تعقيباً على مقال فولكر..!!

 


 

 

الحمد لله الذي هدى السيد فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، لأن يتخذ من كتابة المقال طريقاً للولوج إلى النفس السودانية النهمة والعاشقة للقراءة، وهو في هذا المَوقِف مُوفَق، فقد سلك الطريق الصحيح للتعاطي مع الناشطين والثوار والمهتمين بالشأن السوداني، فقوله أن الأوضاع في السودان ستتدهور أكثر، وأن الحل السياسي يكمن في استعادة الحكومة التي يقودها المدنيون، إنّ هذا القول ليس بذلك الحدث الجديد الذي يستحق الذكر والإعادة والتدوير، فراعي الإبل بصحراء بيوضة يعلم هذا الاستحقاق الثوري المُلِح، أما ترحابه بالوعد الذي قطعه قائد الانقلاب ونائبه بخصوص انسحاب الجيش من السياسة، وضرورة بناء جيش قوي وموحّد ومهني، فإنّ فولكر يعلم قبل غيره كمبعوث أممي رفيع المستوى، ويدرك، مهمة إخراج الحالة السودانية من حضيض الانقلاب العسكري إلى آفاق الحكم المدني، وأنه مطلوب منه الفعل وليس التصريحات والشجب والإدانة، فلو كان لا يعلم المستر بيرتس أن الآلية الثلاثية قد صارت رباعية هذه مصيبة، ولو علم مسبقاً بعودة الضلع الرابع للآلية بعد الزيارة السرية لنائب قائد الانقلاب للدولة الرابعة، فالمصيبة أكبر، مما يدلل على أن الآلية تعاني انعدام الرؤية والتنسيق، وعدم رغبة منبرها في إتاحة المجال للاعب رابع وخامس وسادس لخوض سباق التوسط لحل المشكل السوداني.
عن الإحاطة المقدمة من السيد فولكر للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر المنصرم، وتفاخره وتباهيه بأنه عكس صورة الشابات والشبّان السودانيين الذين ناضلوا وما زالوا يناضلون من أجل مستقبل أفضل، وأنه التقى بعضهم بمركز الدراسات السودانية بمناسبة احتفالية اليوم العالمي للشباب، نسأل مبعوث العناية الأممية، لماذا لم يطرح القضية الجوهريّة لهؤلاء الشباب وهي جريمة فض اعتصامهم بميدان القيادة العامة؟، كان الأولى أن يهتم كموفد رسمي رفيع المستوى للمنظمة العالمية بهذه القضية المحوريّة، لا أن يكتفي بسرد رواية ثورة الشباب المقذوفة جثثهم بأرصفة الطرقات، فترجمة آمال وتطلعات هذا الجيل الثائر في الحرية والسلام والعدالة، لا يكون بالحديث المرسل الذي ملّوا تكراره بأفواه الساسة، ورسل الانتهازية الجديدة المتكالبة على سلطة الشعب، فجهود السيد فولكر خلال اجتماعات الجمعية الأممية لن تكلل بالنجاح، إن لم تنطوي على فعل أممي حاسم لفوضى الإنقلابيين، فمجرد قيام هذا الموظف الأممي الكبير فقط بتذكير مؤسسته العالمية الكبرى، بضرورة الإسراع لإيجاد منظومة حكم مدني تخرج البلاد من وهدة الجبروت العسكري، لا يجدي الثورة السودانية، فيا سيدي العزيز لقد لاك الناشطون قصة الشعب المكلوم وأزمته المستحكمة منذ خروج بني عمومتك من البلاد، ولا داعي لإعادة سرد الحكاية.
أما حديث السيد بيرتس عن المساءلة والعدالة الانتقالية التي وصفها بأنها مفتاح مستقبل الاستقرار بالبلاد، عليه أن يستحي من شاكلة هذا الحديث المستفز لضحايا الحروب من نازحين ولاجئين وكادحين، كيف تتحقق العدالة الانتقالية وانتم تدافعون عن وجود واستمرارية أعداء العدالة – جماعة اتفاقية جوبا السريّة؟، الناصّة على عدم تسليم المجرمين، إنّ تضميد جراح الماضي لن يتم إلّا بدخول الناس في السلم كافة، وليس باتباع الانتقائية في مشروع السلام الذي أدخل شريحة إثنية وقبلية واحدة، وترك فصائل ومجموعات قبلية أخرى تتصارع من أجل الحصول على وطن يسع الجميع، ولكي لا ينبغي أن تكون هنالك انقلابات عسكرية في السودان، ولتحقيق الديمقراطية والمشاركة، عليك يا عزيزي فولكر أن لا تعوّل كثيراً على وعود قائدي الانقلاب، وأن لا يتم دمج قوات الحركات المسلحة الحاضرة الآن حول كعكة الانتقال في الجيش الموحّد، إلّا بعد أن يدخل في هذه التسوية التاريخية كل من بيده قطعة سلاح يهتف ويقول أين حقوقي المضاعة والمهدرة؟، فالجيش المهني القوي والموحّد الذي تنادي به يجب أن لا يقام على أكتاف مليشيات قبلية وجهوية همّها الأول الارتزاق والتكسب ببيع نفسها لمن يدفع أكثر، وها أنت قد قلتها في ختام مقالك المتناقض:(لن يكون البلد الذي يضم خمسة أو ستة أو سبعة جيوش مختلفة أو أكثر مستقراً أبدا).

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com

//////////////////////
//////////////////////
/////////////////////////

 

آراء