أداء الأجهزة النظامية والأمنية والحركات العائدة تجاه تأمين مواطني دارفور وكردفان الكبرى والنيل الأزرق وشرق السودان، بل في الخرطوم ومدن الوسط والأحياء في كل البلاد (أكثر من متواضع)، هذا تفادياً لاستخدام توصيفات أخرى…! والشعب ليس بغائب عن هذا المشهد، بل إنه يرى ويرصد ويتابع، ولا يظن أحد أن الجماهير غافلة عن (الغمامة) التي تغشى بعض العيون عن تحركات الفلول؛ أو ساهية عن مراقبة العيون الأخرى التي لا تنظر إلا إلى ركوب (قطار الاستوزار) و(كراسي السيادة)، وما ربك بغافل عما يعملون..!! والخلاصة الأقرب للاختصار أن الأداء السياسي والتنفيذي والعدلي والحزبي يتقاصر بقياسات الفراسخ والأميال البحرية عن قامة ثورة ديسمبر المجيدة؛ بل بالسنين الضوئية وحسابات النانو..! فهذا الأداء الجماعي الهزيل لا ينسجم مع مطالب الثورة العاجلة في الحرية والسلام والعدالة، وليست المسألة هنا من باب التحسّر على اللبن المسكوب والوقت الضائع، وإنما من أجل التذكرة والأمل في عودة قطار الثورة إلى مساره ومغادرة محطة الممارسات العقيمة والبطء والتلكؤ والتكالب والتعويق، ولا يمكن أن تقبل الثورة ولا شبابها المتوثب بأن تضيع دماء الشهداء هدراً نتيجة لمجاملات أو محاصصات أو وهن وتراخٍ عن مواجهة المهام والقيام بواجبات الفترة الانتقالية والعمل الجاد في كافة الأصعدة الخدمية والسياسية والدبلوماسية والتنفيذية، وعدم تأخير العدالة بغير مبررات، فمن معاني سيادة القانون واستقلالية القضاء ألا تتأخر العدالة، ومن أوجب واجبات عدم الإفلات من العقاب إقامة موازين العدل وإنصاف الظلامات والقبض على القتلة واللصوص ومحاكمة أرباب الفساد بأعجل وأردع ما يمكن ومفارقة هذا الروتين البليد..! فالبلد محتقنة ومثخنة بالجراح، والدماء تستصرخ الثأر العادل من القتلة واسترداد حقوق الشعب من الظالمين وإعادة أموال الدولة من الحرامية المتربصين وأخوانهم الذين (يتضرعون) الآن في طرقات الوطن وفي عواصم العالم وفي قنوات الإعلام وأعمدة الصحف، يتحدون الثورة والحكومة ومؤسساتها ويهزأون بالمحاكم والقضاء وبشعارات العدالة والحرية، وسلطة الانتقال تبدو مفككة الأوصال بين الوزارة ومجلس السيادة ومن حولهم من حركات وهيئات، بل إن الفلول أصبحوا يتجرأون ويشنون الهجمات الدموية في الأقاليم وفي قلب العاصمة ومدن البلاد ويقتحمون مقار لجنة تفكيك التمكين، ولا نريد أن نقول إن الفلول لهم أعوان وجهات تنسق معهم من داخل مفاصل الدولة وهيئاتها، فهذا الأمر لا يحتاج إلى ميكروسكوبات لكشفه، ويمكن مشاهدته بالعين المجرّدة عبر آلية وزير دفاع الإنقاذ واكتشافه العبقري (الدفاع بالنظر)..!!
هذه المرحلة من الفترة الانتقالية ومن تاريخ الوطن مرحلة غير مسبوقة؛ ثورة باسلة غير مشهودة في تاريخ السودان الحديث وتاريخ العالم كان سمادها ومهرها دماء شباب يريد أن يبني مستقبل بلاده على قواعد جديدة ودعائم طاهرة نقية شفّافة ليتجاوز أخطاء العقود ومهازل سنين التاريخ الوطني بعد الاستقلال، وقوى خبيثة تريد أن تتنكّر للثورة وترجع بالسودان إلى عهود القهر والدجل والجهل واللصوصية والاستبداد، وهو النموذج الخاسر الذي جسّدته الإنقاذ، فهل يريد هؤلاء وأولئك إعادة نسخة شبيه بنسج الإنقاذ المهلهل؟!، عهد المهانة المحلية والإقليمية والدولية التي لطّخت سمعة السودان العظيم بالوحل، بداية من عرّابهم الذي علمهم إذلال الوطن إلى رئيسهم المخلوع وبقية البراميل الفارغة المنتفخة، هكذا كانوا يمنحون ظهرهم للوطن يركضون خلف رؤساء الدول والمستثمرين من أجل (الشحدة والكوميشنات والإكراميات والرشاوي) مقابل التنازل عن أراضي السودان وموارده..!! اعملوا حسابكم يا مَنْ تحاولون التآمر على الثورة (بالدرب التحت)…!!