تأملات البكاء بحررو أسيادو
gamalangara@hotmail.com
كنا في طريقنا يوم الجمعة الماضي إلى منطقة الشقيلاب، فادركتنا صلاة الجمعة في الطريق قبل أن نصل، فصليناها في مسجد «ود عجيب»، ووجدنا الإمام في خواتيم الخطبة الثانية، وكان يتحدث عن حال السودان الاقتصادية، ويبدو من خطابه أنه من إخواننا الإسلاميين، ذلك أنه حيّا مصر بتحية خاصة، وخص بها الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي وتنظيم الإخوان المسلمين، وتمنى لتجربتهم النجاح، وبدأ الإمام سعيداً بما أعلنه مرسي من أنه رئيس لكل المصريين، وواضح جداً أنه من الإسلاميين الموالين لحزبنا المؤتمر الوطني، والداعمين للسياسة الاقتصادية الأخيرة، ويرى فيها مخرجاً ناجعاً ودواءً شافياً للأزمة، وهو قطعاً ليس من المتربصين ولا من الطابور الخامس، وليس من شذاذ الآفاق كذلك.
وبعد أن ثمّن الإمام خطوة تقليص الجهاز الدستوري على كافة مستويات الحكم في بلادنا، وبعد أن أشار بتخفيض مرتبات واستحقاقات الدستوريين، طالب الإسلاميين على كافة المستويات بأن يكونوا قدوة في قيادة مشروع النهضة الاقتصادية، فدعا رجال الأعمال منهم والمستثمرين الذين لديهم أعمال واستثمارات خارج البلاد، لأن يصفوا أعمالهم في الخارج ويعيدوا أموالهم المهاجرة إلى أرض الوطن للإسهام بها في التنمية الداخلية، وأرى في دعوة هذا الإمام نصيحة خالصة، وهي على الأقل تقطع الطريق أمام أصحاب الخيالات الواسعة الذين يزعمون أن هناك استثمارات خارجية للإسلاميين بمليارات الدولارات.
ثم دعا الإمام السيد رئيس الجمهورية لتفعيل قانون «من أين لك هذا؟» لمراجعة أموال الذين أثروا ثراء فاحشاً خلال سنوات حكم الإنقاذ، وهذا بالطبع لا يعني به المستثمرين ورجال الأعمال والمزارعين والرعاة، ولكن يعني به الموظفين في الدولة على كافة مستوياتها، سياسية أو عسكرية أو أمنية، فبعض هؤلاء لم يفارقوا الوظيفة الحكومية يوماً واحداً. ولم يعملوا بالتجارة قط، وحتى لو عملوا بالتجارة، فهي قطعاً اختلطت بالسياسة، فأثروا ثراءً ملفتاً للأنظار، فهؤلاء يستحقون المحاسبة، وحتى لو أثبتوا أنهم أثروا بطريق طبيعي، وهذا أمر غير مقبول ما دام اختلط طريق كسبهم بعملهم السياسي، ولكن لو تجاوزنا عن ذلك واعتبرنا ثراءهم مشروعاً، فلماذا لا يتمثلون بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقطعوا جزءاً عزيزاً من ثروتهم لدعم دولة المشروع الحضاري مثلما فعل أبوبكر الصديق وعثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم.
فلا فائدة من أي حديث ما لم يتقدم الإسلاميون صفوف التضحية والعطاء والتجرد، وقديماً قالوا «البكاء بحرروه أسياده».