ترحيب دولي بتحديد الجدول الزمني لإكمال العملية السياسية

 


 

 

ميعاد مبارك: الخرطوم ـ «القدس العربي»: تنوعت ردود الفعل على تحديد الأطراف المدنية والعسكرية الموقعة على الاتفاق الإطاري، مطلع أبريل/ نيسان المقبل موعدا لتوقيع الاتفاق النهائي. ففيما رحبت الآلية «الدولية الثلاثية» المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد، بالخطوة، تمسكت «الكتلة الديمقراطية» برفض الاتفاق، ووصفته بـ «الإقصائي والمعزول».

واتهم القيادي في الكتلة، مبارك أردول، قوى «الحرية والتغيير» بـ «تقسيم المكون العسكري للجيش والدعم السريع» مطالبا القائد العام للقوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، بـ «اتخاذ موقف واضح تجاه العملية السياسية وعدم الانحياز لأي طرف من الأطراف المدنية».

وزاد، خلال مؤتمر صحافي أمس الإثنين في الخرطوم، أن «البرهان تغيب عن اجتماع الأحد، الذي حدد مواقيت استكمال العملية السياسية، وأن نائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) هو الذي ترأسه» مضيفا: «تغيبه لا يكفي، يجب أن تلتزم الأطراف العسكرية بالحياد».

 

عرض جديد

 

وأكد أن «الحرية والتغيير قدمت عرضا جديدا لعدد من تنظيمات الكتلة للالتحاق بالعملية السياسية» مشيرا إلى أن «الدعوة شملت، بالإضافة إلى المدعوين مسبقا، رئيس الكتلة، جعفر الميرغني، والذي يتزعم فصيل من الحزب الاتحادي الأصل، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وقائد حركة تحرير السودان، حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، وكلا من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك، ورئيس قوى الحراك الوطني التجاني السيسي، والرئيس السابق لمسار شرق السودان، في اتفاق السلام، الأمين داوود». وشدد على أن «الكتلة لن تسمح للحرية والتغيير بتفكيكها» على حد قوله.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تشكلت «الكتلة الديمقراطية» المكونة من حركات وتنظيمات سياسية وقادة عشائر، دعم معظمهم الانقلاب العسكري، بالتزامن مع توقيع الاتفاق الإطاري بين مجموعة من التنظيمات المدنية أبرزها مكونات «الحرية والتغيير» مع العسكر وعدد من الحركات المسلحة.

في السياق، قال الأمين السياسي للكتلة، مني أركو مناوي، في تصريحات صحافية، إن «أي حكومة تتشكل بطريقة إقصائية، ستديرنا بالقوة، موقفنا واضح، ولن نتراجع».

وعقدت الآلية الثلاثية، الأحد، اجتماعا تحضيريا مع الموقعين على الاتفاق الإطاري، العسكريين والمدنيين في القصر الجمهوري للبت في الخطوات المقبلة.

 

التوقيع في إبريل

 

وقال المتحدث باسم العملية السياسية، خالد عمر، إن الأطراف المدنية والعسكرية الموقعة على الاتفاق الإطاري، حددت مطلع أبريل/ نيسان المقبل، موعدا لتوقيع الاتفاق النهائي.

وزاد، خلال مؤتمر صحافي في وكالة السودان للأنباء، ليل الأحد، أن «أطراف الإطاري عقدت اجتماعين في اليوم ذاته، وضعت خلالهما جدولا زمنيا حدد ترتيبات ومواقيت نهائية لما تبقى من العملية السياسية».

وحددت الأطراف السادس من أبريل/ نيسان المقبل موعدا لتوقيع الدستور الانتقالي، على أن يتم تشكيل مؤسسات الحكومة المدنية الانتقالية، في الحادي عشر من الشهر ذاته.

وحسب عمر، توافق جميع الموقعين على الاتفاق الإطاري البرهان و(حميدتي) والأطراف المدنية، على تيسير الآلية الدولية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد.

 

لجنة لصياغة الاتفاق

 

وتحدث عن لجنة لصياغة الاتفاق النهائي، تتكون من 11 عضواً وعضوة تمثل فيها النساء بنسبة 40٪ تبدأ مهامها من الغد لمدة 7 أيام، على أن تسلم مسودة الاتفاق في السابع والعشرين من الشهر الجاري.

 

الكتلة الديمقراطية تتهم «الحرية والتغيير» بتقسيم العسكر

 

في الموازاة، قال المجلس السيادي السوداني، في بيان: انعقد مساء الأحد في القصر الرئاسي اجتماع، ضم «حميدتي» والقوى المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري، بحضور الآلية الثلاثية. دون إشارة إلى البرهان، أو تقديم توضيح بهذا الخصوص.

 

«لن تتراجع»

 

وبالتزامن مع الاجتماع، تحدث البرهان، في افتتاح لأسواق تعاونية تابعة للجيش، مؤكدا أن «القوات المسلحة شاركت في العملية السياسية الجارية بقلب مفتوح وتريد أن يحصل الشعب على حكومة مدنية، ولن تتراجع عن هذا المطلب الذي لا يقبل الابتزاز والمساومة أو أن تحاول فيه جهة ما غش وخداع الشعب».

وأضاف: «سنستكمل الأمر، ونريد حكومة مدنية تقدم للناس الخدمات وتقف على قضاياهم بالحق وليس بالتدليس والتزوير أو أي نهج قد يقود إلى تدمير البلاد أو يوردها موارد الهلاك».

وذكر أن «القوات المسلحة منتبهة وواعية لذلك، وأنها مؤسسة وطنية أصيلة لا يمكن أن يكون لها بديل ولن يستطيع أن يحل محلها أحد» فيما يبدو أنها إشارة الى «حميدتي» والذي تصاعدت الخلافات معه أخيرا.

ووفق قوله «يلاحظ أن كثيرا من السياسيين يحاولون أن يستخدموا بدلاء للقوات المسلحة لتمرير أجندتهم. إنها محاولات لن تنجح، لأن البديل المقلد لن يصمد ولن يتحول إلى أصيل».

وذكر أن «المؤسسة العسكرية رحبت برغبة الكثيرين من قطاعات الشعب بالخروج من العملية السياسية لإفساح المجال للقوى المدنية، ومن المأمول أن تكون (القوى المدنية) واعية ومدركة لاحتياجات الشعب، وتكون حقيقية وليست مزيفة تستعين بالبدائل».

وأضاف «نريدها أن تكون قوى سياسية مدركة لهموم المواطن، لنقف إلى جانبها لتحقيق تطلعات الشعب السوداني» مشددا على أن القوات المسلحة «لن تضام ولن تسمح لأحد بأن يعبث بأمن البلاد وشعبها».

وقالت مصادر في القصر الرئاسي لـ «القدس العربي» البرهان حضر الاجتماع الأول الذي انعقد في الثانية مساء بتوقيت الخرطوم، والذي أقر تشكيل لجنة للترتيبات النهائية للعملية السياسية، ترأس اجتماعها «حميدتي» في السادسة والنصف من مساء اليوم ذاته وانتهى في تمام التاسعة، ثم بعد ذلك توجه البرهان لافتتاح الأسواق التعاونية.

إلى ذلك، رحبت الآلية الدولية الثلاثية باتفاق الأطراف على «خريطة طريق والجدول الزمني لصياغة الاتفاق السياسي النهائي ودستور انتقالي يتأسس على اتفاقية الإطار السياسي ومشروع الإعلان السياسي ومشروع دستور نقابة المحامين السودانيين وتوصيات ورش العمل الخمس حول التفكيك واتفاق جوبا للسلام والشرق والعدالة الانتقالية وإصلاح القطاع الأمني».

كما أكد الطرفان وفق الآلية، على «أهمية إشراك المرأة ومشاركتها الهادفة في هذه العملية وفي المؤسسات الحكومية المستقبلية».

وأضافت في بيان «اتفق الطرفان على إنشاء لجان للانتهاء من صياغة اتفاق سياسي نهائي والتحضير لاستكمال مشروع دستوري انتقالي مع جميع الجهات المعنية. كما اتفق المشاركون على مواصلة تواصلهم مع غير الموقعين وتشجيعهم على الانضمام إلى الجهود الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق سياسي نهائي».

وأكدت أنها «ستواصل جهودها لتحقيق تلك الغاية» مبدية أملها بأن «يتوصل رجال ونساء السودان في الأيام المقبلة خلال مطلع شهر رمضان إلى اتفاق نهائي حول حلول تمهيد الطريق لتأسيس حكومة بقيادة مدنية وإخراج السودان من أزمته الحالية».

وجددت التزامها «بتقديم كل الدعم الفني والسياسي الضروري، بما في ذلك تنسيق الجهود الإقليمية والدولية، لدعم العملية السياسية». وأكدت أن العملية السياسية الجارية في البلاد «ملك السودانيين وبقيادتهم».

في الموازاة، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النيلين، مصعب محمد علي، في حديثه لـ «القدس العربي» أنه «في ظل التباينات بين القوى السياسية المختلفة لا يمكن الالتزام بالمواقيت المحددة لإعلان الحكومة، لكن يمكن أن يعلن الاتفاق السياسي ويبقى أمر تكوين الحكومة مرتبطا بتوافق الأطراف حولها لأن إعلان الحكومة دون إجماع سياسي حولها يمكن أن يؤثر على استقرارها مستقبلاً».

ورأى أن «المشاركين الحاليين في العملية السياسية غير كافين لإعلان الحكومة» مشيرا إلى «تعدد التيارات الرافضة» وأن ذلك قد يؤخر إعلانها. وبين أن «استقرار الدولة في الفترة المقبلة مرتبط بهياكل سلطة مستقرة عليها توافق بين عدة أطراف».

وأضاف: «حتى الآن الأطراف الموقعة على اتفاق السلام، والمنضمة للكتلة الديمقراطية، لم توقع على الإطاري، وهذا يعني أنها متمسكة برفض التوقيع دون الكتلة ككل» لافتا إلى أن «الالتزام بالجداول الزمنية مرتبط بهذه الأطراف خصوصا ما يتعلق بتكوين الحكومة وحصتها في الحكومة».

 

تباين

 

أما فيما يتعلق بالتباين بين الأطراف العسكرية فرأى أنه «يتعلق بتباين مواقفها حول الإطاري وأن هذا يمكن حله في نهاية الأمر حتى «لا يتفاقم الخلاف ويأخذ أشكالاً أخرى تؤثر على استقرار البلاد».

وتوقع، بعد إعلان جداول العملية السياسية، أن تنضم للعملية السياسية الأطراف غير الموقعة، فيما استبعد أن تدخل الكتلة الديمقراطية ككل في العملية، وإنما بعض أطرافها.

أما المحلل السياسي أمين مجذوب، فقد أوضح، لـ «القدس العربي» أن التفاوض منذ البداية كان بين المكون العسكري والحرية والتغيير وليس مع المكونات خارج الاتفاق (الكتلة الديمقراطية) التي لا تملك تأثيرا حقيقيا على المشهد في البلاد» لافتا إلى أن «العملية السياسية الجارية تمضي برضى العسكر وتوافق أطراف الإطاري الأخرى».

وأضاف: «لا خوف من الأيام المتبقية، حال التزام العسكر بالخروج تماما من السياسة في المرحلة المقبلة» مرجحا أنضمام لجان المقاومة والأحزاب الداعية للحكم المدني وترفض الإطاري، للحكومة المقبلة، في حال تم ذلك».

 

آراء