انتحار الباشبوزوق الدارفوري على السجّادة الميرغنية !!

 


 

 

لن تجد حالة نفاقية تلبست النخبة الدارفورية المساندة لانقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر، مثلما هو الحال الذي جعل رافعي أعلام الثأر للتهميش والظلم والتاريخي من قبل النخبة المركزية، يتنازلون عن كل الزخم الثأري الماضي ويخضعون لذات الطبقة الطائفية التي خضبوا بمدادهم متون كتبهم بما لم يقله مالك في الخمر، حول المظالم التاريخية التي عانوها من وطأة هذه الطبقة البرجوازية – السياسية، التكالب الدارفوري على تقبيل أيدي السّادة المراغنة ممثلاً في رموز الاتفاق المبرم تحت الطاولة بجوبا، له تفسير واحد، وهو أن هذه الحركات التي تماهت مع استمرار مشروع السودان القديم، لم تكن في الأساس ذات مبدأ، ولم يكن قلبها موجوع أصلاً بمآسي الحرب التي أحرقت الزرع وأيبست الضرع في الإقليم المنكوب، ولا توجد خطيئة يمكن أن تلاحق هؤلاء في نومهم وصحوهم وموتهم وحيواتهم مثل عار تنزيح وتشريد الملايين من أهلهم وذويهم، وتركهم يرزحون تحت نير الذل والهوان عشرون عاماً، إنّ المأساة التي أبكت إنسان العالم وقتها، يحاول الانتهازيون اليوم بيعها بثمن بخس ركعات معدودة في حضرة جناب السيّد، إنّه الرخص في أبهى صوره أن يهرول المجلود لكسب ثناء الجلّاد، والحقارة والنذالة في أبشع تجلياتها حينما يتحول المحارب إلى ما سوشيستي يستلذ بلسعات سياط جلّاده.
شعب دارفور كسائر الشعب السوداني لديه قضية عادلة فشل ابناؤه وبناته في إتمام كمالها، وإيصالها إلى خواتيمها الناصرة للضحايا من نازحين ولاجئين وغيرهم، وهذا الإفشال المتعمد من قبل رموز الاتفاق المشؤوم يؤكده التنازل عن تسليم الضالعين في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية للمحكمة الدولية، كما أدلى بذلك أحد روّاد مهزلة جوبا، فمن أين يجد الشعب الدارفوري نصيراً لقضيته العادلة وجزء ممن وثق بهم قد باعوا القضية برمتها؟، ولمن يلجأ المكلومون المغشوشون لأكثر من عقدين من الزمان؟، وكيف يصدقون بأن النصر المبين آت؟، وأن المجرمين سيعلقون في المقاصل؟، هي ذات المخدرات المحقون بها عامة الشعب لعقود من الزمان، ولا أظن أن سلطة الخرطوم الحامية لحمى هؤلاء الظالمين لذوي قرباهم قادرة على كف أيدي ثوار الوطن العريض عنهم، فالسكون الذي يحيط بفعاليات الغاضبين من سماسرة جوبا له من العواصف المرعدة ما لم يحسب له المهرولون حساب، ولا يمكن أن يسمح الثوار الحقيقيون غير المرتزقين أن تتوالى مهازل الجوقة المتاجرة بمأساة المتضررين من الحرب، طالما أن هذه الطقمة المرتزقة قد فارقت جذور ارتباطها بالقضية الأم، وسبّحت بحمد من كالت لهم أقذع الألفاظ إبّان اشتعال وهج الحراك الثوري في الأطراف، فالتاريخ لا يرحم من كان العقوق ديدنه.
هذه الجوقة المتكالبة على السجّادة الميرغنية لم تكن يوماً جزءاً من مشروع التحرير الثوري الذي أسسه الأشاوس الراحلون، على الرغم من محاولاتها المستميتة للتمسح والبكاء على حائط مشروع السودان الجديد، فمشروع التحرر والانعتاق ليس اسماً جميلاً مكتوباً بألوان علم الاستقلال الأول، وليست العدالة شعاراً منافقاً مدافعاً عن رموز النظام البائد الموقوفين بسجن كوبر، هذه الجوقة بلغت مبلغاً ورقماً قياسياً في الانتهاز والاستغلال والقفز فوق حواجز الخطوط الحمراء والتنازل عن المباديء، وكحال صنوتها السودانية القديمة فقد تجاوزها الخطاب الثوري للأجيال الناشئة، وما عادت السرديات التاريخية غير المسنودة بصدق الحاضر تجديهم فتيلا، وبما أنها قد آثرت الاتكاء على جدران السودان القديم وهي المتشدقة بوصايا رائد التحرير، عليها انتظار تسونامي الكنس الثوري القادم بقوة دفع شبابي جبّارة، راسمة للحدود الفاصلة بين أساطير الخرافة وواقع التحوّلات الكبرى المتجاوزة للتحجر والتقوقع والانكفاء الطائفي والعشائري والإثني المسموم، ومصيبة هذه الجوقة أنها مغضوب عليها من الثورتين السودانية الأصل والدارفورية الفرع، وكلا الثورتين قد كفرتا بمشروع إعادة تدوير مخلفات النظام البائد، فمن كان مساعداً لمهندس الإبادة الجماعية لن تفسح له الثورة طريقاً، وكذلك من رأس مجلس إدارة شركة طيران النظام البائد - عزة.

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
26 نوفمبر 2022
///////////////////////////

 

آراء