بيان من المكتب السياسي لحشد الوحدوي عن موقف الحزب تجاه الاتفاق السياسي الإطاري الذي تم التوقيع عليه بتاريخ ٥ ديسمبر الجاري

 


 

اجتماعيات
9 December, 2022

 

بيان من المكتب السياسي لحشد الوحدوي
الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي
(حشد الوحدوي)

الخميس ٨ ديسمبر 2022م
الخرطوم بحري

في البدء نحيي جماهير شعبنا الباسلة وذكرى شهدائنا الأكارم، والتحية موصولة لشباب الثورة القابضين على جمر القضية ويزينون الشوارع التي لا تخون بنضالاتهم البهية وهتافاتهم المدوية، التي ترهب عسكر الانقلابيين في مدرعاتهم يتنمرون ،وقادتهم في قصورهم العاجية يحرضون.

انعقد نهار يوم الأربعاء السابع من ديسمبر اجتماعاً استثنائياً لمكتبنا السياسي استمع فيه لتلخيص وقراءة متأنية لوثيقة الاتفاق السياسي الإطاري الذي وقع عليه كل من رئيس المجلس الانقلابي عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي مع عدد من القوى المدنية السياسية السودانية.

إن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي لم يكن جزءا من أي حوار مع الحكام العساكر، وبالتالي لم يكن حضوراً في مهرجان التوقيع الذي تم بمعزل عن أي زخم شعبي، ولقد كان ملحوظاً غياب شباب الثورة وعدد مقدر من قوى الثورة السياسية وعدد من منظمات المجتمع المدني والتنظيمات النقابية والفئوية.

إن المكتب السياسي لحشد الوحدوي ، يعلن بأنه يرحب بأي حلول سياسية تصب في مصلحة الوطن وفي تحقيق أهداف وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة ، ولكن هذه الحلول السياسية يجب أن لا تتعارض مع شعارات الثوار المعلومة بالضرورة.

عليه، فإننا في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي نتحفظ ونتساءل حول النقاط الآتية في الاتفاق السياسي الإطاري الموقع عليه:-

أولا: من ناحية الشكل والمنهج

١. لقد انتهجت الحرية والتغيير منهجاً متعجلاً واقصائياً في الوصول إلى اتفاق مع المجلس الانقلابي، وبعد أن رفعت شعار إسقاط الانقلاب في بدايته، تحولت فجأة الى شعار إنهاء الانقلاب، وهذا التحول لم يكن اعتباطاً ولم يكن عفوياً، إنما هو شعار مدروس ومقصود، فلغوياً حسب معاجم اللغة العربية فكلمة انهاء تعني إكمال واتمام، عليه فإن الاتفاق السياسي الإطاري عني له إتمام وإكمال أهداف الانقلاب وهي الاستمرار في قيادة القوات النظامية والحصول على الحصانة الإجرائية من المحاسبة على الجرائم التي ارتكبت تحت قيادتهم.

٢. أيضاً كانت الحرية والتغيير وما زالت مرتبكة وفاقدة تماما لبوصلة الأولويات، حيث قامت بمناقشة مشروع دستور انتقالي قبل الوصول إلى اتفاق سياسي، وقبل أن تتوصل إلى مرحلة كافية من الوفاق والاجماع وتكوين جبهة شعبية واسعة كما أعلنت هي نفسها في برنامجها لمناهضة الانقلاب في ٢٠٢١م.

٣. السؤال الأول المطروح هنا؛ هل الاتفاق السياسي الإطاري الذي وقع في ٥ ديسمبر سيكون هو الاتفاق النهائي ! ؟
أم سيكون هنالك اتفاق جامع آخر قبل الشروع في تكوين مؤسسات السلطة الانتقالية ! ؟

٤. هنالك سؤال مشروع ثاني يفرض نفسه؛ وهو ما الذي اعطى الحرية والتغيير المجلس المركزي الحق والشرعية في التفاوض والتوقيع على اتفاق اذعان مع العساكر نيابة عن قوى الثورة التي اختلفت معها، وكيف ستتعامل السلطة القادمة مع الرافضين !؟

٥. من أخطر الملاحظات التي صاحبت التوقيع على الاتفاق؛ كانت هي توقيع البرهان وحميدتي منفردين عليه كل على حدا، وهذا يطرح سؤالاً مهناً ويجب الاجابة عليه، وهو لماذا لم يوقع واحدا منهم فقط نيابة عن المجلس الانقلابي كما حدث في أغسطس ٢٠١٩م !! ؟ وهل هذا يدل على أن الأمر الواقع والذي سيستمر هو أن مليشيا الدعم السريع هي قوة موازية للجيش وستمثل دائما تهديد لوحدة مؤسسات الدولة المدنية والأمنية !!! ؟

ثانيا: من ناحية المضمون والمحتوى

١/ في أولا : المبادئ العامة ؛ هنالك أربعة عشر بنداً لا غبار عليها، وهي لا تختلف كثيرا عن ما جاء في الاتفاق السياسي الذي ابرم في يوليو ٢٠١٩م، وهي إن تم تنفيذها فهي بلا شك ستصب في تحقيق أهداف الثورة، وستحقق متطلبات التحول الديمقراطي ، ولكن هل ستلتزم السلطة المدنية القادمة بها ! ؟
وهل المكون العسكري وهو في قيادة الجيش والدعم السريع ومحصن اجرائياً من المساءلة، هل سيلتزم بها وهو الذي أعلن على لسان قائده البرهان بأنهم يريدون حكومة مدنية يحرسونها هم بالسلاح، ولقد تحسس مسدسه وهو يخاطب جنود قاعدة الجيش بشمال بحري ! !؟

٢/ في ثانيا: قضايا ومهام الانتقال

- في البند الأول (١) الإصلاح الأمني والعسكري ، وهو من البنود المهمة، لم يتم التطرق للدعم السريع، مثل ما جاء ذكر الجيش والشرطة والمخابرات.

- في البند الثاني (٢) كالعادة تم التطرق للعدالة الانتقالية التي لا يفهم حتى الآن أحداً، ماهية هذه العدالة وشروط وأسس تطبيقها، وهل الاستشهاد بتجربة جنوب أفريقيا ورواندا والمغرب يعتبر مرجعاً لنا في السودان مع اختلاف كل المعطيات الثقافية ونوع الجرائم التي ارتكبت والظروف الاجتماعية والسياسية التي حدثت فيها !!! ؟

- في البند السادس (٦) (تنفيذ اتفاق سلام جوبا) فنحن في حشد الوحدوي نتحفظ على العنوان نفسه قبل الدخول في التفاصيل، فإننا كنا ومازلنا نطالب بتجميد هذا الاتفاق الكارثي، وفتحه للمراجعة والتعديل، لأنه كان اتفاق محاصصات لا أكثر ولا أقل، ولم يناقش جذور أزمة السلام والوحدة الوطنية السودانية، ولقد ظهرت سلبياته بقوة في زيادة الانفلات الأمني وتفشي الفساد الذي صار يزكم الانوف.

٣/ في ثالثاً: هياكل السلطة الانتقالية

- أعطت البنود (١)، (٣) ، (٤) ، (٥) الحق فقط لقوى الثورة الموقعة على الاعلان السياسي في التشاور معها لتكوين مؤسسات السلطة الانتقالية ، وهي بذلك تريد الرجوع إلى منهج "الحاضنة السياسية" والتي كانت تمثلها الحرية والتغيير عندما كانت تحالف عريض وموحد وملتف حولها كل قوى الثورة، ولقد فشلت في مهمتها، وتريد استنساخ نفس الأمر مرة أخرى على الرغم من أن الحرية والتغيير الآن انكمشت وتقزمت واصبحت لا تمثل قوى الثورة، بل والأسوأ من ذلك فلقد وضعت يدها مع فلول نظام البشير مثل المؤتمر الشعبي والاتحادي الأصل وأنصار السنة والتي منحتهم ميدالية شرف باسم قوى الانتقال الديمقراطي.

إننا في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي نقترح وننادي بأن تكون الأولوية لتكوين المجلس التشريعي الانتقالي الذي لا يستثني أحدا من قوى الثورة، ولا يشترط التوقيع على أي اتفاق سياسي لا مع العسكر ولا مع الحرية والتغيير، حتى يكون المجلس معبرأ عن الرأي والرأي الآخر ويؤسس لتحول ديمقراطي حقيقي وشامل، ويكون على عاتقه هو اختيار مجلس السيادة ومجلس الوزراء وبقية مؤسسات الدولة ذات الصلة.

- في البند (٧) مجلس الأمن والدفاع ، فإننا نتحفظ على نقطتين :
(أ) يجب أن تكون رئاسة مجلس الأمن والدفاع لمجلس السيادة وليس لرئيس الوزراء.
(ب) اذا كنا سنراجع اتفاقية جوبا الكارثية للسلام المزعوم ، فإننا نعترض تماما على تمييز الحركات المسلحة التي وقعت عليه واعطائهم عضوية في مجلس الأمن والدفاع.

- البند (١٣) يحدد الفترة الانتقالية ب٢٤ شهراً، فإننا في حشد الوحدوي نقترح أن لا تكون الفترة الانتقالية باي حال من الأحوال اقل من ٣٦ شهرا اذا كنا فعلاً نريد أن نحقق كل أهداف الثورة، وأن نتخلص من الدولة العميقة لنظام الانقاذ ، وتفكيك تمكين الإسلاميين من مفاصل الدولة المدنية والعسكرية، ومفاصل الاقتصاد القومي.

في رابعاً: الأجهزة النظامية

- في البدء يعترف الاتفاق السياسي الإطاري بأن قوات الدعم السريع هي واحدة من الأجهزة النظامية في جمهورية السودان، وهذا أمر في غاية الخطورة، وهو تقنين وشرعنة لاستمرار الدعم السريع كمليشيا موازية للقوات المسلحة والشرطة وجهاز المخابرات العامة ، وسنينقل ذلك تجربة حزب الله في لبنان الي السودان بكل خطورته واختطافه للدولة وسيادة مؤسساتها.

- في البند (٥) والذي يمنع القوات المسلحة من الأعمال الاستثمارية، خجل تماماً الذين صاغوا هذا البند من ذكر الدعم السريع ولم ينصوا على منعه من الأعمال الاستثمارية والتجارية، في الوقت الذي نجد فيه أن الاتفاق منع أيضا قوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة من ذلك بوضوح في صفحتي (٤) و(٥) منه.

- في البند (٢) من باب جهاز المخابرات العامة، نجد أن الاتفاق منعه من العمل التجاري والاستثماري باستثناء غير مفهوم حيث يقول :"الا في إطار أدائه لمهامه" وهذا الاستثناء سيمثل ثغرة قانونية ويحتاج لشرح وافي.

أخيرا: في قضايا الاتفاق النهائي

لقد أرجأ الاتفاق السياسي الإطاري الموقع مع السلطة الانقلابية خمسة قضايا في غاية الأهمية، ولم تكن تحتمل التأجيل، لأن الذين يتفاوضون مع العساكر ، كانوا في عجلة من أمرهم لشيء في نفس يعقوب، والقضايا هي :
١- العدالة والعدالة الانتقالية.
٢- الإصلاح الأمني والعسكري.
٣- اتفاق جوبا لسلام السودان.
٤- تفكيك نظام ٣٠ يونيو.
٥- ملف شرق السودان.

ونحن في انتظار اجابات واضحة وشاملة للأسئلة المطروحة حول هذه الملفات قبل البدء في تكوين السلطات الانتقالية.

ختاماً: نقول اننا في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي (حشد الوحدوي) نعتبر أن مصلحة الوطن والمواطنين هي بوصلتنا، وما يصلح الوطن يصلح حزبنا، وما يرضى أهلنا يرضينا، وما يحقق مطالب الثوار وأهداف وشعارات ثورة ديسمبر المجيدة ، سيكون هو مرشدنا ودليلنا وبرنامجنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

حرية سلام وعدالة
والثورة مستمرة
والمدنية خيار الشعب

لا مساومة ولا شراكة ولا شرعية
ولا حصانة للانقلابيين

وعاش كفاح الشعب السوداني الأبي

المكتب السياسي لحشد الوحدوي
"الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي"

الخميس ٨ ديسمبر 2022م

الخرطوم بحري

 

آراء