انقلاب 25 أكتوبر ودور القوي العظمي .. “التفكير خارج الصندوق”

 


 

عثمان عطية
30 November, 2021

 

مقدمة :
الاستراتيجيات تناقش قضايا اخري لا علاقة لها بالهدف الاساسي الذي وضعت من اجله.
انقلاب 25 أكتوبر، وكل ما صاحبه من زخم وتكثيف إعلامي كبير، وعلي جميع المستويات الاقليمية والعالمية، بهدف تصحيح المسار الديمقراطي في السودان، كانت له اهداف أخري غير التي روجت له.
الشاهد، ان فترة الانقلاب المزعوم من 25 أكتوبر وحتي التوقيع علي الاعلان السياسي في 21 نوفمبر وما صاحبته من احداث مهمة تضمنت تظاهرات ومليونيات سقطت معها ارواح بريئة من شباب وشابات الثورة السودانية، التعتيم الاعلامي الغير مسبوق، قطع الاتصالات بجميع اشكالها، قطع الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حالة الطوارئ، قطع الطريق بين العاصمة الخرطوم والموانئ البحرية وتتريس طرق شرق السودان من الخياري وحتي بورتسودان!!؟). كل ذلك كان تغبيش للوعي العام، عن الهدف الرئيس والأهم، وليس كما ادعي المكون العسكري وحلفائه، وروجت له وسائل الاعلام المختلفة وهو تصحيح المسار الديمقراطي، هناك اهداف أخري غير مباشرة وغير مرئية للعلن " الاستراتيجية"، وهي تجميد العمل بسد الالفية في اثيوبيا، وإعادة رسم المشهد السياسي في منطقة القرن الافريقي. فاثيوبيا، التي شقت عصا الطاعة مع القوي العظمي والمجتمع الدولي قديماً وحديثاً واصبحت ايقونة " الرستافاري" وكل ما تمثله من رمز للنقاء للشخصية الافريقية، وضعت نفسها في تحدي امام القوي العظمي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها من دول حوض النيل، وتوطيد علاقتها من جمهورية روسيا والصين علي حساب دول الغرب، كان لابد من فعل شيئ لتحجيم دورروسيا والصين المتعاظم في المنطقة. عملت الولايات المتحدة وحلفائها علي تحجيم الدولة الفدرالية في اثيوبيا ومشاريعها الطموحة، بإعادة حروب الوكالة في منطقة القرن الافريقي، وقد تم استغلال قطع الطرق والتتريس في شرق السودان ، ثم شغل العالم بقضية الانقلاب في السودان ومالاته لصرف النظر عن القضية الجوهرية بالمنطقة أثيوبيا وما يدور فيها من احداث. وفي فترة قياسية وعلي غفلة من الجميع وصل مقاتلي التقراي وحلفائهم حدود العاصمة الاثيوبية أديس ابابا!!؟
ويبدو جلياً، ان كل تلك الاحداث، جاءت بعد زيارة جيفري فيلتمان ( المبعوث الخاص للقرن الافريقي ). كان الهدف تحجيم الدور المتعاظم للصين وروسيا في الشأن الاثيوبي عن طريق استخدام واستغلال الاوضاع المفتعلة في السودان احداث 25 أكتوبر، حيث ان الملف الاثيوبي والانقلاب في السودان مترابطان ومتكاملان. وبعدها تم تكليف مساعدة وزير الخارجية الامريكي" مولي في" التي زارت السودان و قامت بإعادة ترتيب المشهد السياسي في السودان والعمل علي عودة الامور لطبيعتها "عودة رئيس الوزراء حمدوك والوثيقة الدستورية".
للاتحاد الاوربي دوراً لا يستهان به في القرن الافريقي، فزيارة السيدة أنيت ويبر، "المبعوثة الخاصة للاتحاد الاوربي للقرن الافريقي" الي الخرطوم، ومن ضمن أهم القضايا التي تناولتها المبعوثة مع المسؤولين السودانيين قضايا الأمن الاقليمي وأمن البحر الاحمر.
يبدو، ان الحياة السياسية ستعود تدريجياً للسودان " الوثيقة الدستورية "، كما كانت عليه قبل 25 أكتوبر، وسيكون للتظاهرات "المليونيات"، دوراً كبيراً في تسريع عملية العودة و الاستكمال السياسي، بين المكونين المدني والعسكري لسابق عهدهما، فالغرض الذي قامت من أجله "عملية" 25 أكتوبر استوفي نتائجه بفاعلية.
علي السودان ومصر والدول الافريقية، وخاصة دول القرن الافريقي، التدخل العاجل والمباشر والعمل علي وقف الحرب الدائرة في اثيوبيا، وعدم ترك الامور للقوي العظمي المختلفة في تحديد مصير ومستقبل دول المنطقة. فنجاح المعارضة الاثيوبية وحلافائها في دخول العاصمة الاثيوبية عسكرياً اشبه ما يكون ( دخول مقاتلي المعارضة السودانية عسكرياً للخرطوم). نهاية الدولة الفدرالية في اثيوبيا له ظلاله التي ستنعكس سلباً وبصورة سريعة و مباشرة علي السودان ودول القرن الافريقي، مما يعني اننا سنشاهد ولادة دول جديدة في المنطقة علي غرار الصومال، والسودان ليس ببعيد عن هذا المشهد.

attiaosman@gmail.com

 

آراء