الهجوم على الحزب الشيوعي مقدمة لمصادرة الديمقراطية (1)
تاج السر عثمان بابو
12 July, 2021
12 July, 2021
1
تقديم:
منذ تأسيس الحزب الشيوعي كان الهجوم والافتراء كذبا عليه مقدمة لمصادرة الديمقراطية ، كما حدث في فترات الحكم الاستعماري وديكتاتورية عبود ، ومؤامرة حل الحزب بعد ثورة أكتوبر 1964، وديكتاتورية السفاح نميري الذي ارتكب جرائم مجازر الشجرة والتشريد والاعتقالات الواسعة بعد انقلاب 22 يوليو الدموي 1971، ونظام الجبهة الاسلاموية الفاشي الدموي الذي مارس ابشع درجات القمع والتعذيب والقتل العمد والتشريد من العمل ضد الشيوعيين.
لكن فشلت كل تلك المؤامرات وذهبت ريح الاستعمار بعد ثورة الاستقلال 1956، ونظام عبود بعد ثورة أكتوبر 1964 ، والنميري بعد انتفاضة أبريل 1985، والبشير بعد ثورة ديسمبر 2018 ، وبقي الحزب الشيوعي شامخا شموخ جبال مرة والتاكا ، يواصل نضاله دفاعا عن الكادحين وانجاز مهام الفترة الانتقالية المتشابكة في مستوياتها العليا مع مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.
بعد ثورة ديسمبر استمر الهجوم علي الحزب وقيادته والأفتراء عليه كذبا بهدف تكريس "الهبوط الناعم " الذي ينسف الفترة الانتقالية ،ويعيد سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية وتهديد وحدة البلاد، و اجهاض الفترة الانتقالية بانتخابات مبكرة أو انقلاب عسكري ، كما حدث بعد ثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة أبريل 1985، مثل أكاذيب "الكيزان" وأعداء الحزب حول "حكومة الشيوعيين"، و"اسقاط الحكومة" يعني اسقاط الفترة الانتقالية، و"الشيوعيون بطرحهم اسقاط الحكومة يركبون في سرج واحد مع المؤتمر الوطني" ، علما بأن المؤتمر الوطني ما زال يهيمن علي كل مفاصل السلطة والدولة بعد انقلاب لجنته الأمنية الذي قطع الطريق أمام الثورة، وكرّس استمرار التمكين، فضلا عن أن خلافه مع "شراكة الدم " شكلي حول من يحكم لينفذ شروط صندوق النقد الدولي التي افقرت الشعب السوداني، وقمع الجماهير والتفريط في السيادة الوطنية والاستمرار في الحلول الجزئية التي تهدد وحدة البلاد كما فعلوا في انفصال الجنوب، فاسقاط "شراكة الدم" يعني اسقاط النسخة الثانية من الانقاذ ، واستكمال الثورة بتفكيك التمكين واسترداد الأموال المنهوبة، ومحاسبة ومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب وضد الانسانية ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية والقصاص للشهداء ، واسترداد الثورة وانجاز مهامها.
2
فيما يلي الوثيقة التي قدمتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي للاضافة والتعديل بعنوان " السودان الأزمة وطريق استرداد الثورة والميثاق" لقوي الثورة والحادبين عليها.
حددت "الوثيقة" طبيعة الأزمة بعد انقلاب اللجنة الأمنية، ودروس التجربة، و البرنامج البديل بعد" اسقاط شراكة الدم"، وقوي الثورة بعد الاصطفاف الجديد ، والأداة لاسقاط السلطة ، ومواصلة النضال لانجاز مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني
وثيقة .. السودان الأزمة وطريق استرداد الثورة
تمر بلادنا بظروف سياسية واجتماعية واقتصادية بالغة التعقيد كنتيجة منطقية لعدم اكتمال ثورة ديسمبر وعدم تحقيق أهدافها الأساسية التي شاركت الجماهير العريضة من أبناء وبنات شعبنا بكافة فئاتها وبكل انتماءاتها السياسية ومن مختلف أرجاء البلاد في صياغة مضامينها وأهدافها، عبر النضال الجسور الذي خاضته لمدة طويلة من أجل تحقيق أهدافها، ودفعت فيه ثمن تضحياتها دماءً عزيزة وثم تعرضت لانتهاكات جسيمة، هذه الجماهير كانت تتوق لأن تحقق أهداف وشعارات واسعة تمكنها من مفارقة المسار السياسي الاقتصادي الاجتماعي القديم، وفتح الطريق لاستكمال الثورة الوطنية الديمقراطية وفك حصار التبعية لدوائر رأس المال العالمي وإدارة موارد البلاد وثرواتها وتوظيفها للارتقاء بحياة شعبنا وتوفير الرفاه له والتعاون وتبادل المنافع مع شعوب العالم والتعامل معها بندية ومع ذلك لم ينجح حراكها وصمودها في خط المواجهة مع الانقلابيين الجدد، إلا في الإطاحة برأس النظام البائد ونتج ذلك لحد كبير عن التحول الجذري في مواقف بعض القوى المنتسبة لقوى الحرية والتغيير والتي اتضح من خلال تجربتها في الحكم موقفها المضاد لتطور الثورة لمراقيها المنطقية بإكمال دورة صراع القوى التي قادت التغيير ضد مشروع الطفيلية الإسلاموية وممثليها داخل الحركة الإسلامية وخارجها، ونجدها بدلاً عن ذلك قادت البلاد للردة الشاملة وتحولت إلى بوق يعبر عن الانقلاب العسكري الذي قطع الطريق أمام تقدم الثورة وتحقيق شعاراتها وتواطأت معه بشكل مكشوف في مواجهة القوى الحقيقية التي دعت للتغيير وقادت حراك ثورة ديسمبر المجيدة وبرز خلال ذلك الانقسام الطبقي والاجتماعي بين تيار الهبوط الناعم وبين قوى الثورة في إدارة الدولة وأجهزتها المختلفة لتنفيذ أهداف وشعارات الثورة التي لا يمكن اكتمال بنائها دون التمثيل الواسع لقواها الحية والحقيقية في أجهزة الحكم. وفي المقابل سعت قوى الردة لتمرير مشروعها المعادي لجماهير الثورة مستعينة بدعم ومساندة دول ومحاور إقليمية ودولية وتدخلات صريحة ومباشرة من أجهزة استخباراتها. ونجح تيار الهبوط الناعم من خلالها في تحقيق نجاحات مؤقتة مكنته من قلب موازين القوى داخل قوى الحرية والتغيير، وأدى لتبني مشروعها الذي لا يلبي تطلعات الجماهير ولا يواكب المتغيرات في الساحة السودانية على مستوى تنظيمات الجماهير وتبني سياسات النظام البائد المعبرة عن مصالح الرأسمالية الطفيلية في مواقعها المختلفة والتي تسعى لتكريس هيمنة دول ومحاور بعينها على موارد البلاد وتوجيه قرارات حكومتها لخدمة أجندتها. مستفيدة من مواقف الهبوط الناعم وانفراد مكوناته مع حلفائه في المؤسسة العسكرية، بالسلطة وبالتالي الهيمنة على القرارات السياسية والسيادية خلال فترة الانتقال مما أتاح التمدد السلس لأشكال مختلفة من الوجود الإمبريالي وتأثير أجندته الاستعمارية في مختلف المجالات وعلى رأسها الموارد، وقد مهد لذلك اعتماد السياسات الاقتصادية لحكومة الفترة الانتقالية على المنح والهبات والتبرعات والودائع ولحد الاستدانة والخضوع لسياسات المؤسسات التقليدية لرأس المال العالمي (صندوق النقد والبنك الدوليين) بالشراكة مع الدول والمحاور ذات الأطماع في موارد ثروات البلاد وخير مثال لذلك الاستجابة السريعة لحكومة الفترة الانتقالية لضغوط هذه التكتلات المالية والمبادرة باتخاذ التدابير الأكثر ضرراً ببنية ووجهة تطور الاقتصاد السوداني، وذلك باعتماد سياسات هيكلته وفق مشيئة تلك المؤسسات واتباع منهج تحرير الأسعار ورفع الدعم عن السلع الضرورية وتعويم العملة الوطنية وإبعاد دور الدولة في مجال الخدمات الضرورية بما في ذلك الصحة والتعليم وإصحاح البيئة. وغيرها، ويمتد الارتهان لمشيئة تلك الدول والمؤسسات ليشمل تنفيذ أجندتها حول الاتجار بالبشر وأوضح نموذج لذلك هو الارتزاق في حرب اليمن وليبيا، وكذلك خرق سيادة البلاد والتفريط في الأراضي وقبول تدخلات الدول والمحاور في القرارات والتسويات المتعلقة بها (الفشقة وحلايب وشلاتين والاستثمارات الزراعية الأجنبية التي اقتطعت مساحات شاسعة من الأراضي السودانية لفترات طويلة) ويمثل ذلك انتهاكاً خطيراً لقوانين الأرض السائدة لعشرات السنين، وقد أصبح معلوماً لشعبنا بالتجربة فشل السياسات الاقتصادية التي تغض الطرف عن الحلول الوطنية لمعالجة أزمات الاقتصاد اعتماداً على الموارد التي تمتلئ بها أرض السودان وسهوله وموارده المائية الغنية، وعبرت عنها، أي الحلول الوطنية، نتائج المؤتمر الاقتصادي، كما عبرت عنها شعارات وأهازيج الثورة ومطالب الثوار وظلت حكومة الفترة الانتقالية تتجاهل هذه الحلول وتعول بشكل جذري على الحلول الأجنبية وتسعى لمواصلة سياسات النظام البائد في عقد الاجتماعات وورش العمل والمؤتمرات السرية التي تهدف لبيع الموارد الوطنية مقابل الديون والتمويل بالاستدانة من النظام المصرفي العالمي، بل ومن بعض الدول حتى الفقيرة منها واتصلت هذه المساعي خلال فترة الانتقال بدءاً من الاجتماعات السرية حول التطبيع مروراً باجتماع برلين حول الديون والإلحاح في طلب الودائع والدعم المذل من دول الخليج العربي انتهاءً بمؤتمر باريس، وعموماَ أصبحت البلاد وحكومتها عرضة لكل الاحتمالات التي تلبي الأجندة والمصالح الأجنبية دون أن تعنى بمصالح واحتياجات مواطنيها، وامتد تأثير الأجندات الأجنبية للعمل المباشر لضرب وحدة قوى الثورة والتمهيد لهزيمة أهدافها ومضامين ثورتها، يحدث كل ذلك بالتواطؤ مع قوى الهبوط الناعم الذي وطد تحالفه بالرجعية العسكرية والاجتماعية وربط مصالحه بمصالح دول ومحاور بالمنطقة وقد أدت هذه المواقف الخائرة لهذا التحالف المعادي للثورة السودانية إلى إفساح المجال وفتح الطريق أمام قادة الانقلاب لالتقاط انفاسهم والعمل على تشكيل القاعدة الاجتماعية لحكمهم، من فلول النظام البائد ورموز الحركة الإسلاموية واختراق القطاع التقليدي عبر الوجوه المتكررة للإدارات الأهلية، ومحاولة شرعنتها بطرح قانون الإدارة الأهلية واقتراح قانون غير ديمقراطي للحكم المحلي إضافة للاستقطاب وسط الحركات المسلحة في أعقاب سلام جوبا المرسوم بعناية لدعم سلطة الانقلاب وإقصاء قوى الثورة من دائرة التأثير في القرار السياسي والسيادي والتمهيد لتمرير مشروع استعماري جديد يؤدي لفتح حدود البلاد بالكامل واستباحة أراضيها وانتهاك سيادتها لصالح دول ومحاور بعينها مما أتاح لها فرصة التحكم في مواقف السودان عبر وكلائها بمجلسي السيادة و الوزراء ومجلس الشركاء الذي لا يتمتع بأدنى شرعية وفقاً لوثيقة التأسيس وما تم الاتفاق عليه في الوثيقة السياسية برغم عدم اعترافنا بتلك الوثائق المعيبة.
• القوى المضادة للثورة:
هي القوى المرتبطة بقوى ومجموعة مصالح خارجية والتي قامت بتدمير القوى المنتجة وخضعت تماماً لمآلات التوازن الإقليمي والدولي وفرطت في سيادة الوطن ووحدته وأمنه وأراضيه، وشرعت في بناء تحالفاتها مع بداية أزمة نظام الحركة الإسلامية بطرح مشروع التسوية الموصوف "بالهبوط الناعم"، برعاية إقليمية ودولية ويهدف إلى توسيع قاعدة النظام بضم القوى المعارضة التي تنسجم مصالحها مع مصالح الرأسمالية الطفيلية وفرضها على الفترة الانتقالية للمحافظة على تبعية النظام غير المباشرة وقيامه بدور الوكيل لمصالح الدوائر الإقليمية، تلك القوى التحقت بالثورة عند تصاعد المد الجماهيري ووقعت على وثيقة إعلان الحرية والتغيير تحت ضغط قواعدها وجماهيرها في اللحظة التى بدأ فيها وضوح معالم الثورة واضطرت لاعتماد إعادة هيكلة السودان وإعلان الحرية والتغيير برنامجاً للفترة الانتقالية ووقعت أيضاً على الإعلان الدستوري المؤقت المقدم من قوى الإجماع لحكم المرحلة الانتقالية وكانت هذه أولى حلقات التآمر على الثورة.
• قوى الثورة ومواثيقها:
هي القوى صاحبة المصلحة في التغيير والتي تدرك قدرة الشعب على الصمود في جبهة المقاومة للسياسات المعادية لأهدافه ومطالبه سواءً صدرت من الحركة الإسلامية صاحبة المشروع أو من حلفائها الجدد المؤمنين بذات المشروع الذي رفضته ثورة شعبنا في ديسمبر 2018 وهى بلا شك تمتلك مخزوناً لا ينضب من القوة بأكثر مما يمتلك النظام وقواه الاجتماعية وما يمارس من احتكار لآلة العنف والقمع ولا يمنع ذلك أهمية تقييم تلك القوى وفقاً لقوانين توازناتها الاجتماعية والسياسية وأيضاً وفقاً لمجرى الصراع والذي يشهد بتجدد الطاقة الثورية لشعبنا واستعداده لبذل المزيد من التضحيات في سبيل تحقيق أهدافه الأساسية حول الحرية والسلام والعدالة بالصمود والإصرار على إبقاء جذوة الثورة حية والاستمرار في المقاومة وقد تمثل هذا الفعل الثوري في محطات كثيرة لن يكون أخرها ما حدث في المواكب الباسلة لإحياء الذكرى الثانية لفض الاعتصام والشاهد احتشاد الطاقات والهمم لإنجاح وتسيير مواكب يونيو القادم.
• مراحل الثورة وما لازمها من عثرات وأخطاء:
الثابت أن مجموعة الهبوط الناعم كانت قد اضطرت للتوقيع على وثيقة قوى إعلان الحرية والتغيير تحت ضغط قواعدها وجماهيرها في اللحظة التي بدأت فيها معالم الثورة تتضح، واضطرت أيضاً لاعتماد ميثاق إعادة هيكلة السودان وإعلان الحرية والتغيير برنامجاً للفترة الانتقالية التي أتفق على أن تكون أربع سنوات ثم تم التوقيع على الإعلان الدستوري المؤقت والمقدم من قوى الإجماع الوطني لحكم المرحلة الانتقالية وتمت أيضاً الموافقة على وثيقة نقل السلطة من النظام البائد إلى قوى الحرية والتغيير ووثيقة هيكلة ومستويات الحكم في المرحلة الانتقالية وبذلك كانت القوى السياسية على أهبة الاستعداد لاستلام السلطة وفقاً لهذه المواثيق والمضي قدماً في طريق التغيير الجذري وتحقيق شعارات الثورة، ولكن المجلس العسكري الذي مثل الوجه الجديد للجنة الأمنية برز في الساحة السياسية كحام لمصالح القاعدة الاجتماعية للنظام المباد وحلفائها من الطفيليين الجدد وتم تدخل سافر من دول المحور العربي الإسلامي (الأمارات، السعودية، مصر) لمنع المضي نحو التغيير الجذري، وفي ظل التناقضات العميقة التي برزت بين قوى التغيير حول مضمونه ومداه، جرت العديد من الاتصالات المشبوهة والاجتماعات في الخفاء مع بعض قيادات قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين ومنظمات المجتمع المدني وأصبح من الواضح جداً أن هناك ما يحاك سراً لفرض مشاركة المجلس العسكري في السلطة وحصوله على قيادة المرحلة الانتقالية وتوالت الرحلات ما بين عواصم دول المحور ودولة إثيوبيا ونفذت مذبحة فض الاعتصام بهدف إرهاب الشعب ولجم حراكه الباسل في وجهة ترسيخ أسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتواصلت حلقات التأمر بتوقيع الوثيقة الدستورية المعيبة وخروج الجبهة الثورية من تحالف قوى الحرية والتغيير تمهيداً للانقلاب الكامل على الثورة عبر اتفاقية سلام جوبا.
لازمت هذه المراحل من عمر الثورة وتجربتنا فيها العديد من الأخطاء ساهمت في مجملها في الوصول إلى نتائج لا تتناسب وعمق الثورة وحجم التضحيات نوجزها في الاتي:
1/ تم الاعتماد في بناء التحالف على قيادات القوى المنظمة والموجودة في الساحة وأدى ذلك لعزل القواعد وخلق فجوة عميقها بينها وبين التحالف القائم الذي تصدى لقيادة الثورة بمعزل عن الجماهير الفاعلة. على الأرض ونتيجة لذلك تحول لتنظيم للنخب ويحمل بداخله تناقضات فصائله حول مستوى ومضمون التغيير المنشود بين مجموعة مشروعي التغيير الجذري والهبوط الناعم ولذلك كان جزء كبير من قوى الثورة الحية تائهاً خارج مراكز صنع القرار. وربما قاد ذلك مع الوقت وتراكم الأخطاء التنظيمية والسياسية إلى رفض معظم القوى الحية والرائدة في الحراك تبني التعامل مع هذا التحالف حتى شارف على الاندثار في الراهن كما بدأ تأثيره في الأحداث ومراكز اتخاذ القرار في التلاشي، ويشكل هذا الواقع المذري خطراً داهماً على الديمقراطية وعلى الفترة الانتقالية نفسها لذلك يصبح من الصائب تصدي قوى الثورة لمهام ملء الفراغ وعلينا التصدي العاجل لواجب تجميع تلك القوى وتنظيمها من جديد.
2/ تم التغاضي عن وجود أعداء الثورة داخل التحالف بعد أن تم قبول دخولهم فيه على الرغم من مواقفهم وآرائهم السابقة المتعلقة بالتغيير بقصد عرقلة العملية الثورية ومنعها من أن تصل إلى مداها.
3/ الدعوة غير المباشرة للجيش للانضمام للثورة دون تحسب لأن قيادات القوات المسلحة منتقاة من ضمن تمكين النظام في القوات النظامية كافة وفى المجتمع للانضمام للثورة أصبحت الدعوة كأنما وجهت للجنة الأمنية فانضمت ويدها ملطخة بالدماء وهى تضمر الغدر بالثوار و بمكتسبات ثورتهم.
4/ طول أمد الاعتصام وتحوله لأداة شبه اجتماعية ووضع كل قوى الثورة في مكان واحد بدلاً من تواجدها في الشوارع حيث يصعب ضربها.
5/ طول أمد التفاوض مع اللجنة الأمنية مع وجود قوى منسقة معها داخل معسكر الثورة أتاح للقوى المتآمرة في الداخل والخارج الفرصة مع العسكر للالتفاف والسعي لإجهاض الثورة..
6/ اعتماد التمثيل عن طريق الكتل داخل قوى الحرية والتغيير مما قضى على مبدأ استقلال المواقف الحزبية وأعطى الأغلبية في الكتلة حق تحديد الموقف السياسي.
7/الشكل الهرمى لقوى الحرية والتغيير أدى لوجود مجموعة تنفرد بالقرار ووجود المجلس المركزي أدى فعلياً لإزاحة قوى الثورة وحجب صوت الجماهير من الوصول إلى مراكز اتخاذ القرار.
8/ كتلة قوى الإجماع الوطني وعلى الرغم من قيامها على مواثيق معلنة وموقف معلن من مشروع الهبوط الناعم إلا أن بعضها لجأ إلى التنسيق غير المعلن مع قوى نداء السودان مما أضعف الكتلة.
9/ التزم الحزب الشيوعي برأي الاغلبية داخل كتلة قوى الإجماع بدلاً عن الركون إلى نتائج تحليله العميقة لطبيعة المرحلة والفئات الاجتماعية المكونة للقوى السياسية داخل قوى الحرية والتغيير وطبيعة ودور اللجنة الأمنية وكذلك تأخره في اتخاذ الموقف الحاسم الذي يتسق مع رؤية الحزب لخدمة مصالح الجماهير.
ساهم وجود هذه الأخطاء مع عوامل أخرى أهمها الاصطفاف غير المعلن من قبل أعداء الثورة (القاعدة الاجتماعية للنظام السابق وفلوله والأجهزة الأمنية والعسكرية والمليشيات و الأعداء ممن تتفق مصالحهم مع قاعدة النظام) بالإضافة للعمل الاستخباراتي المهول من قبل دول المحور وغيرها ساهم كل ذلك في أن تتشكل سلطة قوامها عسكر ومدنيين، المدنيون فيها إما يعانون الضعف أو أن اختيارهم تم نتيجة ترتيبات سابقة بينهم وبعض الجهات الضالعة في التآمر ضد الثورة ونتيجة لعمل استخباراتي محكم.
• هذه السلطة هي الحلقة الثانية من حلقات التآمر على الثورة:
جاءت لتحكم وفقاً لترتيبات سابقة الهدف منها تنفيذ برنامج محدد يحافظ على أداء البلاد لدورها السابق بالاطلاع بأعمال الوكالة لرأس المال العالمي عبر وكلاء إقليميين (تبعية التبعية) والمحافظة على ذات المصالح وارتهان البلاد لمآلات توازن القوة الإقليمي والدولي بتوافق مصالح الفئات الحاكمة مع مصالح القوى الإقليمية والدولية لذلك اتسم أداءها بكل ما يدعم هذا الاتجاه وكانت أهم سماته:
* تجاهل كل الخطط الاقتصادية وكل الحلول التي تقوم على الاعتماد على الذات في معالجة الأزمة الاقتصادية بما فيها مقررات المؤتمر الاقتصادي وبدلاً عن ذلك ارتمت حكومة الفترة الانتقالية في دائرة الخضوع الكامل لمؤسسات التمويل الدولية والالتزام بتنفيذ شروطها مع الاستمرار في الاقتراض الذي يعني مزيد من الخضوع لضغوط الخارج وأصبح رهانها مقتصراً على مؤتمرات الدعم (برلين- باريس) التي لا تعني سوى المزيد من الوعود والمزيد من الضنك والفقر والتجويع مع رفع يد الدولة عن العمل الإنتاجي والخدمي بما في ذلك التعليم والصحة لصالح القطاع الخاص المحلى والأجنبي.
* سن القوانين التي تتيح تنفيذ سياسات السوق الحر كاملة وإعمال شروط مؤسسات التمويل الدولية مثل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي ما هو إلا غطاء للخصخصة وإضعاف للقطاع العام وإلغاءه تدريجياً الأمر الذي يؤدي إلى إفراغ مبدأ المواطنة أساس الحقوق والواجبات من محتواه بانتفاء المساواة وإحداث تفاوت واسع في الدخول والقدرة على شراء الخدمات العامة بما فيها فرص التعليم والعلاج وحتى مياه الشرب النقية وفقدان فقراء المزارعين والرعاة أراضيهم وسبل كسب العيش وهجران الأرض تحت تغول واستيلاء الشركات ورؤوس الأموال الأجنبية.
* فتح البلاد لقوى رأس المال الخارجي الاستنزافي الذي يأخذ ولا يعطي ولا يجدد القوى الاجتماعية للمجتمع ويعمل للإنتاج من أجل الصادر لتلبية احتياجات السوق العالمي ونقل الفائض الاقتصادي للمنتج للخارج تحت الشروط المجحفة للمؤسسات الرأسمالية العالمية مع اهمال تلبية احتياجات الشعب بالداخل وعدم الاهتمام برغبته في الاعتماد على الذات وتحرير إرادة الدولة من الارتهان لدوائر رأس المال الإقليمي والعالمي.
* اختطاف السلام وصياغة نتائجه لتخدم مصلحة حلفائها من قيادات الحركات المسلحة وتمكينهم من السلطة دون الاكتراث للنتائج التي أصبحت كارثية بسبب تجاوز أصحاب المصلحة في السلام وتكوين جهاز دولة إقصائي يقوم على مجموعة صغيرة صلتها بالجماهير ضعيفة وتكاد تكون منعدمة.
* مفارقة الحل الشامل لمسألة القوميات في السودان في إطار معالجة جذور الأزمة التي أنتجتها وتناول خصوصيات كل منطقة وإقليم وقومية في إطار الحل العام والتحضير للمؤتمر الدستوري المقترح في نهاية الفترة الانتقالية بعد تهيئة الظروف وجبر الضرر وضمان مشاركة الجميع لتحديد كيف يحكم السودان وعدالة توزيع السلطة والثروة وإدارة التنوع والمشاركة في رسم ملامح دستور السودان.
* وقف تكوين هياكل السلطة الانتقالية وعلى وجه الخصوص تلك التي لها علاقة بالرقابة على السلطة وإنفاذ القانون والتشريع (مجلس تشريعي- محكمة دستورية - مفوضيات) مع تحويل وثيقة دستور الانتقال إلى نصوص مشرعة ومفتوحة للتعديل متى وكيفما رغبت السلطة وفي ذلك احتقار للدستور والقانون، والاستناد على نصوص الوثيقة المعيبة وتفسيرها وفقاً لرغبة السلطة للتغول على سلطة التشريع وإنتاج حزمة من القوانين تخدم مشروع السلطة وتضمن تنفيذ برنامجها المعادي لجماهير الشعب والمؤدي إلى إفقارهم وتجويعهم.
* الانتهاك المستمر للحقوق والحريات واطلاق يد المليشيات والنظاميين في الاعتداء على حقوق الناس وحرياتهم بمختلف الطرق مع استهداف واضح لعضوية لجان المقاومة والمناضلين المتصدين لإخفاقات السلطة وأخطائها وغض الطرف عن ما يحدث من ترويع وإرهاب واختفاء قسري ونهب في الشوارع وقتل وترويع في مناطق النزاعات وفي شوارع المدن.
* الانقلاب الكامل على الثورة بتكوين مجلس الشركاء وإقصاء قوى الثورة بالكامل لصالح قاعدة النظام السابق وحلفائها.
كل ذلك يشير وبوضوح تام إلى طبيعة السلطة الانتقالية وحقيقة انحرافها عن مسار الثورة وسعيها للالتفاف على شعاراتها الأمر الذي دفع العديد من القوى الوطنية للتقدم بمبادرات لجمع الصف الوطني.
وإزاء هذا كان لا بد لنا من التأكيد على أنه لا عودة للوراء وسنتقدم نحو المستقبل حاملين الدروس المستفادة من التجربة بكل سلبياتها وايجابياتها لتحقيق خيارات وشعارات الثورة وانتزاع الحقوق وتنصيب البديل الملتزم بتطلعات شعب السودان في الحرية والسلام والعدالة والعمل على تصفية ركائز الرأسمالية الطفيلية والانحياز للعمل الإنتاجي وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية المعبر عنها في مواثيق الثورة وبرنامجها المعلن في يناير 2019، ولأننا ندرك أن المحافظة على حالة النهوض في أوساط الحركة الجماهيرية المبعثرة في غياب القيادة المؤهلة لحراكها بسبب التفكك الذي اعترى بعض تحالفاتها على الأرض يحتاج في جميع الأحوال إلى إعادة تجميعها عبر مشروع وطني ديمقراطي يلبي أهدافها وتطلعاتها المعروفة والمتفق عليها من خلال مسيرة طويلة من التحالفات التي تمخضت جميعها عن مواثيق وتفاهمات جيدة حول القضايا المصيرية للوطن وشعبه وحول تفاصيل الحكم والهوية والموارد والاقتصاد.
ولا شك أن القوى صاحبة المصلحة في التغيير الجذري الذي ينقل البلاد في وجهة فك احتكار السلطة والثروة واحتكار الحق في فرض مشاريع صفوية على السواد الأعظم من شعب السودان دون مراعاة التعدد والتنوع بينه في اللغة والثقافة والدين والإثنيات ودون مراعاة التباين الجغرافي والاختلاف في مستويات التنمية والبنى التحتية وغيرها، ولا شك أن الجماهير التى عانت ويلات وتداعيات سوء إدارة هذا الواقع المتعدد من فقر وجهل وحروب وانعدام تنمية وتمييز هي المؤهلة لخلق هذا التحالف العريض وقيادته وبناء قاعدته التي تمثل السواد الأعظم من جماهير الشعب، وعليه فأننا ندعوا جماهير شعبنا وكل قواه الحية التواقة للتغيير الجذري من (لجان المقاومة - تجمع المهنيين - جماهير الحركات والأحزاب- أجسام مطلبية - نقابات ولجان تسيير- تنظيمات شبابية ونسائية - تنظيمات عمال ومزارعين وتنظيمات طلاب و… الخ) للاصطفاف في جبهة عريضة لاستعادة الثورة من هذه السلطة السياسية والاجتماعية المفارقة لشعارات الثورة والمرتهنة للخارج واستعادة الثورة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية مستلهمين تجاربنا السابقة (التجمع الوطني الديمقراطي - تحالف قوى الإجماع - قوى الحرية والتغيير) والبناء على ما أنجز من أجل انتزاع الحقوق والحريات الديمقراطية بعد الثورة وما أنجز من تفكيك جزئي للنظام البائد مستندين على المواثيق السابقة (القضايا المصيرية أسمرا ١٩٩٥) - (البديل الديمقراطى٢٠١٢) - إعادة هيكلة الدولة السودانية أبريل ٢٠١٦ - (إعلان الحرية والتغيير يناير ٢٠١٩) مع الالتزام بتطويرها، اعتماداً على الوجود الجماهيري المتعدد الأشكال والمستويات في الشارع السوداني باعتباره العامل الحاسم واستمرار التراكم النضالي والجماهيري الجاري من مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية واضرابات… الخ حتى الانفجار الشعبي الشامل والإضراب السياسي والعصيان المدني وفق برنامج يمكن بلادنا من الخروج من المأزق الحالي المتمثل في اختطاف الثورة بواسطة قوى الهبوط الناعم وفلول النظام السابق، وذلك عن طريق النهوض السلمى الجماهيري والانتفاضة الشعبية ومرجعية المواثيق السابقة ونقدم اقتراحاً للملامح العامة للبرنامج للمناقشة والإضافة والتعديل وذلك على النحو الاتي:
أولاً:
يهدف هذا البرنامج إلى تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تقوم على الفصل بين السلطات وتكون فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة وتحقيق قواعد الوحدة في التنوع وإصلاح القوات المسلحة بحيث تعبر عن هذا الهدف وينحصر دورها وبقية القوات النظامية في حماية أمن وحقوق وحريات كافة مواطنيها وحماية أرضها وثرواتها وتعمل تحت أمرة القوى المدنية وبعقيدة الولاء للوطن والديمقراطية والدستور مع حل وتسريح كافة المليشيات والحركات المسلحة وفق الترتيبات الأمنية المتعارف عليها دولياً وحصر حمل السلاح في القوات النظامية.
ثانياً:
• التأكيد على الدولة الموحدة مع الحكم اللامركزي ومشاركة الجماهير في السلطة.
• توفير الموارد والأموال للازمة للحكم المحلي مع ضمان استقلالية القرار.
• التزام السلطات المحلية والإقليمية بتنفيذ الخطط الاقتصادية الاجتماعية والتنموية المركزية بغرض توجيه الموارد لتحقيق تنمية متوازنة وعدالة اجتماعية.
ثالثاً:
• التمسك والتوجه نحو استدامة الديمقراطية بتحقيق ديمقراطية المجتمع والأسرة، ونشر الحريات العامة، والالتزام بالمواثيق العالمية الإقليمية لحقوق الإنسان، ومساواة المرأة والرجل، وتمييز دورها الإنجابي، والحفاظ على حقوق الطفل، ورعاية المسنين وأصحاب الاحتياجات الخاصة.
• إجازة قانون النقابات الموحد والحفاظ على استقلالية وديمقراطية ووحدة الحركة النقابية والمحافظة على تقاليدها.
• استعادة شرعية اتحادات المزارعين.
تكوين مجلسين للثقافة والإعلام مع العمل على إعلام حكومي وخاص يتمتع بالاستقلالية والحرية والحماية لمصادر المعلومات يقوم على التعدد والتنوع الثقافي والمعرفي ويستخدم ويواكب التطور التقني.
• رعاية المبدعين ورفع قدراتهم وتشجيعهم على عرض ونشر إبداعاتهم.
• إعادة البنيات التحتية للنشاط الثقافي من مسارح ودور عرض متاحف ومعارض وأندية ونشر المكتبات العامة ومراكز وأندية الإبداع في القرى والمدن.
• فتح المدارس والكليات لاستيعاب المبدعين.
• تنظيم اتحادات وجمعيات المبدعين والإعلاميين المستقلة.
رابعاً:
• نظام اقتصادي مبني على الاقتصاد المختلط القطاع العام والقطاع الخاص والتعاوني قائم على تخطيط اقتصادي اجتماعي مركزي يحقق التوزيع العادل للثروة والتنمية قطاعياً وجغرافياً مع التمييز الإيجابي للأقاليم الأقل نمواً، والانحياز بقدر كافي للإنتاج والمنتجين الوطنيين يتولى فيه قطاع الدولة تملك وإدارة القطاعات الاستراتيجية وتحفيز الحركة التعاونية وحماية القطاع الخاص الوطني وجذب الاستثمارات الأجنبية في إطار التخطيط وبرامج التنمية المعتمدة.
• يضمن العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة يحمي الثروات الوطنية ويفتح الأفق أمام التطور الإنساني.
• إصلاح الجهاز المصرفي ومؤسسات النقد والتأمين والخضوع لرقابة البنك المركزي.
• تحقيق احتياطي نقدي معتبر بالاستغلال الرشيد للموارد واستعادة الأموال المنهوبة.
• التمسك بالبرنامج الإسعافي لقوى الحرية والتغيير.
• احتفاظ الدولة بالمشاريع المروية القومية واستعادة الوحدات التي تمت خصخصتها وإلغاء قانون مشروع الجزيرة ٢٠٠٥ وقانون أصحاب الإنتاج الزراعي والحيواني ٢٠١١م.
• الاهتمام بمعاش الناس ورقابة الأسواق والمواصلات وكل المرافق المرتبطة بالتعامل المباشر مع احتياجات وحياة الناس.
خامساً:
• توطيد واستدامة السلام بإزالة أسباب الاحتراب وعوامل الهجرة والتهجير.
• إعلان ايقاف الحرب وفرض هيبة الدولة واستبعاد كل الحلول العسكرية والأمنية لمسألة القوميات والإيفاء بالحقوق المشروعة.
• والتوجه نحو إجراء المصالحات القبلية وعقد المؤتمرات للتوافق على أسس التعايش السلمي والشروع بحزم في جمع السلاح وجبر الضرر الجمعي والفردي وإزالة آثار الحرب.
• وتهيئة القرى بتوفير الخدمات والأمن لعودة اللاجئين لقراهم الأصلية وتوفير المعينات لسبل كسب العيش.
• مراجعة اتفاقيات الاستثمار الأجنبي وبيع الأراضي الزراعية والمراعي والإيجارات طويلة الامد في المشاريع المروية ومناطق الزراعة المطرية التقليدية والآلية والمراعي الممتدة.
• ايقاف مشروعات السدود.
• صيانة وحماية التربة وإعادة الغطاء النباتي والغابي.
• إعادة النظر في اتفاقية جوبا وما نتج عنها من حلول جزئية ومحاصصات في السلطة وتحويل السلام إلى فعل شعبي قاعدي يعالج السالب في العلاقات والثقافات مع إقامة المؤتمر الدستوري بمشاركة وتوافق أهل السودان في نهاية الفترة الانتقالية.
سادساً:
• التطبيق الصارم لمبدأ سيادة حكم القانون ومبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب بتحقيق العدالة الانتقالية والعقابية مع تسليم كل مطلوبي المحكمة الجنائية الدولية.
• كشف نتائج تحقيقات مجزرة فض الاعتصام في العاصمة والأقاليم وتقديم الجناة للمحكمة.
• إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وإلغاء العقوبات التى تحط من الكرامة الإنسانية وقصر نشاط أجهزة الأمن والمخابرات على جمع وتحليل المعلومات ورفعها للجهات المختصة.
• الالتزام الصارم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية وإدراجها في نصوص القوانين.
• تكوين مفوضيتي القضاء والنيابة ووضع الاسس التى تضمن حيدة واستقلالية الاجهزة العدلية.
سابعاً:
• سياسة خارجية تنطلق من مصالح شعبنا وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى وتقوم على تبادل المنافع تلتزم بإخلاء أرض ومياه السودان من القواعد الأجنبية.
• البعد عن سياسات المحاور والانسحاب من الحلف العربي الإسلامي والأفريكوم وسحب قواتنا من اليمن.
• علاقات متميزة مع شعوب الدول المجاورة وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والتحكيم الدولي.
• توطيد علاقات الصداقة مع الشعوب والدول وحسن الجوار وعدم التدخل في الشأن الداخلي والنضال معها للحفاظ على سلامة الأرض والبيئة ودرء الكوارث والحروب والتضامن مع الشعوب المقهورة.
ثامناً:
• إعادة تأهيل مرافق الدولة الخدمية كالسكة حديد والنقل النهري والبحري والجوي.
• توفير فرص العمل وتدريب وتأهيل الشباب ورفع قدراتهم العملية والمهنية
• إعادة النظر في التعاقدات الممنوحة للصناعات الاستخراجية البترول الغاز والمعادن والالزام بقواعد الحفاظ على البيئة وسلامة الأشخاص وتحريم استخدام المواد المضرة بصحة الحيوان والإنسان.
• الحفاظ على الوظيفة الاجتماعية للدولة بتوفير التعليم المجاني والعلاج المجاني في المراكز الحكومية.
• اتفاق ملزم حول سد النهضة يضمن حماية أراضينا من الغمر وحماية منشآتنا المائية وتوفير المياه الكافية لمشروعاتنا الزراعية والعمرانية والإمداد الكهربائي اللازم.
تاسعاً:
تكوين مجلس تشريعي ثوري من كل الفئات التى شاركت في الثورة يقوم باختيار الحكومة وتعيين مجلس سيادي من المدنيين.
الميثاق:
نحن شعب السودان وقواه الثورية الحية العازمة على استكمال مهام ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة وتحقيق أهدافها في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق السلام، نقف بعد عامين من مسيرة ثورتنا التي تم اختطافها من قبل تحالف العسكر وقوى الهبوط الناعم والسير بها على نفس سياسات النظام البائد، وفي ذات الطريق الذي أدى إلى إفقار شعبنا ونهب موارده وإشعال الحروب في أجزاء عزيزة من أرضه، نعلن اننا واعتماداً على الوجود الجماهيري المتعدد الاشكال والمستويات في الشارع السوداني ، باعتباره العامل الحاسم والسلاح المجرب في تاريخنا النضالي وباستمرار التراكم النضالي والجماهيري الجاري من مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية وصولاً للإضراب السياسي والعصيان المدني قد توافقنا على:
• الاستمرار في النضال حتى استرداد الثورة من تحالف العسكر والهبوط الناعم وتنحي السلطة الحالية بشقيها المدني والعسكري وتقديم البديل الملتزم بتطلعات شعب السودان في الحرية والسلام والعدالة.
• بناء الدولة المدنية الديمقراطية مستلهمين تجاربنا السابقة والدروس المستفادة منها متطلعين إلى تحقيق واقع أفضل يحقق السلام والرفاه لشعبنا ويساهم في بناء دولتنا.
• العمل على تصفية ركائز الرأسمالية الطفيلية والانحياز للعمل الإنتاجي وتولى قطاع الدولة تملك وإدارة القطاعات الاستراتيجية وتحفيز الحركة التعاونية وحماية القطاع الخاص الوطني.
حماية الحقوق والحريات العامة وإعمال مبدأ المساواة ومنع التمييز:
- توطيد واستدامة السلام بإزالة أسباب الاحتراب وعوامل الهجرة والتهجير وإنصاف الضحايا وعودة اللاجئين إلى أوطانهم الأصلية والوقوف بحزم ضد إثارة النعرات القبلية والتمييز على أساس العرق أو الدين أو الجهة أو اللغة أو اللون.
- التوجه نحو استدامة الديمقراطية بتحقيق ديمقراطية المجتمع والأسرة ونشر الحريات العامة والالتزام بالمواثيق العالمية والإقليمية لحقوق الإنسان والمساواة بين النساء والرجال في المشاركة السياسية وكافة مناحي الحياة.
- سياسة خارجية تنطلق من مصالح شعبنا وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى تحترم السيادة الوطنية وتقوم على تبادل المنافع.
- التأكيد على الدولة الموحدة مع الحكم اللامركزي ومشاركة الجماهير في السلطة على أن يكون المؤتمر الدستوري القومي وسيلتنا لتحديد كيفية توزيع السلطة والثورة وكيف يحكم السودان وللإجابة على سؤال الهوية.
- تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ودعم الدولة للسلع الأساسية والتعليم والصحة وتوفير خدمات الماء والكهرباء وتحسين صحة البيئة.
- حل كافة المليشيات والجيوش وقيام جيش قومي مهني واحد.
- ارجاع المفصولين عسكريين ومدنيين.
- القصاص للشهداء وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وإصلاح القوانين والنظام العدلي.
وإننا إذ نعلن توافقنا على ذلك نتعهد بتطبيق البرنامج المرفق بوثيقة السودان الأزمة وطريق استرداد الثورة.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي السوداني
الخرطوم 2 يونيو 2021م
alsirbabo
الهجوم على الحزب الشيوعي مقدمة لمصادرة الديمقراطية (1) .. بقلم: تاج السر عثمان
1
تقديم:
منذ تأسيس الحزب الشيوعي كان الهجوم والافتراء كذبا عليه مقدمة لمصادرة الديمقراطية ، كما حدث في فترات الحكم الاستعماري وديكتاتورية عبود ، ومؤامرة حل الحزب بعد ثورة أكتوبر 1964، وديكتاتورية السفاح نميري الذي ارتكب جرائم مجازر الشجرة والتشريد والاعتقالات الواسعة بعد انقلاب 22 يوليو الدموي 1971، ونظام الجبهة الاسلاموية الفاشي الدموي الذي مارس ابشع درجات القمع والتعذيب والقتل العمد والتشريد من العمل ضد الشيوعيين.
لكن فشلت كل تلك المؤامرات وذهبت ريح الاستعمار بعد ثورة الاستقلال 1956، ونظام عبود بعد ثورة أكتوبر 1964 ، والنميري بعد انتفاضة أبريل 1985، والبشير بعد ثورة ديسمبر 2018 ، وبقي الحزب الشيوعي شامخا شموخ جبال مرة والتاكا ، يواصل نضاله دفاعا عن الكادحين وانجاز مهام الفترة الانتقالية المتشابكة في مستوياتها العليا مع مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.
بعد ثورة ديسمبر استمر الهجوم علي الحزب وقيادته والأفتراء عليه كذبا بهدف تكريس "الهبوط الناعم " الذي ينسف الفترة الانتقالية ،ويعيد سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية وتهديد وحدة البلاد، و اجهاض الفترة الانتقالية بانتخابات مبكرة أو انقلاب عسكري ، كما حدث بعد ثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة أبريل 1985، مثل أكاذيب "الكيزان" وأعداء الحزب حول "حكومة الشيوعيين"، و"اسقاط الحكومة" يعني اسقاط الفترة الانتقالية، و"الشيوعيون بطرحهم اسقاط الحكومة يركبون في سرج واحد مع المؤتمر الوطني" ، علما بأن المؤتمر الوطني ما زال يهيمن علي كل مفاصل السلطة والدولة بعد انقلاب لجنته الأمنية الذي قطع الطريق أمام الثورة، وكرّس استمرار التمكين، فضلا عن أن خلافه مع "شراكة الدم " شكلي حول من يحكم لينفذ شروط صندوق النقد الدولي التي افقرت الشعب السوداني، وقمع الجماهير والتفريط في السيادة الوطنية والاستمرار في الحلول الجزئية التي تهدد وحدة البلاد كما فعلوا في انفصال الجنوب، فاسقاط "شراكة الدم" يعني اسقاط النسخة الثانية من الانقاذ ، واستكمال الثورة بتفكيك التمكين واسترداد الأموال المنهوبة، ومحاسبة ومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب وضد الانسانية ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية والقصاص للشهداء ، واسترداد الثورة وانجاز مهامها.
2
فيما يلي الوثيقة التي قدمتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي للاضافة والتعديل بعنوان " السودان الأزمة وطريق استرداد الثورة والميثاق" لقوي الثورة والحادبين عليها.
حددت "الوثيقة" طبيعة الأزمة بعد انقلاب اللجنة الأمنية، ودروس التجربة، و البرنامج البديل بعد" اسقاط شراكة الدم"، وقوي الثورة بعد الاصطفاف الجديد ، والأداة لاسقاط السلطة ، ومواصلة النضال لانجاز مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني
وثيقة .. السودان الأزمة وطريق استرداد الثورة
تمر بلادنا بظروف سياسية واجتماعية واقتصادية بالغة التعقيد كنتيجة منطقية لعدم اكتمال ثورة ديسمبر وعدم تحقيق أهدافها الأساسية التي شاركت الجماهير العريضة من أبناء وبنات شعبنا بكافة فئاتها وبكل انتماءاتها السياسية ومن مختلف أرجاء البلاد في صياغة مضامينها وأهدافها، عبر النضال الجسور الذي خاضته لمدة طويلة من أجل تحقيق أهدافها، ودفعت فيه ثمن تضحياتها دماءً عزيزة وثم تعرضت لانتهاكات جسيمة، هذه الجماهير كانت تتوق لأن تحقق أهداف وشعارات واسعة تمكنها من مفارقة المسار السياسي الاقتصادي الاجتماعي القديم، وفتح الطريق لاستكمال الثورة الوطنية الديمقراطية وفك حصار التبعية لدوائر رأس المال العالمي وإدارة موارد البلاد وثرواتها وتوظيفها للارتقاء بحياة شعبنا وتوفير الرفاه له والتعاون وتبادل المنافع مع شعوب العالم والتعامل معها بندية ومع ذلك لم ينجح حراكها وصمودها في خط المواجهة مع الانقلابيين الجدد، إلا في الإطاحة برأس النظام البائد ونتج ذلك لحد كبير عن التحول الجذري في مواقف بعض القوى المنتسبة لقوى الحرية والتغيير والتي اتضح من خلال تجربتها في الحكم موقفها المضاد لتطور الثورة لمراقيها المنطقية بإكمال دورة صراع القوى التي قادت التغيير ضد مشروع الطفيلية الإسلاموية وممثليها داخل الحركة الإسلامية وخارجها، ونجدها بدلاً عن ذلك قادت البلاد للردة الشاملة وتحولت إلى بوق يعبر عن الانقلاب العسكري الذي قطع الطريق أمام تقدم الثورة وتحقيق شعاراتها وتواطأت معه بشكل مكشوف في مواجهة القوى الحقيقية التي دعت للتغيير وقادت حراك ثورة ديسمبر المجيدة وبرز خلال ذلك الانقسام الطبقي والاجتماعي بين تيار الهبوط الناعم وبين قوى الثورة في إدارة الدولة وأجهزتها المختلفة لتنفيذ أهداف وشعارات الثورة التي لا يمكن اكتمال بنائها دون التمثيل الواسع لقواها الحية والحقيقية في أجهزة الحكم. وفي المقابل سعت قوى الردة لتمرير مشروعها المعادي لجماهير الثورة مستعينة بدعم ومساندة دول ومحاور إقليمية ودولية وتدخلات صريحة ومباشرة من أجهزة استخباراتها. ونجح تيار الهبوط الناعم من خلالها في تحقيق نجاحات مؤقتة مكنته من قلب موازين القوى داخل قوى الحرية والتغيير، وأدى لتبني مشروعها الذي لا يلبي تطلعات الجماهير ولا يواكب المتغيرات في الساحة السودانية على مستوى تنظيمات الجماهير وتبني سياسات النظام البائد المعبرة عن مصالح الرأسمالية الطفيلية في مواقعها المختلفة والتي تسعى لتكريس هيمنة دول ومحاور بعينها على موارد البلاد وتوجيه قرارات حكومتها لخدمة أجندتها. مستفيدة من مواقف الهبوط الناعم وانفراد مكوناته مع حلفائه في المؤسسة العسكرية، بالسلطة وبالتالي الهيمنة على القرارات السياسية والسيادية خلال فترة الانتقال مما أتاح التمدد السلس لأشكال مختلفة من الوجود الإمبريالي وتأثير أجندته الاستعمارية في مختلف المجالات وعلى رأسها الموارد، وقد مهد لذلك اعتماد السياسات الاقتصادية لحكومة الفترة الانتقالية على المنح والهبات والتبرعات والودائع ولحد الاستدانة والخضوع لسياسات المؤسسات التقليدية لرأس المال العالمي (صندوق النقد والبنك الدوليين) بالشراكة مع الدول والمحاور ذات الأطماع في موارد ثروات البلاد وخير مثال لذلك الاستجابة السريعة لحكومة الفترة الانتقالية لضغوط هذه التكتلات المالية والمبادرة باتخاذ التدابير الأكثر ضرراً ببنية ووجهة تطور الاقتصاد السوداني، وذلك باعتماد سياسات هيكلته وفق مشيئة تلك المؤسسات واتباع منهج تحرير الأسعار ورفع الدعم عن السلع الضرورية وتعويم العملة الوطنية وإبعاد دور الدولة في مجال الخدمات الضرورية بما في ذلك الصحة والتعليم وإصحاح البيئة. وغيرها، ويمتد الارتهان لمشيئة تلك الدول والمؤسسات ليشمل تنفيذ أجندتها حول الاتجار بالبشر وأوضح نموذج لذلك هو الارتزاق في حرب اليمن وليبيا، وكذلك خرق سيادة البلاد والتفريط في الأراضي وقبول تدخلات الدول والمحاور في القرارات والتسويات المتعلقة بها (الفشقة وحلايب وشلاتين والاستثمارات الزراعية الأجنبية التي اقتطعت مساحات شاسعة من الأراضي السودانية لفترات طويلة) ويمثل ذلك انتهاكاً خطيراً لقوانين الأرض السائدة لعشرات السنين، وقد أصبح معلوماً لشعبنا بالتجربة فشل السياسات الاقتصادية التي تغض الطرف عن الحلول الوطنية لمعالجة أزمات الاقتصاد اعتماداً على الموارد التي تمتلئ بها أرض السودان وسهوله وموارده المائية الغنية، وعبرت عنها، أي الحلول الوطنية، نتائج المؤتمر الاقتصادي، كما عبرت عنها شعارات وأهازيج الثورة ومطالب الثوار وظلت حكومة الفترة الانتقالية تتجاهل هذه الحلول وتعول بشكل جذري على الحلول الأجنبية وتسعى لمواصلة سياسات النظام البائد في عقد الاجتماعات وورش العمل والمؤتمرات السرية التي تهدف لبيع الموارد الوطنية مقابل الديون والتمويل بالاستدانة من النظام المصرفي العالمي، بل ومن بعض الدول حتى الفقيرة منها واتصلت هذه المساعي خلال فترة الانتقال بدءاً من الاجتماعات السرية حول التطبيع مروراً باجتماع برلين حول الديون والإلحاح في طلب الودائع والدعم المذل من دول الخليج العربي انتهاءً بمؤتمر باريس، وعموماَ أصبحت البلاد وحكومتها عرضة لكل الاحتمالات التي تلبي الأجندة والمصالح الأجنبية دون أن تعنى بمصالح واحتياجات مواطنيها، وامتد تأثير الأجندات الأجنبية للعمل المباشر لضرب وحدة قوى الثورة والتمهيد لهزيمة أهدافها ومضامين ثورتها، يحدث كل ذلك بالتواطؤ مع قوى الهبوط الناعم الذي وطد تحالفه بالرجعية العسكرية والاجتماعية وربط مصالحه بمصالح دول ومحاور بالمنطقة وقد أدت هذه المواقف الخائرة لهذا التحالف المعادي للثورة السودانية إلى إفساح المجال وفتح الطريق أمام قادة الانقلاب لالتقاط انفاسهم والعمل على تشكيل القاعدة الاجتماعية لحكمهم، من فلول النظام البائد ورموز الحركة الإسلاموية واختراق القطاع التقليدي عبر الوجوه المتكررة للإدارات الأهلية، ومحاولة شرعنتها بطرح قانون الإدارة الأهلية واقتراح قانون غير ديمقراطي للحكم المحلي إضافة للاستقطاب وسط الحركات المسلحة في أعقاب سلام جوبا المرسوم بعناية لدعم سلطة الانقلاب وإقصاء قوى الثورة من دائرة التأثير في القرار السياسي والسيادي والتمهيد لتمرير مشروع استعماري جديد يؤدي لفتح حدود البلاد بالكامل واستباحة أراضيها وانتهاك سيادتها لصالح دول ومحاور بعينها مما أتاح لها فرصة التحكم في مواقف السودان عبر وكلائها بمجلسي السيادة و الوزراء ومجلس الشركاء الذي لا يتمتع بأدنى شرعية وفقاً لوثيقة التأسيس وما تم الاتفاق عليه في الوثيقة السياسية برغم عدم اعترافنا بتلك الوثائق المعيبة.
• القوى المضادة للثورة:
هي القوى المرتبطة بقوى ومجموعة مصالح خارجية والتي قامت بتدمير القوى المنتجة وخضعت تماماً لمآلات التوازن الإقليمي والدولي وفرطت في سيادة الوطن ووحدته وأمنه وأراضيه، وشرعت في بناء تحالفاتها مع بداية أزمة نظام الحركة الإسلامية بطرح مشروع التسوية الموصوف "بالهبوط الناعم"، برعاية إقليمية ودولية ويهدف إلى توسيع قاعدة النظام بضم القوى المعارضة التي تنسجم مصالحها مع مصالح الرأسمالية الطفيلية وفرضها على الفترة الانتقالية للمحافظة على تبعية النظام غير المباشرة وقيامه بدور الوكيل لمصالح الدوائر الإقليمية، تلك القوى التحقت بالثورة عند تصاعد المد الجماهيري ووقعت على وثيقة إعلان الحرية والتغيير تحت ضغط قواعدها وجماهيرها في اللحظة التى بدأ فيها وضوح معالم الثورة واضطرت لاعتماد إعادة هيكلة السودان وإعلان الحرية والتغيير برنامجاً للفترة الانتقالية ووقعت أيضاً على الإعلان الدستوري المؤقت المقدم من قوى الإجماع لحكم المرحلة الانتقالية وكانت هذه أولى حلقات التآمر على الثورة.
• قوى الثورة ومواثيقها:
هي القوى صاحبة المصلحة في التغيير والتي تدرك قدرة الشعب على الصمود في جبهة المقاومة للسياسات المعادية لأهدافه ومطالبه سواءً صدرت من الحركة الإسلامية صاحبة المشروع أو من حلفائها الجدد المؤمنين بذات المشروع الذي رفضته ثورة شعبنا في ديسمبر 2018 وهى بلا شك تمتلك مخزوناً لا ينضب من القوة بأكثر مما يمتلك النظام وقواه الاجتماعية وما يمارس من احتكار لآلة العنف والقمع ولا يمنع ذلك أهمية تقييم تلك القوى وفقاً لقوانين توازناتها الاجتماعية والسياسية وأيضاً وفقاً لمجرى الصراع والذي يشهد بتجدد الطاقة الثورية لشعبنا واستعداده لبذل المزيد من التضحيات في سبيل تحقيق أهدافه الأساسية حول الحرية والسلام والعدالة بالصمود والإصرار على إبقاء جذوة الثورة حية والاستمرار في المقاومة وقد تمثل هذا الفعل الثوري في محطات كثيرة لن يكون أخرها ما حدث في المواكب الباسلة لإحياء الذكرى الثانية لفض الاعتصام والشاهد احتشاد الطاقات والهمم لإنجاح وتسيير مواكب يونيو القادم.
• مراحل الثورة وما لازمها من عثرات وأخطاء:
الثابت أن مجموعة الهبوط الناعم كانت قد اضطرت للتوقيع على وثيقة قوى إعلان الحرية والتغيير تحت ضغط قواعدها وجماهيرها في اللحظة التي بدأت فيها معالم الثورة تتضح، واضطرت أيضاً لاعتماد ميثاق إعادة هيكلة السودان وإعلان الحرية والتغيير برنامجاً للفترة الانتقالية التي أتفق على أن تكون أربع سنوات ثم تم التوقيع على الإعلان الدستوري المؤقت والمقدم من قوى الإجماع الوطني لحكم المرحلة الانتقالية وتمت أيضاً الموافقة على وثيقة نقل السلطة من النظام البائد إلى قوى الحرية والتغيير ووثيقة هيكلة ومستويات الحكم في المرحلة الانتقالية وبذلك كانت القوى السياسية على أهبة الاستعداد لاستلام السلطة وفقاً لهذه المواثيق والمضي قدماً في طريق التغيير الجذري وتحقيق شعارات الثورة، ولكن المجلس العسكري الذي مثل الوجه الجديد للجنة الأمنية برز في الساحة السياسية كحام لمصالح القاعدة الاجتماعية للنظام المباد وحلفائها من الطفيليين الجدد وتم تدخل سافر من دول المحور العربي الإسلامي (الأمارات، السعودية، مصر) لمنع المضي نحو التغيير الجذري، وفي ظل التناقضات العميقة التي برزت بين قوى التغيير حول مضمونه ومداه، جرت العديد من الاتصالات المشبوهة والاجتماعات في الخفاء مع بعض قيادات قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين ومنظمات المجتمع المدني وأصبح من الواضح جداً أن هناك ما يحاك سراً لفرض مشاركة المجلس العسكري في السلطة وحصوله على قيادة المرحلة الانتقالية وتوالت الرحلات ما بين عواصم دول المحور ودولة إثيوبيا ونفذت مذبحة فض الاعتصام بهدف إرهاب الشعب ولجم حراكه الباسل في وجهة ترسيخ أسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتواصلت حلقات التأمر بتوقيع الوثيقة الدستورية المعيبة وخروج الجبهة الثورية من تحالف قوى الحرية والتغيير تمهيداً للانقلاب الكامل على الثورة عبر اتفاقية سلام جوبا.
لازمت هذه المراحل من عمر الثورة وتجربتنا فيها العديد من الأخطاء ساهمت في مجملها في الوصول إلى نتائج لا تتناسب وعمق الثورة وحجم التضحيات نوجزها في الاتي:
1/ تم الاعتماد في بناء التحالف على قيادات القوى المنظمة والموجودة في الساحة وأدى ذلك لعزل القواعد وخلق فجوة عميقها بينها وبين التحالف القائم الذي تصدى لقيادة الثورة بمعزل عن الجماهير الفاعلة. على الأرض ونتيجة لذلك تحول لتنظيم للنخب ويحمل بداخله تناقضات فصائله حول مستوى ومضمون التغيير المنشود بين مجموعة مشروعي التغيير الجذري والهبوط الناعم ولذلك كان جزء كبير من قوى الثورة الحية تائهاً خارج مراكز صنع القرار. وربما قاد ذلك مع الوقت وتراكم الأخطاء التنظيمية والسياسية إلى رفض معظم القوى الحية والرائدة في الحراك تبني التعامل مع هذا التحالف حتى شارف على الاندثار في الراهن كما بدأ تأثيره في الأحداث ومراكز اتخاذ القرار في التلاشي، ويشكل هذا الواقع المذري خطراً داهماً على الديمقراطية وعلى الفترة الانتقالية نفسها لذلك يصبح من الصائب تصدي قوى الثورة لمهام ملء الفراغ وعلينا التصدي العاجل لواجب تجميع تلك القوى وتنظيمها من جديد.
2/ تم التغاضي عن وجود أعداء الثورة داخل التحالف بعد أن تم قبول دخولهم فيه على الرغم من مواقفهم وآرائهم السابقة المتعلقة بالتغيير بقصد عرقلة العملية الثورية ومنعها من أن تصل إلى مداها.
3/ الدعوة غير المباشرة للجيش للانضمام للثورة دون تحسب لأن قيادات القوات المسلحة منتقاة من ضمن تمكين النظام في القوات النظامية كافة وفى المجتمع للانضمام للثورة أصبحت الدعوة كأنما وجهت للجنة الأمنية فانضمت ويدها ملطخة بالدماء وهى تضمر الغدر بالثوار و بمكتسبات ثورتهم.
4/ طول أمد الاعتصام وتحوله لأداة شبه اجتماعية ووضع كل قوى الثورة في مكان واحد بدلاً من تواجدها في الشوارع حيث يصعب ضربها.
5/ طول أمد التفاوض مع اللجنة الأمنية مع وجود قوى منسقة معها داخل معسكر الثورة أتاح للقوى المتآمرة في الداخل والخارج الفرصة مع العسكر للالتفاف والسعي لإجهاض الثورة..
6/ اعتماد التمثيل عن طريق الكتل داخل قوى الحرية والتغيير مما قضى على مبدأ استقلال المواقف الحزبية وأعطى الأغلبية في الكتلة حق تحديد الموقف السياسي.
7/الشكل الهرمى لقوى الحرية والتغيير أدى لوجود مجموعة تنفرد بالقرار ووجود المجلس المركزي أدى فعلياً لإزاحة قوى الثورة وحجب صوت الجماهير من الوصول إلى مراكز اتخاذ القرار.
8/ كتلة قوى الإجماع الوطني وعلى الرغم من قيامها على مواثيق معلنة وموقف معلن من مشروع الهبوط الناعم إلا أن بعضها لجأ إلى التنسيق غير المعلن مع قوى نداء السودان مما أضعف الكتلة.
9/ التزم الحزب الشيوعي برأي الاغلبية داخل كتلة قوى الإجماع بدلاً عن الركون إلى نتائج تحليله العميقة لطبيعة المرحلة والفئات الاجتماعية المكونة للقوى السياسية داخل قوى الحرية والتغيير وطبيعة ودور اللجنة الأمنية وكذلك تأخره في اتخاذ الموقف الحاسم الذي يتسق مع رؤية الحزب لخدمة مصالح الجماهير.
ساهم وجود هذه الأخطاء مع عوامل أخرى أهمها الاصطفاف غير المعلن من قبل أعداء الثورة (القاعدة الاجتماعية للنظام السابق وفلوله والأجهزة الأمنية والعسكرية والمليشيات و الأعداء ممن تتفق مصالحهم مع قاعدة النظام) بالإضافة للعمل الاستخباراتي المهول من قبل دول المحور وغيرها ساهم كل ذلك في أن تتشكل سلطة قوامها عسكر ومدنيين، المدنيون فيها إما يعانون الضعف أو أن اختيارهم تم نتيجة ترتيبات سابقة بينهم وبعض الجهات الضالعة في التآمر ضد الثورة ونتيجة لعمل استخباراتي محكم.
• هذه السلطة هي الحلقة الثانية من حلقات التآمر على الثورة:
جاءت لتحكم وفقاً لترتيبات سابقة الهدف منها تنفيذ برنامج محدد يحافظ على أداء البلاد لدورها السابق بالاطلاع بأعمال الوكالة لرأس المال العالمي عبر وكلاء إقليميين (تبعية التبعية) والمحافظة على ذات المصالح وارتهان البلاد لمآلات توازن القوة الإقليمي والدولي بتوافق مصالح الفئات الحاكمة مع مصالح القوى الإقليمية والدولية لذلك اتسم أداءها بكل ما يدعم هذا الاتجاه وكانت أهم سماته:
* تجاهل كل الخطط الاقتصادية وكل الحلول التي تقوم على الاعتماد على الذات في معالجة الأزمة الاقتصادية بما فيها مقررات المؤتمر الاقتصادي وبدلاً عن ذلك ارتمت حكومة الفترة الانتقالية في دائرة الخضوع الكامل لمؤسسات التمويل الدولية والالتزام بتنفيذ شروطها مع الاستمرار في الاقتراض الذي يعني مزيد من الخضوع لضغوط الخارج وأصبح رهانها مقتصراً على مؤتمرات الدعم (برلين- باريس) التي لا تعني سوى المزيد من الوعود والمزيد من الضنك والفقر والتجويع مع رفع يد الدولة عن العمل الإنتاجي والخدمي بما في ذلك التعليم والصحة لصالح القطاع الخاص المحلى والأجنبي.
* سن القوانين التي تتيح تنفيذ سياسات السوق الحر كاملة وإعمال شروط مؤسسات التمويل الدولية مثل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي ما هو إلا غطاء للخصخصة وإضعاف للقطاع العام وإلغاءه تدريجياً الأمر الذي يؤدي إلى إفراغ مبدأ المواطنة أساس الحقوق والواجبات من محتواه بانتفاء المساواة وإحداث تفاوت واسع في الدخول والقدرة على شراء الخدمات العامة بما فيها فرص التعليم والعلاج وحتى مياه الشرب النقية وفقدان فقراء المزارعين والرعاة أراضيهم وسبل كسب العيش وهجران الأرض تحت تغول واستيلاء الشركات ورؤوس الأموال الأجنبية.
* فتح البلاد لقوى رأس المال الخارجي الاستنزافي الذي يأخذ ولا يعطي ولا يجدد القوى الاجتماعية للمجتمع ويعمل للإنتاج من أجل الصادر لتلبية احتياجات السوق العالمي ونقل الفائض الاقتصادي للمنتج للخارج تحت الشروط المجحفة للمؤسسات الرأسمالية العالمية مع اهمال تلبية احتياجات الشعب بالداخل وعدم الاهتمام برغبته في الاعتماد على الذات وتحرير إرادة الدولة من الارتهان لدوائر رأس المال الإقليمي والعالمي.
* اختطاف السلام وصياغة نتائجه لتخدم مصلحة حلفائها من قيادات الحركات المسلحة وتمكينهم من السلطة دون الاكتراث للنتائج التي أصبحت كارثية بسبب تجاوز أصحاب المصلحة في السلام وتكوين جهاز دولة إقصائي يقوم على مجموعة صغيرة صلتها بالجماهير ضعيفة وتكاد تكون منعدمة.
* مفارقة الحل الشامل لمسألة القوميات في السودان في إطار معالجة جذور الأزمة التي أنتجتها وتناول خصوصيات كل منطقة وإقليم وقومية في إطار الحل العام والتحضير للمؤتمر الدستوري المقترح في نهاية الفترة الانتقالية بعد تهيئة الظروف وجبر الضرر وضمان مشاركة الجميع لتحديد كيف يحكم السودان وعدالة توزيع السلطة والثروة وإدارة التنوع والمشاركة في رسم ملامح دستور السودان.
* وقف تكوين هياكل السلطة الانتقالية وعلى وجه الخصوص تلك التي لها علاقة بالرقابة على السلطة وإنفاذ القانون والتشريع (مجلس تشريعي- محكمة دستورية - مفوضيات) مع تحويل وثيقة دستور الانتقال إلى نصوص مشرعة ومفتوحة للتعديل متى وكيفما رغبت السلطة وفي ذلك احتقار للدستور والقانون، والاستناد على نصوص الوثيقة المعيبة وتفسيرها وفقاً لرغبة السلطة للتغول على سلطة التشريع وإنتاج حزمة من القوانين تخدم مشروع السلطة وتضمن تنفيذ برنامجها المعادي لجماهير الشعب والمؤدي إلى إفقارهم وتجويعهم.
* الانتهاك المستمر للحقوق والحريات واطلاق يد المليشيات والنظاميين في الاعتداء على حقوق الناس وحرياتهم بمختلف الطرق مع استهداف واضح لعضوية لجان المقاومة والمناضلين المتصدين لإخفاقات السلطة وأخطائها وغض الطرف عن ما يحدث من ترويع وإرهاب واختفاء قسري ونهب في الشوارع وقتل وترويع في مناطق النزاعات وفي شوارع المدن.
* الانقلاب الكامل على الثورة بتكوين مجلس الشركاء وإقصاء قوى الثورة بالكامل لصالح قاعدة النظام السابق وحلفائها.
كل ذلك يشير وبوضوح تام إلى طبيعة السلطة الانتقالية وحقيقة انحرافها عن مسار الثورة وسعيها للالتفاف على شعاراتها الأمر الذي دفع العديد من القوى الوطنية للتقدم بمبادرات لجمع الصف الوطني.
وإزاء هذا كان لا بد لنا من التأكيد على أنه لا عودة للوراء وسنتقدم نحو المستقبل حاملين الدروس المستفادة من التجربة بكل سلبياتها وايجابياتها لتحقيق خيارات وشعارات الثورة وانتزاع الحقوق وتنصيب البديل الملتزم بتطلعات شعب السودان في الحرية والسلام والعدالة والعمل على تصفية ركائز الرأسمالية الطفيلية والانحياز للعمل الإنتاجي وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية المعبر عنها في مواثيق الثورة وبرنامجها المعلن في يناير 2019، ولأننا ندرك أن المحافظة على حالة النهوض في أوساط الحركة الجماهيرية المبعثرة في غياب القيادة المؤهلة لحراكها بسبب التفكك الذي اعترى بعض تحالفاتها على الأرض يحتاج في جميع الأحوال إلى إعادة تجميعها عبر مشروع وطني ديمقراطي يلبي أهدافها وتطلعاتها المعروفة والمتفق عليها من خلال مسيرة طويلة من التحالفات التي تمخضت جميعها عن مواثيق وتفاهمات جيدة حول القضايا المصيرية للوطن وشعبه وحول تفاصيل الحكم والهوية والموارد والاقتصاد.
ولا شك أن القوى صاحبة المصلحة في التغيير الجذري الذي ينقل البلاد في وجهة فك احتكار السلطة والثروة واحتكار الحق في فرض مشاريع صفوية على السواد الأعظم من شعب السودان دون مراعاة التعدد والتنوع بينه في اللغة والثقافة والدين والإثنيات ودون مراعاة التباين الجغرافي والاختلاف في مستويات التنمية والبنى التحتية وغيرها، ولا شك أن الجماهير التى عانت ويلات وتداعيات سوء إدارة هذا الواقع المتعدد من فقر وجهل وحروب وانعدام تنمية وتمييز هي المؤهلة لخلق هذا التحالف العريض وقيادته وبناء قاعدته التي تمثل السواد الأعظم من جماهير الشعب، وعليه فأننا ندعوا جماهير شعبنا وكل قواه الحية التواقة للتغيير الجذري من (لجان المقاومة - تجمع المهنيين - جماهير الحركات والأحزاب- أجسام مطلبية - نقابات ولجان تسيير- تنظيمات شبابية ونسائية - تنظيمات عمال ومزارعين وتنظيمات طلاب و… الخ) للاصطفاف في جبهة عريضة لاستعادة الثورة من هذه السلطة السياسية والاجتماعية المفارقة لشعارات الثورة والمرتهنة للخارج واستعادة الثورة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية مستلهمين تجاربنا السابقة (التجمع الوطني الديمقراطي - تحالف قوى الإجماع - قوى الحرية والتغيير) والبناء على ما أنجز من أجل انتزاع الحقوق والحريات الديمقراطية بعد الثورة وما أنجز من تفكيك جزئي للنظام البائد مستندين على المواثيق السابقة (القضايا المصيرية أسمرا ١٩٩٥) - (البديل الديمقراطى٢٠١٢) - إعادة هيكلة الدولة السودانية أبريل ٢٠١٦ - (إعلان الحرية والتغيير يناير ٢٠١٩) مع الالتزام بتطويرها، اعتماداً على الوجود الجماهيري المتعدد الأشكال والمستويات في الشارع السوداني باعتباره العامل الحاسم واستمرار التراكم النضالي والجماهيري الجاري من مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية واضرابات… الخ حتى الانفجار الشعبي الشامل والإضراب السياسي والعصيان المدني وفق برنامج يمكن بلادنا من الخروج من المأزق الحالي المتمثل في اختطاف الثورة بواسطة قوى الهبوط الناعم وفلول النظام السابق، وذلك عن طريق النهوض السلمى الجماهيري والانتفاضة الشعبية ومرجعية المواثيق السابقة ونقدم اقتراحاً للملامح العامة للبرنامج للمناقشة والإضافة والتعديل وذلك على النحو الاتي:
أولاً:
يهدف هذا البرنامج إلى تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تقوم على الفصل بين السلطات وتكون فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة وتحقيق قواعد الوحدة في التنوع وإصلاح القوات المسلحة بحيث تعبر عن هذا الهدف وينحصر دورها وبقية القوات النظامية في حماية أمن وحقوق وحريات كافة مواطنيها وحماية أرضها وثرواتها وتعمل تحت أمرة القوى المدنية وبعقيدة الولاء للوطن والديمقراطية والدستور مع حل وتسريح كافة المليشيات والحركات المسلحة وفق الترتيبات الأمنية المتعارف عليها دولياً وحصر حمل السلاح في القوات النظامية.
ثانياً:
• التأكيد على الدولة الموحدة مع الحكم اللامركزي ومشاركة الجماهير في السلطة.
• توفير الموارد والأموال للازمة للحكم المحلي مع ضمان استقلالية القرار.
• التزام السلطات المحلية والإقليمية بتنفيذ الخطط الاقتصادية الاجتماعية والتنموية المركزية بغرض توجيه الموارد لتحقيق تنمية متوازنة وعدالة اجتماعية.
ثالثاً:
• التمسك والتوجه نحو استدامة الديمقراطية بتحقيق ديمقراطية المجتمع والأسرة، ونشر الحريات العامة، والالتزام بالمواثيق العالمية الإقليمية لحقوق الإنسان، ومساواة المرأة والرجل، وتمييز دورها الإنجابي، والحفاظ على حقوق الطفل، ورعاية المسنين وأصحاب الاحتياجات الخاصة.
• إجازة قانون النقابات الموحد والحفاظ على استقلالية وديمقراطية ووحدة الحركة النقابية والمحافظة على تقاليدها.
• استعادة شرعية اتحادات المزارعين.
تكوين مجلسين للثقافة والإعلام مع العمل على إعلام حكومي وخاص يتمتع بالاستقلالية والحرية والحماية لمصادر المعلومات يقوم على التعدد والتنوع الثقافي والمعرفي ويستخدم ويواكب التطور التقني.
• رعاية المبدعين ورفع قدراتهم وتشجيعهم على عرض ونشر إبداعاتهم.
• إعادة البنيات التحتية للنشاط الثقافي من مسارح ودور عرض متاحف ومعارض وأندية ونشر المكتبات العامة ومراكز وأندية الإبداع في القرى والمدن.
• فتح المدارس والكليات لاستيعاب المبدعين.
• تنظيم اتحادات وجمعيات المبدعين والإعلاميين المستقلة.
رابعاً:
• نظام اقتصادي مبني على الاقتصاد المختلط القطاع العام والقطاع الخاص والتعاوني قائم على تخطيط اقتصادي اجتماعي مركزي يحقق التوزيع العادل للثروة والتنمية قطاعياً وجغرافياً مع التمييز الإيجابي للأقاليم الأقل نمواً، والانحياز بقدر كافي للإنتاج والمنتجين الوطنيين يتولى فيه قطاع الدولة تملك وإدارة القطاعات الاستراتيجية وتحفيز الحركة التعاونية وحماية القطاع الخاص الوطني وجذب الاستثمارات الأجنبية في إطار التخطيط وبرامج التنمية المعتمدة.
• يضمن العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة يحمي الثروات الوطنية ويفتح الأفق أمام التطور الإنساني.
• إصلاح الجهاز المصرفي ومؤسسات النقد والتأمين والخضوع لرقابة البنك المركزي.
• تحقيق احتياطي نقدي معتبر بالاستغلال الرشيد للموارد واستعادة الأموال المنهوبة.
• التمسك بالبرنامج الإسعافي لقوى الحرية والتغيير.
• احتفاظ الدولة بالمشاريع المروية القومية واستعادة الوحدات التي تمت خصخصتها وإلغاء قانون مشروع الجزيرة ٢٠٠٥ وقانون أصحاب الإنتاج الزراعي والحيواني ٢٠١١م.
• الاهتمام بمعاش الناس ورقابة الأسواق والمواصلات وكل المرافق المرتبطة بالتعامل المباشر مع احتياجات وحياة الناس.
خامساً:
• توطيد واستدامة السلام بإزالة أسباب الاحتراب وعوامل الهجرة والتهجير.
• إعلان ايقاف الحرب وفرض هيبة الدولة واستبعاد كل الحلول العسكرية والأمنية لمسألة القوميات والإيفاء بالحقوق المشروعة.
• والتوجه نحو إجراء المصالحات القبلية وعقد المؤتمرات للتوافق على أسس التعايش السلمي والشروع بحزم في جمع السلاح وجبر الضرر الجمعي والفردي وإزالة آثار الحرب.
• وتهيئة القرى بتوفير الخدمات والأمن لعودة اللاجئين لقراهم الأصلية وتوفير المعينات لسبل كسب العيش.
• مراجعة اتفاقيات الاستثمار الأجنبي وبيع الأراضي الزراعية والمراعي والإيجارات طويلة الامد في المشاريع المروية ومناطق الزراعة المطرية التقليدية والآلية والمراعي الممتدة.
• ايقاف مشروعات السدود.
• صيانة وحماية التربة وإعادة الغطاء النباتي والغابي.
• إعادة النظر في اتفاقية جوبا وما نتج عنها من حلول جزئية ومحاصصات في السلطة وتحويل السلام إلى فعل شعبي قاعدي يعالج السالب في العلاقات والثقافات مع إقامة المؤتمر الدستوري بمشاركة وتوافق أهل السودان في نهاية الفترة الانتقالية.
سادساً:
• التطبيق الصارم لمبدأ سيادة حكم القانون ومبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب بتحقيق العدالة الانتقالية والعقابية مع تسليم كل مطلوبي المحكمة الجنائية الدولية.
• كشف نتائج تحقيقات مجزرة فض الاعتصام في العاصمة والأقاليم وتقديم الجناة للمحكمة.
• إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وإلغاء العقوبات التى تحط من الكرامة الإنسانية وقصر نشاط أجهزة الأمن والمخابرات على جمع وتحليل المعلومات ورفعها للجهات المختصة.
• الالتزام الصارم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية وإدراجها في نصوص القوانين.
• تكوين مفوضيتي القضاء والنيابة ووضع الاسس التى تضمن حيدة واستقلالية الاجهزة العدلية.
سابعاً:
• سياسة خارجية تنطلق من مصالح شعبنا وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى وتقوم على تبادل المنافع تلتزم بإخلاء أرض ومياه السودان من القواعد الأجنبية.
• البعد عن سياسات المحاور والانسحاب من الحلف العربي الإسلامي والأفريكوم وسحب قواتنا من اليمن.
• علاقات متميزة مع شعوب الدول المجاورة وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والتحكيم الدولي.
• توطيد علاقات الصداقة مع الشعوب والدول وحسن الجوار وعدم التدخل في الشأن الداخلي والنضال معها للحفاظ على سلامة الأرض والبيئة ودرء الكوارث والحروب والتضامن مع الشعوب المقهورة.
ثامناً:
• إعادة تأهيل مرافق الدولة الخدمية كالسكة حديد والنقل النهري والبحري والجوي.
• توفير فرص العمل وتدريب وتأهيل الشباب ورفع قدراتهم العملية والمهنية
• إعادة النظر في التعاقدات الممنوحة للصناعات الاستخراجية البترول الغاز والمعادن والالزام بقواعد الحفاظ على البيئة وسلامة الأشخاص وتحريم استخدام المواد المضرة بصحة الحيوان والإنسان.
• الحفاظ على الوظيفة الاجتماعية للدولة بتوفير التعليم المجاني والعلاج المجاني في المراكز الحكومية.
• اتفاق ملزم حول سد النهضة يضمن حماية أراضينا من الغمر وحماية منشآتنا المائية وتوفير المياه الكافية لمشروعاتنا الزراعية والعمرانية والإمداد الكهربائي اللازم.
تاسعاً:
تكوين مجلس تشريعي ثوري من كل الفئات التى شاركت في الثورة يقوم باختيار الحكومة وتعيين مجلس سيادي من المدنيين.
الميثاق:
نحن شعب السودان وقواه الثورية الحية العازمة على استكمال مهام ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة وتحقيق أهدافها في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق السلام، نقف بعد عامين من مسيرة ثورتنا التي تم اختطافها من قبل تحالف العسكر وقوى الهبوط الناعم والسير بها على نفس سياسات النظام البائد، وفي ذات الطريق الذي أدى إلى إفقار شعبنا ونهب موارده وإشعال الحروب في أجزاء عزيزة من أرضه، نعلن اننا واعتماداً على الوجود الجماهيري المتعدد الاشكال والمستويات في الشارع السوداني ، باعتباره العامل الحاسم والسلاح المجرب في تاريخنا النضالي وباستمرار التراكم النضالي والجماهيري الجاري من مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية وصولاً للإضراب السياسي والعصيان المدني قد توافقنا على:
• الاستمرار في النضال حتى استرداد الثورة من تحالف العسكر والهبوط الناعم وتنحي السلطة الحالية بشقيها المدني والعسكري وتقديم البديل الملتزم بتطلعات شعب السودان في الحرية والسلام والعدالة.
• بناء الدولة المدنية الديمقراطية مستلهمين تجاربنا السابقة والدروس المستفادة منها متطلعين إلى تحقيق واقع أفضل يحقق السلام والرفاه لشعبنا ويساهم في بناء دولتنا.
• العمل على تصفية ركائز الرأسمالية الطفيلية والانحياز للعمل الإنتاجي وتولى قطاع الدولة تملك وإدارة القطاعات الاستراتيجية وتحفيز الحركة التعاونية وحماية القطاع الخاص الوطني.
حماية الحقوق والحريات العامة وإعمال مبدأ المساواة ومنع التمييز:
- توطيد واستدامة السلام بإزالة أسباب الاحتراب وعوامل الهجرة والتهجير وإنصاف الضحايا وعودة اللاجئين إلى أوطانهم الأصلية والوقوف بحزم ضد إثارة النعرات القبلية والتمييز على أساس العرق أو الدين أو الجهة أو اللغة أو اللون.
- التوجه نحو استدامة الديمقراطية بتحقيق ديمقراطية المجتمع والأسرة ونشر الحريات العامة والالتزام بالمواثيق العالمية والإقليمية لحقوق الإنسان والمساواة بين النساء والرجال في المشاركة السياسية وكافة مناحي الحياة.
- سياسة خارجية تنطلق من مصالح شعبنا وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى تحترم السيادة الوطنية وتقوم على تبادل المنافع.
- التأكيد على الدولة الموحدة مع الحكم اللامركزي ومشاركة الجماهير في السلطة على أن يكون المؤتمر الدستوري القومي وسيلتنا لتحديد كيفية توزيع السلطة والثورة وكيف يحكم السودان وللإجابة على سؤال الهوية.
- تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ودعم الدولة للسلع الأساسية والتعليم والصحة وتوفير خدمات الماء والكهرباء وتحسين صحة البيئة.
- حل كافة المليشيات والجيوش وقيام جيش قومي مهني واحد.
- ارجاع المفصولين عسكريين ومدنيين.
- القصاص للشهداء وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وإصلاح القوانين والنظام العدلي.
وإننا إذ نعلن توافقنا على ذلك نتعهد بتطبيق البرنامج المرفق بوثيقة السودان الأزمة وطريق استرداد الثورة.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي السوداني
الخرطوم 2 يونيو 2021م
alsirbabo@yahoo.co.uk
@yahoo.co.uk
الهجوم على الحزب الشيوعي مقدمة لمصادرة الديمقراطية (1) .. بقلم: تاج السر عثمان
1
تقديم:
منذ تأسيس الحزب الشيوعي كان الهجوم والافتراء كذبا عليه مقدمة لمصادرة الديمقراطية ، كما حدث في فترات الحكم الاستعماري وديكتاتورية عبود ، ومؤامرة حل الحزب بعد ثورة أكتوبر 1964، وديكتاتورية السفاح نميري الذي ارتكب جرائم مجازر الشجرة والتشريد والاعتقالات الواسعة بعد انقلاب 22 يوليو الدموي 1971، ونظام الجبهة الاسلاموية الفاشي الدموي الذي مارس ابشع درجات القمع والتعذيب والقتل العمد والتشريد من العمل ضد الشيوعيين.
لكن فشلت كل تلك المؤامرات وذهبت ريح الاستعمار بعد ثورة الاستقلال 1956، ونظام عبود بعد ثورة أكتوبر 1964 ، والنميري بعد انتفاضة أبريل 1985، والبشير بعد ثورة ديسمبر 2018 ، وبقي الحزب الشيوعي شامخا شموخ جبال مرة والتاكا ، يواصل نضاله دفاعا عن الكادحين وانجاز مهام الفترة الانتقالية المتشابكة في مستوياتها العليا مع مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.
بعد ثورة ديسمبر استمر الهجوم علي الحزب وقيادته والأفتراء عليه كذبا بهدف تكريس "الهبوط الناعم " الذي ينسف الفترة الانتقالية ،ويعيد سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية والتفريط في السيادة الوطنية وتهديد وحدة البلاد، و اجهاض الفترة الانتقالية بانتخابات مبكرة أو انقلاب عسكري ، كما حدث بعد ثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة أبريل 1985، مثل أكاذيب "الكيزان" وأعداء الحزب حول "حكومة الشيوعيين"، و"اسقاط الحكومة" يعني اسقاط الفترة الانتقالية، و"الشيوعيون بطرحهم اسقاط الحكومة يركبون في سرج واحد مع المؤتمر الوطني" ، علما بأن المؤتمر الوطني ما زال يهيمن علي كل مفاصل السلطة والدولة بعد انقلاب لجنته الأمنية الذي قطع الطريق أمام الثورة، وكرّس استمرار التمكين، فضلا عن أن خلافه مع "شراكة الدم " شكلي حول من يحكم لينفذ شروط صندوق النقد الدولي التي افقرت الشعب السوداني، وقمع الجماهير والتفريط في السيادة الوطنية والاستمرار في الحلول الجزئية التي تهدد وحدة البلاد كما فعلوا في انفصال الجنوب، فاسقاط "شراكة الدم" يعني اسقاط النسخة الثانية من الانقاذ ، واستكمال الثورة بتفكيك التمكين واسترداد الأموال المنهوبة، ومحاسبة ومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب وضد الانسانية ، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية والقصاص للشهداء ، واسترداد الثورة وانجاز مهامها.
2
فيما يلي الوثيقة التي قدمتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي للاضافة والتعديل بعنوان " السودان الأزمة وطريق استرداد الثورة والميثاق" لقوي الثورة والحادبين عليها.
حددت "الوثيقة" طبيعة الأزمة بعد انقلاب اللجنة الأمنية، ودروس التجربة، و البرنامج البديل بعد" اسقاط شراكة الدم"، وقوي الثورة بعد الاصطفاف الجديد ، والأداة لاسقاط السلطة ، ومواصلة النضال لانجاز مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني
وثيقة .. السودان الأزمة وطريق استرداد الثورة
تمر بلادنا بظروف سياسية واجتماعية واقتصادية بالغة التعقيد كنتيجة منطقية لعدم اكتمال ثورة ديسمبر وعدم تحقيق أهدافها الأساسية التي شاركت الجماهير العريضة من أبناء وبنات شعبنا بكافة فئاتها وبكل انتماءاتها السياسية ومن مختلف أرجاء البلاد في صياغة مضامينها وأهدافها، عبر النضال الجسور الذي خاضته لمدة طويلة من أجل تحقيق أهدافها، ودفعت فيه ثمن تضحياتها دماءً عزيزة وثم تعرضت لانتهاكات جسيمة، هذه الجماهير كانت تتوق لأن تحقق أهداف وشعارات واسعة تمكنها من مفارقة المسار السياسي الاقتصادي الاجتماعي القديم، وفتح الطريق لاستكمال الثورة الوطنية الديمقراطية وفك حصار التبعية لدوائر رأس المال العالمي وإدارة موارد البلاد وثرواتها وتوظيفها للارتقاء بحياة شعبنا وتوفير الرفاه له والتعاون وتبادل المنافع مع شعوب العالم والتعامل معها بندية ومع ذلك لم ينجح حراكها وصمودها في خط المواجهة مع الانقلابيين الجدد، إلا في الإطاحة برأس النظام البائد ونتج ذلك لحد كبير عن التحول الجذري في مواقف بعض القوى المنتسبة لقوى الحرية والتغيير والتي اتضح من خلال تجربتها في الحكم موقفها المضاد لتطور الثورة لمراقيها المنطقية بإكمال دورة صراع القوى التي قادت التغيير ضد مشروع الطفيلية الإسلاموية وممثليها داخل الحركة الإسلامية وخارجها، ونجدها بدلاً عن ذلك قادت البلاد للردة الشاملة وتحولت إلى بوق يعبر عن الانقلاب العسكري الذي قطع الطريق أمام تقدم الثورة وتحقيق شعاراتها وتواطأت معه بشكل مكشوف في مواجهة القوى الحقيقية التي دعت للتغيير وقادت حراك ثورة ديسمبر المجيدة وبرز خلال ذلك الانقسام الطبقي والاجتماعي بين تيار الهبوط الناعم وبين قوى الثورة في إدارة الدولة وأجهزتها المختلفة لتنفيذ أهداف وشعارات الثورة التي لا يمكن اكتمال بنائها دون التمثيل الواسع لقواها الحية والحقيقية في أجهزة الحكم. وفي المقابل سعت قوى الردة لتمرير مشروعها المعادي لجماهير الثورة مستعينة بدعم ومساندة دول ومحاور إقليمية ودولية وتدخلات صريحة ومباشرة من أجهزة استخباراتها. ونجح تيار الهبوط الناعم من خلالها في تحقيق نجاحات مؤقتة مكنته من قلب موازين القوى داخل قوى الحرية والتغيير، وأدى لتبني مشروعها الذي لا يلبي تطلعات الجماهير ولا يواكب المتغيرات في الساحة السودانية على مستوى تنظيمات الجماهير وتبني سياسات النظام البائد المعبرة عن مصالح الرأسمالية الطفيلية في مواقعها المختلفة والتي تسعى لتكريس هيمنة دول ومحاور بعينها على موارد البلاد وتوجيه قرارات حكومتها لخدمة أجندتها. مستفيدة من مواقف الهبوط الناعم وانفراد مكوناته مع حلفائه في المؤسسة العسكرية، بالسلطة وبالتالي الهيمنة على القرارات السياسية والسيادية خلال فترة الانتقال مما أتاح التمدد السلس لأشكال مختلفة من الوجود الإمبريالي وتأثير أجندته الاستعمارية في مختلف المجالات وعلى رأسها الموارد، وقد مهد لذلك اعتماد السياسات الاقتصادية لحكومة الفترة الانتقالية على المنح والهبات والتبرعات والودائع ولحد الاستدانة والخضوع لسياسات المؤسسات التقليدية لرأس المال العالمي (صندوق النقد والبنك الدوليين) بالشراكة مع الدول والمحاور ذات الأطماع في موارد ثروات البلاد وخير مثال لذلك الاستجابة السريعة لحكومة الفترة الانتقالية لضغوط هذه التكتلات المالية والمبادرة باتخاذ التدابير الأكثر ضرراً ببنية ووجهة تطور الاقتصاد السوداني، وذلك باعتماد سياسات هيكلته وفق مشيئة تلك المؤسسات واتباع منهج تحرير الأسعار ورفع الدعم عن السلع الضرورية وتعويم العملة الوطنية وإبعاد دور الدولة في مجال الخدمات الضرورية بما في ذلك الصحة والتعليم وإصحاح البيئة. وغيرها، ويمتد الارتهان لمشيئة تلك الدول والمؤسسات ليشمل تنفيذ أجندتها حول الاتجار بالبشر وأوضح نموذج لذلك هو الارتزاق في حرب اليمن وليبيا، وكذلك خرق سيادة البلاد والتفريط في الأراضي وقبول تدخلات الدول والمحاور في القرارات والتسويات المتعلقة بها (الفشقة وحلايب وشلاتين والاستثمارات الزراعية الأجنبية التي اقتطعت مساحات شاسعة من الأراضي السودانية لفترات طويلة) ويمثل ذلك انتهاكاً خطيراً لقوانين الأرض السائدة لعشرات السنين، وقد أصبح معلوماً لشعبنا بالتجربة فشل السياسات الاقتصادية التي تغض الطرف عن الحلول الوطنية لمعالجة أزمات الاقتصاد اعتماداً على الموارد التي تمتلئ بها أرض السودان وسهوله وموارده المائية الغنية، وعبرت عنها، أي الحلول الوطنية، نتائج المؤتمر الاقتصادي، كما عبرت عنها شعارات وأهازيج الثورة ومطالب الثوار وظلت حكومة الفترة الانتقالية تتجاهل هذه الحلول وتعول بشكل جذري على الحلول الأجنبية وتسعى لمواصلة سياسات النظام البائد في عقد الاجتماعات وورش العمل والمؤتمرات السرية التي تهدف لبيع الموارد الوطنية مقابل الديون والتمويل بالاستدانة من النظام المصرفي العالمي، بل ومن بعض الدول حتى الفقيرة منها واتصلت هذه المساعي خلال فترة الانتقال بدءاً من الاجتماعات السرية حول التطبيع مروراً باجتماع برلين حول الديون والإلحاح في طلب الودائع والدعم المذل من دول الخليج العربي انتهاءً بمؤتمر باريس، وعموماَ أصبحت البلاد وحكومتها عرضة لكل الاحتمالات التي تلبي الأجندة والمصالح الأجنبية دون أن تعنى بمصالح واحتياجات مواطنيها، وامتد تأثير الأجندات الأجنبية للعمل المباشر لضرب وحدة قوى الثورة والتمهيد لهزيمة أهدافها ومضامين ثورتها، يحدث كل ذلك بالتواطؤ مع قوى الهبوط الناعم الذي وطد تحالفه بالرجعية العسكرية والاجتماعية وربط مصالحه بمصالح دول ومحاور بالمنطقة وقد أدت هذه المواقف الخائرة لهذا التحالف المعادي للثورة السودانية إلى إفساح المجال وفتح الطريق أمام قادة الانقلاب لالتقاط انفاسهم والعمل على تشكيل القاعدة الاجتماعية لحكمهم، من فلول النظام البائد ورموز الحركة الإسلاموية واختراق القطاع التقليدي عبر الوجوه المتكررة للإدارات الأهلية، ومحاولة شرعنتها بطرح قانون الإدارة الأهلية واقتراح قانون غير ديمقراطي للحكم المحلي إضافة للاستقطاب وسط الحركات المسلحة في أعقاب سلام جوبا المرسوم بعناية لدعم سلطة الانقلاب وإقصاء قوى الثورة من دائرة التأثير في القرار السياسي والسيادي والتمهيد لتمرير مشروع استعماري جديد يؤدي لفتح حدود البلاد بالكامل واستباحة أراضيها وانتهاك سيادتها لصالح دول ومحاور بعينها مما أتاح لها فرصة التحكم في مواقف السودان عبر وكلائها بمجلسي السيادة و الوزراء ومجلس الشركاء الذي لا يتمتع بأدنى شرعية وفقاً لوثيقة التأسيس وما تم الاتفاق عليه في الوثيقة السياسية برغم عدم اعترافنا بتلك الوثائق المعيبة.
• القوى المضادة للثورة:
هي القوى المرتبطة بقوى ومجموعة مصالح خارجية والتي قامت بتدمير القوى المنتجة وخضعت تماماً لمآلات التوازن الإقليمي والدولي وفرطت في سيادة الوطن ووحدته وأمنه وأراضيه، وشرعت في بناء تحالفاتها مع بداية أزمة نظام الحركة الإسلامية بطرح مشروع التسوية الموصوف "بالهبوط الناعم"، برعاية إقليمية ودولية ويهدف إلى توسيع قاعدة النظام بضم القوى المعارضة التي تنسجم مصالحها مع مصالح الرأسمالية الطفيلية وفرضها على الفترة الانتقالية للمحافظة على تبعية النظام غير المباشرة وقيامه بدور الوكيل لمصالح الدوائر الإقليمية، تلك القوى التحقت بالثورة عند تصاعد المد الجماهيري ووقعت على وثيقة إعلان الحرية والتغيير تحت ضغط قواعدها وجماهيرها في اللحظة التى بدأ فيها وضوح معالم الثورة واضطرت لاعتماد إعادة هيكلة السودان وإعلان الحرية والتغيير برنامجاً للفترة الانتقالية ووقعت أيضاً على الإعلان الدستوري المؤقت المقدم من قوى الإجماع لحكم المرحلة الانتقالية وكانت هذه أولى حلقات التآمر على الثورة.
• قوى الثورة ومواثيقها:
هي القوى صاحبة المصلحة في التغيير والتي تدرك قدرة الشعب على الصمود في جبهة المقاومة للسياسات المعادية لأهدافه ومطالبه سواءً صدرت من الحركة الإسلامية صاحبة المشروع أو من حلفائها الجدد المؤمنين بذات المشروع الذي رفضته ثورة شعبنا في ديسمبر 2018 وهى بلا شك تمتلك مخزوناً لا ينضب من القوة بأكثر مما يمتلك النظام وقواه الاجتماعية وما يمارس من احتكار لآلة العنف والقمع ولا يمنع ذلك أهمية تقييم تلك القوى وفقاً لقوانين توازناتها الاجتماعية والسياسية وأيضاً وفقاً لمجرى الصراع والذي يشهد بتجدد الطاقة الثورية لشعبنا واستعداده لبذل المزيد من التضحيات في سبيل تحقيق أهدافه الأساسية حول الحرية والسلام والعدالة بالصمود والإصرار على إبقاء جذوة الثورة حية والاستمرار في المقاومة وقد تمثل هذا الفعل الثوري في محطات كثيرة لن يكون أخرها ما حدث في المواكب الباسلة لإحياء الذكرى الثانية لفض الاعتصام والشاهد احتشاد الطاقات والهمم لإنجاح وتسيير مواكب يونيو القادم.
• مراحل الثورة وما لازمها من عثرات وأخطاء:
الثابت أن مجموعة الهبوط الناعم كانت قد اضطرت للتوقيع على وثيقة قوى إعلان الحرية والتغيير تحت ضغط قواعدها وجماهيرها في اللحظة التي بدأت فيها معالم الثورة تتضح، واضطرت أيضاً لاعتماد ميثاق إعادة هيكلة السودان وإعلان الحرية والتغيير برنامجاً للفترة الانتقالية التي أتفق على أن تكون أربع سنوات ثم تم التوقيع على الإعلان الدستوري المؤقت والمقدم من قوى الإجماع الوطني لحكم المرحلة الانتقالية وتمت أيضاً الموافقة على وثيقة نقل السلطة من النظام البائد إلى قوى الحرية والتغيير ووثيقة هيكلة ومستويات الحكم في المرحلة الانتقالية وبذلك كانت القوى السياسية على أهبة الاستعداد لاستلام السلطة وفقاً لهذه المواثيق والمضي قدماً في طريق التغيير الجذري وتحقيق شعارات الثورة، ولكن المجلس العسكري الذي مثل الوجه الجديد للجنة الأمنية برز في الساحة السياسية كحام لمصالح القاعدة الاجتماعية للنظام المباد وحلفائها من الطفيليين الجدد وتم تدخل سافر من دول المحور العربي الإسلامي (الأمارات، السعودية، مصر) لمنع المضي نحو التغيير الجذري، وفي ظل التناقضات العميقة التي برزت بين قوى التغيير حول مضمونه ومداه، جرت العديد من الاتصالات المشبوهة والاجتماعات في الخفاء مع بعض قيادات قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين ومنظمات المجتمع المدني وأصبح من الواضح جداً أن هناك ما يحاك سراً لفرض مشاركة المجلس العسكري في السلطة وحصوله على قيادة المرحلة الانتقالية وتوالت الرحلات ما بين عواصم دول المحور ودولة إثيوبيا ونفذت مذبحة فض الاعتصام بهدف إرهاب الشعب ولجم حراكه الباسل في وجهة ترسيخ أسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتواصلت حلقات التأمر بتوقيع الوثيقة الدستورية المعيبة وخروج الجبهة الثورية من تحالف قوى الحرية والتغيير تمهيداً للانقلاب الكامل على الثورة عبر اتفاقية سلام جوبا.
لازمت هذه المراحل من عمر الثورة وتجربتنا فيها العديد من الأخطاء ساهمت في مجملها في الوصول إلى نتائج لا تتناسب وعمق الثورة وحجم التضحيات نوجزها في الاتي:
1/ تم الاعتماد في بناء التحالف على قيادات القوى المنظمة والموجودة في الساحة وأدى ذلك لعزل القواعد وخلق فجوة عميقها بينها وبين التحالف القائم الذي تصدى لقيادة الثورة بمعزل عن الجماهير الفاعلة. على الأرض ونتيجة لذلك تحول لتنظيم للنخب ويحمل بداخله تناقضات فصائله حول مستوى ومضمون التغيير المنشود بين مجموعة مشروعي التغيير الجذري والهبوط الناعم ولذلك كان جزء كبير من قوى الثورة الحية تائهاً خارج مراكز صنع القرار. وربما قاد ذلك مع الوقت وتراكم الأخطاء التنظيمية والسياسية إلى رفض معظم القوى الحية والرائدة في الحراك تبني التعامل مع هذا التحالف حتى شارف على الاندثار في الراهن كما بدأ تأثيره في الأحداث ومراكز اتخاذ القرار في التلاشي، ويشكل هذا الواقع المذري خطراً داهماً على الديمقراطية وعلى الفترة الانتقالية نفسها لذلك يصبح من الصائب تصدي قوى الثورة لمهام ملء الفراغ وعلينا التصدي العاجل لواجب تجميع تلك القوى وتنظيمها من جديد.
2/ تم التغاضي عن وجود أعداء الثورة داخل التحالف بعد أن تم قبول دخولهم فيه على الرغم من مواقفهم وآرائهم السابقة المتعلقة بالتغيير بقصد عرقلة العملية الثورية ومنعها من أن تصل إلى مداها.
3/ الدعوة غير المباشرة للجيش للانضمام للثورة دون تحسب لأن قيادات القوات المسلحة منتقاة من ضمن تمكين النظام في القوات النظامية كافة وفى المجتمع للانضمام للثورة أصبحت الدعوة كأنما وجهت للجنة الأمنية فانضمت ويدها ملطخة بالدماء وهى تضمر الغدر بالثوار و بمكتسبات ثورتهم.
4/ طول أمد الاعتصام وتحوله لأداة شبه اجتماعية ووضع كل قوى الثورة في مكان واحد بدلاً من تواجدها في الشوارع حيث يصعب ضربها.
5/ طول أمد التفاوض مع اللجنة الأمنية مع وجود قوى منسقة معها داخل معسكر الثورة أتاح للقوى المتآمرة في الداخل والخارج الفرصة مع العسكر للالتفاف والسعي لإجهاض الثورة..
6/ اعتماد التمثيل عن طريق الكتل داخل قوى الحرية والتغيير مما قضى على مبدأ استقلال المواقف الحزبية وأعطى الأغلبية في الكتلة حق تحديد الموقف السياسي.
7/الشكل الهرمى لقوى الحرية والتغيير أدى لوجود مجموعة تنفرد بالقرار ووجود المجلس المركزي أدى فعلياً لإزاحة قوى الثورة وحجب صوت الجماهير من الوصول إلى مراكز اتخاذ القرار.
8/ كتلة قوى الإجماع الوطني وعلى الرغم من قيامها على مواثيق معلنة وموقف معلن من مشروع الهبوط الناعم إلا أن بعضها لجأ إلى التنسيق غير المعلن مع قوى نداء السودان مما أضعف الكتلة.
9/ التزم الحزب الشيوعي برأي الاغلبية داخل كتلة قوى الإجماع بدلاً عن الركون إلى نتائج تحليله العميقة لطبيعة المرحلة والفئات الاجتماعية المكونة للقوى السياسية داخل قوى الحرية والتغيير وطبيعة ودور اللجنة الأمنية وكذلك تأخره في اتخاذ الموقف الحاسم الذي يتسق مع رؤية الحزب لخدمة مصالح الجماهير.
ساهم وجود هذه الأخطاء مع عوامل أخرى أهمها الاصطفاف غير المعلن من قبل أعداء الثورة (القاعدة الاجتماعية للنظام السابق وفلوله والأجهزة الأمنية والعسكرية والمليشيات و الأعداء ممن تتفق مصالحهم مع قاعدة النظام) بالإضافة للعمل الاستخباراتي المهول من قبل دول المحور وغيرها ساهم كل ذلك في أن تتشكل سلطة قوامها عسكر ومدنيين، المدنيون فيها إما يعانون الضعف أو أن اختيارهم تم نتيجة ترتيبات سابقة بينهم وبعض الجهات الضالعة في التآمر ضد الثورة ونتيجة لعمل استخباراتي محكم.
• هذه السلطة هي الحلقة الثانية من حلقات التآمر على الثورة:
جاءت لتحكم وفقاً لترتيبات سابقة الهدف منها تنفيذ برنامج محدد يحافظ على أداء البلاد لدورها السابق بالاطلاع بأعمال الوكالة لرأس المال العالمي عبر وكلاء إقليميين (تبعية التبعية) والمحافظة على ذات المصالح وارتهان البلاد لمآلات توازن القوة الإقليمي والدولي بتوافق مصالح الفئات الحاكمة مع مصالح القوى الإقليمية والدولية لذلك اتسم أداءها بكل ما يدعم هذا الاتجاه وكانت أهم سماته:
* تجاهل كل الخطط الاقتصادية وكل الحلول التي تقوم على الاعتماد على الذات في معالجة الأزمة الاقتصادية بما فيها مقررات المؤتمر الاقتصادي وبدلاً عن ذلك ارتمت حكومة الفترة الانتقالية في دائرة الخضوع الكامل لمؤسسات التمويل الدولية والالتزام بتنفيذ شروطها مع الاستمرار في الاقتراض الذي يعني مزيد من الخضوع لضغوط الخارج وأصبح رهانها مقتصراً على مؤتمرات الدعم (برلين- باريس) التي لا تعني سوى المزيد من الوعود والمزيد من الضنك والفقر والتجويع مع رفع يد الدولة عن العمل الإنتاجي والخدمي بما في ذلك التعليم والصحة لصالح القطاع الخاص المحلى والأجنبي.
* سن القوانين التي تتيح تنفيذ سياسات السوق الحر كاملة وإعمال شروط مؤسسات التمويل الدولية مثل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي ما هو إلا غطاء للخصخصة وإضعاف للقطاع العام وإلغاءه تدريجياً الأمر الذي يؤدي إلى إفراغ مبدأ المواطنة أساس الحقوق والواجبات من محتواه بانتفاء المساواة وإحداث تفاوت واسع في الدخول والقدرة على شراء الخدمات العامة بما فيها فرص التعليم والعلاج وحتى مياه الشرب النقية وفقدان فقراء المزارعين والرعاة أراضيهم وسبل كسب العيش وهجران الأرض تحت تغول واستيلاء الشركات ورؤوس الأموال الأجنبية.
* فتح البلاد لقوى رأس المال الخارجي الاستنزافي الذي يأخذ ولا يعطي ولا يجدد القوى الاجتماعية للمجتمع ويعمل للإنتاج من أجل الصادر لتلبية احتياجات السوق العالمي ونقل الفائض الاقتصادي للمنتج للخارج تحت الشروط المجحفة للمؤسسات الرأسمالية العالمية مع اهمال تلبية احتياجات الشعب بالداخل وعدم الاهتمام برغبته في الاعتماد على الذات وتحرير إرادة الدولة من الارتهان لدوائر رأس المال الإقليمي والعالمي.
* اختطاف السلام وصياغة نتائجه لتخدم مصلحة حلفائها من قيادات الحركات المسلحة وتمكينهم من السلطة دون الاكتراث للنتائج التي أصبحت كارثية بسبب تجاوز أصحاب المصلحة في السلام وتكوين جهاز دولة إقصائي يقوم على مجموعة صغيرة صلتها بالجماهير ضعيفة وتكاد تكون منعدمة.
* مفارقة الحل الشامل لمسألة القوميات في السودان في إطار معالجة جذور الأزمة التي أنتجتها وتناول خصوصيات كل منطقة وإقليم وقومية في إطار الحل العام والتحضير للمؤتمر الدستوري المقترح في نهاية الفترة الانتقالية بعد تهيئة الظروف وجبر الضرر وضمان مشاركة الجميع لتحديد كيف يحكم السودان وعدالة توزيع السلطة والثروة وإدارة التنوع والمشاركة في رسم ملامح دستور السودان.
* وقف تكوين هياكل السلطة الانتقالية وعلى وجه الخصوص تلك التي لها علاقة بالرقابة على السلطة وإنفاذ القانون والتشريع (مجلس تشريعي- محكمة دستورية - مفوضيات) مع تحويل وثيقة دستور الانتقال إلى نصوص مشرعة ومفتوحة للتعديل متى وكيفما رغبت السلطة وفي ذلك احتقار للدستور والقانون، والاستناد على نصوص الوثيقة المعيبة وتفسيرها وفقاً لرغبة السلطة للتغول على سلطة التشريع وإنتاج حزمة من القوانين تخدم مشروع السلطة وتضمن تنفيذ برنامجها المعادي لجماهير الشعب والمؤدي إلى إفقارهم وتجويعهم.
* الانتهاك المستمر للحقوق والحريات واطلاق يد المليشيات والنظاميين في الاعتداء على حقوق الناس وحرياتهم بمختلف الطرق مع استهداف واضح لعضوية لجان المقاومة والمناضلين المتصدين لإخفاقات السلطة وأخطائها وغض الطرف عن ما يحدث من ترويع وإرهاب واختفاء قسري ونهب في الشوارع وقتل وترويع في مناطق النزاعات وفي شوارع المدن.
* الانقلاب الكامل على الثورة بتكوين مجلس الشركاء وإقصاء قوى الثورة بالكامل لصالح قاعدة النظام السابق وحلفائها.
كل ذلك يشير وبوضوح تام إلى طبيعة السلطة الانتقالية وحقيقة انحرافها عن مسار الثورة وسعيها للالتفاف على شعاراتها الأمر الذي دفع العديد من القوى الوطنية للتقدم بمبادرات لجمع الصف الوطني.
وإزاء هذا كان لا بد لنا من التأكيد على أنه لا عودة للوراء وسنتقدم نحو المستقبل حاملين الدروس المستفادة من التجربة بكل سلبياتها وايجابياتها لتحقيق خيارات وشعارات الثورة وانتزاع الحقوق وتنصيب البديل الملتزم بتطلعات شعب السودان في الحرية والسلام والعدالة والعمل على تصفية ركائز الرأسمالية الطفيلية والانحياز للعمل الإنتاجي وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية المعبر عنها في مواثيق الثورة وبرنامجها المعلن في يناير 2019، ولأننا ندرك أن المحافظة على حالة النهوض في أوساط الحركة الجماهيرية المبعثرة في غياب القيادة المؤهلة لحراكها بسبب التفكك الذي اعترى بعض تحالفاتها على الأرض يحتاج في جميع الأحوال إلى إعادة تجميعها عبر مشروع وطني ديمقراطي يلبي أهدافها وتطلعاتها المعروفة والمتفق عليها من خلال مسيرة طويلة من التحالفات التي تمخضت جميعها عن مواثيق وتفاهمات جيدة حول القضايا المصيرية للوطن وشعبه وحول تفاصيل الحكم والهوية والموارد والاقتصاد.
ولا شك أن القوى صاحبة المصلحة في التغيير الجذري الذي ينقل البلاد في وجهة فك احتكار السلطة والثروة واحتكار الحق في فرض مشاريع صفوية على السواد الأعظم من شعب السودان دون مراعاة التعدد والتنوع بينه في اللغة والثقافة والدين والإثنيات ودون مراعاة التباين الجغرافي والاختلاف في مستويات التنمية والبنى التحتية وغيرها، ولا شك أن الجماهير التى عانت ويلات وتداعيات سوء إدارة هذا الواقع المتعدد من فقر وجهل وحروب وانعدام تنمية وتمييز هي المؤهلة لخلق هذا التحالف العريض وقيادته وبناء قاعدته التي تمثل السواد الأعظم من جماهير الشعب، وعليه فأننا ندعوا جماهير شعبنا وكل قواه الحية التواقة للتغيير الجذري من (لجان المقاومة - تجمع المهنيين - جماهير الحركات والأحزاب- أجسام مطلبية - نقابات ولجان تسيير- تنظيمات شبابية ونسائية - تنظيمات عمال ومزارعين وتنظيمات طلاب و… الخ) للاصطفاف في جبهة عريضة لاستعادة الثورة من هذه السلطة السياسية والاجتماعية المفارقة لشعارات الثورة والمرتهنة للخارج واستعادة الثورة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية مستلهمين تجاربنا السابقة (التجمع الوطني الديمقراطي - تحالف قوى الإجماع - قوى الحرية والتغيير) والبناء على ما أنجز من أجل انتزاع الحقوق والحريات الديمقراطية بعد الثورة وما أنجز من تفكيك جزئي للنظام البائد مستندين على المواثيق السابقة (القضايا المصيرية أسمرا ١٩٩٥) - (البديل الديمقراطى٢٠١٢) - إعادة هيكلة الدولة السودانية أبريل ٢٠١٦ - (إعلان الحرية والتغيير يناير ٢٠١٩) مع الالتزام بتطويرها، اعتماداً على الوجود الجماهيري المتعدد الأشكال والمستويات في الشارع السوداني باعتباره العامل الحاسم واستمرار التراكم النضالي والجماهيري الجاري من مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية واضرابات… الخ حتى الانفجار الشعبي الشامل والإضراب السياسي والعصيان المدني وفق برنامج يمكن بلادنا من الخروج من المأزق الحالي المتمثل في اختطاف الثورة بواسطة قوى الهبوط الناعم وفلول النظام السابق، وذلك عن طريق النهوض السلمى الجماهيري والانتفاضة الشعبية ومرجعية المواثيق السابقة ونقدم اقتراحاً للملامح العامة للبرنامج للمناقشة والإضافة والتعديل وذلك على النحو الاتي:
أولاً:
يهدف هذا البرنامج إلى تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تقوم على الفصل بين السلطات وتكون فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة وتحقيق قواعد الوحدة في التنوع وإصلاح القوات المسلحة بحيث تعبر عن هذا الهدف وينحصر دورها وبقية القوات النظامية في حماية أمن وحقوق وحريات كافة مواطنيها وحماية أرضها وثرواتها وتعمل تحت أمرة القوى المدنية وبعقيدة الولاء للوطن والديمقراطية والدستور مع حل وتسريح كافة المليشيات والحركات المسلحة وفق الترتيبات الأمنية المتعارف عليها دولياً وحصر حمل السلاح في القوات النظامية.
ثانياً:
• التأكيد على الدولة الموحدة مع الحكم اللامركزي ومشاركة الجماهير في السلطة.
• توفير الموارد والأموال للازمة للحكم المحلي مع ضمان استقلالية القرار.
• التزام السلطات المحلية والإقليمية بتنفيذ الخطط الاقتصادية الاجتماعية والتنموية المركزية بغرض توجيه الموارد لتحقيق تنمية متوازنة وعدالة اجتماعية.
ثالثاً:
• التمسك والتوجه نحو استدامة الديمقراطية بتحقيق ديمقراطية المجتمع والأسرة، ونشر الحريات العامة، والالتزام بالمواثيق العالمية الإقليمية لحقوق الإنسان، ومساواة المرأة والرجل، وتمييز دورها الإنجابي، والحفاظ على حقوق الطفل، ورعاية المسنين وأصحاب الاحتياجات الخاصة.
• إجازة قانون النقابات الموحد والحفاظ على استقلالية وديمقراطية ووحدة الحركة النقابية والمحافظة على تقاليدها.
• استعادة شرعية اتحادات المزارعين.
تكوين مجلسين للثقافة والإعلام مع العمل على إعلام حكومي وخاص يتمتع بالاستقلالية والحرية والحماية لمصادر المعلومات يقوم على التعدد والتنوع الثقافي والمعرفي ويستخدم ويواكب التطور التقني.
• رعاية المبدعين ورفع قدراتهم وتشجيعهم على عرض ونشر إبداعاتهم.
• إعادة البنيات التحتية للنشاط الثقافي من مسارح ودور عرض متاحف ومعارض وأندية ونشر المكتبات العامة ومراكز وأندية الإبداع في القرى والمدن.
• فتح المدارس والكليات لاستيعاب المبدعين.
• تنظيم اتحادات وجمعيات المبدعين والإعلاميين المستقلة.
رابعاً:
• نظام اقتصادي مبني على الاقتصاد المختلط القطاع العام والقطاع الخاص والتعاوني قائم على تخطيط اقتصادي اجتماعي مركزي يحقق التوزيع العادل للثروة والتنمية قطاعياً وجغرافياً مع التمييز الإيجابي للأقاليم الأقل نمواً، والانحياز بقدر كافي للإنتاج والمنتجين الوطنيين يتولى فيه قطاع الدولة تملك وإدارة القطاعات الاستراتيجية وتحفيز الحركة التعاونية وحماية القطاع الخاص الوطني وجذب الاستثمارات الأجنبية في إطار التخطيط وبرامج التنمية المعتمدة.
• يضمن العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة يحمي الثروات الوطنية ويفتح الأفق أمام التطور الإنساني.
• إصلاح الجهاز المصرفي ومؤسسات النقد والتأمين والخضوع لرقابة البنك المركزي.
• تحقيق احتياطي نقدي معتبر بالاستغلال الرشيد للموارد واستعادة الأموال المنهوبة.
• التمسك بالبرنامج الإسعافي لقوى الحرية والتغيير.
• احتفاظ الدولة بالمشاريع المروية القومية واستعادة الوحدات التي تمت خصخصتها وإلغاء قانون مشروع الجزيرة ٢٠٠٥ وقانون أصحاب الإنتاج الزراعي والحيواني ٢٠١١م.
• الاهتمام بمعاش الناس ورقابة الأسواق والمواصلات وكل المرافق المرتبطة بالتعامل المباشر مع احتياجات وحياة الناس.
خامساً:
• توطيد واستدامة السلام بإزالة أسباب الاحتراب وعوامل الهجرة والتهجير.
• إعلان ايقاف الحرب وفرض هيبة الدولة واستبعاد كل الحلول العسكرية والأمنية لمسألة القوميات والإيفاء بالحقوق المشروعة.
• والتوجه نحو إجراء المصالحات القبلية وعقد المؤتمرات للتوافق على أسس التعايش السلمي والشروع بحزم في جمع السلاح وجبر الضرر الجمعي والفردي وإزالة آثار الحرب.
• وتهيئة القرى بتوفير الخدمات والأمن لعودة اللاجئين لقراهم الأصلية وتوفير المعينات لسبل كسب العيش.
• مراجعة اتفاقيات الاستثمار الأجنبي وبيع الأراضي الزراعية والمراعي والإيجارات طويلة الامد في المشاريع المروية ومناطق الزراعة المطرية التقليدية والآلية والمراعي الممتدة.
• ايقاف مشروعات السدود.
• صيانة وحماية التربة وإعادة الغطاء النباتي والغابي.
• إعادة النظر في اتفاقية جوبا وما نتج عنها من حلول جزئية ومحاصصات في السلطة وتحويل السلام إلى فعل شعبي قاعدي يعالج السالب في العلاقات والثقافات مع إقامة المؤتمر الدستوري بمشاركة وتوافق أهل السودان في نهاية الفترة الانتقالية.
سادساً:
• التطبيق الصارم لمبدأ سيادة حكم القانون ومبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب بتحقيق العدالة الانتقالية والعقابية مع تسليم كل مطلوبي المحكمة الجنائية الدولية.
• كشف نتائج تحقيقات مجزرة فض الاعتصام في العاصمة والأقاليم وتقديم الجناة للمحكمة.
• إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وإلغاء العقوبات التى تحط من الكرامة الإنسانية وقصر نشاط أجهزة الأمن والمخابرات على جمع وتحليل المعلومات ورفعها للجهات المختصة.
• الالتزام الصارم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية وإدراجها في نصوص القوانين.
• تكوين مفوضيتي القضاء والنيابة ووضع الاسس التى تضمن حيدة واستقلالية الاجهزة العدلية.
سابعاً:
• سياسة خارجية تنطلق من مصالح شعبنا وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى وتقوم على تبادل المنافع تلتزم بإخلاء أرض ومياه السودان من القواعد الأجنبية.
• البعد عن سياسات المحاور والانسحاب من الحلف العربي الإسلامي والأفريكوم وسحب قواتنا من اليمن.
• علاقات متميزة مع شعوب الدول المجاورة وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والتحكيم الدولي.
• توطيد علاقات الصداقة مع الشعوب والدول وحسن الجوار وعدم التدخل في الشأن الداخلي والنضال معها للحفاظ على سلامة الأرض والبيئة ودرء الكوارث والحروب والتضامن مع الشعوب المقهورة.
ثامناً:
• إعادة تأهيل مرافق الدولة الخدمية كالسكة حديد والنقل النهري والبحري والجوي.
• توفير فرص العمل وتدريب وتأهيل الشباب ورفع قدراتهم العملية والمهنية
• إعادة النظر في التعاقدات الممنوحة للصناعات الاستخراجية البترول الغاز والمعادن والالزام بقواعد الحفاظ على البيئة وسلامة الأشخاص وتحريم استخدام المواد المضرة بصحة الحيوان والإنسان.
• الحفاظ على الوظيفة الاجتماعية للدولة بتوفير التعليم المجاني والعلاج المجاني في المراكز الحكومية.
• اتفاق ملزم حول سد النهضة يضمن حماية أراضينا من الغمر وحماية منشآتنا المائية وتوفير المياه الكافية لمشروعاتنا الزراعية والعمرانية والإمداد الكهربائي اللازم.
تاسعاً:
تكوين مجلس تشريعي ثوري من كل الفئات التى شاركت في الثورة يقوم باختيار الحكومة وتعيين مجلس سيادي من المدنيين.
الميثاق:
نحن شعب السودان وقواه الثورية الحية العازمة على استكمال مهام ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة وتحقيق أهدافها في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق السلام، نقف بعد عامين من مسيرة ثورتنا التي تم اختطافها من قبل تحالف العسكر وقوى الهبوط الناعم والسير بها على نفس سياسات النظام البائد، وفي ذات الطريق الذي أدى إلى إفقار شعبنا ونهب موارده وإشعال الحروب في أجزاء عزيزة من أرضه، نعلن اننا واعتماداً على الوجود الجماهيري المتعدد الاشكال والمستويات في الشارع السوداني ، باعتباره العامل الحاسم والسلاح المجرب في تاريخنا النضالي وباستمرار التراكم النضالي والجماهيري الجاري من مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية وصولاً للإضراب السياسي والعصيان المدني قد توافقنا على:
• الاستمرار في النضال حتى استرداد الثورة من تحالف العسكر والهبوط الناعم وتنحي السلطة الحالية بشقيها المدني والعسكري وتقديم البديل الملتزم بتطلعات شعب السودان في الحرية والسلام والعدالة.
• بناء الدولة المدنية الديمقراطية مستلهمين تجاربنا السابقة والدروس المستفادة منها متطلعين إلى تحقيق واقع أفضل يحقق السلام والرفاه لشعبنا ويساهم في بناء دولتنا.
• العمل على تصفية ركائز الرأسمالية الطفيلية والانحياز للعمل الإنتاجي وتولى قطاع الدولة تملك وإدارة القطاعات الاستراتيجية وتحفيز الحركة التعاونية وحماية القطاع الخاص الوطني.
حماية الحقوق والحريات العامة وإعمال مبدأ المساواة ومنع التمييز:
- توطيد واستدامة السلام بإزالة أسباب الاحتراب وعوامل الهجرة والتهجير وإنصاف الضحايا وعودة اللاجئين إلى أوطانهم الأصلية والوقوف بحزم ضد إثارة النعرات القبلية والتمييز على أساس العرق أو الدين أو الجهة أو اللغة أو اللون.
- التوجه نحو استدامة الديمقراطية بتحقيق ديمقراطية المجتمع والأسرة ونشر الحريات العامة والالتزام بالمواثيق العالمية والإقليمية لحقوق الإنسان والمساواة بين النساء والرجال في المشاركة السياسية وكافة مناحي الحياة.
- سياسة خارجية تنطلق من مصالح شعبنا وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى تحترم السيادة الوطنية وتقوم على تبادل المنافع.
- التأكيد على الدولة الموحدة مع الحكم اللامركزي ومشاركة الجماهير في السلطة على أن يكون المؤتمر الدستوري القومي وسيلتنا لتحديد كيفية توزيع السلطة والثورة وكيف يحكم السودان وللإجابة على سؤال الهوية.
- تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ودعم الدولة للسلع الأساسية والتعليم والصحة وتوفير خدمات الماء والكهرباء وتحسين صحة البيئة.
- حل كافة المليشيات والجيوش وقيام جيش قومي مهني واحد.
- ارجاع المفصولين عسكريين ومدنيين.
- القصاص للشهداء وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وإصلاح القوانين والنظام العدلي.
وإننا إذ نعلن توافقنا على ذلك نتعهد بتطبيق البرنامج المرفق بوثيقة السودان الأزمة وطريق استرداد الثورة.
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي السوداني
الخرطوم 2 يونيو 2021م
alsirbabo@yahoo.co.uk
@yahoo.co.uk