الوحدة الإسلامية – أشواق وتحديات
أحمد عبد العزيز الكاروري
7 February, 2012
7 February, 2012
3
وللحديث شجون .. وفي الحديث مضامين شتى .. عقباتها كثيرة ومعانيها متعددة ومتداخله ومتباينة ، وأخشي أن حتي هذه المعاني صارت سبباً في الفرقة والشتات حيث أُختلف في معانيها وأهدافها وطرقها فصار الإختلاف إختلافين بين مجموعات تتحدث عن الوحدة – الوحدة الإسلامية ذلك النجم البعيد الذي يبرق حيناً ويختفي أحايين أخرى كثيرة.
وكما يقول الدكتور عائض القرني في أحد مقالاته "لا تحتاج الأمة الإسلامية إلى مزيد من الشقاق والفرقة والعداوات والمعارك، ففيها ما يكفيها، وليس من العقل ولا من الحكمة ولا من المنطق أن يستعدي السنة الشيعة، وأن يستعدي الشيعة السنة، فلن يزيدنا هذا العداء إلا تمزقا وهزيمة وإحباطا وقلة وذلة، وما دام أن الله عز وجل نهانا عن أن نسب أعداءه لئلا تكون العواقب أكثر سوءا فقال: (وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّوا اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)، فما المصلحة إذن في أن يتراشق الرموز في السنة والشيعة أو غيرها من الطوائف بالسباب والشتائم؟ "
دخلت هذا المدخل وأنا أحضر للمرة الأولي إحتفال جمهورية إيران الإسلامية بعيدها الثالث والثلاثون بمباني المستشارية الثقافية بالخرطوم وجمع غفير أمه قيادات من الطرق صوفية ، سياسيون ، تنفيذيون ، إعلاميون ، شعراء ، أدباء ، روائيون وتشكيليون ، بدأ الإحتفال بخطاب سفير الجمهورية الإيرانية، وأوضح أن احتفائهم الأعظم بميلاد المصطفي » ومضيفاً أن المناسبة الأخرى هي بدء أيام الثورة الإسلامية المباركة مشيراً أنها ثورة للمستضعفين وإنارة الدرب لما رسمه الرسول » وقد ذكر أن المناسبة الثالثة هي ذكرى مرور سنة على انتصارات الشعوب الإسلامية في أيام ربيعه وصحوته الإسلامية التي تحققت في مصر وتونس معتبراً أنها بشائر خير وأنها أضاءات في درب البشرية ، ما أشار إليه السيد السفير استوقفتني فيه عدة نقاط لكن إشارته إلى أنهم وبعد 33 سنة يعيشون أياما طيبات يشعرون فيها بالقوة والمنعة بعد التوكل على الله ، جعلتني أنظر إلى حال هذه الأمة وما فيه من ضعف وخور وتخلف، وكيف أننا نحتاج إن لم يكن للتوحد فللتعاون لبلوغ ما استحققناه كأمة خلقها الله للقيادة.
يعترف السفير بأن الطريق وعر لكنهم لا يهابون ولا يخشون مما يهولوهم به مؤكداً أنه هش متفتت ، وهو كذلك لكن الغالبية تخشاه وتهابه ، وإن أكثر ما يفرقنا اليوم هو الخوف، الخوف على الكرسي ، الخوف على لقمة العيش بذلة لا نكاد نشعر بها.
وحقاً أن العصبيات التي تنخر فينا ، والتعصب الذي يكسر عنق والحقاق لنجعل منها أسباباً وجيهة تبرر لنا أفعالنا القبيحة حتى أمام أنفسنا إن نظرنا إلى مرآة الصدق والشفافية وهي بينة مهما اشتبهت علينا الأشياء.
العصر هو عصر الشعوب ، هكذا بدأ حامد ملكوتي المستشار الثقافي للجمهورية حديثه وهو يذكر أن ثورتهم هزت عروش الطغاة والجبابرة وأنها لم تترك أثرها على إيران فحسب بل على العالم أجمع وأن طهران ستظل صرخة مدوية لتحقيق العدالة والمساوة والإعتدال والوسطية معتمدين ثقافة السلم ونبذ العنف ببناء ثقافة اسلامية وان التغيير يحدث بالحوار لا بالقوة، نعم قدمت إيران خطاب سياسي للعالم وحققت الكثير من الإنجازات في مجالات الثقافة والطب والصناعة وغيرها، وتنافس العالم الأول في شتى المجالات وتطورت تطوراً لا مثيل له، فهل كان هذا سبباً لجعلها منبوذة في الصورة الذهنية التي رسمها لنا الغرب، وأنها أكثر خطراً علينا من الغرب وإسرائيل؟
هذا السؤال حاول الإجابة عليه الدكتور يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الإسلامي في حديثه الذي بدأه بتأكيد جواز الإحتفال بمولد النبي » بالمحاضرات والذكر حيث دعا لوحدة الصف والرأي موضحاً أنه لا مانع من الإختلاف لكن العيب في التفرق. وانتهز المناسبة ليؤكد ضرورة التئام الصف والوحدة والتعايش فيما بيننا معضداً حديثه بقول كاتب غربي يذكر أنه ليس أحب عليه من حرب تنشأ بين طرفين ولا يكون فيها منتصر ويقصد أن يدوم الخصام والخلاف وبنهاية الأمر يستفيد أعداء الإسلام ، ويؤكد بقوله أنه عيباً علينا أن نترك إيران نهباً للغرب والإتحاد الأوربي وهي دولة مسلمة كبيرة ، ولتكن المعارك ضد أعداء الإسلام المتفق عليهم
إذن لن يتحقق قول المُنَصِّر (لورانس تونيبي) الذي ذكرته في مقال سابق " إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية أمكن أن يصبحوا لعنة علي العالم وخطراً أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له . أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذٍ بلا وزن ولا تأثير ."
هل الوحدة الأوربية وحدة ؟ بمعني هل هي وحدة جمعت الفكر والمبدأ والعقيدة؟ أم هي وحدة مصالح حكمتها ظروف محيطة وحفتها مخاطر مشتركة اتفقوا على تجاوزها أو درءها ؟
لماذا لا يكون الحوار وسيلة لنعرف بعضنا بعضا بشكل أعمق ؟ ونحدد كيف يمكن أن نتعاون في المصالح ، وكيف يمكن أن نتواصل بحسب الظروف والتحديات التي تفرضها الدول الكبيرة علينا ؟ لماذا نتسالم مع غير المسلمين ونقول لهم دينهم ولنا ديننا ، أولا يمكننا أن نعتز بعقيدتنا ونتركهم يفعلون مع اتحاد المصالح وتحديد الأولويات دون دخول طرف لما بعد الخط الفاصل ؟ من هم المستفيدون من السب و التجريح والتفرق والعداء الدائم ؟ من ؟.
ahmed karuri [ahmedkaruri@gmail.com]
/////////////