تهذيب الخطاب الحكومي … بقلم: د. حسن بشير محمد نور

 


 

د. حسن بشير
9 April, 2009

 

الكثير من الناس عندما يصلون الي مراكز ادارية مرموقة يحسبون ان المؤسسة العامة التي يعملون بها قد اصبحت ملكية شخصية لهم ( شخصية و ليست خاصة) يستطيعون ان يفعلوا فيها ما يريدون دون التعرض لاي محاسبة ناهيك عن العقاب. لذلك نجدهم يتغاضون عن الاخطاء الادارية الجسيمة التي ترتكب في تلك المؤسسات و التي يتوارثها المدراء و الرؤساء صاغر عن كابر. مثل اولئك الناس لا يهتمون بالتطوير او التدريب و رفع القدرات الا بما يتوافق مع رغباتهم و مصالحهم الشخصية . لذلك نجد الأخطاء الإدارية في مؤسسات الدولة تتزايد بدلا من ان تتناقص او  تزول. تتفاقم تلك المشاكل في حالة تدهور حال الخدمة المدنية كما هو الحال في السودان و في حالات وصول اشخاص لا يستحقون المناصب و لم يأتوا اليها عبر التدرج و الترقي المهني و انما لاعتبارات لا تمت للكفاءة بصلة. المصيبة ان تلك الامراض انتقلت الي الكثير من الجامعات الحكومية بشكل يشبه الوباء رغم ان العمل الاداري بالجامعات يعتبر مشكلة و ليس نتيجة مكتسبة بسبب الترقي او النجابة و الكفاءة. تقود مثل تلك الادارات الي انعدام الكفاءة في الكثير من تفاصيل الخدمة المدنية و نتناول هنا تدني مستوي الخطاب الحكومي و مستوي الركاكة المصاحب له و ابتعاده عن الاسلوب المهذب في مخاطبة الجماهير مما يبعد المسافة بين المواطن و الدولة و يجعله يشعر بان الحكومة تتعامل معه بعدوانية و تسلط منتهجة اسلوب التخويف و الزجر. للتأكد من ذلك دونكم المخاطبات الحكومية و خطابات المطالبات المليئة بالوعيد و الغلظة اضافة لركاكة اسلوب التقارير الحكومية و سوء كتابة محاضر الاجتماعات و عدم مقدرة الموظفين علي المتابعة و التمييز بين الاهم و المهم و غير المهم.يدل ذلك ليس علي تخلف الأداء بإدارات العلاقات العامة بالمؤسسات الحكومية و انما ايضا علي تخلف العقلية الادارية و عدم تخلصها من الخطاب الشمولي السلطوي في تعاملها مع المواطن و لا اقول الاستعماري لان الانجليز و حسب الكثير من الدلائل كانوا لطفاء في الخطاب و يحملون " وش القباحة" لأبناء جلدتنا او لأبناء عمنا من الشمال. هذا الامر يحتاج للمعالجة عبر التدريب المكثف حول كتابة الخطابات و المراسلات و التقارير الحكومية و اكتساب المهارات اللازمة لذلك الغرض المهم. تطور النظم الادارية الحديثة جعل تلك المهارات معيارا للحكم علي كفاءة العاملين و الباحثين عن العمل و رصيدا يضاف لسمعة المؤسسة و يدخل في تقويمها. الكتابة مهارة ضرورية في التعبير العام و في كفاءة مستوي الادارة و بالتالي تعتبر من التحديات الرئيسية التي تواجه مؤسسات الدولة، مما يستدعي وضعها ضمن الاولويات.  انظروا لاي برنامج تدريبي متطور حول كتابة الخطابات و المراسلات و التقارير الادارية و ستجدونه يشتمل علي موضوعات في غاية الاهمية مثل فاعلية الاتصال الاداري باستخدام مهارة عالية في الكتابة من اجل التواصل مع مختلف المستويات الادارية و مع الجمهور. كما يشتمل علي مكونات الخطابة و المراسلة و تطوير المهارات الفنية فيها. لا تهمل تلك البرامج التنبيه بانواع المخاطبة و ضرورة الاخذ في الاعتبار الصياغة المناسبة الجذابة و المؤثرة. يراعي في الخطاب العام ضرورة توظيف تكنولوجيا المعلومات في اتباع خطاب و كتابة تقارير تتميز بالثراء المهني و العمق و المصداقية و التاثير الايجابي. من المفيد التنبيه الي ان البرامج التدريبية في هذا المجال يجب ان تشتمل علي وسائل الحصول علي المعلومات و كيفية تحليلها و الحكم عليها و من ثم  استخدامها و توظيفها . يؤدي ذلك اضافة للكفاءة و الثراء المهني الي التصالح بين الدولة و المواطن و زيادة الثقة بالمؤسسات العامة التي تعتبر مفقودة الان ، لدرجة ان أي مواطن يود التوجه الي مؤسسة حكومية لاخذ حق مشروع و واضح وضوح الشمس لا يفعل ذلك قبل البحث عن من يعرفه هناك لمساعدته في اخذ الحق او اكمال الاجراء دون مشقة او اهانة او اللجوء الي أساليب أخري غير حميدة. 

 

آراء