بشهادة الخبير الأُممي لحقوق الإنسان: قوات الجنرال الإنقلابي تواصل قتل المتظاهرين السلميين، وانتهاكات حقوق الإنسان

 


 

 

فى ذكري مجزرة 3 يونيو 2019، وبشهادة الخبير الأُممي لحقوق الإنسان فى السودان: قوات الجنرال الإنقلابي تواصل قتل المتظاهرين السلميين، وانتهاكات حقوق الإنسان

مدار أوّل: "وضعوا على فمه السلاسل.. ربطوا يديه بصخرة الموتي.. وقالوا: أنت قاتل !. يا دامي العينين والكفّين .. إنّ الليل زائل .. لا غُرفة التوقيف باقية .. ولا زرد السلاسل.. نيرون مات، ولم تمت روما .. بعينيها تُقاتل " ((محمود درويش))
- 1-
لم تتورّع قوّات كبير السلطة الإنقلابية - الجنرال البرهان - من جعل يوم 3 يونيو 2022، يوم قتلٍ وسحلٍ إضافي، ويوم مواصلة للسير فى طريق العنف الممنهج، ضد حرية التعبير، التي هي حقٌّ أصيلٌ من حقوق الإنسان، كفلته المواثيق الدولية.. لقد ثبت بالأدلّة القاطعة، أنّ قوات السلطة الإنقلابية، آلت على نفسها، أن تُسيل دماء المتظاهرين/ات السلميين/ات، فى الذكري الثالثة لمجزرة فض اعتصام القيادة العامة (3 يونيو 2019)، ليُضاف فى هذا اليوم الإستثنائي، إلى قائمة الشهداء، شهيدٌ شاب عشريني، ارتقي للسموات، على إثر إصابته بالرصاص الحي، الذي أطلقته قوّات الإنقلاب، بجانب العشرات من الجرحي، أثناء قمعها لمواكب سلمية بمحطة (سبعة) بحي الصحافة بالخرطوم، نظّمتها ودعت لها تنسيقيّات لجان مقاومة ولاية الخر طوم، ولم يكن محض صدفةٍ بحتة، أن يجيء هذا اليوم بعد أيّامٍ قلائل، من (إعلان) رفع حالة الطواريء (الكذوب)، الذي أعلنه رئيس السلطة الإنقلابية، لشيء فى نفس "يعاقبة" انقلاب 25 أكتوبر 2021.
-2 -
فى هذا اليوم المشهود، واصلت القوات الإنقلابية، تعدّيها على الحق فى التعبير، رُغم أخذها العلم "مُسبقاً"، بوجود الخبير الأُممي لحقوق الإنسان، السيّد أداما دينق، فى البلاد، وفى هذا وذاك، تأكيد على أنّ "من شبّ على شيءٍ، شاب عليه" !. وها قد ثبت، أنّ من شبّ على مُتلازمة العنف والقمع والقهر، وانتهاك حقوق الإنسان، شاب عليها ! .. ولم يضع الجُناة فى الحسبان، أنّ الذكري الثالثة لمجزرة (3 يونيو )2019، بإسمها المعروف (مجزرة القيادة العامة)، مازالت جراحها طريّة ونديّة، وأنّ ذاكرة الثوار والثائرات، وأُمهّات وآباء، وأحباب ورفاق ورفيقات، الشهداء، ستظل وستبقي خضراء، لا يُصيبها اليباس، ولا القِدم، ولا النسيان، ولم – ولن – تُنسي، جريمة (3 يونيو 2019)، وما تلاها، من جرائم وعنف الدولة والسلطة الإنقلابية القامعة، منذ ذلك التاريخ، وحتّي اليوم !.
-3 -
لم تمتلك هذه القوّات القمعية، (حساسية) أن تجعل من هذا اليوم – بالذات – يوم هُدنة – ولو مؤقّتة - من مواصلة قمع المتظاهرين/ات السلميين/ات، بل، وقتلهم/ن، والتنكيل بهم/ن، وقصفهم/ن بوابلٍ من الرصاص المميت، ورجمهم/ن بالذخيرة الحّيّة، وقذفهم/ن بـ"ابابيل" و أعاصير"البمبان"، و"مُضايقتهم/ن فى الطُرقات"، بدلاً عن اِكرامهم/ن والاحسان إليهم/ن، وافساح المجال لهم/ن للتعبير - الذي بدأ سلميّاً، واستمرّ، وسيبقي سلميّأ – حتّي يستكمل شعبنا ثورته الظافرة، ويُحقّق شعاراتها المجيدة (حريّة .. سلام .. وعدالة)، وينتصر لأهدافها العظيمة، مهما كانت التضحيات، وتجبّرت، وتكبّرت، آلة وترسانة القمع الوحشي، وذلك، ببساطة، لأنّ "الشعب أقوي، والثورة مستمرّة، والردّة مُستحيلة" !.
- 4 -
عشيّة مواكب 3 يونيو، التي انتظمت كل البلاد، لم يعد سرّأً، أو مفاجأةً، أو تنبؤاً - يضربه العرّافون والعرّافات - ليكون قابلاً للصحة أو الخطأ، أن الزيارة الثانية المُبرمجة، والمحدّدة سلفاً، لخبير حقوق الإنسان الأُممي، لأوضاع حقوق الإنسان فى السودان، السيد أداما دينق، قد آن أوانها، وحلّ موسم حصادها، وأنّها - وفق الجدول المعلوم للجميع - ستكون فى الفترة بين ( 1 -4 يونيو 2022)، وهذا ما يُفسّر هرولة نظام 25 أكتوبر الإنقلابي، نحو ((إعلان رفع حالة الطواريء))، يوم 29 مايو 2022، وهي – كما يعلم الجميع - حالة طواري "مُزمنة" بلغة الطب، وتفاسيرعلوم الأزمات، لكونها أزمة طويلة الأمد، وعالية المخاطر، وعظيمة الأضرار، يُصعب علاجها، وتقليل تداعياتها وآثارها الوخيمة، بمجرّد الاعلان عن (اطلاق سراح المعتقلين) أو(السماح لقناة الجزيرة "مباشر" بمزاولة البث)، فى الوقت الذي ينسي أو يتناسي فيه قائد انقلاب 25 أكتوبر2021، أنّ حالة الطواريء تبدأ – وقد بدأت بالفعل – بإعلان الإنقلاب، وما تبعه من "اجراءات " و"خطوات" فى جميع الجبهات، بدءاً، من مصادرة الحريات الأساسية، مروراً، بعدم الوصول لسلام حقيقي، ووصولاً، لغياب العدالة، وهي شعارات الثورة الظافرة، التي جاء انقلاب 25 أكتوبر 2022، لوأدها، وقطع الطريق، أمام استكمالها، ولكن، هيهات!.
-5 –
يبدو أنّ مستشاري السيد البرهان، قد نصحوه، ولكنّه لم "يستبين النصح، إلّا ضحي الغد"، بإعلانه المرتبك لتلك الخطوة الماكرة، ليقول – بها، وعبرها - للخبير الأُممي، ولمجلس حقوق الإنسان، وللمجتمع الدولي، وللعالم المُتحضّر، أنّ حالة الطواريء قد "رُفعت" وأنّ الأمن "مُستتب"، وأنّ الحقوق "مُصانة"، وأنّ الحياة الطبيعية، قد عادت إلى مجراها ومرساها، وهذا، ليس من الواقع المُعاش فى شيء.. وكان الأفضل، أن يقول السيّد البرهان، للسيّد أداما دينق، أنّ الإنقاذ عادت، ، بشحمها المرضي، وورمها الخبيث، وبكل قوانينها، وممارساتها، وترسانتها القمعية، وبرموزها، وسادتها، وسدنتها، لمواصلة الانقلاب، على شعارات ثورة ديسمبر (حريّة ..سلام ..وعدالة)، وهذا ما لا يُمكن أن يمر على كل ذي بصرٍ وبصيرة !.
-6 -
لم يسأل الجنرال البرهان نفسه، كيف تمر – مثل هذه اللعبة – على السيّد أداما دينق، وتاريخ الرجل – البعيد والقريب - يحكي عنه – باختصار - أنّه مستشار الأُمم المتحدة الخاص – السابق – لمنع الإبادة الجماعية، ومُسجّل - سابق – للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، إلى جانب وظائف ومواقع أُخري عديدة رفيعة، تولّاها، خلال رحلته الطويلة فى خدمة أهداف وآليات احترام وتعزيز حقوق الإنسان، قبل أن يُكلّف "أممياً" فى 5 نوفمبر 2021، لتولّي مهمة الخبير المستقل، لحقوق الإنسان فى السودان، بناءاً على طلب مجلس حقوق الإنسان، لتكون من بين مهامه فى السودان، مراقبة تطوُّر أوضاع حقوق الإنسان، بمساعدة وتعاون وثيق، مع مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان فى السودان.
-7 -
ومرّةً ثانية، لم ينتبه الجنرال البرهان، إلى أنّ السيد أداما دينق، ومن موقع تكليفه الأممي، سيُساهم بصورة مُباشرة، فى التقرير المكتوب الشامل، الذي ستقدِّمه المفوّضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، السيدة ميشيل باشليه، إلى مجلس حقوق الإنسان – بجنيف – فى دورته الخمسين، المقررعقدها بين (13 يونيو – 8 يوليو 2022)، ووفق هذا التكليف الأُممي، فإنّ التقرير (الكتابي الشامل)، سيُركّز على حالة حقوق الإنسان، فى السودان، مُنذ "استيلاء الجيش على السُلطة"، وانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان المُرتكبة خلالها، على أن يعقبه حوار تفاعلي مُعزّز، وسينظر المجلس فى تقرير المفوّضة السامية، ويُقرّر بشأنه، قريباً، وقريباً جدّاً، ويومها سيعرف الإنقلابيون - "الذين ظلموا، أيّ مُنقلبٍ ينقلبون"، وسيدرك الجنرال البرهان وتحالف معاونيه فى قمع الشعب، أنّ جريمة الإنقلاب، وما تبعها من انتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مرصودة بدقّة، وموثّقة بمهنيّةٍ وإحترافيةٍ عالية، وأنّ الحساب على كل الجرائم آتٍ، من شعبنا العظيم، ومن المؤسسات الحقوقية الدولية، ولو بعد حين !. فلننتظر، الجلسة المخصصة لحالة حقوق الإنسان فى السودان، فى "قصر الأُمم"، بجنيف، لنري، إذ ليس من رأي، كمن سمع !.
-8-
أقول هذا، وقد كنت بين الحاضرين والشاهدين، فى المؤتمر الصحفي الضافي، الذي عقده، الخبير المستقل، السيد أداما دينق، ونقلته الوسائط الإعلامية، وتحدّث فيه بوضوح عن معبّراً عن استيائه وغضبه، لإستمرار قتل المتظاهرين السلميين، وقمع حرية التعبير، والحق فى المواكب والتظاهرات السلمية، إلى جانب قضايا أُخري، عرضها باقتضاب فى المؤتمر، يضيق هذا المقال عن عرضها، ونستطيع – بكل ثقة - من متابعتنا الدقيقة لحديثه فى هذا المؤتمر الصحفي، أن نتعرّف على ملامح تقريره، الذي سيضع النقاط فوق الحروف، فيما يخص حالة وأوضاع حقوق الإنسان فى السودان، مُنذ وبعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، وهو موضوع التكليف.
-9 –
تبقّي أن نختم فى ذكري مجزرة 3 يونيو 2019، بالقول: إنّ ثورةً، تزود عنها، وتحميها سواعد الشباب والشابات، من لجان المقاومة الباسلة، لن تنكسر، وأنّ واقعاً جديداً قد تشكّل فى السودان، بعد التوقيع على (ميثاق سلطة الشعب)، الذي صنعته، ووقّعته لجان المقاومة، وطرحته للشعب السوداني، ولقوي الثورة السودانية، والجماهير الشعبية، صاحبة المصلحة الحقيقية فى التغيير الثوري المنشود، بديلاً موضوعياً، وبرنامجاً عملياً، لتغيير الواقع الذي فرضه انقلاب 25 أكتوبر 2021، وقد أصبح شعار (تاسيس سلطة الشعب)، رافعةً حقيقيةً وقويّة، للنضال الدؤوب والجسور، نحو تحقيق أهداف وغايات ثورة ديسمبر المجيدة، واستكمال مهامها.. ويبقي، أنّ النصر معقودٌ دوماً وأبداً، بلواء الشعوب، ولو كره الإنقلابيون !.
جرس أخير:
"آن الأوان .. الوقت راح .. هذا قرار الشعب، بل، والعصر .. مُش اِقتراح ..فلتعترف .. خُت بُندقيتّك وانصرِف .. فالزلازل، خُطوة منّك، والرياح .. تكفي السرادق .. والخنادق .. والبنادق .. والجراح .. ومُعسكرات بؤس النزوح .. عطشان ومكسور الجناح .. والروح كأهون ما يكون أن تُستباح" ((محجوب شريف))
فيصل الباقر
faisal.elbagir@gmail.com

 

آراء