تفجيرات “عفاف تاور” ومستقبل ما بعد الحرب

سيف الدولة حمدناالله
ليس هناك شعب على الأرض يمكنه أن يحتفظ بالخصائص التي يُوصف بها كما هي دون تغيير، فقد خلق الله الإنسان من طينة وبخصائص واحدة، وهناك عوامل إقتصادية وسياسية وإجتماعية هي التي تكون وراء إكتساب الشعوب والمجتمعات الخصائص الفاضلة أو الذميمة التي أصبحت فيما بعد تُعرف بها
وفي هذه النظرية تفسير للسبب الذي جعل أمريكا الجنوبية دون غيرها موطناً لعصابات الكارتيل المنظمة، بمثلما هناك أسباب جعلت أهل الصعيد معروفين بأخذ الثأر دون بقية أنحاء مصر، وجعلت مناطق سودانية معينة تُعرف بإرتكاب جرائم السلف وسرقة المواشي دون باقي البلاد … إلخ
لذلك لم يكن كافياً التعويل على حقيقة أن الإنسان السوداني طيّب وكريم وصاحب نخوة وليس به جنوح نحو العنف الدموي الذي كنا نراه يحدث في بلاد الغير، وأذكر أنني كتبت تعليقاً على تصريح للقيادية بالمؤتمر الوطني عفاف تاور نُشر بجريدة الصيحة في 28/03/2016 قالت فيه: أنها لو كانت رجلاً لنفذّت عملية تفجير إنتحاري يأخذ روحها للدار الآخرة بمعية مالك عقار وياسر عرمان وعبدالعزيز الحلو، وفي تفسيرها لرغبتها في القيام بتلك المهمة قالت تاور: لأنه بالخلاص من هذا الثلاثي سوف تتوقف الحرب في دارفور ويعُم السلام ربوع البلاد لأنهم يشكّلون رأس الأفعى
بالطبع نحن نحمد الله أن جعل عفاف تاور إمرأة لا رجل، ذلك أن مثل أفعال التفجير الإنتحاري والإغتيالات التي عقدت النية لفعلها كانت تنتظر من يفتح لها الباب، ففي دول مثل العراق وسوريا وليبيا التي إنتشرت فيها أعمال التفجيرات والإغتيالات بين الشباب في فترة من الفترات، كان قبلها نفس أولئك الشباب مُسالمين وفي حالهم وليس لهم في قضايا السياسة، ويقضون أوقاتهم عند مُزيّن الشعر وفي الاستمتاع برقص الدبكة والجلوس بمقاهي الإنترنت، وكان الواحد فيهم يفكّر مائة مرة قبل مخالفته إشارة مرور، ثم تبدل بهم الحال بفعل الحروب
لقد أضحت خصائص الشعب السوداني التي كانت تميّزه عن الآخرين بما حدث نتيجة الحرب في تهديد حقيقي، أنظر كيف كنّا قبل ثلاث سنوات حين كان يخرج الشباب يعترضون طريق الحافلات السفرية لإجبار ركابها دون تمييز بين أصولهم وسحنهم على تناول الطعام، ثم أضحى من بينهم – بسبب غبائن ومآسي الحرب – من يقوم ببقر بطن إبن بلده ويحتفي بعرض أحشائها على الهواء، ومن يلعب الكرة بجماجم القتلى ويفتح النار على النساء والأطفال والأسرى بلا رحمة
حتماً سوف تنتهي الحرب، ولكن المعركة القادمة سوف تكون حول كيف نسترد الخصائص النبيلة التي عُرفنا بها بين الشعوب، وكيف نستطيع محاصرة جرثومة العنف والقسوة التي سوف يكون لها تأثير بالغ على أجيالنا القادمة من الأطفال والصبيان والصبايا الذين ظلوا يطالعون مشاهد القتل والذبح والصلب على الأشجار بالمقاطع المصورة على هواتفهم
الحرب لن تنتهي بإلقاء السلاح وإعادة إعمار الشوارع والمباني، فالمشوار سوف يكون طويلاً لإصلاح ما لحق بخصائص الرحمة والإلفة والمودة والنخوة التي كانت مفتاحاً وعنواناً للوطن عند الشعوب الأخرى

عن سيف الدولة حمدناالله

سيف الدولة حمدناالله

شاهد أيضاً

ظهور بوادر علاقات كامل إدريس الدولية !!

في حفل تدشين أعمال اللجنة الوطنية لفك حصار الفاشر وجدها كامل إدريس فرصة لإبراز الصفة …