الناظر ترك والمعايير المزدوجة وموضوع اغلاق الطرق والموانئ وغيرها

 


 

 

عندما يكيل أقوام بمكيالين، ويَزِنُون بميزانين، فإنهم ولا شك داخلون تحت صنف (المطففين)، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالُهم أو وزنوهم يُخسرون.
عزيزي القارئ..
عندما أغلق مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة لشرق السودان موانئ ولاية البحر الأحمر وطريق الخرطوم بورتسودان وخط السكة الحديدية، احتجاجا على ما يقول إنه تهميش تنموي تعاني منه المناطق الشرقية. لم نصف هذه الخطوة (بالخيانة والمؤامرة)، على غرار كثير من الكًتاب الذين تناولوا هذا الموضوع بشئ من التشنج والانفعال السياسي، كونها حسب مزاعمهم، تستهدف أولاً، الشق المدني من الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك. بل قلنا في مقالاتنا لنا عن الموضوع، ان قضية شرق السودان ليست فقط تنموية ومطلبية، انما في الأساس، سياسية تتطلب حلولاً جذرياً وليس حلولاً ترقعية مؤقتة.
إذن، لم ندن اغلاق حراك الشرق للطرق والموانئ، ولم نصف الناظر ترك (بالفلول والكوز)، وقلنا، ليعاني المركز جراء الإغلاق، كما عانى أهل الشرق جراء اهمال المركز لقضيتهم ومشاكلهم منذ الاستقلال المزعوم..
تمر الليالي والأيام، ويلجأ أهل الشمالية ولجان المقاومة الشعبية في العاصمة المثلثة، إلى تطبيق نفس سياسة أهل شرق السودان لتحقيق مطالبهم، وذلك بإغلاق الطرقات والجسور كوسيلة من وسائل المقاومة السلمية لمواجهة عنف الانقلابيين وارهابهم.
والجدير بالذكر، هو ان الشمالية ايدت الناطر ترك، قائد حراك الشرق حتى تم تلبية مطلب من مطالبه، وذلك بالغاء "مسار الشرق". لكن الغريب في الأمر هنا هو ان، الناظر ترك لم يؤيد مطالب أهالي الشمالية، بل اعتبر الإغلاق للشوارع والمتاريس لإسقاط الحكومة فيه مهدد كبير جداً من المهددات الأمنية.
وأضاف “إنت مثلاً داير تشيل الحكومة الحالية في طرف آخر لا يريد إسقاط الحكومة”، ودعا القوى السياسية ولجان المقاومة، وكل الحادبين على مصلحة البلاد إلى مراجعة هذه المواقف، وقال “لأننا نرى أن الإغلاق إذا استمر في المدن ولو أدى إلى إيقاف الشغل الذي يمضي في شرق السودان وأصبح عائقا في مسألة المحادثات التي تُجرى بيننا وبين الحكومة، فأنا افتكر أن الشرق سيعود ثانياً إلى الانغلاق.
إذن، وبهذا الموقف السلبي من اغلاق اهل الشمال للطرق والشوارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة، يكيل الناظر ترك، الأمور بمكيالين لصالح القوى الانقلابية التي تحصد في كل تظاهرة شعبية، ارواحا شبابية طاهرة شريفة حرة..
وبهذا الموقف أيضا، اصبح الناظر ترك في نظر لجان المقاومة والقوى الثورية الحية، منبطحا ومنكشحا أمام البرهان وحميدتاه.. ولكن ما هو الانبطاح يا ترى!!
الانبطاح في مفهومه الصحيح من الناحية السياسية.. هو الزحف على الأرض للوصول إلى أقدام السادة وتقبيلها وطلب الصفح والعفو وشيئا من المال والسلطة وولخ!!
أن تكون انبطاحيا في سودان البرهان وحميدتاه..
يعني أن تكون مسلوب الارادة تماما..
يعني أن تكون مستمعا جيدا لشروط يمليها "البرهان حميرتي".. وما هي يا ترى تلك الأوامر والشروط؟؟؟؟؟؟؟؟
أولا : تكريس سياسة الأمر الواقع (الانقلاب)..
ثانيا: الاعتراف بالبرهان رئيسا وحميرتي نائبا له..
ثالثا: شيطنة لجان المقاومة والقوى الثورية الحية..
رابعا: شيطنة القوى السياسية التي كانت شريكة للعسكر جنجويد وفق الوثيقة الدستورية الممزقة..
وهنا عزيزي القارئ ..نتسأل!! هل يوجد انبطاحا أكثر من هذا حين يردد قائد حراك شرق السودان ما يقوله الانقلابيين؟
لأهل شمال السودان حقوقا مشروعة، كما لأهل شرق السودان، ودارفور، وجبال النوبة، والنيل الأزرق، إذ ان التهميش والاستبعاد الاجتماعي الذي يعني منع الأفراد وتحريمهم من الوصول الكامل إلى مختلف الحقوق والفرص والموارد المتاحة، هو السمة المشتركة بينهم. ولطالما هذا هو الواقع في المناطق المذكورة، فكان يفترض على قائد حراك الشرق/ الناظر ترك، الوقوف مع هؤلاء المظلومين للوصول الى تحقيق مطالبهم المشروعة بكل الطرق والوسائل لا الوقوف مع الانقلابيين الذين لا همّ لهم سوى حكم السودان ولو على جثث الشباب والكنداكات.
في الختام.. نستطيع القول إن حل مشاكل السودان، لا يكمن في تجزئتها، فالتجزئة لهذه المشاكل لا تزيدها إلآ تعقيدا وتأزيما، بل يجب حل هذه المشاكل حلا جذريا شاملا لا يستثني أي منطقة من مناطق السودان. أما القيادات السودانية الخائبة الغارقة في مأزق الانقلاب، وهي تنتظر الأوامر والتعليمات من البرهان وحميدتاه، عليها ان تعرف بان لجان المقاومة السودانية السلمية التي انتزعت الاعجاب والثقة من المجتمع الدولي بسلميتها ونجاحها الکبير في قيادة نضال الشعب السوداني من أجل الحرية والتغيير منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، ستمضي قدما دون خوف من الآلة العسكرية للانقلابيين في هزيمة الانقلاب واحداث التغيير المطلوب، ولتحتل القيادات المتآمرة مع الانقلابيين، مقاعدها في مزبلة التأريخ.

bresh2@msn.com

 

آراء