الميزان !
هيثم الفضل
20 March, 2023
20 March, 2023
haythamalfadl@gmail.com
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
قديماً ونحنُ في سن الصبا وبدايات ولوجنا عالم الرُشد والتفهُّم الأوَّلي للأفكار والوقائع عبر أبواب عديدة لتلقي الثقافة والمعرفة ، لم نكُن نتخيَّل أن مشاهير وعمالقة الفعل السياسي والوطني الذين سطَّروا مسيرتهم بأُحرفٍ من نور في سِجل التاريخ وحكايات من عايشوا الأحداث الوطنية الكُبرى كالإستقلال وثورة أكتوبر ، بشراً عاديين وطبيعيين مثلنا يأكلون ويشربون ويتجوَّلون في الأسواق ويفعلون ما يفعل العامة ، ذلك لفرط ما شهد التاريخ لهُم من مزايا أخلاقية ومهنية ، رفعت من مقامهم في أذهاننا وضمائرنا ، وقد ظللنا على ذلك الحال من الإعجاب بهم و(التمتُّع) بإحترامهم وتقدير دورهم ، حتى بعد أن شببنا عن الطوق وصارت لنا وجهات نظر سياسية ومشارب فكرية تختلف مع مناهجهم السياسية والآيدلوجية ، فرغم الإختلاف معهم في المواقف والتوجُّهات وأساليب معالجتهم للكثير من الأمور التي مضت وسجّلتها كتب التاريخ كإنجازات أو إخفاقات ، كُنا وما زلنا لا نُشكِّك في أخلاقياتهم ولا نتردَّد في نعتهم بكل ما هو سامي وشاهق من مباديء وقيِّم ، فأمثال إسماعيل الأزهري والإمام عبد الرحمن المهدي ومحمد أحمد المحجوب والإمام الصادق المهدي ومحمد إبراهيم نقد والشريف حسين الهندي وغيرهم من رواد العمل السياسي والعام كانوا دوماً فوق الشُبهات وإن إختلف الناس معهم في الفكر والمنهج والوسيلة ، ولم ولن يخطر على بال أحد أنهم كانوا من أجل منصب أو مكسب شخصي سيضحون في حياتهم المهنية والسياسية بالمباديء والقيِّم والأخلاقيات الإنسانية المُتفق عليها مثل الأمانة والوفاء للوطن والأمة والإلتزام بالمواثيق والعهود ودعم الإرادة الوطنية الجماهيرية أين وكيفما ما إتجهت وطلبت وتمَّنت.
أما واقع اليوم الذي نعيشهُ فيُشير بوضوح ، إلى أن مجموعة القيِّم والأخلاقيات الإنسانية والأعراف السودانية التليدة ، قد أُستبيحت وأدخلها بعض من يدَّعون الإنتماء إلى فئة السياسيين إلى سوق النخاسة المصلحية عبر أبواب عديدة ، جميعها إعتمدت (عدم خوف الله) و(عدم الوطنية) و(عدم الحياء من عامة الشعب) ، فأصبح بعض سياسيو اليوم لا يتردَّدون عن ممارسة الكذب وأوجُه الفساد المختلفة ، فضلاً عن تقديم الرشاوي أو تلقيها ، بالإضافة إلى التنصُّل عن العهود والمواثيق في سبيل الحصول على منصب يتيح لهم مجالاً (مُريحاً) للتكسُّب الشخصي من موارد الدولة ومال الشعب ، وأصبح بعض السياسيون اليوم والنماذج ماثلة ومحصورة ولا تحتاج إلى بيان بالوصف أو تعريف بالأسماء ، لا يتورَّعون عن المُجاهرة بطلب المناصب والمكاسب ومُحاصصة السلطة والثروة للمصالح الذاتية ، وتحت ستار عناوين وشعارات (زاهية وبرَّاقة) بعضها يستعطف ويحاور ويراوغ بإسم الدين ، وبعضٌ آخر يتستَّر خلف قيِّم إنسانية لا يختلف على دعمها الأسوياء ومن أمثلتها شعارات التهميش العنصري والثقافي والتنموي التي ترفع راياتها حركات الكفاح المًسلَّح على سبيل المثال ، ويظنون أن تلك الشعارات الرَّنانة قادرة على ستر (عورة) ما جسَّدوه من خيبات أمل وجراحات عاشتها الأمة السوداية منذ 1989 مروراً بـ 25 أكتوبر وإلى يومنا هذا ، لكن سيعلمون عاجلاً أم آجلاً أن هذا الشعب الجسور ما زال يحمل تقييماً وتقديراً (ساميا) ومُقدَّساً لتلك القيَّم والمبادي والأخلاقيات الإنسانية ، فضلاً عن أعرافهِ وموروثاته الثقافية السامية ، وأنها ستكون في نهاية الأمر بمثابة (الميزان) الذي سيحكُم به على ماضي وحاضر ومستقبل كل سياسي إنتهازي تورَّط أو حاول أن يتورَّط في المُتاجرة بأخلاقيات وقيم الشعب السوداني وموروثاته الأخلاقية في سبيل مكاسبة الذاتية والأسرية والحزبية.
صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
قديماً ونحنُ في سن الصبا وبدايات ولوجنا عالم الرُشد والتفهُّم الأوَّلي للأفكار والوقائع عبر أبواب عديدة لتلقي الثقافة والمعرفة ، لم نكُن نتخيَّل أن مشاهير وعمالقة الفعل السياسي والوطني الذين سطَّروا مسيرتهم بأُحرفٍ من نور في سِجل التاريخ وحكايات من عايشوا الأحداث الوطنية الكُبرى كالإستقلال وثورة أكتوبر ، بشراً عاديين وطبيعيين مثلنا يأكلون ويشربون ويتجوَّلون في الأسواق ويفعلون ما يفعل العامة ، ذلك لفرط ما شهد التاريخ لهُم من مزايا أخلاقية ومهنية ، رفعت من مقامهم في أذهاننا وضمائرنا ، وقد ظللنا على ذلك الحال من الإعجاب بهم و(التمتُّع) بإحترامهم وتقدير دورهم ، حتى بعد أن شببنا عن الطوق وصارت لنا وجهات نظر سياسية ومشارب فكرية تختلف مع مناهجهم السياسية والآيدلوجية ، فرغم الإختلاف معهم في المواقف والتوجُّهات وأساليب معالجتهم للكثير من الأمور التي مضت وسجّلتها كتب التاريخ كإنجازات أو إخفاقات ، كُنا وما زلنا لا نُشكِّك في أخلاقياتهم ولا نتردَّد في نعتهم بكل ما هو سامي وشاهق من مباديء وقيِّم ، فأمثال إسماعيل الأزهري والإمام عبد الرحمن المهدي ومحمد أحمد المحجوب والإمام الصادق المهدي ومحمد إبراهيم نقد والشريف حسين الهندي وغيرهم من رواد العمل السياسي والعام كانوا دوماً فوق الشُبهات وإن إختلف الناس معهم في الفكر والمنهج والوسيلة ، ولم ولن يخطر على بال أحد أنهم كانوا من أجل منصب أو مكسب شخصي سيضحون في حياتهم المهنية والسياسية بالمباديء والقيِّم والأخلاقيات الإنسانية المُتفق عليها مثل الأمانة والوفاء للوطن والأمة والإلتزام بالمواثيق والعهود ودعم الإرادة الوطنية الجماهيرية أين وكيفما ما إتجهت وطلبت وتمَّنت.
أما واقع اليوم الذي نعيشهُ فيُشير بوضوح ، إلى أن مجموعة القيِّم والأخلاقيات الإنسانية والأعراف السودانية التليدة ، قد أُستبيحت وأدخلها بعض من يدَّعون الإنتماء إلى فئة السياسيين إلى سوق النخاسة المصلحية عبر أبواب عديدة ، جميعها إعتمدت (عدم خوف الله) و(عدم الوطنية) و(عدم الحياء من عامة الشعب) ، فأصبح بعض سياسيو اليوم لا يتردَّدون عن ممارسة الكذب وأوجُه الفساد المختلفة ، فضلاً عن تقديم الرشاوي أو تلقيها ، بالإضافة إلى التنصُّل عن العهود والمواثيق في سبيل الحصول على منصب يتيح لهم مجالاً (مُريحاً) للتكسُّب الشخصي من موارد الدولة ومال الشعب ، وأصبح بعض السياسيون اليوم والنماذج ماثلة ومحصورة ولا تحتاج إلى بيان بالوصف أو تعريف بالأسماء ، لا يتورَّعون عن المُجاهرة بطلب المناصب والمكاسب ومُحاصصة السلطة والثروة للمصالح الذاتية ، وتحت ستار عناوين وشعارات (زاهية وبرَّاقة) بعضها يستعطف ويحاور ويراوغ بإسم الدين ، وبعضٌ آخر يتستَّر خلف قيِّم إنسانية لا يختلف على دعمها الأسوياء ومن أمثلتها شعارات التهميش العنصري والثقافي والتنموي التي ترفع راياتها حركات الكفاح المًسلَّح على سبيل المثال ، ويظنون أن تلك الشعارات الرَّنانة قادرة على ستر (عورة) ما جسَّدوه من خيبات أمل وجراحات عاشتها الأمة السوداية منذ 1989 مروراً بـ 25 أكتوبر وإلى يومنا هذا ، لكن سيعلمون عاجلاً أم آجلاً أن هذا الشعب الجسور ما زال يحمل تقييماً وتقديراً (ساميا) ومُقدَّساً لتلك القيَّم والمبادي والأخلاقيات الإنسانية ، فضلاً عن أعرافهِ وموروثاته الثقافية السامية ، وأنها ستكون في نهاية الأمر بمثابة (الميزان) الذي سيحكُم به على ماضي وحاضر ومستقبل كل سياسي إنتهازي تورَّط أو حاول أن يتورَّط في المُتاجرة بأخلاقيات وقيم الشعب السوداني وموروثاته الأخلاقية في سبيل مكاسبة الذاتية والأسرية والحزبية.