بين التآمر الخارجي والفشل الداخلي .. نورالدين مدني
كلام الناس
noradin@msn.com
* ليس غريباً على أهل السودان التصريحات الرسمية التي تحمل مسؤولية ما يجري في البلاد من فتن ونزاعات واختناقات اقتصادية للتآمر الخارجي بدلاً عن مواجهة الأسباب الداخلية لهذه المشكلات التي فتحت الباب أمام التدخل الخارجي.
*نعلم أن الحظر الاقتصادي المفروض على السودان يؤثر تأثيراً سالباً على مجمل أوضاع المواطنين المعيشية‘ لكن ذلك لا يبرر إغفال الاختلالات الداخلية الناجمة من خطل السياسات أو سوء تنفيذها.
* هناك من يبالغ في تحميل التآمر الخارجي مسؤولية كل ما يصيب السودان من مصاعب‘ مثال ذلك ما جاء في عدد الثلاثاء الماضي في" السوداني" بعمود " ببساطة" الذي يكتبه على صفحة" مال واعمال" الدكتور عادل عبد العزيز.
*قال الدكتور عادل في ذلك العمود إن أمننا الغذائي مخترق حالياً لأن استهلاكنا الرئيسي من الحبوب الغذائية يأتينا من الخارج وهو محق في ذلك لأن الاكتفاء الذاتي شرط لازم للاستقلال الحقيقي.
* نتفق معه في أن الاعتماد على استيراد الحبوب الغذائية من الخارج يعرض الأمن الغذائي للخطر لأن ذلك يجعل البلاد مهددة بالحظر الاقتصادي - القائم بالفعل - أو بعجز الدولة عن دفع تكلفة الاستيراد وفي الحالتين - كما قال - يجوع الشعب ويثور.
*لكن المرفوض أنه عزا معضلة استيراد الحبوب الغذائية من الخارج لأن السودان لم يستطع وقف المخطط الامريكي الذي عمل على تغيير النمط الإستهلاكي بعد أن استغل ظروف الجفاف والتصحر في الثمانينات وجاءت المعونات الامريكية محملة بالقمح مجاناً إلى أن تعود عليه الشعب‘ ثم اصبح سلعة تشترى بالعملة الصعبة.
*استوقفني هذا التحليل العجيب الذي يقول فيه الدكتور عادل إن الشعب السوداني لم يكن يأكل الخبز المصنوع من القمح قبل ظروف الجفاف والتصحر.
*مرة اخرى : بدلاً من البحث عن شماعات تبرر الفشل الداخلي في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب الغذائية لابد من البحث بصدق وتجرد عن أسباب فشل مشروع توطين القمح في مشروع الجزيرة الذي كان يزرع في الشمالية قبل ظروف الجفاف والتصحر فخسر السودان القطن والقمح معا.