الهدنة (الكضابة).. هل ستنجح في تحقيق أهدافها..؟

 


 

 

سألني أحد الأخوة عن التهدئة المزعومة بين الطرفين فذكرت له أن التهدئة ستكون وعود على الفاضي (هدنة كضابة) كما قالت خالة الكاتب الروائي حمور زيادة، لأن كل المؤشرات تقول ذلك، أولا من جانب مليشيات الدعم السريع اعتقد انها فقدت الاتصال بقياداتها على كل المستويات العليا والدنيا وأصبحت أعداد منهم هايمين على وجه الأرض وفي مهب الريح لا يعرف لهم مكان معين ولا وسيلة اتصال خاصة، وان كل معسكراتهم قد ضُربت، فمن الصعب جدا تنفيذ تهدئة من قبل مليشيا الدعم السريع.
ومن جانب القوات المسلحة فهي في تحدي كبير مع نفسها لا أعتقد سيتم الالتزام بالتهدئة، لان الجيش يريد كسب الوقت بأي طريقة وبأسرع ما يكون، لذلك رأينا اليوم القصف بالطيران بقوة في قلب الخرطوم، حتى إذا ما توقفت الحرب تكون كل المواقع بحوزته، وواضح الآن أن مليشيا الدعم السريع لا زلت تحتفظ ببعض المواقع المهمة، والأخطر من ذلك بحوزتها الكثير من أسرى ضباط القوات المسلحة الذين ندعو الله ان يحفظهم ويرعاهم من الانتقام، إذا ما صارت كل المواقع المهمة في يد القوات المسلحة وتم طرد المليشيات منها.
لكن للأسف كل المؤشرات تدل على أن الحرب سوف لا تتوقف في الزمن الذي نريده وستستمر فترة طويلة لأن منتسبي مليشيا الدعم السريع منتشرين في أماكن كثيرة داخل الخرطوم وخارجها وبشكل خاص في ولايات الغرب، فمن الصعب جدا التعامل معها بأي شكل من الاشكال، وبالنسبة لمستقبل العملية السياسية فإن وجود الدعم السريع داخل منظمة الحُكم في السودان قد بات من المستحيل، لذلك ستعمل المليشيات على ضرب الامن والاستقرار إذا ما حدث استقرار في البلاد، وأعتقد أنه كلما طال استمرار الحرب وحالة عدم الأمن سيكون ذلك سببا محفزا للتدخل الخارجي لا قدر الله ذلك، لأن بعض الدول ليس من مصلحتها عدم الاستقرار الأمني ففي ظل الهدوء تستطيع سرقة مواردنا بالطريقة التي تريد والسلع التي تريدها، وفي ظل الحرب المستمرة فإنها ستتضرر كثيرا لأنها أمنها الاقتصادي متوقف على موارد السودان..!
3 اشكالات
اعتقد أن الشعب السوداني يعاني من ثلاث اشكالات رئيسية في هذه الفترة العصيبة من تاريخ بلادنا العزيزة، الإشكال الأول والذي يقف حجر عثرة أمام تحقيق طموحات الشعب السوداني في دولة مدنية حضارية لها مكانتها بين دول العالم، هم الاسلامويون نعم هم أكبر معوق لمسيرة شعبنا وقد تسببوا في وضع السودان في كل المراتب الدنيا التي تؤكد على الفشل في قيادة البلاد نحو الأمن والاستقرار وفي الحفاظ على الدولة من الضياع، وبسببهم فقدنا جنوبنا الحبيب، الإسلامويون سيعملوا بكل ما أتوا من قوة لعودتهم للحُكم من جديد ولا يأبهوا بمصير بلد ولا شعب، ولا سمعة ولا تاريخ لكن أحسب أن الشعب السوداني كما أقام ثورته الظافرة في ديسمبر 2019م سيقف بقوة ضد هذه الطموحات الشيطانية وسيلقنهم درسا لن ينسوه.
الاشكالية الثانية هي الديكتاتورية العسكرية التي تعتبر أكبر مهدد أمني واقتصادي واجتماعي وكما هو معروف أن السودانيين بمختلف جغرافياتهم وسحناتهم وثقافاتهم ليس لديهم مشكلة مع قواتهم المسلحة التي لها في قلب كل حر يد سلفت ودين مستحق ومحبة واعتزاز، لكن لديهم مشكلة كبيرة وحقيقية مع الدكتاتورية العسكرية التي تريد أن تحكُم باسم القوات المسلحة كما حدث في عهد الرئيس البائد عمر البشير والآن الفريق عبدالفتاح البرهان لتنفيذ أجندات الاسلامويون وهي اجندات ليس لها ثمة علاقة بالسودان.
الاشكالية الثالثة اعتقد مقدور عليها، والمتمثلة في التدخلات الخارجية السلبية التي تريد سرقة موارد شعبنا، وأن يُحكم السودان من خارج الحدود بشكل ممعن في الهزيمة والخيانة وبيع مقدرات البلاد من أجل مصالح ذاتية زائلة
خلاصة القول أن الوضع في السودان قابل للاشتعال أكثر فأكثر حتى ولو نجحت الهدنة لأن هدف القوات المسلحة هو إزالة مليشيا الدعم السريع من واقع الحال، وهو أمر ليس بالساهل يحتاج لفترة طويلة من الوقت، هذه القوات الضخمة بمعداتها وأموالها تم تأسيسها في فترة طويلة حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن من ترسانة، ومن الصعب إزالتها في ساعات معدودة.

khssen@gmail.com
//////////////////////////

 

 

آراء