تظاهرات معارضة للانقلاب… وإضراب مرتقب ضد “سياسات الإفقار”

 


 

 

الخرطوم: القدس العربي:

شارك آلاف المحتجين السودانيين في تظاهرات تحت شعار “الطريق إلى إضراب 24 أغسطس/ آب”، أمس الخميس، في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، للمطالبة بإسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين، في وقت توالت فيه ردود الأفعال المنددة باعتداء مجموعات موالية لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، على ورشة الإطار الدستوري التي نظمتها نقابة المحامين، وسط حضور واسع للقوى السياسية والمدنية المناهضة للانقلاب وبعثات دبلوماسية.

وجاءت التظاهرات استجابة لدعوات تنسيقيات لجان المقاومة في مدن العاصمة السودانية الثلاث الخرطوم – الخرطوم بحري – أمدرمان، والتي توجهت نحو شارع المطار شرق الخرطوم.

تنديد باعتداء أنصار البشير على ورشة الإطار الدستوري

وكانت اللجان قد دعت المهنيين في كافة أنحاء البلاد، للإضراب عن العمل في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، احتجاجا على تدهور الأوضاع الإقتصادية في البلاد، وما وصفتها بـ”سياسات الإفقار” التي تتبعها السلطة العسكرية في البلاد.

قمع وإغلاق جسور

واستبقت الأجهزة الأمنية تظاهرات الأمس، بإغلاق جسري النيل الأزرق والمك نمر، بينما انتشرت قوات نظامية متعددة في شارع المطار وعدد من الشوارع الرئيسية الأخرى.

وعلى الرغم من هطول أمطار غزيرة في معظم أنحاء الخرطوم، توافد المحتجون إلى نقاط التجمع المحددة بحي جبرة، ومحطة 7 جنوب الخرطوم، والبلابل شرق الخرطوم، في الموعد المحدد لانطلاق التظاهرات.

وأطلقت قوات الأمن عبوات الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بكثافة على المحتجين، فضلا عن ملاحقتهم بالسيارات المدرعة، وسط إصابات عديدة نقلها المسعفون على الدراجات النارية إلى العيادات الميدانية والمستشفيات في محيط التظاهرات.

وما بين كر وفر مع مدرعات قوات الأمن، استطاعت المواكب القادمة من جهات متعددة التجمع في شارع المطار، حيث ردد المحتجون هتافات رافضة للتفاوض والشراكة مع العسكريين وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين وعودة العسكر للثكنات ومحاكمة قادة الانقلاب.

الحراك الشعبي يتصاعد

وقالت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم، في بيان مشترك، إن “الحراك الشعبي يتصاعد على الصعيدين السياسي والتنظيمي”، مشيرة إلى “خطوات واسعة قطعتها اللجان في عملية دمج مواثيقها السياسية في ميثاق موحد، فضلا عن تصاعد العمل الميداني ودعوات الإضراب العام في الرابع والعشرين من الشهر الجاري”.

وحذرت من تحركات قالت إن “مجموعة الانقلاب والموالين لها تحاول من خلالها الالتفاف على مطالب الشارع باسقاط الانقلاب وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية”، مضيفة أن “قوى الثورة المضادة تحاول إجهاض الثورة، مرة عبر القمع والإرهاب، وأخرى عبر تشتيت الثوار ومحاولة قطع الطريق أمام وحدتهم وإكمال مواثيقهم السياسية”.

وتابعت أن “من يعتقد أنه قادر على الوقوف أمام تطلعات الشعب وثورته وأهم وساقط لا محالة”، مشددة على أن “الشعب السوداني عازم على اقتلاع الانقلاب”، ومؤكدة أن “تحقيق حلم السودانيين بالحرية والسلام والعدالة، ليس ببعيد”.

وأكملت: “سيقتلع هذا الشعب كل من فكر يوماً في قتل وسرقة وسحل واغتصاب وتعذيب السودانيين”، مؤكدة على “ضرورة وحدة القوى المناهضة للانقلاب”.

إلى ذلك، تواصلت بيانات التنديد بالهجوم على الجلسة الختامية لورشة الإطار الدستوري، الأربعاء، في دار المحامين في الخرطوم، حيث هاجمت مجموعات محسوبة على نظام الرئيس المخلوع عمر البشير الورشة، بالعصي والهراوات مطالبة بطرد رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان فولكر بيرتس وإيقاف الورشة.

وأدانت مجموعة دول الترويكا، في بيان أمس، الهجوم على الورشة ، منددة بالمحاولات العنيفة لتعطيلها.

وأضافت أن “هذه الورشة مبادرة شاملة يقودها السودانيون، وتجمع بين مجموعة واسعة من الأطراف من أجل تحفيز التقدم نحو إطار متفق عليه لحل الأزمة السياسية”، مؤكدة أن “الذين سعوا إلى تعطيل الحدث وتخويف القائمين عليه ليسوا مهتمين بالحوار وبناء توافق الآراء، وهدفهم هو منع التقدم نحو مستقبل ديمقراطي للسودان، وأنه يجب ألا يُسمح لهم بالنجاح”.

بينما وصف بيرتس الهجوم بـ”غير المقبول”، مشددا على أن “من يستخدم العنف لمنع اجتماع سلمي لا يسعى إلى الوصول إلى إجماع وطني”.

“ضعف وإفلاس”

كما قال القيادي في “الحرية والتغيير”، وزير شؤون مجلس الوزراء السابق خالد عمر، في بيان إن هجوم من وصفهم بـ”الفلول” على الورشة “دليل ضعف وإفلاس وقلة حيلة”، مؤكدا أن كل أشكال “البلطجة” لن تثني قوى الثورة عن المضي قدماً لمحاصرة السلطة الانقلابية والموالين لها.

وأضاف: “سنمضي إلى الأمام عبر العمل السياسي والميداني والإعلامي وكافة أشكال المقاومة السلمية، فهذه البلاد لن تحكم بالظلاميين وسيبلغ شعبنا غاياته في الحرية والسلام والعدالة طال الزمن أم قصر”.

وعلى الرغم من الهجوم على الورشة، تواصلت أعمال جلستها الختامية، وصولا إلى عدد من التوصيات حول الإطار الدستوري الانتقالي، والتي نصت على خروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي ومن المشاركة في السلطة والحكم الانتقالي، والعمل على إقامة سلطة وحكومة مدنية ديمقراطية كاملة.

وأكدت على ضرورة العمل على إعلان دستوري جديد يستمد مرجعيته من الدساتير الديمقراطية السودانية وما أفرزته تجربة الانتقال المنقلب عليها، مشيرة إلى ضرورة احترام وإدارة التنوع، وأن تقوم الحقوق والواجبات على أساس المواطنة المتساوية بلا تمييز.

ودعت إلى نظام حكم برلماني، في ظل دولة ديمقراطية، فدرالية لا مركزية، تكون السيادة فيها للشعب وتمارس مهامها من خلال مؤسسات الحكم الانتقالي، مؤكدة على التمييز الإيجابي للنساء في كافة مؤسسات السلطة الانتقالية والاهتمام بقضايا ذوي الإعاقة في الدستور الانتقالي.

وطالبت كذلك بمراجعة القوانين بما يتماشى مع الدستور الانتقالي والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها السودان، والالتزام بالفصل بين السلطات وسيادة حكم القانون.

أما مهام الفترة الانتقالية فتتمثل، حسب التوصيات، في تحقيق السلام العادل والشامل والعدالة الانتقالية، بالإضافة إلى إصلاح الأجهزة العدلية، وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة.

وتضم كذلك الإصلاح الأمني والعسكري وإيقاف التدهور الاقتصادي، فضلا عن تحسين الحياة المعيشية وتفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران 1989م واسترداد الأموال العامة، ومراجعة قرارات سلطات الانقلاب بشأن لجنة التفكيك وقراراتها.

ومن المهام أيضا، وقف التوصيات، محاربة الفساد وتعزيز الشفافية، وصناعة الدستور الدائم وإقامة مؤتمر قومي دستوري، مع وضع الترتيبات اللازمة لإقامة انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية، وتشكيل المفوضيات المستقلة.

وبخصوص مدة الفترة الانتقالية، تباينت الآراء، حيث رأى البعض أن تكون عاما واحدا فقط، فيما رأى آخرون أن تمتد لأربع سنوات، حيث كانت غالب الآراء ترى أن تكون قصيرة، لا تزيد عن العامين.

وأوصت الورشة بأن تكون مستويات الحكم خلال الفترة الانتقالية (اتحادية، إقليمية أو ولائية، محلية) ذات إختصاصات وسلطات حصرية ومشتركة وفق القانون، على أن يتم تكوين أجهزة الحكم الانتقالي من (مجلس تشريعي، مجلس سيادة، مجلس وزراء)، بالإضافة إلى إنشاء مفوضيات مستقلة وفق مهام الانتقال.

وأكدت على ضرورة أن تكون آلية الاختيار لكافة مؤسسات السلطة الانتقالية والمفوضيات والأجهزة العدلية بالتوافق والعمل على أن يكون التمثيل واسع ويعبر عن الإرادة الشعبية.

ودعت إلى الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات والتعاون والرقابة المتبادلة، وأن يتم تشكل كافة مؤسسات السلطة الانتقالية في إطار عملية التحول الديمقراطي الانتقالي.

استكمال عملية السلام

ونصت التوصيات على أن السلام من القضايا الجوهرية للانتقال، وأنه لايمكن تحقيقه إلا بالحوار العميق والشامل، معتبرة اتفاق السلام الموقع في 3 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، جزءا من الإعلان الدستوري الانتقالي، على أن تتم مراجعته بموافقة الأطراف الموقعة عليه، واستكمال عملية السلام مع الحركات المسلحة التي لم توقع، فضلا عن توطيد دعائم السلام الاجتماعي والتعايش السلمي وتشكيل مفوضية السلام كآلية لصناعة وبناء السلام.

ودعت أيضا إلى عقد مؤتمر قومي للسلام لوضع أسس السلام المستدام ومعالجة جذور الحرب، مؤكدة على ضرورة جمع السلاح وقيام الترتيبات الأمنية بما يضمن إكمال عمليات الدمج والتسريح للمجموعات المسلحة في الجيش.

وأكدت على ضرورة إجراء حوار حقيقي وشامل بين مختلف الأحزاب والمجموعات السودانية، بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي يؤسس لحكومة انتقالية ذات مصداقية بقيادة مدنية تحظى بدعم واسع النطاق، بالإضافة الى وضع خريطة طريق واضحة للانتخابات.
///////////////////////

 

آراء