توفــيق أوضاع

 


 

 



مباشرة بعد أن قفزت الحافلة بنا في الهواء ـ ليس بفعل غياب مؤقت للجاذبية بالطبع ـ  بدأ جاري في المقعد المجاور، حديثه الساخط  عن الفساد الذي طال كل شئ من الطرق الي التعليم الي العلاج الي ديوان الزكاة ، مرورا ً بهيئة الحج والعمرة ، الي هيئة الإمدادات الطبية الي قطاع المواصلات ، وهنا إستدركته بسؤال عم يقصده بفساد قطاع المواصلات ، فردّ بأن إقتراح والي الخرطوم بسحب الحافلات تدريجيا ً لتحل محلها البصات الخضراء والمعروفة ببصات الوالي دون إكمال الفترة التي حددها لأصحاب الحافلات بتوفيق أوضاعهم وهي أربعة سنوات ، وعلمه المسبق بأن الفترة التي حددها ، لم يأخذها أي من أصحاب الحافلات مأخذا ً جادا ً ، لسببين الأول فهو ما تعنيه جملة ( توفيق الأوضاع) وما تحمله من رفاهية في المعني لا يلامس أي درجة من الواقعية .! والسبب الثاني هم معنيون أكثر ـ أصحاب الحافلات ـ بتوفيق أوضاعهم علي مستويات أكثر واقعية وأقوي جذبا ً للأرض وتشمل توفيق أوضاعهم وأوضاع أسرهم مع أسعار السوق اليومية ، توفيق أوضاعهم مع أقساط المدارس ، توفيق أوضاعهم مع المستشفيات ، توفيق أوضاعهم مع فواتير (الكهروموية) ، فكما ترين ، هذا هو السياق المفهوم لتوفيق الأوضاع .. طـيّب ، أين الفساد في محاولات توفيق الأوضاع بين هيئة المواصلات وأصحاب الحافلات بتمليكهم أسهم في ملكية البصات ..؟ ليست كل البصات الواردة تتبع ملكيتها للهيئة ، بما يعني أن أصحاب الباصات لا سبب لديهم لمشاركة آخرين في أسهم يملكونها أصلا ً، فهل سيتخلي أصحاب الحافلات عن حافلاتهم من أجل (سهيمات) ببصات الهيئة ؟ بالطبع لا وخصوصا َ مع إغراءات هيئة المرور بتعريفة مخفضة في الترخيص .إذن ، نأتي الي النصف الممتلئ من الكوب ، صحيح أن البصات مريحة وتعريفتها معقولة مقارنة بالحافلات المتهالكة ، ذات المقاعد المتحورة بفعل تدخل بارع من ورش المنطقة الصناعية ، إلا أن الأسر التي تعتمد علي مداخيل الحافلات أكثر بكثير من أن يتم تجاوزها أو محاولة دمجها في رأس مال هيئة المواصلات بنسبة 17% ، أخيرا ً ، لنضع في الإعتبار مدة صلاحية البصات وما تبقي لها من فترة كفاءة . جزئية أخيرة تخص الجزء الفارغ من الكوب ، وهو تحول مواقف البصات ذات المقاعد الإستيلية الأنيقة الي لوحات إعلانية ، وإستراحة للعابرين والمتعبين وربما مستقبلا ً ركن (توفيق أوضاع) للباعة الجائلين وبائعي المياه والسائلين .

zizetfatah@yahoo.com
////////////

 

آراء