النقابات: خروج من وحل الجهالة !!
سمعت قبل أيام كلاماً عن النقابات في السودان من مبدعين اثنين (ممثل ومُخرج) حجبت الضوء عنهم وعلى كثيرين مثلهم الإنقاذ (مقطوعة الطاري) صاحبة المنظومة الأعلى في الجهالة و(الريالة التي تسيل بين الأشداق) كلما خطبوا في الناس أو اجتمعوا في لقاء أو تحدثوا للقنوات.. وقد أتاحت لهم منابر الخطابة والقنوات التلفزيونية جميعها و(تلفزيون السودان القومي على رأسها) معرضاً للجهالة ينعقد كل يوم لينشر الجهل السياسي الديني والاجتماعي ويقيم مهرجانات الشتائم والإقذاع وساقط القول والناس يتفرجون على هذا السيرك بعد أن قفلت القنوات التلفزيونية جميعها شاشاتها (بالضبة والمفتاح) على السودانيين الآخرين فاختفي صوت العلم والمعرفة والإبداع والاستنارة.. ونشط المهرِّجون من كل حدب وصوب ومن كل فجٍّ عميق.. وليقل لي أي أحد من الناس: هل استطاع أن يخرج بكلمة واحدة أو جملة مفيدة من كلامات وأنشطة الإنقاذ وأهلها منذ أن جاءت للسودان وجلست على ظهره لمدى ثلاثين عاماً..؟!!
لم يكن ذلك غريباً.. فقد احتكرت الإنقاذ منذ يومها الأول و(من قولة تيت) كل الإذاعات والقنوات ووكالة الأنباء الرسمية و(الحزبية) والصحف والمراكز الإعلامية وحظرتها على الآخرين وهي من أموال الشعب أو من (الأموال المسروقة من الشعب) وأنظر كيف تنوّعت مِلكية القنوات والصحف بين أباطرة وجهلاء الإنقاذ؛ ويقولون لك إن هذه القناة ملك فلان الفلاني وما هي إلا من أموال الدولة التي استولى عليها الحزب الإجرامي ودشّنها باسم أحد تابعيه و(دلاديله) أو لواحد من الذين جعلوا منهم رجال إعمال ومليونيرات ومليارديرات (بالعافية) فلم نعرف لهم تجارة ولا صناعة ولا زراعة.. ولم نعرف لهم ورثة من آبائهم ..إنما كانوا قبل الثلاثين من "نكد يونيو" ... (يا مولاي كما خلقتني)...!
ومازال غالب الإعلام على حاله حتى بعد ثورة ديسمبر المجيدة وبعضهم يحاول إحياء الرمم المحطوطبة اليابسة وإنعاش العظام المتكلِّسة.. (وسبحان مَنْ يحيي العظام وهي رميم)..! انظر إلى القنوات التلفزيونية حتى ترى مَنْ هم ضيوفها ومقدمي برامجها، وأنظر كيف تتحايل بعضها وتأتي بـ(أصحاب الوجوه العكرة) لتجعل منهم محللين استراتيجيين وطنيين وهم حتى الأمس كانوا ممن يسبحون بحمد الإنقاذ ويهللون لقتل الناس في الشوارع والميادين ويباركون التهجم على البيوت وضرب الأطفال والنساء..!
نعود لحديث الرجلين المستنيرين فقد كان حديثهم يكشف عن الوعي الثوري الجديد، والرصانة والمعرفة والمهنية العالية وهما يلقنان القنوات والإنقاذ درساً في معاني الحرية النقابية، ويشرحان أبعاد الخراب الذي عاثت به الإنقاذ فساداً عندما دمّرت النقابات وجاءت بالإفك الذي أطلقت عليه (نقابة المنشأة) من أجل تحطيم حركة المجتمع المدني والمهني وتحويل النقابات والاتحادات المهنية إلى بؤر موبوءة بالفساد و(الأرزقية) وإلى (هتيفة للإنقاذ) يسايرونها في عوجها وضلالها وباطلها...!
لقد أوشكت هذه المساحة أن تضيق ولم نتكلم عن ضرورة أعادت النقابات إلى جمعياتها العمومية وإلى واجباتها المهنية والوطنية الحقيقية وانتزاعها من (الضلالية) الذين استولوا عليها، وتصحيح مسارها بعد أن أفسدتها الإنقاذ وجعلت أدعياء البروفيسورية يجلسون على رأس نقابات عمال الشحن، و(أطباء الأسنان) يحتلون بكل جرأة مقعد رئاسة الاتحاد العام لنقابات عمال السودان..!! لا أعاد الله الإنقاذ وأيامهم الكالحة...!
murtadamore@yahoo.com