توثيق لثورة ديسمبر من خلال مشاركاتي فيها (19)
عمود : محور اللقيا
هذه الأيام و نحن نعيش إحتفالات الذكرى الأولى لثورة ديسمبر 2018 المجيدة و نسترجع أحداثها الجسام و نقيّم مسارنا بعد نجاح الثورة و هل حققنا أهداف الثورة أم لا زلنا نكابد في سبيل ذلك . لقد كنا نحن الثوار مفكريها و مفجريها و حماتها و لكن إقتضت مجريات الأحداث أن يكون لنا شركاء من العسكريين قد إنحازوا لثورتنا و تقاسموها معنا .
لقد كتبت في صفحتي في الفيسبوك مدونات عبارة عن يوميات لمسار الثورة خاصة منذ اليوم الأول لإعتصام القيادة العامة , و كان الغرض من ذلك عكس ما يدور من حراك للمغتربين في المهاجر و انا اعرف الكثيرين منهم بل و كنت منهم , و عندما كانت هذه الكتابات متوزعة في صفحتي في الفيسبوك و في الصحف و المواقع الإلكترونية السودانية فقد آثرت أن أسهّل علي القارئ الوصول إليها , و لذلك سوف اقوم بنشرها متعاقبة في الأيام القادمة , لعلها بذلك تكون فائدة لمن يرجو متابعة أحداث الثورة من الناحية التوثيقية و أيضا تكون لي مشروعا لكتابٍ قادمٍ عن ثورة ديسمبر إن شاء الله . إن ثورة ديسمبر لم تأت من فراغ و لذلك سوف أضمنها بنقل ما سبقها من حراك ثوري من مختارات من مقالاتي السابقة في هذا الخصوص ...
هذه المدونة كتبتها من وحي ساحة إعتصام القيادة العامة في يوم 17/04/2019 :
اليوم17/04/2019 كنت كالعادة في الإعتصام أمام القيادة العامة منذ عصر اليوم وعندما هممت بالخروج قبل إنتصاف الليل متوجها إلي الترس الطرفي سمعت بعض الشباب الثوار الجالسين يقولون : ( الشفاتي ماشي البيت و الكنداكة قاعدة تبيت ) فضحكت من مطاعنتهم لي ...
أعود بكم إلى نهار ذلك اليوم فقد تواترت الأنباء عن إقتحام قوات الدعم السريع لمكان الإعتصام و فضه بالقوة ثم وردتنا أنباء بنفي المعتصمين لذلك و أن حميدتي مع قوات له قد جاءهم بغرض نظافة الميدان و ذكروا له أنهم هم يقومون بذلك و قال لهم أنه معهم و كل صغار الضباط و الجنود معهم . و أنا عائد من الخرطوم إلي الخرطوم بحري ظهر اليوم مررت بجسر القوات المسلحة ( كبري كوبر ) عن طريق شارع النيل و صعدت الكبري عن طريق المدخل الشرقي إلى بحري و لاحظت تواجد عربات عدة من ذوات الدفع الرباعي ( تاتشرات ) بمدافعها الكبيرة ( الدوشكا ) في مدخل الكبري من جهة الخرطوم و كذلك نفس الشيئ عند المدخل من جهة بحري و كانت السيارات القادمة من بحري تتجه بالمخرج الغربي جهة شارع النيل . أما جسر النيل الأزرق ( كبري الحديد ) فتم إغلاقه ثانية للسيارات و يمر الناس به رجالا . في العصر عند دخولي إلى دويلة الإعتصام وجدتها في نفس حدودها السابقة و بمساحتها الثلاثة كيلومترات مربعة تقريبا و التي يحدها من الشرق شارع عبيد ختم و من الغرب شارع المك نمر و من الشمال شارع النيل و من الجنوب شارع القيادة العامة و قد لاجظت الإنتشار المتزايد لقوات الدعم السريع لحفظ الأمن و لحماية المعتصمين و منطقة القيادة العامة من أي إنقلاب مضاد أو هجوم من الثورة المضادة من مليشيات المؤتمر الوطني كما ظل يحدث مرارا و قد حدث ليلا قبل قليل .
إدارة دويلة المعتصمين تشمل الحراسة الأمنية و تفتيش الأفراد الداخلين و مراقبة المتاريس و تشمل توزيع المأكولات و المشروبات و قد ذبحت اليوم الذبائح و أتى الناس بعربات محملة بالطعام , و تشمل أعمال النظافة و تشمل العيادات الطبية بجانب تنظيم مسجدين للصلاة , و الطريف هنا أنني مررت بشاب كان يحمل كيسا أسودا و يجمع القمامة و يردد : ( الوساخة من الكيزان ) بدلا عن ( النظافة من الإيمان ) ! أما عن المناشط فتم نصب لوحة تليفزيونية كبيرة لعرض الإرشادات و عرض افلام فيديو عن نضالات الثوار ضد القوات الأمنية , و توجد مناشط المخاطبات التوعوية التي تتخللها أغاني الريقي و الراب تحكي عن الثورة من خلال سماعات مكبرة للصوت و توجد مناشط الضرب على قوارير المياه البلاستيكية الكبيرة ( الباقات ) و الصفيح و الهتاف بالشعارات و الرقص و توجد أيضا جماعة الطريقة الصوفية لأزرق طيبة و ضربهم على طبل النوبة و الذكر . الشئ الجديد الذي شاهدته اليوم هو كثرة البائعين المتجولين بمأكولاتهم المختلفة و كأن قد تمت دعوتهم لتلبية إحتياجات المعتصمين و يتكسّبوا و ربما لزيادة عدد الحضور !! ولكن أقولها حقيقة فإن أعداد المعتصمين مليونية كما كانت في الأيام الماضية . هذه ملاحظات أكتبها لمن هم على البعد منا و لكنهم قريبون منا جدا بقلوبهم و مشاعرهم .
badayomar@yahoo.com