تفجير القمر : التماسة عزاء لأهل الحقيبة

 


 

 

 

د. عبد الرحيم عبد الحليم محمد

abdelrmohd@hotmail.com

 

لأن خيال الشعر يرتاد الثريا  فقد شطحت بي الأفكار وراء حجب التاريخ محييا عمنا الشاعر الفحل أبي العلاء المعري الذي سبق المركب الأمريكي الفضائي باتثفايندر وهو يتجه نحو الكوكب الأحمر ضمن حيل قديمة متجددة ظلت البشرية تمارسها لكشف أسرار هذا الوجود . والحقيقة أن المعري في معاناته في تخوم ظلمات وظلام العمي لم يمنعه ذلك القلب الشاعر المترع باللوعة والصبابة من أن يسجل سبقا فنيا قبل مجيء باثفايندر ورحلته المريخية تلك .ربما كان المستكشف الأمريكي باحثا عن ماء أو معدن أو مخلوق ما ، الا أن المعري كان موقنا من وجود  طيف الحبيبة هناك فيا له من خيال:

لو حط رحلي فوق النجم رافعه

وجدت ثم خيالا منك منتظري

والحقيقة والعالم تجتاحه الآن أخبارالتفجير على سطح   القمر ، كان من المأمول أن يكون حاضرا ذلك الجيل العاشق من مغنيي الحقيبة وشعرائها مواساة لقمر يا طالما تغنوا وهاموا به وشبهوا به خدود الحبيبة .ربما يحزن أهل الحقيبة حينما يعلمون أن السعي الأمريكي هدفه الكشف عن مصادر مياه على سطح القمر مما قد يمكن معه اقامة محطة على سطحة مأهولة بالناس فالماء هو أصل الحياة .هل سيكون غناؤهم عندئذ للقمر نفسه أم لحبيبة بعيدة المنال "سارحة تيها ودلالا هناك ..هناك خلف المجرات والسدوم؟؟ أنني أستطيع ان أتبين أن العديد من أغاني الحقيبة عندئذ ستظل بمقياس العصر القادم أغاني حديثة فتنتهي يذلك  أى جهود مجرمة تستهدف وضع أغاني الحقيبة في ذمة التاريخ ولسوف تزدهر الأسطوانات القديمة لأولاد شمبات مغنين للقمر في عصره العلمي الجديد :

وجه القمر سافر

رفقا بمجنونك

يا ليلى بني عامر

يا بدر مالك

جاوب ليه أخوك نافر

ان البعد الهائل الذي يجعل من الغلاف الجوي كله حاجزا بين المحبوبة في خبائها القمري الرفيع وبين العاشقين على كوكب الأرض سيجعل أحبابنا أولاد شمبات ينهضون من الأجداث سراعا متغنين الى الحبيبة البعيدة وباحثين عن عقد جديد من عقود الغرام بينهم وبينها :

الضاوي جبينا

وهاد وتلال بقوا

بيني وبينا ..النادية

 ربما تكون لعمنا الفنان الراحل  أحمد يوسف ظروفا لا تمكنه من مجاراة تلك الصحوة واللحاق بالرحجلة القمرية  فالمحب حليف ضعف وسقم فلعله يأتي مرددا:

هجد الأنام

وأنا وحدي مساهر

النحول على جسمي

يا حبايب ظاهر

وربما كان أعمامنا الأعزاء ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة أكثر حماسا وانفعالا وتفاعلا مع أى عرض قادم تقوم به احدى وكالات السياحة الفضائية هنالك الى مخابيء الحبيبة :

لي نية في قمر السما

مقاصدي آه ما أجسما

أبني الفكر وأهدما

والعين تسيل دمع الدما

ومع اقتراب سفينة الغناء الحقائبي من سطح الكوكب الرفيع ، تبالغ الحبيبة في وضع أحلى ما عندها من أساور ومكياج وترتدي عاجا سماوي الملامح اذ تمعن محاولة الاختفاء من الوفد القادم من هناك يغني مع ميرغني المأمون :

حاول يخفي نفسو

وهل يخفى القمر في سماهو

أبدا وطبعا لا  لا

شفناهو شفناهو

ربما أضاف الى مشهد التزاحم نحو هودج الحبيبة القمري عاشق قادم من العصر العباسي أو ألأموي طالبا القربى من الحبيبة ممتدحا لها :

غصن من البان مهتز على قمر

يهتز مثل اهتزاز الغصن في البان

هذا بينما يدوزن الفاضل أحمد صوته القادم من أم در ليصبح أكثر استجابة لمتطلبات الغناء على سطح القمر :

البديع الهواك سباني

يا أخا البدر يا مدلل

أنني أرى شعراء الحقيبة يحملون حقائبهم استعدادا للسفر الى القمر هناك ضمن بعثة فنية عالمية تشارك الكواكب احتفالا باكتشاف نهر ذهبي اللون يجري موازيا للنيل قبالة أم درمان ، وهنا يقترح أبو صلاح من مرقده على الضفة الأخرى أن تكون أغنية الافتتاح :

الكواكب احتفلوا بالقمر

أم دي روضة درية الثمر

وربما احتج شاعر حليف الصون أن يكون الافتتاح :

يا جميل النور ... ماسو من عيناك

منظر الأنوار ..طالعة من مغناك

والشباب يترنم بي معاني غناك

والجمال الفيك عن مديح أغناك

وربما كان رأى الشاعر محمد علي عبد الله أكثر حماسا وقبولا ودفاعه القائل بأن الاكتشاف الأمريكي جعل القمر ملكا للأمريكان وسجنا لملايين الحرائر اللائي تخيرن هجران الأحبة وأقمن هناك غير عابئات بأغاني اللوعة والحنين:

جاروا أهلك وجورم أمر

في ديارن حجبوا القمر

انني أرى المعركة القمرية الآن تحتدم ويتسع مداها بدخول شعراء حقائبيين جدد يعلنون ولاءهم لتراث الحقيبة واستعدادهم لنظم أغنيات قمرية جديدة تدخلهم في زمرة المقبولين في الحج السياحي إلى كوكب القمر:

الشويدن ساكن القمر

ليتو لى في يومن حضر

يا حبيبي فراقك أمر

جمر حبك فينا استعر

يا حبيبي جمالك سحر

وربما رأينا فناني الطنبور بقيادة فنان جديد اسمه عباس كورتي يهدي الى معجبيه أغنية قمرية :

الزول السكونو قمر

الزول لى فؤادي نحر

قدر ما قلت اتصبر

لقيت والله ما بقدر

يختتم النعام آدم الجدل ويعلن على الملأ أن القمر ملك عام لكل البشرية مقدما عزاء نادي الطنبور لأهل الحقيبة مناديا باستمرار القمر في أداء دوره التقليدي في اسعاد الناس والهام الشعراء واضاءة العالم دون فرز أو انتقائية :

ضهب شيبون

القمر المضوي الكون

واناري أنا من ضهيب شيبون.

 

 

 

آراء