بخصوص عرض، ثم قطع، قناة الحدث لفيديو جثامين قتلى جريمة فض الاعتصام بالخرطوم

 


 

 

الخرطوم - 12 سبتمبر 2022م
عرضت قناة الحدث، عبر مراسلتهم في الخرطوم، لفيديو عما يزيد عن ألف من جثامين جريمة فض الاعتصام الشنعاء، المرتكبة في 3 يونيو 2019م في الخرطوم، ذلك ضمن عشرات الاعتصامات التي تم فضها بنفس الوحشية الإجرامية. كل هذا العدد من الضحايا ي مشرحة واحدة بمستشفى واحد هو مستشفى بشائر، جنوبي الخرطوم. ثم كان أن قطعت قناة الحدث، أثناء بثها (كما لو انت قد تفاجأت) شريط بث هذا الفيديو ومجمل الصور لبشاعتها.
وبعد، هذا الحدث لا ينبغي أن يمر بلا تعليق (أولا)، ثم (ثانيا) لتدبيج الإدانة لهذه القناة المجرمة ولمراسلتها التي لا تقل عنها جرما، وكذلك لا تستحق أن تحمل الجنسية السودانية، بالضبط مثل المجرمين الذين ارتكبوا تلك الجرائم بامتداد الوطن.
أول ما ينبغي الإشارة إليه هو أن قناة الحدث متآمرة في هذا الشأن، وكذلك بالضرورة المراسلة. فكل ما تسعى هذه القناة لإيصاله هو ضرورة دفن هذه الجثث باعتبار أن دفن الميت إكرامه (هذا هو نص ما قالته هذه الدَّعِيَّة التي تبرز كإعلامية، بالضبط كما برز الثعلبُ يوما في ثياب الواعظينا). وهذا طبعا مجرد إفك إعلامي ليس إلا. فالمراسلة المتآمرة أحالت هذه الجثث إلى عام 2019م دون أن تملك الشجاعة (وبالضرورة دون أن تملك ذرة من الوطنية دع عنك الثورية) في أن تقول بأن هذه الجثث هي لضحايا جريمة فض الاعتصام، دع عنك باقي جرائم فض الاعتصامات بباقي المدن السودانية.
ثانيا، الاحتفاظ بهذه الجثامين، زكية الرائحة، يكمن في الإجراءات القانونية التي، ليس فقط تتطلب الاحتفاظ بالجثامين مشبوهة الوفاة، بل يمكن أن تصل إلى درجة نبش هذه الجثامين حال دفنها دون استكمال إجراءات التحقيق في ملابسات وفاتها.
قناة العربية، التي عجزت عن أن تستعرض لنا تفاصيل جريمة اغتيال وتقطيع أوصال الصحفي جمال خاشوقجي (والسبب معروف طبعا برغم ملابس المذيعة التي لا يمكنها أن تمشي بملابسها هذه في شوارع الرياض، بالرغم من أن القناة سعودية التمويل والأجندة)، ها هي اليوم تفتح هذا الموضوع في السودان (في زمن انحطاطه وانبراشه)، لا انتصارا للحق والحقيقة، بل لمساعدة برهان إبان زيارته المرتقبة للأمم المتحدة. فهم يريدون دفن هذه الجثامين بسرعة وبدون تحقيق. ولا يظُنَّنّ إلا الجاهل أن السعودية تفعل هذا (عبر بوقها الإعلامي "الجزيرة"، ثم عبر وكيلتها المشتراة نقدا "المراسلة" بماهية بائسة مهما بلغت) انطلاقا من مراعاتها لمصالحها الوطنية (هذا برغم أنها حتى الآن لم تبلغ مبلغ الدولة الوطنية، أي بعد أكثر من 400 عاما من تأسيس الدولة الوطنية، فتصوروا!)؟ لا وألف لا! إنها تفعل هذا بالوكالة عن سادتها في قوى الإمبريالية العالمية، وتحديدا أمريكا وأوروبا.
وهذا يفسر لنا شيئا خطيرا للغاية، ألا وهي أن أمريكا هي الداعم الأكبر للانقلابيين بجيشهم وبوليسهم وأمنهم وجنجويدهم ومليشيات حركاتهم. وقد كان هذا هو نفسه موقفهم إزاء حكم الكيزان في زمن المعزول عمر البشير. فهل فهمتم لماذا تم تعيين سفير الآن بعد نصف قرن من الزمان؟ للحيلولة دون تفكيك دولة ما بعد الاستعمار، أي الدولة التي تضمن لهم التبعية.
هذا هو السياق الذي ينبغي أن يُفهم من خلاله أداء قناة الحدث، ذلك الأداء الركيك مهنيا، الركيك أخلاقيا!
MJH
الخرطوم - 12 سبتمبر 2022م

 

آراء