الناس.. السفلي..!!

 


 

 

حديث المدينة

عثمان ميرغني
كُتب في: 2009-03-13
 
osman.mirghani@yahoo.com 
 قبل عدة سنوات.. كنت في حاجة ماسة لبعض المعلومات الرسمية لكتابة مقال مهم.. اتصلت بكل أدب بالجهة الرسمية.. بأدب طلبوا مني أن أحضر لهم خطابا رسميا من الصحيفة.. بأدب أكثر من أدبهم أحضرته لهم.. بعد يوم او اثنين طلبوا مني بأدب أن اذهب لمقابلة موظف مهم في الوزارة بعد أن تم تخويله رسميا بالإجابة على اسئلتي ومدي بالمعلومات المطلوبة..
اتصلت هاتفيا بالموظف المهم.. طلب مني أن اتصل بسكرتيرته لتحديد موعد للحضور الى مكتبه.. الذي كان يبعد عن مكتبي مائة متر فقط لا غير.. السكرتيره حددت لي موعدا بعد اسبوع كامل.. بكل أدب واحترام وافقت وانتظرت الاسبوع كاملا..
ولأن الموظف المهم.. من فرط اهميته أعطتني سكرتيرته الموعد بالدقيقة والثانية.. فقد كنت في غاية الحزم والصرامة وأنا أدخل الى مكتبه في الموعد المحدد بالدقيقة والثانية.. بالطبع بعد اسبوع كامل من الانتظار..
السكرتيرهة.. التي كانت تتحدث في دردشة هاتفية.. واصلت محادثتها قليلا الى أن احست ببعض الحرج من وقوفي امامها.. فأغمضت عين سماعة الهاتف بيسراها وبكل برود قالت لي انه خرج قبل قليل.. قلت لها والموعد الذي انتظرته اسبوعا كاملا.. ردت بعفوية.. لكنه خرج..!!
رجعت الى مكتبي.. بعد عدة ساعات اتصل بي الموظف المهم هاتفيا.. وقدم لي عذره المعًّلب.. عرض على أن نحدد موعدا آخر.. شكرته واعتذرت له..
مباشرة اتجهت الى الأبواب الأخرى.. فاعلو الخير الذين لا يتطلب الاتصال بهم تحديد موعد ولا الوقوف أمام مكاتب السكرتيرات.. (الناس التحت).. بصراحة هالتني كمية المعلومات التي حصلت عليها.. خدمة التوصيل حتى المكتب.. Door to Door.. وأحيانا مع المعلومات المطلوبة اخرى هدية.. على نسق اطلب معلومة نعطيك الثانية مجانا..
داعبت أحدهم بعد ان شرحت له حكاية الخطاب الرسمي ومواعيد الموظف الكبير والسكرتيرة ثم الخروج بلاشيء.. رد علي بعفوية:
-(لكن يا استاذ انت الغلطان..)
فاجأني التعليق.. واصل حديثه:
(سعادتو..) يقصد الموظف المهم (مشغول.. وليس لديه وقت.. وبصراحة..) ونظر الى متمعنا ورد علي (بصراحة حتى لو عندو الوقت.. هو ما عندو المعلومة..) الاجابة أذهلتني.. لكنه قدم الشرح (نحن الصغار ديل.. عندنا الوقت.. وعندنا المعلومات.. ما تضيعوا زمنكم.. ولا زمن الكبار..)
ومن يومها فعلا سمعت النصيحة.. صرت لا أضيع زمن الكبار.. عندما أحتاج الى معلومات.. لا أكتب خطابا من الصحيفة.. ولا أذهب الى مكتب إدارة (الإيلام!!).. ولا أضيع زمن الكبار وسكرتيراتهم.. فاعلوا الخير يقدمون كل شيء بأعجل ما تيسر.. وبكل سعادة.. أطلقت عليهم من عندي (السُفُلي).. كالجن في سرعة استجابتهم للمطلوب.
http://hadithalmadina.blogspot.com
 

 

آراء