تكاليف الأخطاء الإدارية
12 November, 2009
يعاني السودان من نقص كبير في الموارد المادية التي يحتاج لتوظيفها في التنمية. يحدث ذلك رغم غناء السودان بالموارد الطبيعية و لكن الحديث يدور حول الموارد القابلة للتوظيف و عن الثروة السوقية المتوفرة. لكن تدني المهارات الإدارية و كثرة أخطاء الإدارة علي مختلف المستويات تهدر الكثير من الموارد المتاحة علي قلتها. تسمع الكثير من المسئولين و كبار التنفيذيين و الإداريين يتحدثون عن الجودة لكن الواقع يصدمك في كل مكان ما عدا استثناءات قليلة عن القاعدة. تتوفر لدي بعض المؤسسات أجهزة و تكنولوجيا حديثة للإنتاج او الخدمات الا ان استخدامها يتم علي أسوأ شكل ممكن. اذا كانت هناك تكنلوجيا الغرض منها اقتصاد الوقت تجد ان الوقت يهدر بلا حساب ، كذلك الحال في الجودة و الإنتاجية و السلامة و المواصفات الخاصة بالنقل و التخزين و التغليف .معظم الأخطاء تحدث بجهل المدراء او قلة تأهيلهم و افتقارهم للتدريب اللازم. يحدث ذلك حتي في المؤسسات العلمية التي تجهل معني التخصصية و إمكانية التمييز بين الغث و السمين.
يسود في السودان الاهتمام بالمظاهر و الشكليات و إهمال الهياكل الإدارية و التنظيمية ، يمكنك ان تجد علي سبيل المثال مكتبا واحدا لمدير ادارة يكفي بمساحته و ما يحتوي من اساس لإنشاء شركة كاملة ، ذلك دون حاجة لكل ذلك في ما يتعلق بالعمل ، بل بالعكس يعوق اكثر مما يفيد. تهدر اموال طائلة في انواع رديئة من التدريب لا تقدم أي فائدة للمتدربين غير إهدار ساعات العمل و الموارد ، حتي ان التدريب تحول الي مودة في السودان اكثر من كونه عمل منتج. ذلك لانه لا يتم إتباع الإجراءات الإدارية السليمة القائمة علي المعارف و التقويم العلمي. النتيجة ان التدريب لا ينعكس علي الاداء و الانجاز و تتفاقم الأخطاء الإدارية متسببة في خسائر لا نهاية لها. الإهدار لا يحدث في الموارد المادية فقط و انما ايضا في الجوانب العينية و المعنوية من حيث الكفاءة و طرق الإنفاق و الاثار النفسية و السلوكية الناجمة عن ذلك.
يمكن لخطأ اداري بسيط ان يكلف موارد طائلة مثلما حدث لاحد الزملاء الأساتذة عندما تم تسليمه قطعة ارض لا تعود اليه و شرع في بنائها ليفاجأ بعد ان انفق مبالغ موجعة من الأموال التي تم جمعها بمثابرة النمل ، بان " الموقع لا يعود لك و آسفين علي الخطأ " و لا احد يتحمل نتيجة ذلك غير الشخص المنكوب نفسه. ليس ببعيد عن الأذهان ان حوادث الطيران المتكررة في السودان تعود غالبيتها الي الأخطاء الادارية بالمفهوم الشامل للادارة و هي تتسبب في خسائر جسيمة في الارواح و الممتلكات و التجهيزات. هناك تكاليف تنشأ نتيجة لما يسمي (بالفشل الداخلي) الذي يتمثل في تطوير خدمات و اساليب عمل بها عيوب و مشاكل لا تستجيب لاي مواصفات او عمليات إصلاح. امتدت تلك الأخطاء الي الحقل التعليمي و الصحي معمله معاول الهدم و التخريب الي ان وصل الحال الي درجة الكارثة القومية. يولد ذلك كمية من التكاليف المتمثلة في إعادة تطوير الخدمات و تصحيح الأخطاء وتكاليف فقدان ثقة المتعاملين. تشمل التكاليف الإدارية تكاليف الأخطاء الطبية ، التي يحدث كثير منها نتيجة لأخطاء خارج اختصاص الأطباء و الطاقم الطبي المختص. يرتبط ذلك بجودة الاداء المشتملة علي تكلفة الوقاية الطبية ، تكلفة التقييم بالنسبة للخدمات الطبية و المستشفيات و التدقيق الطبي. نستنتج من ذلك ان الأخطاء الطبية ذات علاقة وثيقة بجودة الخدمات الطبية و المستشفيات ، مع ذلك فان تكاليفها في بعض الحالات لا تقدر بثمن نسبة لإهدارها للأرواح البشرية. قياسا علي ذلك فان العمل علي ترسيخ الجودة في الإدارة يعتبر مفتاح الحل للكثير من المشاكل و التخلص من التكاليف و الأعباء الزائدة في الاقتصاد. نرجو ان لا تتكرر الاخطاء الادارية القاتلة هذا العام في موسم الحج و ما يصاحبه هذا العام من اجراءات التحوط من انفلونزا ( H1N1) ، كذلك في الوقاية منها في المدارس لان التوجيهات الصادرة عنها للمدارس فيها الكثير من الجوانب المضحكة. من الأفضل إنفاق الأموال لتأهيل الكوادر الإدارية ، بدلا عن تحمل تكاليف باهظة بسبب سوء الإدارة و قلة التأهيل.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]