انهيار التدابير الامنية امام طوفان بشري هادر في شوارع العاصمة السودانية

 


 

محمد فضل علي
14 November, 2021

 

علي الرغم من الحصار المحكم الذي فرض علي تحركات الناس علي الارض داخل السودان ووضع الحواجز الامنية والعسكرية المدججة وقطع وتعطيل شبكة الانترنت فقد انهارت التدابير الامنية المشار اليها وتداعت خلال ساعات معدودة امام طوفان بشري هادر اجتاح شوارع وطرقات العاصمة السودانية ومدن البلاد الاخري بطريقة اذهلت العالم قبل الناس في السودان ومهدت الطريق امام تغيير درامي في واقع السودان السياسي لم تضح معالمه بعد وكيفية حدوثة ولكنه اتي لاريب فيه في كل الاحوال .
ردود الفعل الاجنبية المتصاعدة والتهديدات الصريحة بفرض عقوبات وقيود قد تطال قيادات عسكرية في السودان قد تتحول الي حقيقة وامر واقع خلال ايام معدودة بطريقة قد تصيب دولة وحكومة الامر الواقع الراهنة في السودان بالشلل التام بطريقة ستترتب عليها مضاعفات خطيرة علي حياة الناس اليومية وواقع الحال المزري الذي تعيشه اغلبية الناس في السودان في بلد تقول الاخبار فيه ان بعض تلاميذ المدارس قد قاطعوا الدراسة بسبب عدم القدرة علي توفير المال لشراء وجبة الفطور.
محاولة حجب المعلومات في زمن الطفرة المعلوماتية والتكنولوجية التي اصبحت قادرة علي اختراق ومعرفة مايدور في الاعماق وماهو مخزون في باطن الارض تعتبر عملية طبق الاصل من محاولة حجب قرص الشمس فقد انتهي عمليا الزمن الذي كانت توضع فيه لافتات تقول " ممنوع الاقتراب والتصوير " من التي كانت توضع امام المرافق والثكنات العسكرية .
لقد تغير الزمن ولم تتغير العقلية الامنية التقليدية للمتاسلمين واعوانهم من الذين يتهمون البسطاء في شوارع الخرطوم بدعم الدول الاجنبية واشياء من هذا القبيل...
الشارع السوداني وانتفاضة الاغلبية الصامتة من السودانيين تجاوزت اليوم الاطر الحزبية والسياسية والمكونات القبلية والعشائرية وحققت وحدة وطنية قومية لم تتوفر في الشارع السياسي السوداني منذ تاسيس الدولة السودانية ومعركة تحرير الخرطوم الشهيرة وحتي يومنا هذا.
من الصعب التهكن بطبيعة وملامح النظام السياسي القادم في البلاد علي الرغم من انه اصبح حقيقة وامر واقع ممهور بالدماء الغالية والمواقف التي كتبت مجدا جديد للامة السودانية بطريقة تحتاج الي مجهود عملي وواقعي لتحقيق مطالب الانتفاضة العادلة والعاجلة وفتح كل منافذ العدالة امام ضحايا النظام السابق واللاحق واعادة النظر في الكثير من القضايا والملفات وتصحيح السياسة الخارجية للبلاد ووضع حدود صارمة لعدم الاستفراد باتخاذ القرار علي صعيد التشريع اوعقد اتفاقيات اجنبية من وراء ظهر صاحب الحق والشرعية والامة السودانية وتقصير المسافة امام انتخابات عامة تمهد الطريق الي برلمان منتخب بطريقة تضع حدا للصراع السياسي المتهور علي السلطة والابتزاز والرشاوي السياسية وترضية زيد او عبيد علي حساب الاخرين بخرق القانون والدستور .
نتمني ان يتعقل البرهان ومن معه وكل من وقف وراء هذه المحاولة الانتحارية والمغامرة المسلحة قبل ان يحدث ما لايحمد عقباه وتنتهي الامور في السودان الي واقع لم تشهده البلاد خلال تاريخها منذ زمن الاستعمار وخلال كل التحولات التي حدثت في البلاد خلال سنين الحكم الوطني ...
علي سبيل الذكري والاعتبار فقد سقطت العاصمة السودانية الخرطوم في الثاني من يوليو 1976 في يد قوات مدنية مسلحة تابعة للجبهة الوطنية وتحالف المعارضة السودانية المناهضة لنظام نميري علي مدي ثلاثة ايام كانت العاصمة السودانية والبلاد كلها بلاحكومة ومع ذلك وعلي الرغم من الفوضي في اطلاق النيران الذي شهدته الخرطوم فقد ظلت اجهزة ومخافر الشرطة تعمل بانتظام لتجنب حدوث فراغ امني والمستشفيات واقسام الطوارئ ظلت تقوم باسعاف الجرحي وتقليل الخسائر والضحايا وانجلت المعركة بعودة نميري الي الحكم ولم تسجل اقسام الشرطة حادثة نهب واحدة لمرفق او متجر او لمواطن سوداني ...
اليوم امر اخر فقد تم اضعاف وتهميش مؤسسات الدولة القومية وكل ما له صلة بحياة الناس علي مدي ثلاثة عقود من البلطجة والارتجال والهياج وعسكرة الدولة والمجتمع ووضع كل الامور في غير مكانها علي يد النخبة الاخوانية التي تركت شهادتها الاكاديمية معلقة علي الجدران وارتدت ازياء وشارات القوات المسلحة بدون استحقاق بعد ان قتلوا خيرة ضباطها المهنيين ودفنوا بعضهم من الجرحي وهم بين الموت والحياة.
سادت البلاد تلك الظاهرة الغريبة من هوس العسكرة علي انقاض المؤسسة العسكرية والجيش القومي الذي قامت حركة الاسلامية بتفكيكة في عملية تتشابة تماما مع ماحدث للجيش العراقي القومي بواسطة سلطة الاحتلال الامريكي واعوانها من رجال الدين العراقيين.
لقد جسد تلك الظاهرة عمليا الفريق المزعوم صلاح قوش ومساعدة محمد عطا واخرين من الذين تركوا الهندسة ومجالات اكاديمية وفنية اخري وتفرغوا للتسلط والبطش بالاخرين.
///////////////////////

 

آراء