرجل ابنه فيها بعضهم يمارس لعبة ( السيجة او الضالة ) ومن اشهر روادها
نواصل
ms.yaseen5@gmail.com
ماكنت احسب ان الاخ المهندس محمد موسي سيسمر في تحريضي واتفزازي لنقل تلك الذكريات من صدري وتدوينها في صحف منشرة ونسأل الله ان تكون مبروكة ومطهرة وتجمعنا مع الكرام البررة يوم تطوي السماء كطي السجل للكتب
تعتبر كتابة المذكرات من التجارب الحديثة في جنس الابداع العربي في عصرنا الحاضر وقد ظهر هذا النوع من الادب في منتصف القرن العشرين واصبحت لها ظيت واسع ورواج محتفي به في مجتمع القاريء العربي الذي الذي اصبح شغوفا لمتابعة سير واخبار اجيال تركت بصمتها في حياته العامة خاصة يوميات المشاهير والرواد الذين اثروا مجتمعاتهم بكل ماهو جميل اما القارئ السوداني فقد تميز بحبه وشغفه للحكايات والقصص الشعبية التي يرويها ويكتبها طلائع الاستنارة في بلادنا وزادت من تعلقه بالمذكرات هي ثقافة الحكي والمشافهه التي سمعها من مجالس الانس والسمر في الليالي المقمرة فالخيال الشعبي السوداني مترع بحكاوي الاسطرة والبطولة والخرافة وقد تابعنا في مسيرة طفولتنا حكايات وقصص جملت مجالسنا واكسبتنا مقدرة عظيمة علي التخيل وتصديق الكثير من المرويات رغم فقدانها للمصداقية الا انها مقبولة ومفهومة في اطار الرواية الشعبية الشفاهية التي لاتخلوا من المبالغة فالراوي يحكي للاجيال تجربته في الصيد والقنيص ويحكي لهم كيف كان يصطحب كلبه ومعه ادوات الصيد فيخرج باكرا متوكلا علي ربه ويقضي يوما كاملا في تلك الرحلة واحيانا يضطر الي المبيت في زمهرير الشتاء في انتظار فريسة يسوقها حظها العاثر الي ذلك الشرك فيعود الي اسرته بعد ان تكورت شمس المدينة وانكدرت نجومها يجر معه الدنيا وقرابها كمال قال سيدنا عمير لامير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكثيرون امثالهم من الفقراء واصحاب العوز الذين قضوا عمرهم كدا واكتسابا يخرجون في البكور مثل الطير خماصا ثم يعودون بطانا
كانت لامكدادة مجالس انسها وانديتها العامرة بالحكايين والرواة الذين لهم القدرة علي جذب المستمعين قديما وحسب الروايات فقد كانت هناك مساحات معروفة يتساجل فيها السمار ومن اشهرها مساحة ضخمة من ارض متمددة تبلغ اكثر من خمسة كيلو مترات مربعة في المنطقة الواقعة بين حلة ( زرافة ) المشهورة وهي حلة الشيخ ابكر توم شقيق الاستاذ محمد عمر النوم وكانت تطلق علي هذه المساحة اسم ( فضاية فرعون ) ولست ادري لماذا اطلق عليها هذا الاسم ولكن كنت مرة اتحدث مع الاخ المرحوم البروفيسور احمد الطيب زين العابدين وسالته عن سبب اطلاق هذه التسمية عليها فاكد لي انه قرأ حفريات كثير عن دارفور لكنه لم يجد لها مايفيد اويفسر هذه الظاهرة واكثر ظنه ان هذه التسمية موجودة في محفورات الخيال الشعبي لاهل امكدادة وقد عرفت تلك المساحة كمكان تقام فيه المناسبات والافراح وهي عبارة عن مسرح شعبي للعروض والمهرجانات التي كان الاهالي يقيمونها خاصة احتفالات ومهرجانات الحصاد خاصة في الليالي المقمرة وكنت قد سالت الاخ محمد الغالب احمد عبد المعطي وهو اول معلم يفتتح مدرسة زرافي الابتدائية سالته عن سر تسمية تلك المساحة بذلك الاسم وضمن ماقاله لي انه سمع من بعض كبار السن يحكون ان هذه المساحة ارتبطت في ذهن الاهالي بانها منطقة مسكونة يتحاشون المرور بها في الليالي المظلمة ومعظم احتفالات القرية كانت تقام في الليالي المقمرة فقط والتي تكون فيها الرؤية واضحة
وقال لي انه شاهد مجموعة من الاشخاص مصابين بعاهات مزمنة قيل انهم من ضحايا فضاية فرعون فقد كانوا يعانون من الكساح فيقال ان الجن قد هجم عليهم فحاولوا الهروب لكنهم لم ينجحوا فتكسحت اقدامهم وصاروا يحبون ومنذ تلك الفترة اصبحوا معاقين حركيا كذلك من الاندية التقليدية التي سهاهمت في تشكيل وصناعة الخيال الشعبي حديثًا بعض الفلوات والاركان المنتشرة داخل المدينة سيما وان رمال المدينة كنا في تلك السن الباكرة نتحاشي مجالس الكبار اللهم الا لماما في فترات تناول الوجبات في الضرا وكنا نسترق السمع الي احجة الكبار وقد اختزنت ذاكرتنا منها الكثير والتي عادة مانحاول اعادة انتجاها عندما نخلو الي بعضنا
المتمددة كانت هي التي تثير السكان تشكيل انديتهم ومجمعات انسهم وفي الليالي المقمرة يصبح كل شارع ومساحة وركن قبالة المسكن منتدي عامرا بالسمار والسجالا وحتي عند ظهور الاندية الحديثة ظلت هذه الاماكن والمنتديات محتفظة بحضورها وآلقها فروادها يشعرون بحميميتها وهي لا تتقيد بالضوابط والنظم واللوائح التي تتعامل بها الاندية ومن اشهر هذه الاندية الشعبية
( دبة البنزين ) واطلق الناس عليها اسم
( دبة المفالسة ) ويقال ان الذي اطلق عليها هذا الاسم هو جدنا مختار والد الاميرلاي احمد مختار وهو من اوائل الجنرالات في الجيش السوداني وجدنا مختار منزله يفتح علي ملعب الكرة في الجهةالغربية للميدان وكان غير راضيي عن وجود هذا الميدان بالقرب من منزله لكنه غُلب علي امره وفي مرات كثيرة عندما تسقط الكرة داخل منزله يحتجزها ويرفض تسليمها للاعبين ولو جاملهم واعطاهم لها فهي غير صالحة للعب او الاستعمال فقد كان رحمه مستاءاً من جلوس بعض المتفرجين بالقرب حوش منزله فقد عرفنا مؤخرا بانه كان ضد لعب الكرة ليس خوفا وحرصا علي بيته بل كان يعتقد ان اصل لعبة كرة القدم ماخوذة من المعركة التي قتل فيها سيدنا الحسين فقد قطع الاعداء راسه ولعبوا به وهذا الاعتقاد موجود في نصوص كثيرة من مؤلفات الفتنة الكبري عموما دبة البنزين سميت بهذا الاسم لانها تجاور مخزنا للوقود والبنزين في جامعة لمختلف الفئات العمرية واحيانا قد يصادف الرجل ابنه فيها بعضهم يمارس لعبة ( السيجة او الضالة ) ومن اشهر روادها
نواصل
ms.yaseen5@gmail.com