بابكر عوض الله: تاريخ استقالته عن رئاسة القضاء وأسبابها
عبد المنعم عجب الفيا
3 December, 2022
3 December, 2022
ورد خطأ في تاريخ استقالة القاضي/ بابكر عوض الله، عن رئاسة القضاء، وذلك بترجمة القضية التي نشرناها بتاريخ 29 نوفمبر 2022 تحت عنوان (اشتراط العقد اختصاص محكمة أجنبية.. مدى إلزاميته للمحاكم السودانية).
وقد ذكرنا بالهامش في التعريف به، أنه استقال عن منصب رئيس القضاء في 1968 وهذا خطأ. وتاريخ الاستقالة الصحيح هو سنة 1966.
وسبب الاستقالة كما ذكرنا، هو احتجاجه على رفض البرلمان (الجمعية التأسيسية) والحكومة الامتثال لحكم القضاء الذي قرر عدم دستورية التعديل الذي أدخلته (الجمعية التأسيسية) على المادة (5) الفقرة (2) من الدستور الانتقالي المعدل 1964 والمتعلقة بالحريات العامة ومن بينها حرية الرأي والتجمع والتنظيم السياسي. وكان الغرض من التعديل هو حظر نشاط الحزب الشيوعي. وقد أجازت الجمعية التأسيسية التعديل بالأغلبية البسيطة بجلسة 22 نوفمبر 1965.
أقام أعضاء البرلمان الذين استهدفهم التعديل، دعوى دستورية لدى (المحكمة الأعلى) طاعنين في دستورية التعديلات وأصدرت المحكمة قرارها بتاريخ 22 ديسمبر 1966 بقبول الدعوى وعدم دستورية التعديل. وقد نشر الحكم القضائي بمجلة الأحكام القضائية لسنة 1968، ص 1 (وهذا هو ما أوقعنا في توهم تاريخ خطأ لاستقالة بابكر عوض الله).
وكان قاضي (المحكمة الأعلى) صلاح الدين حسن، هو من أصدر الحكم في الدعوى الدستورية وذلك بحكم اختصاص (المحكمة الأعلى) بنص الدستور. وجاء الحكم مسببا تسبيبا قانونيا وفقهيا ممتازاً، ومما جاء في أسباب الحكم:
"إن الحقوق الأساسية التي كفلتها المادة (5) الفقرة (2) من الدستور الانتقالي غير قابلة للمصادرة بالتشريع أو التعديل الدستوري".
ويمضى إلى القول: "لو قبلنا حجة محامي المدعى عليهم بأن الدستور الانتقالي قابل للتعديل بدون أي قيود مثله مثل أي قانون آخر، فإن هذا يجهض أساس النظرية التي تقوم عليها فكرة الدساتير المكتوبة، وهي أن الدستور هو القانون الأساس fundamental law الذي يسمو على كل القوانين والتشريعات، وهو ما نصت عليه المادة 3 من الدستور الانتقالي المعدل 1964. كما أن مثل هذا التعديل ينتهك الضمانات التي حصن بها الدستور الحقوق والحريات الأساسية المضمنة فيه".
والمعنى أن فكرة الدستور كقانون أساس تقوم أصلاً على فلسفة حماية حقوق الأقلية ضد تغول الأغلبية.
(انظر قضية: جوزيف قرنق وآخرين /ضد/ المفوضية العليا وآخرين، مجلة الأحكام القضائية لسنة 1968 ص 1 Sudan Law Journal and Reports, 1968)
الجدير بالذكر أن القاضي/ الريّح الأمين، قد عيّن رئيسا للقضاء خلفاً لبابكر عوض الله عقب استقالة الأخير، وهو من نفس الدفعة وهي الدفعة الثانية بمدرسة القانون بكلية غردون والتي تخرجت سنة 1940. واستمر الريّح الأمين في المنصب لغاية سنة 1968 حيث خلفه، عثمان الطيب، من ذات الدفعة.
هوامش:
القاضي/ صلاح الدين حسن الذي أصدر الحكم في قضية عدم دستورية التعديل، ولد بام درمان سنة 1929. تخرج في كلية القانون بجامعة الخرطوم سنة 1951. سافر للعمل بدولة قطر سنة 1972 حيث أسس النظام القضائي هناك وصار رئيسا للمحاكم العدلية وهو المنصب الذي خلفه فيه الفاتح عووضة. انتقل صلاح حسن إلى دولة الأمارات حيث عمل رئيسا للدائرة القانونية لصندوق النقد العربي على مدى خمسة عشر سنة . توفي في 25/1/2010
عبد المنعم عجب الفَيا – 3 ديسمبر 2022
abusara21@gmail.com
وقد ذكرنا بالهامش في التعريف به، أنه استقال عن منصب رئيس القضاء في 1968 وهذا خطأ. وتاريخ الاستقالة الصحيح هو سنة 1966.
وسبب الاستقالة كما ذكرنا، هو احتجاجه على رفض البرلمان (الجمعية التأسيسية) والحكومة الامتثال لحكم القضاء الذي قرر عدم دستورية التعديل الذي أدخلته (الجمعية التأسيسية) على المادة (5) الفقرة (2) من الدستور الانتقالي المعدل 1964 والمتعلقة بالحريات العامة ومن بينها حرية الرأي والتجمع والتنظيم السياسي. وكان الغرض من التعديل هو حظر نشاط الحزب الشيوعي. وقد أجازت الجمعية التأسيسية التعديل بالأغلبية البسيطة بجلسة 22 نوفمبر 1965.
أقام أعضاء البرلمان الذين استهدفهم التعديل، دعوى دستورية لدى (المحكمة الأعلى) طاعنين في دستورية التعديلات وأصدرت المحكمة قرارها بتاريخ 22 ديسمبر 1966 بقبول الدعوى وعدم دستورية التعديل. وقد نشر الحكم القضائي بمجلة الأحكام القضائية لسنة 1968، ص 1 (وهذا هو ما أوقعنا في توهم تاريخ خطأ لاستقالة بابكر عوض الله).
وكان قاضي (المحكمة الأعلى) صلاح الدين حسن، هو من أصدر الحكم في الدعوى الدستورية وذلك بحكم اختصاص (المحكمة الأعلى) بنص الدستور. وجاء الحكم مسببا تسبيبا قانونيا وفقهيا ممتازاً، ومما جاء في أسباب الحكم:
"إن الحقوق الأساسية التي كفلتها المادة (5) الفقرة (2) من الدستور الانتقالي غير قابلة للمصادرة بالتشريع أو التعديل الدستوري".
ويمضى إلى القول: "لو قبلنا حجة محامي المدعى عليهم بأن الدستور الانتقالي قابل للتعديل بدون أي قيود مثله مثل أي قانون آخر، فإن هذا يجهض أساس النظرية التي تقوم عليها فكرة الدساتير المكتوبة، وهي أن الدستور هو القانون الأساس fundamental law الذي يسمو على كل القوانين والتشريعات، وهو ما نصت عليه المادة 3 من الدستور الانتقالي المعدل 1964. كما أن مثل هذا التعديل ينتهك الضمانات التي حصن بها الدستور الحقوق والحريات الأساسية المضمنة فيه".
والمعنى أن فكرة الدستور كقانون أساس تقوم أصلاً على فلسفة حماية حقوق الأقلية ضد تغول الأغلبية.
(انظر قضية: جوزيف قرنق وآخرين /ضد/ المفوضية العليا وآخرين، مجلة الأحكام القضائية لسنة 1968 ص 1 Sudan Law Journal and Reports, 1968)
الجدير بالذكر أن القاضي/ الريّح الأمين، قد عيّن رئيسا للقضاء خلفاً لبابكر عوض الله عقب استقالة الأخير، وهو من نفس الدفعة وهي الدفعة الثانية بمدرسة القانون بكلية غردون والتي تخرجت سنة 1940. واستمر الريّح الأمين في المنصب لغاية سنة 1968 حيث خلفه، عثمان الطيب، من ذات الدفعة.
هوامش:
القاضي/ صلاح الدين حسن الذي أصدر الحكم في قضية عدم دستورية التعديل، ولد بام درمان سنة 1929. تخرج في كلية القانون بجامعة الخرطوم سنة 1951. سافر للعمل بدولة قطر سنة 1972 حيث أسس النظام القضائي هناك وصار رئيسا للمحاكم العدلية وهو المنصب الذي خلفه فيه الفاتح عووضة. انتقل صلاح حسن إلى دولة الأمارات حيث عمل رئيسا للدائرة القانونية لصندوق النقد العربي على مدى خمسة عشر سنة . توفي في 25/1/2010
عبد المنعم عجب الفَيا – 3 ديسمبر 2022
abusara21@gmail.com