الوفاء لأهل العطاء …. بقلم : د. عمر بادي

 


 

 

عمود : محور اللقيا

من التحولات الإيجابية التي حدثت في مجتمعنا السوداني ظاهرة تكريم رموز المجتمع تحت شعار ( الوفاء لأهل العطاء ) , خاصة لمن هم لا يزالون على قيد الحياة , و هذا نوع من التكريم لم يكن يحدث قديما البتة! حتى نرد الحقوق لأصحابها أقول أنني قد سمعت البروفيسور عز الدين عمر موسى الأستاذ الجامعي و المؤرخ و الناشط الإجتماعي يقول في ندوة أقامتها جمعية الصحفيين السودانيين بالمملكة العربية السعودية بمناسبة وداع القطب الرياضي السيد عبد المنعم عبد العال رئيس الرابطة الرياضية للسودانيين بالخارج في الصالحية , يقول أن شعار ( الوفاء لأهل العطاء ) قد إنطلق أولا من داخل الرابطة الرياضية بالصالحية في الرياض و قد كرّمت به الكثيرين , و بعد ذلك تناوله الآخرون في روابطهم و منتدياتهم و جمعياتهم   و وسائل إعلامهم !

هذا النوع من التكريم قد شمل المبدعين في شتى المجالات , بل و شمل الأم المثالية مربية الأجيال . في المجال الغنائي و الموسيقي و هو المجال الأكثر بروزا في المجتمع قد تم تكريم المطربين محمد وردي و محمد الأمين و عبد الكريم الكابلي و شرحبيل أحمد و حمد الريح و قد منحوا كلهم درجة الدكتوراة الفخرية من الجامعات , كما تم تكريم المؤلف الموسيقي و الملحن الأستاذ بشير عباس رسميا و شعبيا . بجانب ذلك فقد تم تكريم المطربين زيدان إبراهيم و صلاح بن البادية و آخرين في إتحاد المهن الموسيقية وفي منتديات و جمعيات عدة .

في هذه الأيام تقام إحتفالات بالذكرى السنوية لوفاة المطرب القامة عثمان حسين المتوفى في يوم 7/6/2008 , و قد سبقتها بقليل الذكرى السنوية لوفاة الفنان الذري إبراهيم عوض الذي حدثت وفاته في يوم 23/5/2006 . لقد أعجبتني لمسات الوفاء التي إستشعرتها من خلال منظمات و جمعيات المعجبين بفنهما و الذين إستغلوا المناسبة لإبراز دور هذين المبدعين الخالدين في وجدان الشعب السوداني و في ذاكرته الجمعية , بل و في الخطط المستقبلية لنشر فنهما و جعله في متناول أيدي الجميع . هنا لا أنسى الدور الذي قامت و تقوم به جمعية معجبي الفنان الراحل مصطفى سيد احمد منذ عقد و نصف من الزمان تقريبا , و قد أخرجت الكثير من الكتيبات و الأشرطة و عرّفت بفنه .

الوفاء لأهل العطاء عمل لا بد أن يلقى مؤازرتنا و دعمنا له , لأنه يعكس الجانب الحضاري فينا و هو الجانب الذي يجمّع و لا يفرّق بين المواطنين , و يقارب و لا يباعد بين الرؤى و الأفكار . علينا و وطننا في مفترق الطرق أن نكثر من العمل الفني و الإجتماعي الجامع مثل هذا , و يا حبذا لو إلتفت إليه الناس إكثر و أكثر في كل بقاع السودان , و أنا متيقن أن من يحق تكريمهم منتشرين على مدى تلك البقاع . فلنلتفت إلى ذلك و ندع السياسة جانبا حتى نقوي بذلك من روابط الوحدة الوطنية . و لتنطلق القوافل الفنية تجوب كل أنحاء السودان , و لكننا نريدها في الوضع الراهن أن تجوب الجنوب الحبيب و تصل إلى المواطنين هناك في مدنهم و قراهم و أحراشهم , فالفن عامل تقريب مؤثر , و ليتبع ذلك الكتاب و الإعلاميون من أجل توعية المواطن البسيط بمحاسن الوحدة و مساويء الإنفصال عن طريق طرح الكثير من الحوارات في هذا الأمر و بمستويات مختلفة تراعي مستويات المتلقين حتى يتم الإستيعاب على احسن ما يكون . على الفرق الرياضية بأنواع رياضاتها المختلفة أن تشارك في مهرجانات رياضية بالجنوب و ان تكون أكثر قربا من المواطنين هناك . إنني اريد من وسائل الإعلام ان تنشغل بهذه القضية أكثر و أكثر , و أن ترفع من صوت الوحدويين من ابناء الجنوب الذين ضاع صوتهم مع إرتفاع صوت دعاة الإنفصال رغم قلة عددهم . هنا ابارك قرار تحالف أحزاب جوبا بدعم الوحدة الجاذبة و موافقة السيد سلفاكير على ذلك .

قديما كان يطلق على المغنين ( الصيّاع ) ربما نسبة لتتبعهم لمناسبات الأفراح و التي كانت تستمر لأيام عدة و كان ذلك دأبهم , حتى أتى الفنان محمد أحمد سرور دعامة حقيبة الفن فأوجد للمغني إحترامه عن طريق شخصيته الفذة و هندامه القومي المنمق بالعباءة و العمامة و العصا ( الكريز ) التي كان يعلقها على ساعده و هو ممسك بالرق و يغني و كانت ( طبنجته ) في جيبه يخرجها إذا ما كثرت ضوضاء الناس و إنشغلوا عنه بالمشاجرات فكان يطلق منها رصاصة تعيد إنتباه الناس إليه ! أما بعد فترة الحقيبة و إنتقال الفن إلى الآلات الحديثة كان الأستاذ الفنان أحمد المصطفى مثل الفنان سرور في شخصيته المهذبة و في هندامه بالبدلة الأفرنجية و في اخلاقه الحميدة . هنا و على نفس مبدأ ( الوفاء لأهل العطاء ) تلقيت من الدكتور بابكر إدريس الحبر  صهر الفنان أحمد المصطفى كلمات عبارة عن قطعة أدبية كتبها وفاءً و تقديراً للأستاذ الراحل , و سوف أقوم بنشرها كاملة في المرة القادمة إنشاء الله .

 

omar baday [ombaday@yahoo.com]

 

آراء