بناء مؤسسات الديمقراطية

 


 

 

إن بناء الديمقراطية والمحافظة عليها يتطلب وجود مؤسسات تمكن جموع الناس من ممارسة إدارة شؤونهم بطريقة حرة يكون لهم فيها يد وصوت. هذه المؤسسات هي في الغالب النقابات الحرة القادرة على رعاية مصالح أفرادها والمساهمة بإيجابية في نقاش ومتابعة القضايا العامة للمجتمع، وهي لجان الأحياء والمدن، والجمعيات التعاونية وكل أشكال التنظيم الشعبي، بالإضافة إلى أن الممارسة الديمقراطية بشكلها المعروف والسايد تفترض وجود أحزاب تنوب عن الجماهير في ممارسة السلطة وتشكيل هياكل الحكم. بناءً على هذا كان المتوقع والمفترض خلال كل هذه الفترة التي أعقبت إسقاط نظام الانقاذ أن تعمل الأحزاب على ترميم هياكلها التنظيمية وتطوير برامجها وبالمثل كان المأمول أن تتجه الفئات المختلفة لبناء نقاباتها واتحاداتها وجمعياتها لتسهم بفاعلية في التحول الديمقراطي ولتحميه من الانهيار أو الانحراف عن مقاصده.
للأسف وبعد مرور ما يقارب الأربعة أعوام لم يعقد أي حزب مؤتمراً عاماً ليجدد قيادته وهياكله وليتعرف على حقيقة عضويته كما عجزت النقابات عن تخطي حاجز لجان التسيير، وشُغِل الشباب عن مشروعهم الذي بدأوه في الأحياء بتولي عبء المقاومة وهكذا طل الانقلاب في 25 أكتوبر ولم يجد من يزجره سوى الشوارع والعودة للتظاهرات. أهمية هذه المؤسسات أنها تمثل كتل شعبية منظمة يسهل التواصل والتنسيق بينها ويمكنها اتخاذ القرار على مستوى الوطن بكامله، لا سيما في حالات إعلان الإضراب والعصيان وأشكال المقاومة المتقدمة.
هناك من أوحى خلال الفترة الانتقالية بأن النقابات لا يمكنها أن تُنشأ إلا بعد صدور قانون النقابات الذي لم يصدر مطلقاً، فتملك الجميع العجز أو فضلوا التعلل بالانتظار، حتى كسر الصحفيون جدار العجز -لهم التحية- والان بادر التجار في سنار وتمبول والقضارف -لهم التحية كذلك- في عمل منظم سيؤتي أكله لا محالة وننتظر أن تقوم بقية النقابات بانتخاب لجانها ودعم التحرك الذي بدأه التجار، أما الأحزاب فلعلها تخشى انكشاف وزنها الحقيقي، لكن تظل مقولة الشهيد وليد قائمة "انتو اشتغلوا شغلكم ونحن بنشتغل شغلنا" وحسب ظني فليس سوى لجان المقاومة من يشتغل شغله ويكربه كل يوم وحين، وبالغ التقدير لهم في سعيهم لإنجاز الميثاق الموحد الذي يؤسس لدولة جديدة تقوم على سلطة شعبية حقيقية تتجاوز كثير من مخازي الماضي.

kutubi2001@yahoo.com
//////////////////////////

 

آراء