تجربة ثورة ديسمبر ودروسها (18): نهوض الشارع  لقطع دابر الانقلاب 

 


 

 

1

   تستمر المعركة ضد مخطط الفلول والمكون العسكري للانقلاب الكامل علي الثورة، ورفض تسليم السلطة للمدنيين مع نهاية فترة رئاسته، وهذا كان معروفا من البداية  أن المكون العسكري الراهن ما هو الا اللجنة الأمنية للنظام البائد الذي قطع الطريق أمام الثورة بانقلابه في 11 أبريل 2019 ، وانقلابه الدموي في مجزرة فض الاعتصام ، والانقلاب علي "الوثيقة الدستورية" ،بهدف إعادة انتاج النظام البائد مع تغييرات شكلية في الأشخاص مع استمرار السياسات الاقتصادية السابقة في الخضوع لشروط صندوق النقد والبنك الدوليين التي افقرت الجماهير، ومصادرة الحقوق والحريات الأساسية ، والتفريط في السيادة الوطنية بربط البلاد بالمحاور الاقليمية والدولية ، والحلول الجزئية في السلام القائمة علي المحاصصات والمسارات  التي تهدد وحدة الوطن ، كما يجري الآن في شرق السودان بدعم المكون العسكري وتدخل محاور دولية واقليمية اصبحت معروفة لجماهير شعبنا.

  ساعد المكون العسكري في مخططه  اعتباره من بعض قوي " الهبوط الناعم" شريكا والتفاوض معه علي تقاسم السلطة بدلا من تسليم كامل السلطة للمدنيين ، ورجوع الجيش للثكنات بعد فشل الحكم العسكري لأكثر من 52 عاما كانت وبالا علي البلاد، والتوقيع علي "الوثيقة الدستورية" التي كرّست هيمنة المكون العسكري علي السلطة ، وتعطيله لانجاز مهام الفترة الانتقالية ، واستمراره في مسلسل الانقلاب العسكري الكامل للانفراد بالسلطة، وتفاقم أزمة الشراكة التي انفجرت حول الصراع علي السلطة ، وليس حول السياسات الاقتصادية التي افقرت جماهير شعبنا ، ولا حول الارتباط بالمحاور الخارجية التي فرطت في السيادة الوطنية وأدت الي نهب ثرواته وأراضيه ،واستمرار القمع ومصادرة الحقوق والحريات الساسية والابقاء علي القوانين المقيدة للحريات ، وعدم الحل الشامل في السلام الذي يهدد وحدة البلاد.


2

   بالتالي تتحمل السلطة بمكونيها العسكري والمدني مسؤولية الفشل في تحقيق أهداف الثورة ، وليس لدي شعب السودان بعد ثورته العظيمة متسع من الوقت لاستمرار سلطة شراكة الدم ، بل يجب اسقاطها ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يسير قدما في تفكيك النظام البائد واستعادة اموال الشعب المنهوبة بما فيها شركات الجيش والأمن والدعم السريع، وتحقيق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية حتى قيام المؤتمر الدستوري في نهايتها ، والتوافق علي كيف يحكم السودان ، واجازة دستور ديمقراطي يكفل الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع، واستقلال القضاء وحكم القانون والحريات السياسية والنقابية، وحرية التعبير والنشر، واجازة قانون انتخابات ديمقراطي يضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

   تابعنا تهاون المكون العسكري مع الفلول في تخريب الاقتصاد السوداني واثارة الفتن القبلية في الشرق والغرب وجنوب وغرب كردفان  بهدف افشال الفترة الانتقالية والانتخابات المبكرة بدون تحقيق اهداف الثورة ، كما يحدث الآن في الشرق بقيادة محمد ترك ، الذي وصل التخريب في اشكاله لتفكيك خطوط السكة الحديد التي تربط الشرق ببقية انحاء السودان ، وهو بلا شك تخريب لممتلكات الدولة  التي هي ملك للشعب السوداني، فكيف يتم التهاون في ذلك وغيره ، مما يؤكد استمرار فشل المكون العسكري في حفظ أمن البلاد وممتلكات الدولة، اضافة الي إغلاق الموانئ ومطار بورتسودان للمطالبة بإلغاء مسار الشرق المضمن في اتفاق جوبا للسلام وحل الحكومة المدنية على أن يتولى الحكم قادة من الجيش.

اضافة الي منع أنصار محمد ترك تصدير النفط عبر ميناء بشائر المخصص لتصدير نفط جنوب السودان، حسب بيان تجع العاملين بالنفط والتخوف من أن يؤدى إغلاق الميناء إلى توقف تصدير نفط جنوب السودان الذى يمر عبر السودان ، وتأثيره سلبا على إنتاج مصفاة الخرطوم وإنتاج الكهرباء، ويؤثر علي الوضع الاقتصادي المنهار اصلا ، والخسائر المالية التي تصل لملايين الدولارات، اضافة الي خطورة إحجام شركات النقل الدولية عن استخدام الموانئ السودانية".

-  استمرار الهجوم علي لجنة التفكيك الذي بدأ من بلاغ البرهان ضد لجنة التفكيك ، ومطالبة  محمد ترك بحل لجنة التفكيك ، ونادي القضاة يرفض قرارات لجنة التمكين ، وأخيرا البرهان يسحب الحراسة من مراكز لجنة التفكيك ، وسحب الحرس الشخصي من رئيس لجنة التفكيك ، تلك القرارات التي وجدت مقاومة ، دفاعا عن الثورة .

- اجازة التعديل في الميزانية للعام 2021 التي تعني المزيد من تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية.


3

 من الجانب الآخر، وهذا هو الأمر المهم،  ومنذ فشل المحاولة الانقلابية، غض النظر اذا كانت حقيقية أم " مفبركة" استمر الرفض الجماهير الواسع لها داخليا كما في العاصمة والأقاليم  وخارجيا ، مما عكس مرة أخري أن جذوة الثورة ما زالت متقدة.

  كما تواصل النهوض الجماهيري ضد مخطط المكون العسكري بدعم اقليمي للانقلاب علي الثورة ، وعرقلة قيام الحكم المدني الديمقراطي ، كما في الادانات الواسعة من القوي السياسية والمهنية والمنظمات الديمقراطية والحقوقية المحلية  والعالمية، وفي الوقفات الاحتجاجية والمواكب التي خرجت في بعض المدن استنكارا للمحاولة الانقلابية.

  كما يستمر التحضير لمواصلة النهوض الجماهيري والوجود الدائم في الشارع  باعتباره الحاسم في قطع دابر الانقلاب ، كما في المواكب والمذكرات التي تم الإعلان عنها وتنفيذ بعضها مثل:

-  مواكب الحكم المدني المعلن عنها يوم 30 سبتمبر لرفض العودة للشمولية عبر الحكم العسكري ودعم عملية التحول الديمقراطي، والردة مستحيلة.

- مذكرة الاتحاد النسائي الثلاثاء 28 / 9 من أجل تحستن الوضاع المعيشية ، التعليم ،الصحة ، والحكم المدني.

-  موكب الحزب الشيوعي بالعاصمة المعلن عنه يوم الأربعاء 29 /9  لتسليم مذكرة لوالي الخرطوم حول قضايا الخدمات في العاصمة التي تدهورت كما في التعليم والصحة وتدهور البيئة ، وانشاء شبكات الصرف الصحي وتدوير النفايات، وتوفير خدمات الكهرباء ومياه الشرب ، تأهيل الطرق ، والغاء القوانين والأوامر الادارية الصادرة من النظام البائد ، والغاء نظام المنسقين والتعيينات السياسية في المحليات.

- بيان تجمع المهنيين بتاريخ 27 / 9 الذي أشار الي رفض الديكتاتورية وأي انقلاب عسكري ، والشارع هو العامل الحاسم في تغيير سلطة الشراكة ، والتنظيم هو سبيل المقاومة.

- بيان أسود البراري  بعد فشل المحاولة الانقلابية الذي اشار للعودة للشارع للم شمل السودان واسكات صوت الرصاص والتفرقة العنصرية ، وأن الشوارع لاتخون ، ومواصلة المقاومة بالمواكب والاعتصامات.

- بيان تجمع مركزيات لجان مقاومة جبل أولياء بتاريخ 26 / 9 الذي أشار الي الاستعداد للخروج  لفض الشراكة مع المجلس العسكري، والاسراع في هيكلة القوات المسلحة ، والمزيد من التنظيم.

- بيان تجمع المصرفيين لرفض أي انقلاب عسكري ، باعلان العصيان المدني.


4

  وأخيرا ، الحراك الجماهيري الجاري الآن هو امتداد للنهوض الجماهيري المستمر بعد ثورة ديسمبر  ومجزرة فض الاعتصام وموكب 30 يونيو 2019 الذي كان خطوة حاسمة في هزيمة الانقلاب الدموي لمجزرة فض الاعتصام.

بالتالي مهم تنظيم وتوسيع النهوض الجماهيري ، باعتباره العامل الحاسم في قطع دابر الانقلاب العسكري و اسقاط ه ، ومواصلة المعركة حتى قيام الحكم المدني الديمقراطي، وتحقيق مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.

 عليه من المهم اوسع مشاركة جماهيرية في المواكب المعلن عنها ، ومليونية 30 سبتمبر لتحقيق قضايا الجماهير اليومية و الحكم المدني، وقطع الطريق أمام الانقلاب العسكري، فالشعب اقوي والردة مستحيلة..




alsirbabo@yahoo.co.uk

 

آراء