تغييرات الجيوبوليتيكا-من القانون إلى العدالة (١-٥)

 


 

 

قال رئيس جنوب أفريقيا الدولة المدعية في اتهام دولة الكيان الصهيوني بممارسة الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة يوم ٢٦ يناير ٢٠٢٤ ان صدور قرار محكمة العدل الدولية انتصار للعدالة. هذه المقالات سوف تتناول هذا الانتصار باعتباره نقلة مفصلية في تغيرات الجيوبوليتيكا الدولية في مرحلتها حالياً ومواصلة لست لمقالات بعنوان جيوبوليتيكا القرن الحادي والعشرين في موقعي في سودانايل. كان النطق باتخاذ عدد من التدابير الخاصة بعدم ارتكاب جرائم التطهير العرقي من قبل محكمة العدل الدولية، تحولاً تاريخياً في العلاقات الدولية وموازين القوى وسوف نحاول متابعة اثرها في تغييرات الجيوبوليتيكا وقضايا الحرب السودانية.

ورغم الجدل القانوني حول عدم النص على قرار صريح بايقاف اطلاق النار، وهو من ضرب توقع حدوث التغيير الشامل الفوري من القانون للعدالة الدولية، لان وقوف دولة الكيان متهمة بالتطهير العرقي والعقاب الجماعي والعنصرية، برغم ما حدث من تدافع كل الدول الكولونيالية العالمية، لهو حدث غير مسبوق وعسير وكان بعيداً عن اي خيال جامح. لم يكن هذا ليحدث لولا صمود مقاتلين شباب وأهل غزة وتضحيتهم الأسطورية والتي احدثت التغييرات الكبيرة في التوجهات الإنسانية في ارجاء العالم وتيقظ الشعوب، بفضل التغييرات في سبل الاتصالات العالمية، والتي بفضلها كانت حرب غزة منقولة صوتاً وصورة.

محكمة العدل الدولية كغيرها من منظمات النظام الدولي المحتضر، تتعرض لضغوط هائلة من الكولونيالية الدولية للانحياز للكيان. كان هذا الموقف طوال مابعد الحرب العالمية الثانية والتي جعلت دولة الكيان تتجاهل ببرود واحتقار وغطرسة، لأكثر من مائة قرار دولي، غير التي رفضت بفعل الفيتو الأمريكي الجاهز في اي قرار يمس الكيان. ان مجرد وقوف دولة الكيان متهمة لتحاكم باتفاقية كانت هي سبباً في اقرارها،ضد المانيا النازية، يساويها بالنازية. ورغم الدعم الكبير والضغوط من الدول الكولونيالية، صوتت المنظمة باجماع الأعضاء الأساسيين على كل التدابير. ان ارتباط ذلك بجنوب افريقيا، دولة الفصل العنصري القبل الأخيرة في العالم، ذو دلالات سوف نرصد مسبباتها في مقالاتنا اللاحقة.

استعمل سلاح المعاداة للسامية، والتي تعني مساواة الدين اليهودي مع الأيديولوجية الصهيونية، وتعتبر اليهودية جنساً لا ديناً من يهود دول الغرب ودول الشرق وحتى الفلاشا، والتي يرفضها اعداد كبيرة من اليهود من أجناس مختلفة اثنياً. هذا السلاح استعملته الصهيونية بتوسع لارهاب المثقفين والفنانين والسياسيين وحتى الامين العام للأمم المتحدة الذين حاولوا توضيح الحقيقة عن الصراع الفلسطيني الصهيوني. وكان ضمن أسلحة لجنة الشئون العامة الأمريكية الاسرائيلية (ايباك) العاملة كلوبي في الأوساط السياسية والثقافية ومؤثرة في رسم السياسات لصالح الكيان، ويستعمل الان في قطع الدعم عن منظمة الأونروا لزيادة حصار قطاع غزة.

رفضت المحكمة الاستجابة لادعاء الكيان الصهيوني بالدفاع عن النفس، باعتبار الكيان محتلاً للأراضي الفلسطينية، ويعترف القانون الدولي والأمم المتحدة "بشرعية كفاح الشعوب الرازحة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية…وبشرعية الكفاح بما فيها المقاومة والكفاح المسلح….. وكنس الاستعمار بشكليه التقليدي والاستيطاني".

سوف اتناول في المقال الثاني كيف سيؤثر هذا على الحرب السودانية باعتبار الجنجويد قوات استيطانية اجنبية بالتعاون مع قوى داخلية.

Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842

 

 

آراء