تجليات: يأكلون القطط والكلاب … والنفس تموت! .. بقلم د. محمد بدوي مصطفى

 


 

 



mohamed@badawi.de
قبل يومين كنت أشاهد نشرة الأخبار الألمانية ولم أصدق عينيّ! كلكم يا سادتي تعرفون مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الذين هربوا من وطنهم وتفرقوا في مخيمات في سوريا ولبنان والأردن إربا إربا. نعم، هم هؤلاء، أجيال ولدت بسوريا في مدينة اليرموك. لم يكف هذا الحاكم الجائر أن وضعهم كبشر درجة خامسة في هذه المخيمات بل أحكم عليهم الحصار أيما احكام. فصارت نسبة الوفيات في الأشهر الأخيرة – خصوصا - بين الأطفال والرضع كبيرة ومحزنة ومخيبة للآمال. يا إلاهي، لطفك وعفوك ورحمتك عليهم! رأيت بأم عينيّ كيف يسلخون القطط والكلاب الهائمة في الشوارع ويجلسون أمام قدور تبدّت عليها آثار التقشف والفقر، مهملين تائهين في العراء ليقتسموا لقمة العيش تلك بينهم. ومن لم يجد، يضع مرقا حارا يرشف من بعضه كي يسد به الآم الجوع والفاقة وهل يمسن ذلك أو يسد الرمق؟
بالله عليكم، من منَّا، وعلى إطلالة هذه السنة الجديدة، يرضى هذا الضيم لنفسه وذويه؟ من منَّا، بالله عليكم، يسكت لركل رجل أمن الدولة في صمت وانكسار أبوغريبويّ؟ من منَّا، يا صحابي، قد سبق ونادى بنجدة أهل اليرموك، هؤلاء الكرام؟ من منّا ومن نكون نحن، يا أمة الإسلام؟ ألبسنا الجبن أثوابًا وغدونا كالطواويس نختال على خيبتنا؟ كل هذه الثورات الدامية وكل هذا الانهزام ونحن نَسدُّ هذه بطين والأخرى بعجين؟ أين مجلس أمن العبارات؟ أين الدول العظمى بعتادها الذي ينُوء بحمله ذوي العُصبى أولي القوة؟  أين هؤلاء من أبناء الذهب الأسود ممن ينفقون ملايينهم رئاء الناس على سفاسف الأمور وبقارعة شوارع الشانزليزيه وعلى خدور حسان بلاجات ميامي؟ أين حُماة الإسلام الذين ينفقون أموالهم رئاء الخلق على القصور ورافعات الطَرف؟ للأسف لم يصل إلى مسامعنا في الشهور المنصرمة إلى قليل النداء، قل بصيص من الهمس الخجول المُتَغَامَزُ بِه، وبالأحرى سمعنا صريختان متواضعتان حاولتا استيقاظ المروءة الأعرابية المتخدرة في سنتها ونومها السرمديين، كالسلحفاء في نومها الشتوي. صريختان حاولتا التحليق، دون أن يسمعهما أولو الأمر والنهي في بلاد الإسلام. أيا سحائب الجبن المحلقة على سماوات العروبة  تستَّري على خيبتنا!
هما، دون أدنى شك، خجولتان، أذ ما قورنا بعظمة الفاجعة وعمق المأساة التي يعاني وطأتهما الشعب السوري البطل. سكتت أنفاس الأمة العربية وكأنها في حالة اغماء متفاقم يستدعي إنعاشا بغرفة العناية الدينية والوطنية المكثفة. لعمري، فإن العرب والمسلمين على أشكالهم يقعوا!
فكل بلد يشابه الآخر صمتا وخيبة وكل أمة منا تتسابق على الرئاء والجبن، ونحن قد سئمنا وضقنا ذرعا بهؤلاء الذين وضعوا أصابعهم في آذانهم وقرا حذر الموت، كالذين ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات يعمهون، صم بكم عمي فهم لا يرجعون. ألا تستحي أمتنا في أن تقبع على نفسها البائسة وتدفن عينيها في الرمضاء؟ ألا يخجل رؤساؤنا واضعين رؤوسهم كالنعام والأنعام في الرمل؟
فمسلسل القمع ومسرحيتهُ على خشبة المسرح اليرموكي، لا يزال يتسلى بهما الناس في بلادنا بعد أن تمتلئ الكروش قبل المسلسل اليومي بما تُهُلِّب وتُهُرِّس وطاب إذ ينبغي علينا جمعا الصوم وجهاد أصغر وآخر أكبر لنجدة من استنجد بنا ولحماية من صرخ ليحتمي بأبو مروءة وشهامة، لا يطلُّ على الأفق. فحسبنا الله ونعم الوكيل، فصرخات أطيفال اليرموك يرجعها الصدى!
//////////////

 

آراء