تقنين إسترخاص الإنسان ..! بقلم: هيثم الفضل

 


 

هيثم الفضل
24 October, 2022

 

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
 في قصةٍ أقرب للخيال طالعتُ بالأمس خبراً مؤكَّداً مفادهُ قيام مفوّضية العون الإنساني بحل وإلغاء تسجيل الجمعية السودانية لحماية المُستهلك ، أقول ذلك وقبل الدخول في أية تفاصيل تتعلَّق بتاريخ الجمعية وأداء من يقفون عليها وما أنجزتهُ من (تقدُّم) في مجال (إستعادة وإقتلاع) حقوق المستهلك السوداني ، أنها أي الجمعية تعتبر (أبرز) و(أعرق) كيان مُدافع عن حقوق المُستهلك السوداني ، والذي ليس هو سوى المواطن البسيط في بلادٍ أنهكتها الحكومات الشمولية بالكثير من الجور والبطش والإستهوان بالإنسان السوداني عبر وضع حقوقه ومصالحه في ذيل قوائم الإهتمامات ، وقد قلنا أكثر من مرة أن جميع الحكومات المتوالية على السودان بدون (فرز) أسهمت بصورةٍ أو أخرى وبنسب متفاوتة في تغذية ودعم ثقافة (إسترخاص) قيمة المواطن السوداني ، ودونكم في ذلك الترَّدي المُزري في مُجمل مواصفات ومعايير ما يحصل عليه السودانيين من القطاعين العام والخاص ، خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم والبيئة وصناعة الأغذية والمشروبات ، هذا فضلاً عن سائر الخدمات التي لا يُبارينا في رداءتها وتخلُّفها عن المعايير والإشتراطات أكثر الدول فقراً وتخلًّفاً ، جمعية حماية المستهلك على ما يشوبها من إنتقادات متواصلة من عامة الناس ، يظل مُجرَّد وجودها على أضابير سجلات مفوضية العون الإنساني (مفخرة) للسودانيين ، وضربة بداية قابلة للتسديد في الإتجاه الصحيح ولو بعد حين ، أما في ما يخُص (غياهب) البحث عن الأسباب والمُبرِّرات التي تم الإستناد إليها في إتخاذ هذا القرار المشئوم فهي لم تُعلن حتى الآن ، وربما السبب في ذلك ( إستحالة ) ولوجها دائرة المنطق والواقعية مهما تم (تجويد) حبكتها و(العناية) في إختيار مُفرداتها وعناوينها ، هذا القرار لا يمكن أن يكون خارجاً عن دائرتي (الكيد السياسي) و(الكيد المصلحي) وإن غداً لناظره قريب.
 كتب مدني عباس مدني على صفحته بفيس بوك هذا (المنطق) الفسيح الأبعاد في قراءته للواقع الذي نعيشهُ هذه الأيام : (كيف تدُك مؤامرات الإخوان والإنقلابيين حصون تماسك إجتماعي إستمر طويلاً ؟ لقد كانت سنوات حكم جماعة الإخوان هي سنوات الرِدة الي الجهة والقبيلة ، فمقابل إضعاف المجتمع المدني والقوي السياسية الحديثة كان مشروع السلطة حينذاك يقوم علي استغلال واستخدام أدوات القبيلة والجهوية لتمزيق المجتمع والسيطرة عليه في وقتٍ واحد ، لقد عمِد الإسلاميون لتمديد نفوذهم في النظام القبلي ودعمه وتغذيته وخلق عناصر موالية لهم من قياداته ، واستمالتها بالمال والمناصب ، حتي إذا سقط حكم التنظيم ظلت قياداتهم الموالية لهم تعمل علي خلخلة الإنتقال الديموقراطي فقلوبهم ومصالحهم مع الشمولية ، في السودان مشروعان متناقضان ، مشروع التنمية والتحديث والديمقراطية والسلام ، ومشروع الإخوان المسلمين وتحالف العسكرتاريا والقبيلة (مشروع الردة) وهو مشروع التخلف والفقر والاقتتال الأهلي ، هذان المشروعان لا يلتقيان حتي يلج الجمل في سم الخياط ، هزيمة مشروع الردة هي سبيل البلاد الوحيد لتكون موحَّدة وقابلة للتقدم ، وهزيمة الإنقلاب العسكري وإجتثاث الإخوان وتمكينهُم في مؤسسات الدولة هو رُكن إقامة الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة) .

haythamalfadl@gmail.com

 

آراء