تصاعد السخط والمقاومة بعد بيان الشرطة

 


 

 

1

من علامات انهيار الانقلاب بيان الفلول الهزيل باسم الشرطة الذي وصف الثوار بأنهم تشكيلات عسكرية مسلحة غير مدنية ، وناشدت وزارة العدل باطلاق يدها ما وصفتها بالفوضي، وردع وتقديم الجناة للعدالة الناجزة ،والمحاكمات الايجازية، علما بأن المواكب بشعاراتها ولافتاتها كانت واستمرت سلمية ، وعكستها القنوات الفضائية وشاهدها كل العالم ، والعنف كان من قوات الشرطة والجنحويد والأمن الشعبي مليشيات المؤتمر الوطني التي تم رصدها وتصويرها، بما فيها القناص الذي قتل الشهيد عيسي عمر، ومدرعة الشرطة التي دهست الشهيد قاسم أسامة، وأجهزة الأمن التي عذبت الشهيد مدثر كمال حتى الموت.

لكن واقع الحال يقول أن يد الفلول ومليشياتهم باسم الشرطة وأجهزة القمع الانقلابية كانت مطلوقة ، وواصلت بعد مجزرة فض الاعتصام المجازر عقب انقلاب 25 أكتوبر الدموي ، وواجهت المواكب السلمية بالقمع المفرط الذي وجد استنكارا واسعا داخليا وخارجيا، ومطالبة بتقديم المجرمين للمحكمة الجنائية الدولية ، وأدي الي مقتل (120) شهيدا ، واصابة الآلاف ، واعتقال وتعذيب المئات، مع حالات الاغتصاب الموثقة، ولن تفلت الأفعي هذه المرة ولو تحصنت باساطيل الجحيم، فمن أمن الحساب أساء الأدب، مما دفع خبراء دوليون للمطالبة بمساءلة فعّالة عن حملة القمع الوحشية التي استمرت لمدة عام ضد المظاهرات، علما بأن الآلية الثلاثية والاتحاد الأوربي وأمريكا وحلفاؤها اكتفوا بالشجب والإدانة ، ومع ذلك يدعون للشراكة مع القتلة والمجرمين ، وايجاد مخرج لهم من العقاب، دفاعا عن مصالحهم في نهب ثروات البلاد، وتنكرا للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان.

2

كما من ضمن أهداف التسوية الجارية ايجاد مخرج للجنة الأمنية للنظام البائد بقيادة البرهان وحميدتي من المساءلة علي جرائم الإبادة الجماعية وضد الانسانية في دارفور، وجريمة مجزرة فض الاعتصام، وجريمة قطع الانترنت، وجرائم الاغتصاب ، وجرائم ما بعد انقلاب 25 أكتوبر بالقمع الوحشي المميت للمواكب السلمية، وكلها جرائم تقع تحت طائلة القانون الدولي ، ولن تسقط بالتقادم ، ومع ذلك يواصل قادة الانقلاب المزيد من الجرائم ضد الانسانية الإبادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وغيرها، ويهدد بيان الشرطة بالمزيد من القمع الوحشي والجرائم ضد الانسانية للمواكب السلمية.

هذا فضلا أن جرائم انقلاب 11 أبريل 2019 ، وانقلاب 25 أكتوبر 2021 امتداد لجرائم الانقاذ منذ انقلاب 30 يونيو 1989 ، الذي صادر الحقوق والحريات الأساسية، وشرد الألاف من أعمالهم كما يقول المثل" قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، واعتقل وعذ ب الآلاف ، مما أدي لوفاة بعضهم تحت تأثير التعذيب الوحشي كما في حالة الشهيد د. علي فضل، ونهب ممتلكات القطاع العام مع الفساد وتهريب ثروات البلاد التي تقدر بمليارات الدولارات للخارج، ، واشعل الحرب الدينية والاثنية حتى تم فصل جنوب السودان، اضافة لمجازر الإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية في جبال النوبا وجنوب النيل الأزرق ، وفي دارفور التي جعلت المخلوع البشير ومن معه مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية، اضافة للجرائم ضد الانسانية كما حدث في بورتسودان، وكجبار ، ومعسكر العيلفون ، ومجزرة هبة سبتمبر 2013 التي راح ضحيتها حوالي 200 شخص ، ومجازر ثورة ديسمبر. الخ، وكلها مجازر لن تسقط بالتقادم، ومطروحة ضمن أجندة التغيير القادم.

3

جاء بيان الشرطة عشية موكب 25 أكتوبر بهدف ارهاب الثوار ، ولكنه أتي بنتيجة عكسية، فقد كان موكبا جماهيريا حاشدا أعاد زخم ثورة ديسمبر ، وشكل نقطة تحول مهمة للاسراع باسقاط الانقلاب، رغم اغلاق الكبارى وقطع الانترنت، والقمع المفرط باستخدام الرصاص الحي والمطاطي، والبمبان والقنابل الصوتية والسكاكين والسواطير، ونهب ممتلكات المتظاهرين ، والدهس بالمدرعات مما أدي لمقتل الشهيد قاسم أسامة من أم درمان، واصابة 185 شخصا حسب احصائية لجنة الأطباء المركزية التي تم رصدها، اضافة لحملة الاعتقالات ونهب ممتلكات الثوار.

هذا اضافة للمجازر والإبادة الجماعية في جنوب النيل الأزرق وكردفان ودارفور ومسؤولية السلطة الانقلابية في نلك المجازر، وأن قوات الأمن التى ارتكبت تلك المجازر ، لن تفلت من العقاب، بعد سقوط الانقلاب.

4

أكاذيب بيان الشرطة ليست جديدة ، فكل الأنظمة الديكتاتورية عندما تصل لنقطة انهيارها "تفبرك" التهم ضد المتظاهرين السلميين لتبرير القمع الوحشي بأنهم يحملون السلاح ، خشية من الرأ ي العام المحلي والعالمي والمنظمات الحقوفية التي ترصد الانتهاكات بدقة، وفي فترة الانقاذ كانوا "يفبركون" فيديوهات لمتظاهرين يحملون أسلحة ، فضلا عن أن بيان الشرطة جاء عشية موكب 25 أكتوبر لتبرير القمع الوحشي للثوار، وقطع الانترنت لتغطية الانتهاكات الفظيعة لحقوق الانسان والمتظاهرين السلميين التي رصدناها سابق.

كما يعكس البيان انهيار الانقلاب، ودخوله في العد التنازلي، وفشل القمع الوحشي المتواصل لمدة عام كامل في وقف المواكب والتجمعات السلمية في الداخل الخارج، حتى اصبح الانقلاب في ركن قصي من العزلة، رغم إعادة التمكين وأموال الشعب المنهوبة للفاسدين، الذين سوف يسقطهم الشعب، ويفكك التمكين ويستعيد أمواله المنهوبة، بعد اسقاطهم الذي يرونه بعيدا ونراه قريبا.

5

لقد أثاربيان الشرطة سخطا و استنكارا واسعا محليا وعالميا ، وحفز لجان المقاومة للمزيد من المليونيات السلمية حتى اسقاط الانقلاب الذي أصبح في العد التنازلي ، وجاء رد لجان المقاومة في العاصمة بالتصعيد الثوري ، فقد خرج موكب 27 أكتوبر الذي بادرت به لجان بحري متوجها الي القصر، وانضمت اليه بقية اللجان، وعبر الآلاف من ثوار أمدرمان كبري شمبات، للالتحام مع لجان المقاومة في بحري بالمؤسسة، مع هتافات " العسكر للثكنات"، واسقاط الانقلاب والحكم المدني، ورفع صور الشهداء رغم إغلاق كبري المك نمر لمنع المتظاهرين من الوصول للقصر، والقمع الوحشي بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، مما أدي لاصابات جارى حصرها، وفي وجهة مواصلة التصعيد الثوري تحضيرا لمليونية 30 أكتوبر تحت شعار " 30 أكتوبر البرهان في كوبر". اضافة للوقفة الاحتجاجية الخميس 27 أكتوبر أمام مفوضية الأمم المتحدة بالخرطوم لادانة تصاعد العنف بولاية النيل الأزرق.

فضلا عن فشل القمع في وقف المواكب السلمية والمقاومة التي استمرت لمدة عام ، وفشل فيها الانقلاب حتى في تشكيل حكومة، ويبحث قادته عن تسوية تنجبهم من الحساب والعقاب.

6

لقد توفرت كل الظروف الموضوعية لاسقاط الانقلاب، فاصبحت الحياة لا تطاق، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية مع استمرار ارتفاع الدولار وانخفاض الجنية السوداني ، والارتفاع المستمر في الأسعار والضرائب والجبايات، مع ثبات الأجور، والاضرابات الواسعة من أجل زيادة الأجور، وتحسين الهيكل الراتبي، وضد الضرائب الباهظة، وارتفاع مدخلات الإنتاج ، كما في اضرابات واحتجاجات العاملين والتجار والمزارعين والحرفيين واصحاب العمل ، مما أدي لتراجع الإنتاج الزراعي والصناعي، والتهديد بفشل الموسم الزراعي ، مع شبح المجاعة الذي يخيم علي البلاد ، ويهدد أكثر من 12 مليون شخص.

مما يتطلب توفير القيادة الموحدة لقوى الثورة الهادفة لاسقاط الانقلاب ، ومواصلة الثورة حتى الانتفاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب ، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ، و تحقيق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية، وتجنب تجارب انتكاسات الفترات الانتقالية السابقة.

alsirbabo@yahoo.co.uk
/////////////////////////

 

آراء