بل الشعب هو الكارب قاشو

 


 

 

بشفافية -
كعادته في القاء القول على عواهنه بلا تدبر ولا تفكر حتى وإن مسه هو شخصياً، قال حميدتي قائد الدعم السريع (الليلة لو نميري طلع لينا من القبر، بنجيبو نختو في الكرسي ده، ما عندنا أي مشكلة، لأنو كان زول كارب قاشه وكارب، وما كان البلد بتمشي بالطريقة الماشة دي). ففي قول حميدتي هذا الذي يطاله شخصياً، اتهام واضح وصريح للقيادات العسكرية المسيطرة حالياً على الأوضاع، بأنها تتمنطق بقاشات (مرخرخة) غير كاربة، ومعلوم رمزية القاش في الأعراف والقوانين العسكرية من حيث قوة الأداء وضعفه، وبالطبع حميدتي هو واحد من هذه القيادات الحالية وينطبق عليه ما قاله فيها، وكان عليه أن يتحسس قاشه هو أيضاً قبل الحديث عن قاشات الآخرين، ولكن يبدو أن حميدتي قد استمرأ اطلاق مثل هذا الكلام، اذ سبق له ابان النظام المخلوع أن قال ما هو أشد مضاضة على العسكريين من قوله الأخير، حيث قال مخاطبا قواته في الدعم السريع (زي ما قلت ليكم البلد دي بلفها عندنا نحنا أسياد الربط والحل، مافي ود مرة بفك لسانو فوقنا، مش قاعدين في الضل ونحن فازعين الحراية، نقول اقبضو الصادق يقبضو الصادق، فكوا الصادق يفكو الصادق، زول ما بكاتل ما عندو رأي، أي واحد يعمل مجمجه، ياها دي النقعة والذخيرة توري وشها، نحنا الحكومة ويوم الحكومة تسوي ليها جيش بعد داك تجي تكلمنا، أرموا قدام بس)..والصادق المعني في حديث حميدتي هذا هو الامام الصادق المهدي رحمه الله، وكان حميدتي الذي كان وقتها يشغل رتبة العميد قال حديثه المذكور في أعقاب اعتقال السلطات الأمنية للامام الصادق بعد الانتقادات العنيفة التي وجهها لقوات الدعم السريع، واتهامه لها بممارسة عمليات قتل ونهب واغتصاب في دارفور، فتم اعتقال الصادق المهدي وايداعه الحبس بسجن كوبر الذي قضى فيه نحو شهر قبل اطلاق سراحه، وبعد اطلاق سراحه غادر المهدي السودان واستقر في القاهرة التي ظل مقيما فيها ويتنقل منها إلى عدد من البلدان لكنها ظلت مكان إقامته، الى أن جاء ذلك اليوم الذي منعت فيه السلطات المصرية الامام الصادق المهدي من دخول أراضيها، حين حط طائره بمطار القاهرة الدولي بعد رحلة له خارج مصر، وبدا من هذه الخطوة المصرية الغريبة والعجيبة أن السلطات المصرية استجابت لطلب النظام البائد بضرورة ابعاد المهدي عن أراضيها بهدف محاصرة المعارضة السودانية والتضييق عليها، وبالفعل غادر المهدي القاهرة الى دولة أخرى، وظل مقيما خارج السودان منذ 2014 الى أن عاد اليه في 2017، ليشهد ويشارك في كل الترتيبات التي أفضت في النهاية لنجاح ثورة ديسمبر المجيدة..
الشاهد أن لا نميري رحمه الله كارب قاشو كما ادعى حميدتي، ولا حميدتي شخصيا ولا كل العسكريين الذين تعاقبوا على استلام السلطة بانقلابات عسكرية لصالح احزاب سياسية، الكارب قاشو حقيقة هو هذا الشعب السوداني الصابر على محنته فيمن حكموه من عسكريين ومدنيين ديكتاتوريين وشموليين، وهو الذي يستحق عن جدارة واستحقاق أن تسلم له السلطة مدنية كاملة، لا أن يستدعي حميدتي شخصا هو في رحاب الله ليسلمه السلطة، فهذا قول يكشف ان حميدتي وزمرة العسكريين متشبثون بالسلطة ولا يريدون تسليمها للشعب، هذا الشعب الذي صبر وصابر منذ الاستقلال ليحكم نفسه بنفسه، ولكنكم وفي كل مرة تغدرون به وتريدون فرض وصايتكم الكاملة عليه وتختارون له من يحكمه من بينكم، وكأننا شعب حكم عليه أن يحكم بالعسكر إلى أن تقوم الساعة، ولكن هيهات فقد اغلقت ثورة ديسمبر بالضبة والمفتاح باب الانقلابات والحكم العسكري..
الجريدة

 

آراء