ترشيحات السفراء في وزارة الخارجية السودانية

 


 

 

* وما يتوجب علي وزارة الخارجية من إعادة إدراج هذا النهج في إطار جهود إعادة هيكلة وإصلاح وزارة الخارجية.

* ألية ترشيحات السفراء لشغل مناصب رؤوساء البعثات والسفارات.

السفير نصرالدين والي.

الكيفية والممارسة السابقة قبل الإنقاذ.

الخارجية مدرسة متكاملة، منهجهاً راسخاً، مجود ومتقن. رحم الله الأباء المؤسسين، وأساتذتنا من السفراء المحترفين، القدامي الذين أرسلوا دعائمها.

وأطلب من أي منهم، التكرم بالإضافة أو التعديل لهذه المداخلة العجلة والمتواضعة.

لترشيحات السفراء أليه محددة، أهم سماتها، إحاطتها بالسرية البالغة؛ وبالتالي فإنها لا تعلن مطلقاً في وسائط الإعلام أياً كانت، ولا بأي طريقه أخري، ولا يتم تداولها داخل الوزارة في كافة مراحلها وخطواتها التي تكتنفها تلك السرية، وذلك لأسباب بديهية حيث إن ترشيحات السفراء عرضه للقبول أو الرفض من الدول المعنية (The receiving States)

ولذلك ليس من غير المقبول، دبلوماسياً وسياسياً، أن تعلن (وهي مجرد ترشيحات) لأنها تصب في صميم العلاقات الثنائية بين الدول المختلفة.

وقبول الدول المعنية للسفير المرشح، يأخذ وقتاً، فالدول المستقبلة تمحص سير السفراء وتاريخهم قبل قبولهم كسفراء معتمدين لديها، وبالتالي إما أن تتخذ قراراً بالقبول أو الرفض للسفير المرشح، ويسمي كل سفير قدمت دولته (The sending State) أوراق ترشيح لدولة أخري، (Credentials) بال (Ambassador Designate) ولا يجوز له، حتي بعد قبول ترشيحه أن يطلق علي نفسه سفير السودان لدي الدولة كذا، ولا يجوز كذلك للسودان أن يسميه سفير السودان لدي الدولة كذا إلا بعد تقديم أصل أوراق إعتماده لرئيس أو ملك أو أمير الدولة المضيفة في مراسم رسمية تقام لهذا الغرض. (ولكل دولة تقاليد راسخة في إقامة تلك المراسم)؛ وبسبق ذلك تقديم السفير المرشح صورة من أوراق إعتماده لوزير خارجية تلك الدولة توطئة لإعتماد بشكل رسمي.

ولا يجوز للسفير المرشح أن يقوم بأي عمل ذَا صفة سيادية، أو يجري أي لقاء مع أي مسؤول في البلد المضيف ولا يترأس أي وفد لبلاده في البلد المضيف إلا بعد تقديم أوراق إعتماده رسمياً بالكيفية التي ذكرت. بيد أنه يتاح له متابعه العمل الروتيني داخل سفارته وقيادة فريقه الدبلوماسي بشكل يومي.

وعندها تعتمده الدولة المضيفة تطلق عليه في أجهزة إعلامها سفيراً معتمداً ومفوضاً فوق العادة للدولة المرسلة لديها ومن ثم يمكن لدولته الإعلان في أجهزتها الإعلامية الرسمية عن وضعه سفيراً لها لدي تلك الدولة، كما يمكن أن تبث أجهزة الإعلام المختلفة جزءاً من مراسم تقديم أوراق إعتماده من تفتيشه لقرقول الشرف، ومراسم التقديم الفعلية له داخل مقر الرئاسة أو القصر.

ألية ترشيح السفراء في الخارجية.

أما آليه إختيار السفراء، فقد كانت راسخة ومتعارف عليها، طمستها الإنقاذ، بممارسات لا أصل لها في الممارسة الدبلوماسية في وزارة الخارجية فأخلت بكامل العملية. فلجنة ترشيح السفراء إن كونت في عهد الإنقاذ، تكون عادة صورية، ولا صلاحيات فعليه لها، وترشيحات السفراء في عهد الإنقاذ كان يعود لمزاج الوزير، وصقور الإنقاذ خارج أسوار الوزارة، أو الفاعلين السياسيين في ملفات ودول بعينها، كالصين مثلاً، أو ماليزيا، او بعض دول الخليج؛ أو للجنة ظل من بعض سفراء التمكين النافذين الذين يديرون شأن الوزارة في مراحلها المختلفة ومع وزراءها المختلفين. ولهذا فقد نتجت إختلالات بائنه لترشيحات عديدة للسفراء في العهد البائد، لم تراعي فيها الأسبقية أو الدرجة أو الأهلية للموقع.

وترشيح السفراء في السودان يتم وفقاً لتلك الألية، ويحاط بحائط من السرية كما أسلفنا، لحساسية القبول أو الرفض من الدول المعنية، والترشيح تقوم به لجنة رفيعه من كبار السفراء؛ ويكونوا عادة ثلاثة سفراء (وفقاً لأسبقيتم في الدرجة) سواء في رئاسة الوزارة أو في البعثات، فإن كان أولئك السفراء المعنيين موجودين بالخارج يتم إستدعاءهم للإِنْضِمام للجنة التي يرأسها وكيل وزارة الخارجية، وهو الشخصية المحورية والأكثر أهمية في الهرم الدبلوماسي، ولا علاقة للوزير بمسألة الترشيحات في هذه المرحلة. واللجنة تحدد ثلاثة سفراء ترشحهم لكل محطة دبلوماسية (عاصمة دولة أو بعثة)، ومن ثم تقوم بالتوصية بترشيح هؤلاء السفراء (وفقاً لتسلسل أسبقيتهم وأفضليتها للمحطة المعينة) هذه السفارة أو تلك؛ وترفع تلك التوصية للوزير مشفوعة بتفسير منطقي للترشيح، وللوزير الحق في مناقشة الوكيل في أمر الترشيحات الموصي بها، ولكن تبقي مرجعية الترشيحات حق أصيل للوكيل بإعتباره المسؤول الأداري والتنفيذي الأول بوزارة الخارجية؛ أما الوزير؛ فهو المسؤول السياسي الأول، ورمزاً للدولة، وللدبلوماسية، وليس مسؤولاً تنفيذياً.

والسفارات أيضاً لها تصنيف، ففيها سفارات الفئة الأولي والثانية والثالثة كما للسفراء ذات الدرجات. وكل سفير يرشح، وفقاً لدرجته الوظيفية الفعلية، إلا إذا إقتضت الضرورة القصوي، أن يرشح للسفارة التي توافق خبرته ومؤهلاته، وهذا معيار لأهمية السفارة بالنسبة لمصالح السودان، وللسفير من حيث خبرته. وبين أدني درجة للسفير، الدرجة الثالثة وأعلاها الدرجة الأولي بون شاسع من السنوات قد يصل لعشرة سنوات، بجانب الخبرات المتراكمة واللغات والمعرف التي إكتسبوها خلال تدرجه الوظيفي من السكرتير الثالث فالثاني فالأول فالمستشار فالوزير المفوض ثم السفير في الدرجة الثالثة، ومن ثم السفير في الدرجة الثانية فالأولى ويكتنف كل تلك الترقيات تمحيص وتقييم وسنوات عجاف للترقي للدرجة الأعلي.

وكانت تلك اللجنة تقوم في السابق بإستطلاع والوقوف علي رأي السفير حول الدول المقترح ترشيحه لها، فربما يكون للسفير رأي أو ملاحظة أو حتي إعتراض علي الترشيح لهذه الدولة لأسباب منطقية قد لا تكون معلومة للجنة ، مثلاً كعدم قبول الدولة المضيفة لهذا السفير عندما كان دبلوماسياً صغيراً لسبب تعلمه تلك الدولة. أو لسبب أغفلته تقارير الأداء السرية أو لأسباب طارئة سياسية أو أمنية مثلاً، قد إستجدت تحول دون ترشيحه لتلك الدولة كسفير، أو قد تضر بترشيحه مما يفضي بعدم قبوله.
وللدولة المضيفة الحق في القبول أو الرفض للترشيح، ولا تستفسرها الدولة المرسلة عن أسباب الرفض، كما لا تستعجلها الرد، وهناك قيد زمني، لقبول الترشيح؛ ثلاثة أشهر من تاريخ تسليم الترشيح للدولة المضيفة، فإن تعدت فترة أنتظار قبول الترشيح الثلاثة أشهر، تعد تلك إشارة ورسالة سياسية بالرفض للترشيح من الدولة المضيفة للسفير المرشح ، وعلي الدولة المرسلة في هذه الحالة سحب أوراق ترشيحه وترشيح بديل له.

الموافقة علي توصية ترشيح السفير.

لرئيس الجمهورية، وفي حالة الوضع السياسي القائم الأن في السودان، رئيس المجلس السيادي الإنتقالي وفقاً للوثيقة الدستورية الحق في تداول تلك التوصيات للسفراء المرشحين والبت فيها، موافقة أو تعديلاً أو تغييراً. ومن ثم تعاد الترشيحات مجازة وبسرية تامة إلي وزير الخارجية الذي يسلمها لوكيل وزارة الخارجية الذي يقوم بدوره بإستدعاء السفراء المرشحين كل علي حدة ليخطرهم وبشكل سري أيضاً بإسماء الدول المرشحين إليها، ويطلب من كل سفير وبحزم عدم التحدث أو البوح بالدولة التي رشح لها حتي لأقرب الناس إليه، وكل ذلك لتأكيد مبدأ أهمية سرية الترشيحات في هذه المرحلة، سواء للدولة المضيفة أو للسودان أو للسفير نفسه؛ لأنه يظل سفيراً مرشحاً لحين تقديم أصل أوراق إعتماده رسمياً لرئيس أو ملك أو أمير الدولة المضيفة، كما جاء ذلك بعاليه.

n.wally08@gmail.com
////////////////////////////////

 

آراء