بس يا رصاص

 


 

 



(1 )
اصبح للرصاص وجود مقدر في حياتنا لن نقول انه وسيلة نيل الحقوق انما هو وسيلة اغتصاب السلطة والحفاظ عليها وبالتالي للمشاركة فيها لابد منه لقد اصبح الرصاص وسيلة الاشهار لكل شئ من الزواج الي انطلاق الحركة المسلحة لقد صادر الرصاص سلامنا وامننا الاجتماعي بعد ان مزق بلادنا وللاسف الشديد لم يستطع احد كبح جماحه فما زالت لعلعلته تزداد كل يوم وحدث هذا لاننا تركناه للايدي وابعدناه عن العقل لذلك سوف يطول ليلنا معه اللهم الا اذا حدثت معجزة
(2 )
الحركة الثورية لم توارب ولم تتردد في اعلان عن ميلادها متلفعة بالرصاص فهو وسيلتها في الاشهار وفي الانجاز ومن هنا اتى غزوها لام روابة واب كرشولة دون شك ان هناك رسائل سياسية كثيرة تريد الجبهة ارسالها لعدة جهات اسرف الناس في الخوض فيها ويخطئ من يظن ان تلك الرسائل في مبعثها ومستقبلها سودانية بحتة فالخارج موجود بكثافة في الارسال والاستقبال ببساطة لان الشان السوداني لم يعد سودانيا داخليا  انما اضحى شانا عالميا ومع شوية تلطيف يمكن ان نقول اقليميا وياميلة بختك يامة السودان
(3 )
ان لم يكن هناك خلاف في  كنه الرسائل الموجهة ارسالا واستقبالا محليا وعالميا فقد يكون هناك خلاف في توقيت الرسالة وفي تقديري ان الجبهة الثورية اختارت الوقت على حسب قراءتها للمناخ السياسي في الخرطوم فحرب العصابات –اضرب واهرب- لاتحسب سياسيا على الحكومة اي حكومة مهما كانت نتيجة ضحاياها ولكن ما يحسب عليه ردة فعلها فالجبهة رات ان الخرطوم في حالة شلل سياسية . القرار فيها لاتتحكم فيه مؤسسة فالحركة الاسلامية قد انزوت في ركن  قصي الحزب الحاكم تحول الي ترس في ما كينة الدولة عليه فان غزو ام روابة واحتلال اب كرشولة سوف يكشف وهن الحكومة فلن تستطيع التعبئة الحربية  ولن تتخذ تدابير سياسية تحاسب المقصرين وسوف يتفرج الشعب على مايحدث ولن يجيش نفسه كما حدث في هجليج  لابل سوف  يتكرر  مشهد ضربة اليرموك  
(4 )
القوات الغازية لم تكن في انضباط على الاقل بعض  القادة او ربما كان الجنود يحملون بين جوانحهم رسائل مختلفة عن تلك التي في رؤوس بعض  القادة فكان تدمير المنشات المدنية من كهرباء وماء واتصالات واسواق مع قليل من القتلة من رجال البوليس هذا في ام روابة اما في اب كرشولة فالامر مختلف حيث كانت المحاكمات الايجازية والقتل على الهوية والعرقية والدينية والسياسية فكان الامر اقرب للتطهير العرقي فكان النزوح الجماعي فاصبحت الرسالة لكافة الشعب ان هذا هو الحال اذا استطاعت الجبهة الثورية اكتساح المدن السودانية عليه فان البديل للنظام الحالي هو التدمير والخراب والقتل على الهوية والاغتصاب
(5 )
بما ان لكل فعل رد فعل معاكس له في الاتجاه ومساو له في المقدار فالحكومة لاثبات خطا راى الحركة وتكذيبها  سوف تفعل المستحيل لتثبت  انها مازالت قوية مستفيدة من اعتداء الجبهة الثورية وماخلفه من اثار وسيكون الموت اكثر وستكون الجراح اعمق في ردة الفعل تلك  مما سيولد المزيد من الحقد والتحفز للثار  وهكذا سوف تغذي الحركة الحكومة باسباب البقاء وتغذي الحكومة الحركة باسباب الوجود طالما اننا سلمنا امرنا للرصاص وتبكي يابلدي الحبيب
(ب )
صراع الهوى والهوية
(1 )
في القرن المنصرم والي ما قبل انفصال الجنوب هناك تسليم بان السودان تتنازعه هويتان عربية مسلمة في مواجهة زنجية غير مسلمة ولعل مبتدر هذا الزعم هو ماكمايكل في كتابه الماكر عن تاريخ العرب في السودان وللاسف الشديد لم تستطع النخبة السودانية والمهتمة بالهوية دون غيرها بفحص هذة المسلمة والمليئة بالثقوب التي كان يمكن كشفها اللهم الا محاولات الحزب الشيوعي لتجاوز تلك الصيغة او بالاحرى تجاهلها والتركيز على الصراع الطبقي بين الذين يملكون والذين لايملكون  وبالتالي يصبح  العلاج الشافي لكل علل السياسة السودانية هو التنمية التي لاتقسمهم الي طبقتين غير متقابلتين بالطبع الحزب الشيوعي اتى بالصراع الطبقي من كراسته الماركسية ثم جاء جون قرنق ليبتدع صيغة الهامش في مواجهة المركز ولكن تنظيره وارجعنا الي فخ ما كمايكل وبالسلاح كمان  
(2 )
دفع السودان ثمن الاستسلام لصيغة الصراع الهويوي اعلاه غاليا اذ بدات لعلعة الرصاص مع فجر الاستقلال وانتهت بانشطار البلاد  الي قسمين او بالاحرى الي دولتين مما دعى البعض للتسرع بالقول ان صراع الهوية قد تم حسمه بالانفصال وذهبت الزنجية غير المسلمة الي دولة اخرى وبالتالي اصبح السودان بلادا متجانسا ليس في اي شائبة من شوائب الصراع الهويوي وبالمقابل تسرع البعض في الاتجاه المعاكس بالقول ان صيغة الصراع القديم لازالت مستمرة وان هناك شعوبا سودانية غير عربية وغير مسلمة وحتى ولو كانت مسلمة فالدين لايكسب اي هوية
( 3 )
بما ان  السكين التي ذبحت السودان القديم تحت مسمى الهوية لم تحسن الذبح ف(خربت الموت بالرفسي ) كما يقول المثل الشعبي الامر الذي اتاح الفرصة لعلعلة الرصاص من جديد ومع فجر الانقسام وبعد احداث ام روابة وابو كرشولة بدا الصراع ياخذ صيغة الذين يرون ان هوية السودان حسمت في يوليو 2011 والذين يرون غير ذلك والحكاية مازالت في اولها ولكن ذبحت لها الكرامة دماء زكية راحت هدرا هنا وهناك والايام  القادمة الحبلى  سوف تجيب هل صيغة الصراع  الهويوي الجديدة لها نفس طويل ام ان الامر  مجرد حراق روح ام ستاخذ القضية شكلا جديدا
(4 )
ما حدث في ام روابة من غزوة مؤقتة وفي اب كرشولة من احتلال او تحرير من احتلال  ورفع علم ومحاكمات على الهوية العرقية والدينية توضح ان قوات الجبهة الثورية ترى في ام روابة ارض غير والهدف من غزوها رسائل سياسية لعدة جهات بينما اب كرشولة اعتبرت ارض محررة عادت الي حضن وطن قادم سيتم الاعلان عنه في شكل من الاشكال حتى ولو كان حكما ذاتيا في طاولة التفاوض هكذا الحكاية دوما تبدا برصاصة وتنتهي بتوقيع  والحال هكذا ردة الفعل هي الاخرى جاءت مختلفة فكان الحديث عن ام روابة ولم تذكر اب كرشولة الا في اليوم التالي مع محاولات اعلامية لتدارك مافات
(5 )
الايام الحالية والقادمة تحتاج لتبصر من نوع خاص ولكن تلاحق الاحداث سوف يثير غبارا كثيفا يحجب الرؤية عليه سوف تظل بلادنا تتخبط وتسير بغير هدى الي ان ينقشع الغبار وتفتح الستارة على واقع نصبح ملزمين بتجرعه رغم حنظله ولا حول لاقوة الا بالله  
(ج )
مربع ثالث
في مقال سابق من هذة السلسلة قلنا ان الجبهة الثورية والحركات المقاتلة قبلها بمافيها  الحركة الشعبية بقطاعيها هي التي تمد الحكومة القائمة حكومة الانقاذ باسباب البقاء وقلنا ان ماحدث في ام روابة من انتهاكات مدنية وتحطيم لمنشات خدمية وما حدث في اب كرشولا من قتل وترويع على الهوية هو الذي يجعل الناس يتعقدون ان بديل هذة الحكومة هو هذا الدمار وانتقام عنصر السودان الاخر من مثلث حمدي بينما رد فعل الحكومة الذي هو الاخر  فتكا في الارواح وما يولده ذلك من حقد وروح انتقام يمد ذات الحركات المقاتلة باسباب البقاء
اذن ياجماعة الخير ان الصراع والنزاع السياسي في البلاد بين الحكومة والمعارضة المسلحة سوف يستمر الي ما شاء الله  او ينتهي بنهاية السودان ولن نبعد النجعة كثيرا اذا قلنا ان هناك جهات خارجية تدعم هذا التطرف وتريد لشد الحبل ان يستمر دون ان ينقطع لابل تقدم الدعم المادي والاستخباري والسياسي للطرفين لان تلك الجهة الخارجية تريد ان تجعل ارض السودان الفضل ساخنة قابلة للتشكيل وفي  الوقت الذي تريد  واخطر ما في الامر ان انفراد الطرفين بتقرير المصير السوداني ظاهريا يتطلب سياسية قمعية داخلية في جهة كل طرف وهذا ايضا يتم بدعم من ذات القوى الخارجية
اذا كان ما ذهبنا اليه صحيحا يصبح البحث عن فاعل ثالث في السودان امرا لابد منه ففي هذا الطرف الثالث بقاء السودان على الخارطة العالمية وحفظ سلامة ارواح اهله لابل فيه حفظ حياة حتى بالنسبة للاطراف المتقاتلة لان هذة الاطرف المقاتلة لاتعدو الا ان تكون ديوك مسلمية (تعوعي ويصلتها يحمرو فيها)  كلنا ديوك لكننا لانعوعي هذا الفاعل الثالث الذي يجري البحث عنه له طرفان هو الاخر واحد في الخرطوم والاخر في مناطق القتال
على الخرطوم الحاكمة ان تتنتهج سياسات جديدة تعطي فيه الفرصة لوجوه جديدة ليست طرفا في القتال الذي يجري الان عليها اولا ان تكف عن سياسة الاضعاف التي تمارسها الان وتمارس سياسة نقيضة لها بتقوية هذ الطرف الجديد ليقيم حكما راشدا في البلاد حكما يزيل التشوهات التي احدثتها سنوات الانفراد الاخيرة هذا من جانب وعلى الذين يحملون السلاح في كل انحاء السودان ان يكفوا عن التحدث باسم السودان عليهم ثانيا ان يعطوا  الفرصة للذين لايحملون السلاح وفي ذات المناطق ليجربوا النضال السلمي من اجل الحقوق وهذا يبدا بان يكفوا عن اذيتهم
كنا نتمنى اان نوجه النداء لهذة الكتلة الثالثة  هنا وهناك بان تتحرك من تلقاء نفسها ولكننا للاسف لم نفعل لاننا شهدنا وعايشنا الاضعاف الذي حدث لها عشنا  هوانها على نفسها  وعلى الغير لذلك وجهنا النداء للعقلاء في الطرفين الممسكين بطرفي الثوب قائلين لهم ان الذي تقومون به ما هو الا مزيد من التوريط لكم وللبلاد وانه لن يكون هناك حلا على ايديكم فالافضل من اجل سلامتكم وسلامة الوطن وسلامتنا جميعا ان تسمحوا لهذا الفاعل  الثالث بالظهور والعبور
الطرف الثالث ليس بالضرورة ان يكون الاحزاب السياسية انما هو موجود في الكتلة الحيوية في البلاد بشقيها المدني والعسكري وهو على ااتم القدرة والاستعداد لانقاذ البلاد والعباد ولكن للاسف معاق عن المبادرة فاذا ما ازيلت عوامل الاعاقة هذة سوف يظهر ماردا جبارا من اجل البناء والنهضة فحواء السودان لم تعقم  ارض السودان لم تجدب ومياه السودان لم تنضب ولكن من يزيل هذة الغشاوة الجاثية على العيون والعقول

عبد اللطيف البوني [aalbony@gmail.com]
///////////

 

آراء