بطاقة مجانية ملونة

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

حاطب ليل

 

احبابنا اهل الهوى في كرة القدم لديهم قدرة فائقة على التقاط التعابير المتحدثة في لغة النقد الرياضي وتوطينها في السودان وبسرعة من الزمن  لتجري في الازقة والحارات ولاشئ يمنعنا من استلاف بعضها لاستخدامه في السياسة فالحكاية كلها لعب في لعب فان كان  بعضه لعب على الارجل فالاخر لعب على الدقون

يستخدم اهل الرياضة تعبير بطاقة مجانية  عندما يرتكب  اللاعب خطا ساذجا لم هناك داع له فيخرج له الحكم البطاقة الصفراء ليكون بعدها معرضا للطرد وبالتالي الايقاف لمباراة  في حالة انه استحق بطاقة اخرى في ذات المباراة  اما في حالة تلقيه لبطاقة اخرى في مباراة قادمة في نفس المنافسة فانه سوف يوقف لمباراة واحدة وبهذا يكون قد حرم فريقه من خدماته لابل احيانا يرتكب اللاعب حماقة كبرى  لم يكن هناك داع لها فيتلقى بطاقة حمراء من اول فيطرد ويوقف فهذة بطاقة حمراء مجانية

في الايام القليلة الماضية  تلقت بلادنا الكثير من البطاقات المجانية التي شالت حسها بين الامم ولم يكن هناك داع لها  فكانت بمثابة  هدية من حكومة السودان لخصومها  مثال لذلك قصة الطبيبة او الفحيصة (فنية مختبرات)  التي وصفت بانها قد ارتدت  عن دين الاسلام وبالتالي حكم عليها بالاعدام مع تاجيل التنفيذ للاسئناف من ناحية اجرائية والي ان تضع حملها وترضع طفلها القادم لمدة عامين ونصف من ناحية موضوعية المعلوم ان حكم الردة يكتنفه الكثير من الخلاف ففرق البعض بين الردة المقاتلة والردة غير المقاتلة وهناك الشبهات كانكار المتهمة لكونها اصلا مسلمة لابل من داخل الفقه الاسلامي التقليدي هناك ابوحنيفة الذي يرى عدم اقامة حد الرد في حالة الانثى ومع كل هذا مضت المحاكمة الي ان وصلت مرحلة النطق بالحكم وهو اقامة الحد فقامت الدنيا على بلادنا وكانها ناقصة

الاهم من كل الذي تقدم انه وكما هو معلوم ان المادة 58 من قانون الاجراءات الجنائية لعام 1991 تعطي النائب العام هنا  حق التدخل بوقف الاجراءات  في اي قضية وفي اي مرحلة من مراحل التقاضي والمعلوم ايضا ان النائب العام قد استخدم هذة المادة بكثافة وفي كثير من القضايا التي سبقت قضية الفحيصة  المسلمة التي ارتدت  ابرار الهادي ابراهيم وان شئت قل الطبيبة   مريم ابراهيم المسيحية التي اتهمت بانها  كانت مسلمة  فالسؤال هنا لماذا وقف النائب متفرجا على هذة القضية المتعددة الابعاد .

ان المشرع عندما اعطى النائب العام حق التدخل في سير القضايا  كان يقصد حماية مصالح البلاد العليا ومصالح البلاد عبارة مطاطة تشمل المصالح الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية  ثم  من موجبات وجود تلك المادة انه احيانا قد تبدو هناك وسيلة اخرى لتحقيق العدالة  وجبر الضرر خير المحكمة المعتادة  كالتحكيم مثلا  ففي حالة ابرار او مريم كانت هناك الف طريقة غير القضاء للنظر للمشكلة وكان في مقدور النائب العام ان يمارس السلطة التي خولها له القانون ويحيل الامر الي وضع يحفظ البلاد وسمعة العباد الذين على راسهم اسرة ابرار الكبيرة واسرة مريم الصغيرة وكان يمكن تخرج لنا سابقة قانونية سياسية فقهية يحتذيها كل عالم الاسلام المعاصر بدلا من  هذة البطاقة الملونة المجانية التي نالتها بلادنا فاصبحت معرضة للطرد ثم الايقاف  دا كله كوم والبطاقة الحمراء المجانية كوم اخر وانا مابفسر وانت ما تقصر


(ب )

اسماء في ايامنا

تحية للاستاذ عمر الجزلي وبرنامجه ذي العمر المديد ان شاء الله –اسماء في حياتنا- فكل ضيوفه اسهموا في اثراء الحياة السودانية بشكل او باخر وكلهم يستحقون ان يوضعوا في مقدمة كتاب تاريخ السودان الحديث ولكن للاسف كتب التاريخ لاتحوي غير اسماء الملوك كما قال الشاعر الالماني بريخت مع ان بناة الامم الحقيقيون هم المفكرين والعلماء والناشطين فالجزلي تجاوز الملوك الي الاخرين

تلك اسماء في حياتنا ولكن هناك اسماء في ايامنا الحالية سطعت ولمعت وتستحق ان نتوقف عندها ومنها من قد  يصبح اسما في حياتنا ومنهم من سوف ينساه الناس بمجرد ان انتهت ايامه هذة  فدعونا نتوقف عندهم ما امكننا التوقف فاول هؤلاء اولاد الجزولي شرف الدين الجزولي وصلاح الدين الجزولي فهم ليسوا اشقاء ولكن سطع اسميهما في وقت واحد فالاول البروف شرف الدين الجزولي اختصاصي العظام المفخرة والذي يعمل الان في مستشفى شرق النيل (الازرق)  وهو نطاسي  عالمي في تتطيب العظام ولكنه اشتهر مؤخرا في السودان  لانه هو الذي قاد الفريق الطبي الذي اجرى عملية تغيير الركبة للسيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن احمد البشير والذي نتحمد ل له بالسلامة على نجاح العملية  بمستشفى رويال كير بغرب النيل الازرق  ومثل هذة العملية  كانت في الخارج وتكلف عشرات الالاف من الدولارات وكان في مقدور البروف  ان يكون في الخارج ليتلقى ذات الدولارات ولكن اثر البقاء في وطنه لخدمة مواطنيه ورضى بجنيهات بدر الدين محمود الذي لايريد ان يصبح اسما في حياتنا ولااسما في ايامنا

اما ود الجزولي الثاني فهو لاعب الهلال صلاح الدين الجزولي ذلك الذي هز شباك كديابا حارس فريقي مازيمبي العنيد براسية معكوسة من بكري المدينة فاسعد الملايين وجعل الازرق الدفاق يفيض كما لم يفض من قبل صلاح الجزولي وفي الفترة القصيرة التي انضم فيها للهلال ذكرنا بعلي قاقرين صاحب العلاقة الخاصة مع شباك الخصم  وفي نجاح صلاح الجزولي نجاح لللاعب السوداني المحلي بعد اصبح المحترفين الاجانب في انديتنا اكثر من الهم في القلب وكلهم (مواسير)  ومع ذلك سمح بنك السودان للاندية التي يلعبون لها بان تعطى دولارات بالسعر التشجيعي وليس الموازي بينما صلاح ورفاقة من الوطنيين يتقاضون مكافاتهم بجنيه حسن عبد الرحمن محافظ  البنك المركزي الذي لم يصبح اسما في ايامنا حتى الان

ومن اسماء ايامنا هذة فنية المختبرات ابرار الزين ابرهيم بت القضارف التي ارتدت  واصبحت الطبيبة مريم ابراهيم المسيحية من امها المسيحية والمتزوجة من مسيحي كان يعمل في قوات الامم المتحدة وقد توقفنا عند قصتها بالامس .  بالطبع لابد من ان نذكر هنا مولانا الاستاذ عصام عبد القادر الزين وكيل وزارة العدل وصاحب القضية مع زميلنا الدكتور ياسر محجوب رئيس تحرير الصيحة طبعا نحن ملتزمون بقرار منع النشر في القضية ولكننا نذكره اليوم لانه اصبح اسما في ايامنا ولكن الذي يحيرني في امر هذا الاستاذ هو انني قرات وبتركيز شديد الحوار الضجة الذي اجراه معه الزميلان الاستاذان احمد يوسف التاى ويوسف الجلال وقد لعبا فيه معه لعبا ضاغطا وكان مستجيبا بدرجة غير عادية وكان يمكنه ان يكتفي بهذا الحوار ثم يذهب للمحكمة اذا اراد فلا ادري ما الذي دعاه لحكاية مؤتمر صحفي واعتقالات ومنع نشر والذي منه

اما السيد الصادق فهو اسم في ايامنا هذة ولكنه في الاصل اسم في حياتنا ولم يقصر الاستاذ الجزلي معه

(ج )

عقارات عربات

الضنك المعيشي الناجم عن عن هزال الجنيه السوداني واستفحال الدولار والذي هو انعكاس للتردي الاقتصادي ماهو الا نتيجة حتمية للتخبط  السياسي الذي نعيشه بعبارة اخرى ان السقوط السياسي هو الذي ادى للانحدار الاقتصادي  فالمكضبنا وما مصدقنا فلايسال العنية انما ينظر للقرار  الذي اصدره بنك السودان في نهاية الاسبوع المنصرم والذي امر فيه البنوك بالتوقف عن تمويل العقارات  وشراء العربات فهذا القرار وان نشرته الصحف في سطرين الا انه في تقديري من اخطر القرارات التي صدرت في اتجاه الاصلاح الاقتصادي لابل ومكافحة الفساد وهو قرار سياسي في المقام الاول لانه يصنف ضمن  سياسات الدولة في توجيه الموارد وان اصدره بنك السودان الذي هوبنك الدولة الذي تديره الحكومة وكان ينبغي ان تديره الدولة وهذة قصة اخرى

ان هذا القرار قد تاخر كثيرا اذ كان ينبغي ان يكون على الاقل في طليعة البرنامج الثلاثي الذي (نجرته) الحكومة بعد انفصال الجنوب ببتروله ولااظن ان صانع القرار السياسي الاقتصادي كان غافلا عنه لكن للاسف هناك مسافة كبيرة (تقطع نفس خيل السياسة)  بين  موجبات القرار ثم صناعة القرار ثم اصدار القرار ثم تنفيذ القرار  وهذة قصة اخرى  . هناك امران معلومان فيهما مفارقة كبرى لاتحتاج لدرس عصر لكي يدركها المواطن ما دون العادي ناهيك عن العادي اولهما ان اسعار الاراضي في العاصمة غير منطقية وغير واقعية فمن غير المعقول ان يكون سعر المتر في الخرطوم  اضعاف سعره في لندن وباريس وطوكيو ونيويورك (بالدولار) الامر الثاني ان عدد العربات حكومية كانت ام خاصة  التي تتحرك في شوارع الخرطوم لاتتناسب اطلاقا وحالة البلاد  الاقتصادية من حيث الكم ومن حيث الكيف وقد اقسم احدهم وكان قادما من المانيا ان عدد عربات  المارسيدس في شوارع  الخرطوم اكثر من تلك التي في  شوارع بون فماذا عن اليابانية والكورية واخرى ما تتسماش ؟

البنوك في السودان خاصة تلك الاجنبية التي ظهرت كالنبت الشيطاني هي التي اسهمت بالطبع مع عوامل اخرى في ارتفاع اسعار الاراضي والعقارات بتلك الصورة الجنونية وهي التي زادت عدد العربات لدرجة انه في السنوات الاخيرة كانت الخرطوم تستقبل عربة جديدة بمعدل كل اربعين دقيقة على حسب احدى الاحصاءت الموثوقة  حتى التمويل الاصغر توجه للامجادات والركشات اي المتحركات . المباني والعربات هي اكبر مستهلك للدولار وقد ذكرنا من قبل ان معظم عناصر البناء للعمائر وان شئت قل العمارات وتاسيسها وتاثيثها مستوردة اما العربات فكلها مستوردة وكذا قطع غيارها وبترولها كلها  عملة حرة عديل

دون ان نجيب سيرة البحر فان العلاقة بين الفساد وارتفاع اسعار الاراضي والعقارات ثم كثرة عدد العربات علاقة جدلية كل واحد منهما تسبب في تنامي الاخر  ومن هنا يمكننا ان نفهم لماذا تاخر صدور مثل هكذا قرار ولكن الاهم من ذلك هو مستقبل هذا القرار فهل يمكن تنفيذه ؟ من الصعوبة الاجابة على هذا السؤال لان القوى التي اخرته يمكنها ان تجعل بنك السودان يبله ويشرب مويته او تشوهه بالتحايل عليه وتوسيع استثناءته لتصب في المجرى الذي يريدونه وفي النهاية تغطس حجره وتلحقه امات طه  فالامر يحتاج لاارادة سياسية قوية ونافذة وباطشة (اها شفتو كيف ان الشغلانة كلها سياسة في سياسة ؟) ثم ماذا لو رقعت الحكومة –اتحادية وولائية - قرار بنك السودان بمنع الوزارات وكل  الوحدات  التابعة لها من تشييد مباني جديدة  وشراء عربات اضافية  من المال المجنب خاصة  وغير المجنب ؟ كترنا المهلبية ,, مش ؟

(ه )

الارض اليباب

مفاوضات سلفاكير /رياك مشار اهون منها الف مرة مفاوضات  البشير / سلفاكير في الفترة ا من انفصال الجنوب الي احداث ديسمبر الماضي واهون منها الفين  مرة مفاوضات غندور/ عرمان التي تتزامن معها في التوقيت وفي المكان فسلفاكير ومشار جاء الي اديس في مطلع الاسبوع المنصرم مكرهين وبضغط عالي من السناتور الامريكي ووزير الخارجية جون كيري  ويان كي مون سكرتير عام الامم المتحدة  الذين وطئت اقدامهما جوبا وهدد سلفاكيرمباشرة ومشار بالاشارة بان مستقبلهما السياسي سوف ينهي في الساعة والحين و بامر من الامم المتحدة وتنفيذ امريكي اذا لم يذهبا الي اديس يوقعا اتفاقا تتوقف بموجبه الحرب وتتشكل حكومة انتقالية

وفي اديس رغم العناق الذي تم تصويره بين الرجلين الا ان ساعة التوقيع كان الاكراه باديا على وجهيهما اذا تبادلا الوثائق دون مصافحة لابل حتى بسمة مشار الطبيعية بسبب الفلجة (الفي سنونه) قد اختفت ثم بعد العودة الي مقريهما لم تلبث الحرب بينهما الا شبت من جديد وقد قالها سلفاكير صراحة ان الوسيط ديسالين رئيس الوزراء الاثيوبي قد هدده شخصيا بالاعتقال اذا لم يوقع اما مشار وبدلوماسيته المعهودة فقد كان مثل الخميني وقال انه تجرع السم عندما وقع على اتفاقية وقف القتال مع صدام ابعد كل ذلك هل يمكن ان نقول  ان الحرب الاهلية في دولة جنوب السودان يمكن ان تتوقف؟

الضغط على الرجلين سلفا ومشار سهل جدا وادوته كثيرة من حيث النظر فالدول الغربية عامة وامريكا خاصة  التي صنعت  دولة الدول الجنوب واصبحت بمثابة الحاضنة لها  يمكنها ان تهدد بوقف حضانتها حتى القوى الاقليمية التي تساندهما , يوغندا في حالة سلفاكير واثيوبيا في حالة مشار يمكن ان يضغط عليهما دوليا,, التدخل العسكري الدولي ليست فيه اي مشكلة لان السيادة في الجنوب قد ضربت في مقتل  ثم هناك اولاد قرنق باقان اموم ودينق الور ولوكا بيونق وغيرهم يمكن ان يكونوا بديل جاهز للرجلين ولكن في نفس الوقت ان عوامل صمود الرجلين كير ومشارلايمكن التقليل منها فالعالم الغربي مشغول بقضايا موقعها الاستراتيجي اهم من الجنوب كما انزال قوة اجنبية ليس بالامر السهل من ناحية عملية اما اولاد قرنق وان لم تتلوث ايديهم بالدماء في الحرب الجارية فانه ينقصهم البعد القبلي

ناتي لحبيبنا السودان فاين موقعه من هذا الذي يدور في الجنوب علما بانه اول المتاثرين بما يجري هناك ؟ المعلوم ان السودان هو الدولة الوحيدة الممنوعة من الاقتراب او التصوير في حرب الجنوب  مع انه في ذات الوقت هو الدولة الوحيدة تقريبا القادرة على ان تتحرك هناك وفي عدة صعد . مؤخرا حدث  تطور لافت في موقف السودان (المحايد )  ويتمثل ذلك في قول وزير الدفاع ان دولة سلفاكير مازالت تدعم ليس قطاع الشمال فحسب بل الجبهة الثورية ثم الاعلان عن زيارة لمشار للخرطوم

من الافيد للسودان ان يطور قدراته الدبلوماسية ويتحرك تجاه الجنوب بايجابية فشغل (تحت /تحت) لن يفيد السودان على المدى البعيد . ان الجغرافيا والتاريخ تحتمان ان يكون السودان هو المرجعية لمستقبل دولة جنوب السودان ولكن اذا لم يستفد السودان من هذة المعطيات لاي ظرف من الظروف فلن نستبعد ان نسمع قريبا ان تخليص  جوبا من القتال يمر بالخرطوم وانا ما بفسر وانت ما تقصر


عبد اللطيف البوني

aalbony@gmail.com

 

آراء