التوم هجو يغرد خارج السرب
( to say the least !)
عاد التوم هجو الكادر الإتحادي غير المعروف، عاد في خواتيم الثورة، بعد أن اطمأن تماماً أن كل شي تمام، وبعد شهرين من وفاة صنوه الشهيد المناضل النظيف الشريف على محمود حسنين (الذى لم يترحم عليه في أي من السوانح التى منحت له بالفضائيات)، وبعد شهر من اعتقال وطرد زميله بالجبهة الثورية البطل ياسر عرمان، الذى هبط على رجليه مشمراً سواعده بساحات النضال بكل تواضع وأريحية ووطنية منسجماً مع قيادة الحراك – التجمع النقابي المؤتزر بقوى إعلان الحرية والتغيير – بلا شنشنات أو تشويش أو مطالب ذاتية أو تفلت غايته البحث عن النصيب في الغنائم أو الوضع الزعامي؛ عاد التوم هجو في الزمن الإضافي للثورة، بخلاف هذين البطلين المحبوبين لدى الشارع السوداني، علي وياسر، وشرع على الفور في "اللخبطة" والفتنة والتشكيك في القيادة، مهتماً في الأساس بكل ما يقربه لحميدتي والمجلس العسكري، وليس للشارع؛ وأخذ يتحدث بإسم الجبهة الثورية "المظلومة" ويروج بخبث وانتهازية لأنها مهمشة من جانب قادة الحراك.
ولقد أحزنني وساءني حديثه قبل سويعة ب"الحدث" مع تسابيح الذى لم يترحم فيه على الشهداء في يوم الشهداء، ولم يتحدث عن أهداف الثورة الأساس – نقل السلطة للمدنيين وإزاحة المجلس العسكري من الصورة لكي تزول العراقيل الموضوعة في سبيل تفكيك دولة الإخوان المسلمين وبناء الديمقراطية التعددية في أجواء الحرية وحقوق الإنسان السالمة، ومعاقبة مرتكبي مجزرة 29 رمضان - بل ظل يتحدث عن الجبهة الثورية حديثاً لم يرد على ألسنة أرابيبها الأصليين حملة السلاح الذين شاركوا اليوم في مسيرات باريس (عبد الواحد) ولندن (دكتور جبريل وابنته د. سارة)، كأنه كان يحمل السلاح ويشارك في العمليات العسكرية بدار فور؛ بينما كان هذا الرجل من المستفيدين من المعارضة الأولي – التجمع الوطني الديمقراطي – التى هيأت له الإقامة كلاجئ ذى استثمار وشوكة مالية بالولايات المتحدة، مالكاً لشركة تاكسيات محترمة، وكلما تجتمع الجبهة الثورية بإحدى الحواضر الأوروبية يتغشاها هذا المناضل الفندقي بامتياز وكان الله يحب المحسنين، ولم يكن له وجود في كافة أشكال النضال بالخارج التى كان يضطلع بها الشهيد على محمود وعبد الواحد وغيرهم. وعندما عاد التجمع متصالحاُ في يونيو 2005 جاء التوم في معيتهم، ومنحوه مزرعة بأطراف الخرطوم وقرضاً حسناً مكتنزاً لإدارتها، وعين نائباً لمالك عقار والي جنوب النيل الآزرق، ولما اختلف مالك مع النظام وغادر البلاد غادر التوم معه راجعاً لأمريكا، لحضن شركته الراكزة ببلاد اليانكي.
والآن يبرطم التوم بكافة الفضائيات، كمن أتي بعد وفاة أبيه بعدة سنوات ل"يجارط" ويحاجج في نصيبه من الورثة، والناس ما زالوا في حزن وقلوبهم متفطرة. وهذه الشكوى التي يجأر بها التوم لم نسمعها من غيره من الإتحاديين الذين عرفوا قدر نفسهم واجتمعوا بالمجلس العسكري مباركين الإتفاقايات التى تمت مع الحرية والتغيير، ولم يطعنوا فيها، وأعلنوا أنهم راغبين عن أي مشاركة في الحكم أثناء الفترة الإنتقالية إذ سوف ينصرفون لبناء ما تبقي من حزبهم وللتجهيز للإنتخابات القادمة. هؤلاء هم الإتحاديون الأصليون بقيادة علي السيد المحامي. وهناك إتحاديون عمروا سجون النظام البائد لثلاثة شهور - أكثر من مئتي كادر - وما أن خرجوا من السجون حتى انخرطوا في الحراك بكل تجرد وروح نضالية متوثبة وتعاون تام مع قوى الحرية والتجمع النقابي، أمثال محمد سيد احمد الجكومي؛ بل ثمة قادة ومتحدثين بإسم قوى الحراك مثل شداد والدكتور أمجد فريد وخلافه.
إن الحجج الواهية المتهافتة التى وردت على لسان التوم نزلت برداً وسلاماً على أذن المجلس المشؤوم، تماماً كالهمهمات والهلاميات المتواترة من الصادق ومبارك والقليل من الشباب، مثل ذي النون، الذين خانوا دم الشهداء وباعوا أنفسهم لحميدتي ورهطه.
إن التاريخ في حالة انتباه كامل لبلادنا وهي تخط اليوم سطوراً من نور على صفحاته، وبعد قليل سيخرج شعبنا عن بكرة أبيه رافعاً شعارات الثورة وداعماً لقيادة التحرك ممثلة في قوي الحرية والتغيير والتجمع النقابي، تحت ظلال التضامن العالمي من كل الشعوب المحبة للديمقراطية والسلام. أما الأصوات النشاز المتهافتة والمتكالبة مثل صوت التوم المتأمرك القادم من العمارة بجنوب الجزيرة بضواحي سنار، فسوف تغرق سط هدير هذا الطوفان التسونامي الواعي المثقف الذى لم تشهد البشرية مثله في تاريخها.
النصر معقود لواؤه بشعب السودان الذى تقوده قوى الحرية والتغيير!
ولا نامت أعين الجبناء والمرجفين والمرتجفين والمتسلقين والنرجسيين!
fdil.abbas@gmail.com