*استوقفتني قصة طريفة اطلعت عليها بـ"الواتساب"حكت فيها أم سودانية تعيش وأسرتها في لندن عن تجربة تربوية مع ابنتيها أثارت خلالها مسألة تربوية مقلقة ليست فقط للآباء والأمهات وأولياء الأمور في دول المهجر الغربي وإنما لكل الآباء والأمهات وأولياء الأمور وكل المهتمين بتنشئة الأطفال وتربيتهم وثقافتهم.
*قصدت عدم ذكر اسم الأم ولا اسمي ابنتيها لأنني قصدت الخروج من دائرة الحالة الخاصة التي وصلت بها الام لصرف النظر عن مشروعها التربوي والانتقال إلى مخرج تربوي للمعالجة العامة.
*لن أتوقف عند بعض الأخطاء التي ارتكبتها الأم - بحسن نية مؤكدة - وهي تحكي لابنتيها حكاية فاطمة السمحة والغول‘ والرعب الذي انتاب ابنتها الصغرى‘ ثم الخوف الذي أصابها "هي" عندما نبهتها ابنتها الكبرى إلى ما يمكن أن يحدث لها إذا وصل أمر" الأذى" الذي سببته للطفلة الصغيرة لولاة الأمور‘ لكن لابد من الوقوف عند الملاحظات المهمة التي جاءت في ثنايا القصة.
*الملاحظة الأولى جاءت على لسان البنت الكبرى حين سألت أمها : هل يعقل أن تكتب قصة للأطفال دون أن تكون مصحوبة برسومات توضيحية ؟!!‘ هذه الملاحظة المهمة عادت بي لمرحلة صدور مجلة الصبيان التي كانت غنية بالحكايات المحشودة بالقيم والموجهات السلوكية ومصحوبة برسومات توضيحية وشخصيات محببة للأطفال مثل شخصية "عمك تنقو"‘ لكن للأسف تراجعت حتى المحاولات اللاحقة وافتقد أطفالنا هذا النهج التربوي البديع.
*المسألة الثانية التي طرحتها هذه الأم لكنها لم تفلح في معالجتها هي إهمال الأسر أمر تعليم أبنائهم وبناتهم اللغة العربية والتربية الدينية منذ الصغر في هذه المجتمعات الغريبة عنهم‘ وهذه معضلة تربوية مقلقة يتحمل فيها الآباء والأمهات وأولياء الأمور المسؤولية الأكبر.
* مسألة أخرى لصيقة الصلة بتربية الأبناء والبنات في هذه المجتمعات‘ تتعلق بالخوف من القوانين والمؤسسات التي تحمي الأطفال من كل أنواع الأذى حتى من الآباء والأمهات‘ فهذا لا يعني ترك الأطفال على هواهم وإنما لا بد من الاهتمام بتربيتهم - لكن ليس بالتخويف والترهيب - وإنما بالتي هي أحسن والقدوة الحسنة بعيداً عن الإكراه والعنف.
*أزعجتني المقارنة بين تربيتنا السودانية وبين التربية في بلاد أخرى لأن أسس ومبادئ التربية واحدة‘ وليس هناك فرق بين تربيتنا التي نشأنا عليها وبين تربية أخرى ينشأ عليها أطفالنا في المجتمعات المختلفة.
*كل المطلوب من الذين يعيشون في مجتمعات أخرى احترام القوانين والأعراف السائدة بما في ذلك القوانين التي تحمي أطفالنا من كل أنواع الأذى دون أن نتركهم ينعزلون عن إرثهم الحضاري والإنساني.