بين سودانية حميدتي وصينية التايوان – كارثة وطنية واخرى كونية

 


 

 

(1)
في الأسبوع الماضي حبس العالم أنفاسه خشية ان يقوم التنين بإسقاط طائرة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي و على إثره تقوم الحرب الكونية.
الهلع قد اصاب العالم بأكمله عدا الحكومة الأمريكية و الروس.
لأن وحدهم الذين يدركون ان لا قيمة عملية لتهديدات الصين. و في ذلك طرفة قديمة عند الروس إسمها ( التحذير الأخير للصين) تعود الي حقبة الحرب الباردة عندما بلغ مجمل التحذيرات الأخيرة التي تكرمت بها الصين لأمريكا بسبب التايوان (900 تحذير أخير ) خلال الفترة بين 1962 -1964. وهو رقم قياسي يفوق شتائم الرئيس السوداني المخلوع ضد الدول الغربية.

(2)
في يوليو 2019 أعتذرت بيتي ديفيس إبنة الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان باكية عن تصريحات عنصرية بحق القادة الأفارقة كان قد أدلى بها والدها في عام 1971 عندما صوتت الجمعية العامة للامم المتحدة لصالح إعادة عضوية جمهورية الصين الشعبية مع الاعتراف بأنها الممثل الوحيد للشعب الصيني و بذلك اخذت الصين مقعدها الدائم بمجلس الأمن الدولي .
وقتها كان رونالد ريغان حاكم لولاية كليفورنيا ، بينما البيت الأبيض كان يسكنه الرئيس ريتشارد نيكسون .
في ليل 25 أكتوبر من ذلك العام( أي قبل خمسين عام بالتمام من يوم إنقلاب عبدالفتاح البرهان على الحكومة المدنية في السودان) كان للزعماء الأفارقة نصيب الأسد في ترجيح كفة الصين و إزاحة التايوان المدعومة من قبل الولايات المتحدة. في تلك الليلة كان حاكم كليفورنيا و الجمهوري المتنفذ و الممثل السابق رونالد ريغان يتابع تصويت الجمعية العامة بتوتر بالغ بينما الرئيس نيكسون كان نائماً لكن حدث ما كان يخشاه الأمريكان.
في الصباح اتصل ريغاد بالرئيس ريتشارد نيكسون مذكرا إياه :(ألم اقل لك ان القرود سيفعلونه و قد كان )
أحتفظ أرشيف البيت الأبيض بالتصريحات البغيضة لخمس لعقود ليكشفها في يوليو من العام الماضي .
إلا ان العالم مازال يذكر للرئيس الإنساني رونالد ريغان وقوفه مع الشعب السوداني و شعوب دول وسط افريقيا إبان المجاعة التي ضربت المنطقة في عام 1985.
في لحظة صفاء إنساني الذي لا ينتمي الي عرق أو دين قالت إمرأة من أهل دارفور( و هي تنظر الي مروحيات شينوك الناقلة للمدرعات أصلاً تحمل الشبكات التي تحوي أطنانا من الذرة): "ريغان الله يدخله الجنة". و لم يكن بالقرب منها متشدد ليكفرها.

(3)
إبان تلك المحنة دخل الطفل محمد حمدان دقلو و الذي ولد في اقليم البطحاء في تشاد مع أسرته الصغيرة الي السودان.
تحولات دراماتيكية حدثت في حياة الصبي محمد حمدان دقلو الذي عمل بالرعي ثم كمعتني بالإبل للمصدرين الذين كانوا يصدرون إبلهم بالبر الي ليبيا.
قبل وقوع الكارثة السودانية في دارفور ببضع سنوات إلتحق حميدتي بمليشيات الشيخ موسى هلال ، لكن السماء امطرتهم بفرصة على طبق من الذهب عندما قرر نظام الإنقاذ البائد تجييش بعض الإثنيات المحلية و من دول الأقليم لمحاربة المتمردين الدارفوريين بعد الهجوم على الفاشر و حرق الطائرات الرابضة في المطار عام 2003.
صعد حميدتي بسرعة البرق في مليشيا الشيخ موسى هلال ،لكن عندما قويت شوكته إنقلب على زعيمه ليؤسس مليشيته الخاصة بدعم الرئيس المخلوع عمر البشير و الذي تفاخر يوما بأن أفضل قرار إتخذه في حياته كان قرار تكوين قوات الدعم السريع.
لكن دارت الأيام ليكون لقائد الدعم السريع النصيب الأكبر في عزل من صنعه- تلك أيام نداولها بين الناس.

(4)
برأيي المتواضع فإن الاخ محمد حمدان دقلو قد مكث بالسودان السنوات التي تؤهله لنيل الجنسية السودانية. لذا ليست من الحصافة أو العدل ان يتشكك الناس في سودانيته. لكن السؤال هل كسبه للجنسية السودانية يؤهله للعب الأدوار التي يقوم بها لتدمير الدولة السودانية؟!
السودانيون يدركون من قام بقتل المتظاهرين العزل في اعتصام القيادة العامة و رمي بهم في مياه النيل.
هم يعرفون من يقف وراء الفتنة التي ضربت شرق السودان و التي قد تفضي الي نتائج تهدد وحدة الدولة السودانية.
الناس يعرفون من كان يقف خلف الأحداث المؤسفة بالنيل الأزرق ، بل من يلبس ملابس الشرطة اليوم و يطلق النار على المحتجين المسالمين في شوارع الخرطوم.
بل من يدهس المواطنين السودانيين بسيارات التايوتا التي يقودها الأجانب داخل مدن السودان و خاصة الغربية.
بل من يقف حجر عثرة أمام تحول السودان الي دولة مدنية !!
قبل هذا و ذاك من حرق دارفور - الناس و الأرض. !!!

(5)
سعى السيد حميدتي بكل جهد ممكن ان يخرج الأحداث المؤلمة التي وقعت بين قبيلتين رعويتين سودانيتين في قالب نزاع حدودي بين السودان و تشاد .
و تصوير الأمر و كأنه اعتداء على كرامة السودان و السودانيين من قبل دولة مجاورة.
و للأسف قد أنساق الاعلام الوطني وراء خداع السيد حميدتي و أكاذيبه.
أصل القصة:
قام عدد قليل من أفراد عشيرة رعوية تتبع لبيت من بيوت العرب بسرقة 5 من الإبل تتبع لأسرة رعوية من قبيلة الزغاوة تسكن محلية الطينة السودانية.
اي ان النزاع بين اسرتين رعويتين سودانيتين متجاورتين داخل الأراضي السودانية.
فهي ليست مشكلة بين العرب و أهلهم الزغاوة ،ناهيك عن تكون بين الدولتين الشقيقتين( السودان و تشاد)
قام الفزع من محلية الطينة على أثر البهائم المسروقة حتى وصل الي موقع شمال جبل مون حيث تتمركز أسر اللصوص.
هناك إلتقى الطرفان و حدثت إشتباكات متقطعة لمدة ثلاث أيام( دون أي وجود للحكومة السودانية) أسفر عنها مقتل 18 شخص و جرح عدد من أهلنا العرب الرعاة و مقتل و جرح عدد اقل من طرف أهلنا رعاة الزغاوة .
كنتيجة طبيعية لأي حرب أو معركة أخذ الرعاة الزغاوة حوالي 300 رأس من إبل أهلهم العرب و تحركوا بها صوب مناطقهم في الشمال .
رحم الله الموتى من الطرفين. بالتأكيد فإن مقتل شخص واحد من أبناء الوطن شيء محزن.
نسأل الله تعالى ان يلهم أهليهم الصبر الجميل .
و ان يمنع الله الفتنة بين مكونات مجتمعاتنا السودانية في كل شبر من تراب الوطن.
لكن من المعيب ان يتقدم الرجل الثاني بالدولة لتشييع بعض قتلى نزاع ( أسري ) بإمتياز و إهمال الآخرين.
نطالب الحكومة السودانية على التحرك فوراً لإعادة البهائم التي سلبت كغنيمة معركة إلي أصحابها كما نناشدها على السعى للمصالحة بين إخوة الدين و الوطن و الدم. هذا الوطن سيسعنا جميعاً.

د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

آراء