الوثيقة الدستورية المعيبة: اخطر وثيقة سياسية مرت على تاريخ البلاد منذ الاستقلال

 


 

 

(٢)
السودان من الدول التي لم تستقر سياسيا عقب ان نالت إستقلالها، بالرغم من ان المستعمر الإنجليزي قد ترك بالسودان مشروع لدولة متكاملة ، وخطط إستراتيجية للتطور الإقتصادي والنهوض التنموي في كل المجالات و تزخر البلاد بالثروات الطبيعية والمعدنية والحيوانية والقوى البشرية وربط المستعمر البلاد بخطوط السكة حديد واستفادت البلاد من الخزانات في الري وتوفير المياه وفي الجانب الإداري ساهم المستعمر الإنجليزي في وضع الأساس الإداري المتين لقيام الدولة السودانية المستقلة وهذه من الحقائق التاريخية الثابتة وليس فيها من منقصة، كذلك فان إعلان إستقلال السودان من داخل البرلمان لم يتم لمجرد ان قام النائب الشيخ عبد الرحمن دبكة نائب دائرة بقارة غرب جنوب دارفور بتلاوة مقترح إستقلال السودان من داخل البرلمان وتثنيته بواسطة النائب الشيخ جمعة سهل عن دوائر كردفان فإجماع النواب على المقترح والذي تمت صياغته بواسطة لجنة نال حزب الأمة تقديم الإقتراح والحزب الإتحادي التثنية اما الجنوب فقد تم الإحتفاظ له بالحق في الحكم الفدرالي والتي اوصت لجنة تعديل الدستور عقب ثورة ديسمبر بل لم يعد مجديا على الرغم من إقراره في البرلمان ووصف ممثلوا الجنوب وقتذاك ذلك اليوم بالأسود وان الجنوب سينفصل يوما وذلك ما حدث قبل عقود، لقد كانت رسالة تقديم الإقتراح من نائب من دوائر دارفور الجغرافية والتثنية من نائب من نواب دوائر كردفان لها رمزيتها ودلالاتها وقد اقنع السير هاو نواب جنوب السودان بالبرلمان بالتصويت لمقترح إستقلال السودان مقابل إقرار الحكم الفيدرالي لجنوب السودان والذي ينطبق على مناطق السودان الأخرى، وقد سبق ذلك ان كلف السير روبرت هاو لجنة برئاسة ستانلي بيكر واقرت الجمعية التشريعية تقرير ستانلي بيكر وما عرض من توصيات تعديل الدستور في ٢٣ ابريل ١٩٥٢م واصبحت الصيغة النهائية هي ما يطلق عليه مشروع قانون الحكم الذاتي وتقرير المصير والذي ارسله الحاكم العام السير رربرت هاو في ٨ مايو ١٩٥٢م إلى حكومتي مصر وانجلترا للموافقة عليه كما وحدد فترة ستة اشهر للرد وإلا صار نافذا، هذه هي خلفية لجنة ستانلي بيكر وإرتباطه اعماله باستقلال السودان.
ان تقرير لجنة ستانلي بيكر مهد ليقرر السودان في مصيره، وفي ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م صدر من البرلمان السوداني المنتخب في ظل الإستعمار التشريعات الأربعة والتي شكلت الأساس الدستوري لقيام الدولة السودانية المستقلة وجاء في القرارين الأول والرابع منها على وجوب قيام جمعية تأسيسية تضطلع بالوظيفة التأسيسية في وضع وإقرار الدستور الدائم للبلاد وفي ٣١ ديسمبر ١٩٥٦م اقر البرلمان التشريع الدستوري الخامس منه دستورا تنظيميا مؤقتا متضمنا آليات مؤقتة ابرزها قيام مجلس سيادة مدني خماسي ومجلس وزراء مدني وبرلمان، ونال إعلان الإستقلال السودان من داخل البرلمان اعتراف دولتي الحكم الثنائي الإنجليزي المصري كما وتم إيداع وثائق الدولة الوليدة لدى الأمم المتحدة ونالت منها الإعتراف وحازت على عضويتها، هذه هي مرجعية مراحل الدولة السودانية تحت التأسيس، والأهم ان برلمان الاستقلال تم انتخابه تحت اشراف لجنة دولية وان التشريغات الخمسة التي شكلت الأساس الدستوري لقيام الدولة السودانية المستقلة صدرت كتشريعات اساسية بالإجماع من برلمان جميع اعضاءه سودانيون ليس بينهم اجنبي واحد وانه لم يسبق وجود دستور ديمقراطي سابق من مواطني السودان عبر جهاز الدولة المختص بإصدار التشريعات باعتبار ان النصوص التشريعية لوحدها هي من لها خصوصية الالزام على الكافة دون سواها كالإتفاقيات السياسية وغيرها وان الوثائق التشريعية سواء الأساسية أم الرئيسية أم الفرعية تظل أسانيد ذات حجية مستمرة في مواجهة الكافة طالما الدولة قائمة ولا تنتهي حجيتها بتغير الأنظمة الحاكمة لذا فالاستحقاقات التي أكتسبها شعب السودان بموجب تشريعات التأسيس تلك لا تحتاج لفتحها من جديد للإتفاق عليها باسم اتفاقيات سلام او وثائق دستورية فالفدرالية استحقاق لمواطني اقاليم السودان كافة ثابتة بموجب التشريع الأساسي الصادر من البرلمان في ١٩/ ١٢ /١٩٥٦م وكون الدولة السودانية قد اصبحت شخصا دوليا مستقلا ثابتة بتلك الوثائق التي صدرت وتظل سند الإستحقاق الدستوري ملزم لكل سوداني بموجب احكامه وان الجهاز المختص الذي تم إقراره لوضع وإقرار الدستور الدائم هي الجمعية الناسيسية ولا يتغير هذا الإسم إلا بتعديل دستوري عبر البرلمان المنتخب.
في نوفمبر ١٩٥٩م تم تعطيل دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م بإنقلاب الفريق اول إبراهيم عبود وعقب ثورة اكتوبر ١٩٦٤م تم إستدعاء الدستور المعطل وتفعيله (تعديل ١٩٦٤) ، وفي مايو تم تعطيل الدستور المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ بإنقلاب مايو ١٩٦٩م الذي قاده العقيد جعفرالنميري وعقب ثورة ابريل ١٩٨٥م تم إستدعاء دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ وتفعيله (تعديل ١٩٨٥م) وفي ٣٠ يونيو ١٩٨٩م تم تعطيل دستور السودان المؤقت تعديل ١٩٨٥م وعقب نجاح ثورة ديسمبر المجيدة كان الإجراء التلقائي إستدعاء دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م وتفعيله الذي يتحقق بدستور السودان المؤقت تعديل ٢٠١٩م ولكن ذلك لم يحدث ولو حدث ذلك لكشفت الإستعادة الإجرائية عن بطلان كل التدابير التي اتُخذت في ظل نظام الإنقاذ البائد بما فيها من هياكل ونظم حكم ولما كانت هنالك حوجة على الإطلاق للنص بحرمان حزب المؤتمر الوطني المحلول من ممارسة السياسية في نصوص الوثيقة الدستورية المعيبة، فمن الابجديات تمتاز الوثائق الدستورية بالعمومية والتجريد، ان مجرد الإستعادة الدستورية لدستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م وتفعيله (دستور السودان المؤقت تعديل ٢٠١٩م) وبموجب احكامه تكون كل الأجسام والكيانات التي نشات في ظل النظام البائد من ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وحتى تاريخ تفعيل الدستور المعطل من شاكلة (مؤتمر وطني وشعبي والإصلاح الآن ومنبر السلام وغيره) تكون باطلة من منشأها وما كان مُشرع الحرية والتغيير يحتاج إلى ما تم تسميته بقانون التفكيك ولجنة التفكيك المُشكلة بموجب احكامه، وبعد ان تكشف الإستعادة الإجرائية بطلان تكوين هذه الأجسام والكيانات تصبح الأموال الموجودة بحوزة الأشخاص الطبيعية او الإعتبارية التي حازت على الأموال العامة من قبيل التملك الجنائي ، وما كان يحتاجه المُشرع بإسم الثورة هو سن قانون لإستلام هذه الأموال الموجودة لدى الأشخاص الطبيعية والإعتبارية مثل حزب المؤتمر الوطني وغيره وبلا استثناء للأحزاب والكيانات الاخرى التي تنطبق عليها ذات الوصف والمسؤولية عن الأفعال المجرمة.
العودة الإجرائية السليمة لدستور السودان المؤقت تعديل ٢٠١٩م يُمكن من تقديم البشير واعوانه وكل من اشترك في إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩م او شارك لاحقا في السلطة الدستورية او التنفيذية حتى قيام الثورة بجريمة الإشتراك الجنائي ولكان مستند الإتهام الوحيد الذي يحتاجه قضية الإتهام هو دستور السودان المؤقت الذي تم إعادته وتفعيله (تعديل ٢٠١٩م) ليُحاكم ليس البشير واعوانه فقط بل حتى من اعضاء هيئة دفاع إنقلابي ٣٠ يونيو ١٩٨٩م من امثال احمد إبراهيم الطاهر وعبد الباسط سبدرات ومحمد الحسن الأمين وعبد الرحمن الخليفة وغيرهم.
الأستاذ نبيل اديب يطلق على دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م تعديل ١٩٦٤ و١٩٨٥م بانه مجرد ترجمة لتوصيات لجنة ستانلي بيكر ولكن دون ان يتناول الوصف القانوني السليم لدستور السودان المؤقت والذي حدد كيفية التأسيس وقيام جمعية تاسيسة منتخبة من السودانيين مناط بها إصدار الدستور الدائم وهو الدستور الذي حدد السودان ونال بموجبه استقلاله كما وان عدم الإعتداد به يفتح الباب بمصراعيه لتوظيف الأوضاع الإستثنائية للمطالب بتقرير المصير بموجب اي إتفاقية ثنائية يتم فرضها.
سنتناول في مقالنا القادم إنقلابان مختلفان ومتشابهان في النتيجة وهما إنقلاب الوثيقة الدستورية المعيبة لقوى الحرية والتغيير بعد ان اخذت لنفسها صفة تمثيل ثورة ديسمبر المجيدة بالسودان وإنقلاب الإعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس المصري السابق محمد مرسي بعد إنتخابه رئيسا لدولة مصر والدروس المستفادة من كليهما.
ونواصل

المراجع :
١/ دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م.
٢/ وثائق إستقلال السودان.
٣/ ورقة بعنوان المدخل الصحيح للتأسيس الدستوري السليم للأستاذ يوسف آدم بشر المحامي.

الوثيقة الدستورية المعيبة اخطر وثيقة سياسية مرت على تاريخ البلاد منذ الإستقلال (٣) .. بقلم: الصادق علي حسن المحامي

اصطلاحا في الفقه الدستوري يُطلق على الدستور الذي يصّدر بتشريع عادي في مرحلة ما قبل تأسيس الدولة بالدستور المؤقت ، كما ويُطلق على الدستور الذي يصدر بتشريع أساسى أو تأسيسي بالدستور الدائم وتنقضي الجمعية التشريعية التأسيسية بمجرد صدور الدستور الدائم لتدخل البلاد بعد ذلك في مرحلة البرلمان، والمقصود بمصطلح الدائم الإستمرارية بتعاقب الأجيال والزمان ، فتذهب الأجيال المتعاقبة كما ويذهب حكامها ويظل الدستور ساريا كما ويتم تعديله وفقا لأحكامه، فالدستور هو دستور الدولة يُوضع مواده بواسطة شعب الدولة وعبر ممثليه المختارين لهذا الغرض ويتم ذلك من خلال الجمعية التأسيسية وليس بدستور نظام حاكم او احزاب ليتم تغييره بتغيير نظام الحكم في الدولة ، والصياغة والإجازة والمصادقة والنشر من المسائل الفنية اللاحقة بعد ان يضع الشعب مواد الدستور الأساسية، كما ولا يوجد في الفقه الدستوري ما يُعرف بالدستور الإنتقالي، ولكن هنالك آليات الإنتقال في الفترة الإنتقالية و تُطلق على فترة التحول من الحكم العسكري إلى الحكم المدني بالفترة الإنتقالية وآلياتها التي تشكل لإدارة الدولة خلال الفترة الإنتقالية بمؤسسات الفترة الإنتقالية المكلفة (مجلسي السيادة المدني ومجلس الوزراء المدني) بموجب دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م.
في ظل فترة النظام البائد اطلق طرفا إتفاق نيفاشا وهما النظام الإنقلابي البائد وكان يمثله علي عثمان محمد طه والحركة الشعبية لتحرير السودان وكان يمثلها د جون قرنق على ما اتفقا عليه في نيفاشا بكينيا لإدارة الدولة خلال فترة الشراكة بينهما بالدستور الإنتقالي وآليات إدارة الدولة السيادية والتنفيذية بالإنتقالية كما وجعلا من الإتفاقية وبروتوكولاتاها الموقعة بينهما مرجعية لدستورهما الإنتقالي وتسمو عليه والذي افضى لفصل جنوب السودان، لقد كان د جون قرنق الذي بدأ بإعلان حركته المسلحة في عام ١٩٨٣م وإعلان مقاومته لسلطة إنقلابية غير شرعية حاكمة للبلاد وقد اعلن في عام ١٩٨٥م لأسباب موضوعية عدم اعترافه ايضا بالحكومة المنتخبة والتي نشات مستمدة سلطتها من دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ تعديل ١٩٨٥م دون مشاركة قوى الحركة الثورية في جنوب السودان بقيادته والتي لم تشارك في الإنتخابات لتشملهم كسودانيين لضمان حقوقهم السياسية في الانتخاب والترشح، هذا وقد كان نواب جنوب السودان بالبرلمان في ١٩٥٦م قد صوتوا جميعهم لاستقلال السودان الذي اجيز بالإجماع وقد ضمنوا إعتماد نظام الحكم الفدرالي للبلاد، ولكن في ١٩٦٥م بدأ النكوص بالالتزام من لجنة تعديل الدستور التي شكلت وتوصلت في توصياتها بانها بحثت في حق الفيدرالية المكفول للجنوب إلا انها وجدت انه غير مجديا، وصدقة نبوة نواب جنوب السودان الذين وصفوا ذلك اليوم الذي اعلنت فيه توصية اللجنة عن عدم جدوى الفيدرالية لجنوب السودان باليوم الأسود كما قالوا وقتذاك بان إنفصال الجنوب سيحدث يوما ما وذلك ما حدث بالفعل في عام ٢٠١١م ، كما ان مسالة ان الفيدرالية مجرد وعد نكصت عنه لجنة تعديل الدستور لن ينهض كحجة ذلك ان الفيدرالية كاستحقاق لشعوب الأقاليم السودانية ثابت بتشريع اساسي صادر من جهاز الدولة المختص بالتشريع وبالإجماع ضمن التشريعات الأساسية الأربع (التشريع الأول) والتي شكلت الأساس الدستوري لقيام الدولة السودانية في ١٩٥٦م وصارت حجة على الكافة بينما قرارات لجنة تعديل الدستور مجرد توصيات لا تزيل اثر التشريعات الصادرة من البرلمان.
لقد ظلت مرجعية الأوضاع التي نشات في ظل إنقلاب البشير كلها باطلة وقد انشات بعضها مراكز قانونية دولية مثل دولة جنوب السودان، لذلك ما لم تستعد الحياة الدستورية للبلاد تظل الأوضاع الاستثنائية سائدة فتضعف وحدة البلاد، ولن يتحقق الوضع السليم في السودان إلا بإنتخاب الجمعية التأسيسية وفقا لقواعد تأسيس دولة السودان والتي بموجبها نال السودان استقلاله، ان الحق في تقرير المصير من حقوق الشعوب المكفولة بموجب وثائق الأمم المتحدة وفي حال جنوب السودان فان تقرير مصير جنوب السودان تم بآلية لا تمثل شعب السودان بل النظام البائد وممثله علي عثمان محمد طه، وفي عدم إستعادة الحياة الدستورية للبلاد وتفعيل دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م تكريس للأوضاع الإستثنائية غير الدستورية فتخرج المطالبات بحق تقرير المصير مثلما حدث بجبال النوبة ومؤخرا بشرق البلاد وولاية غرب دارفور ويؤدي ذلك للمزيد من إضعاف تماسك الدولة وفقدان استقرارها كما الحال في شطري السودان بعد انفصال جنوب السودان .
قوى الحرية والتغيير :
التنظيمات السياسية التي شكلت قوى الحرية والتغيير كانت أظهرت إنتهازية وأضحة وبدلا من ان تتمسك قحت بالاستحقاق الدستوري من خلال استعادة دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م والذي انقلب عليه البشير من خلال استعادته إلى العمل باعتباره حجة على الكافة بمن فيهم العسكر ولا مكان لهم فيه لتبوء مواقع دستورية ليتحولوا إلى سياسيين لولا أصرار المدنيين على طرح مسالة التفاوض حول دستور جديد مع العسكر بلا مرجعية صحيحة وانتحلت قحت لنفسها صفة تمثيل ثورة دبسمبر المجيدة كما واستغلت ظروف فض الإعتصام للحصول على مكاسب سلطوية و اغتنام المناصب الرفيعة في الدولة من خلال شراكتها مع عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد ، ونجحت عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد المتمرسة في الاحتيال السياسي في استغلال ضعاف النفوس من منسوبي قحت وفي خلق حاضنة من قوى محسوبة لثورة ديسمبر المجيدة في الخروج من المأزق الخطير الذي وقعت فيه من جراء نتائج مجزرة فض الاعتصام كما واستغلت عناصر اللجنة الأمنية للنظام البائد تهافت رموز وقيادات قوى الحرية والتغيير وإستغلالها في تمرير مخطط لقطع الطريق امام اي ملاحقة جنائية جادة لمرتكبي اكبر مجزرة بشرية ارتكبت في تاريخ السودان ووقعت أمام القيادة العام لقوات الشعب المسلحة ومكتب قائدها العام عبد الفتاح البرهان ، ومن خلال تهافت متهافتي قوى الحرية والتغيير تمكنت عناصر اللجنة الأمنية من تقنين إنقلاب البشير الذي حدث في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م بالإنقلاب على إستعادة الحياة الدستورية للبلاد بوثيقة دستورية باطلة اسبغت على فترة إنقلاب الإنقاذ مشروعية زائفة كما ومن خلال الوثيقة الدستورية المعيبة صارت التدابير الباطلة التي اصدرها البشير طوال فترة إنقلابه لها صفة المشروعية الزائفة وقد ظل قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية الذي اصدره البشير ساري المفعول وينظم النشاط السياسي في ظل عهد الثورة كما كان الحال في ظل عهد البشير، وبموجب الوثيقة الدستورية المعيبة تم تكوين لجنة للتحقيق في مجزرة فض الإعتصام قام بتكوينها رئيس الوزراء د عبد الله حمدوك وكان لتكوين تلك اللجنة برئاسة الأستاذ نبيل اديب وبموجب القرار الإداري الذي اصدره رئيس السلطة التنفيذية ثم منح النائب العام سلطات النيابة العامة في التحقيق للجنة اديب حدوث المزج ما بين الإداري والقانوني ونتج عنه المزج السباسي بالقانوني ومن هذين المزجين تم التسويف في اعمال اللجنة التحقيق بصرف الجهود في سماع اكثر من ثلاثة الف شاهد بحسب ما صدر من اللجنة وكميات ضخمة من الملفات والمستندات َوالمعروضات وعينات ترسل لمعامل الخارج لفحص الأدلة وفي واهمال الدليل الرئيس الذي يحتاج لكل هذه الجهود والذي يتحقق بالتحقيق مع المجلس العسكري حول من الذي اصدر قرار فض الإعتصام ومن الذي نفذه.
ونواصل

المراجع
دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م والمعدل في ١٩٦٤ و١٩٨٥م.
ورقة بعنوان المدخل الصحيح للتأسيس الدستوري السليم للأستاذ يوسف آدم بشر.

 

آراء